دعمت إيران نظام الأسد منذ لحظة اندلاع ثورة الشعب السوري ضد طغيان الأسرة وقمع الامن وضياع الكرامة في البلاد.
وانطلقت إيران – ذات العلاقة القديمة مع نظام الأسد – في مقاربة تدخلها السافر في سورية من منطلقات متعددة ومتداخلة بين مصالح قومية ورغبة بنشر النفوذ وخطط السيطرة على الإقليم وبين مخاوف من سيطرة قوى غير داعمة أو متوافقة مع خططها وآليات عملها المستندة إلى حكم الملالي وسيطرة طبقات رجال الدين الشيعة على مفاصل الدولة الأتوقراطية هناك.. لذلك استندت إيران إلى محرك البعد المذهبي والطائفي كذريعة مباشرة وحجج تبرر تدخلها ودعمها للأسد الذي تجاوز الدعم المادي واللوجستي والاستشاري إلى دعم عسكري مباشر جرى لأجله تشكيل ميليشيات وإدخال عناصر على الأرض في سورية.
وباستخدام ذريعة حماية المقدسات ولعبًا على وتر الفقر والعوز .. جندت سلطات الملالي آلاف الشيعة – ليس من إيران وحدها – بل من شيعة الأفغان والباكستانيين اللاجئين على أرضها.. ومن لبنان والعراق تحت دعاوى مذهبية، فدفعت بهم في ميليشيات تقاتل في الميدان السوري نظرًا لقلة تكلفة تجنيدهم وعدم وجود مسؤوليات لاحقة عن تجنيدهم أمام شعبها والغضب الذي يعتمل في الشارع الإيراني .. إضافة لنقاط أعمق – وربما أهم لاحقًا- بالنسبة لطهران.
عملت إيران عبر حرسها الثوري على إنشاء ميليشيات طائفية أفغانية وباكستانية تحت مسميات مذهبية شيعية فكان نصيب الميليشيا الأفغانية إسم ” فاطميون” في حين حملت ميليشيا باكستانية اسم “زينبيون” .. دخل كلاهما أتون الحرب المستعرة في سورية وخاضوا معارك شديدة ضد الفصائل المعارضة بالإضافة لعمليات القمع ونهب الشعب السوري .. وقضى منهم أعداد كبيرة لم تحص بدقة نظرًا لعدم ارتباطهم بوثائق رسمية وغيرها..
وتحت قيادة الجنرال السابق قاسم سليماني وقائد “فيلق القدس”، حمت ميليشيات أفغانية وباكستانية وعراقية ولبنانية النظام السوري من السقوط في أعقاب الأحداث.. ومن جهة ثانية استفاد سليماني منها في استغلال تلك الأحداث لوضع اليد على البلد وتعزيز النفوذ الإيراني.
في عام 2012، استدعى الحرس الثوري الإيراني حزب الله اللبناني، للانخراط في الحرب الداخلية بسوريا، ومن ثم قام بتسليح حوالي 15 مجموعة مأجورة، بينها مليشيات شيعية أفغانية وباكستانية، وزج بهم في سوريا.
ومن أبرز الميلشيات الشيعية، المعروفة بكثرة أعداد مقاتليها، لواء “فاطميون” الأفغاني، ولواء “زينبيون” الباكستاني،
زينبيون .. ميليشيات باكستانية
يعتبر لواء “زينبيون” واحدًا من أهم الميليشيات وفرق المرتزقة التي تأسست بحجة حماية العتبات المقدسة الشيعية في العاصمة السورية دمشق، بعد اشتعال الثورة السورية وما تلاها من أحداث عام 2011..
أنشئ برعاية مباشرة من الحرس الثوري الإيراني عام 2012 ويُعتقد أن عدد مقاتليه يتراوح بين ألفين و5 آلاف.. واستندت إلى الشيعة الباكستانيين المقيمين على أرضها في ظروف صعبة لإقناعهم وإكراههم على الانخراط في الميليشيا وزجهم في معارك سورية.
تؤكد تقارير أن إيران تقدم للمقاتلين في لواء “زينبيون” وعودًا براتب شهري يتراوح بين 700 و750 دولارا أميركيا، وإجازة لمدة 15 يوما كل 3 أشهر.
ويضم اللواء مرتزقة باكستانيين مأجورين من إيران، بناء على مغريات مختلفة، معظمهم متعلمون بشكل أكبر مقارنة مع المجموعات الأخرى المدعومة من إيران.
وكثير من المقاتلين المنتمين للواء من الطلاب الباكستانيين الذين سافروا إلى إيران بهدف التعليم، أو هم من الحجّاج الباكستانيين الذين يزورون إيران بهدف أداء الشعائر الشيعية.
حيث تعتبر جامعة “المصطفى” العالمية، في مدينة قم الإيرانية، من أهم نقاط التحاق الطلبة الباكستانيين بلواء “زينبيون”.
يعود سبب تسمية اللواء باسم “زينبيون” إلى أحداث وقعت عام 2012، حين تناولت تقارير استهداف مجموعات سلفية مقام السيدة زينب في ريف دمشق بالصواريخ، ليتوجه المقاتلون الشيعة إلى المنطقة بشكل فردي.
في عام 2014، انتظم المقاتلون الشيعة بتلك المنطقة، في كيان واحد يحمل اسم لواء “زينبيون”، ووفق تصريحات إيرانية فإن اللواء موجود في سوريا بهدف حماية العتبات الشيعية المقدسة، وعلى رأسها مقام السيدة “زينب”، ويقصد بها ابنة الإمام علي.
ورغم وجود تقارير تشير إلى أن عدد عناصر اللواء اليوم يتراوح بين ألفين و5 آلاف، فإن عددهم أكثر من ذلك بكثير، حسب مسؤولين في الاستخبارات الباكستانية.
يشار هنا أن القسم الأكبر من مقاتلي اللواء، قادم من مدينة “باراتشينار” ذات الأغلبية الشيعية، في منطقة “كورام”، الواقعة على المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية “فاتا”، في باكستان.
طرق وأساليب التجنيد
يستند النظام الإيراني إلى أسلوبي الدعاية والتجنيد الأيديولوجي لبناء ميليشيات طائفية موالية له وتقاتل في سبيل نصرة أجندته في سوريا ومناطق أخرى..
حيث تؤكد العديد من الدراسات أن الفقر والأيديولوجيا يعتبران من أهم العناصر بيد إيران لإقناع الباكستانيين بالانضمام إلى لواء “زينبيون”.
من هنا أكد الباحث في العلاقات الدولية آيدن غوفن، في دراسة له بحسب وكالة الأناضول، أن “الدعاية الشيعية لعبت دورًا مهمًا في زيادة الإقبال على الالتحاق باللواء لأسباب أيديولوجية، من خلال تسليطها الضوء على الرموز الدينية والعتبات التي تم استهدافها خلال الحرب في سوريا أو عبر هجمات تنظيم داعش الإرهابي”.
ليوضح أن “الدعاية أدت إلى بث الحقد والكراهية تجاه المجموعات السنية المعارضة في سوريا، وتشجيع المقاتلين على الذهاب إلى سوريا لحماية العتبات المقدسة”، كما وعدت طهران المقاتلين الشيعة بأنهم سيموتون كشهداء في حال قتلهم خلال المعارك، وأنها ستدفنهم في مدينة قم الإيرانية المقدسة.
نقطة مهمة تتعلق بالمال استغلها النظام الإيراني للضغط على الباكستانيين الفقراء للمشاركة في ميليشياتها، حيث وعدهم بمنحهم الجنسية الإيرانية لهم ولعائلاتهم، وتأمين فرص عمل ورواتب لهم، وإلا سيواجهون خطر الطرد من إيران، خاصة أولئك الذين لجأوا إلى الأراضي الإيرانية.
تغييرات في المعادلة
شهدت سوريا في المراحل الماضية متغيرات سياسية وعسكرية.. أفضت إلى تراجع الدور الذي تقوم به تلك الميليشيات الشيعية، ما تسبب بأزمة خاصة بالمرتزقة الشيعة الذين يقاتلون هناك.. دفعت بأعداد كبيرة من المرتزقة إلى العودة إلى بلدانها، خصوصًا إلى باكستان وأفغانستان.
ومثلت تلك العودة فرصة جديدة لإيران في علاقاتها مع جارتها النووية – السنية – باكستان.. حيث يعرف عن ملالي طهران سياسة زعزعة الاستقرار في البلدان المجاورة للوصول لأهدافهم الاستراتيجية عبر وسائلهم الإيديولوجية.. فعملت على تحويل ميليشيا زينبيون إلى أكثر من أداة لتعزيز نفوذها؛ محولة إياه ورقة ضغط مباشرة على السلطات الباكستانية بعد انتهاء دور عناصره في سورية وعودة عدد كبير منهم إلى بلدهم.
وبذلك – وبحسب مختصين – أصبحت الميليشيا “قنبلة موقوتة” قابلة للانفجار في قلب الجارة باكستان متعددة الطوائف والتي “لا ترتبط بعلاقات وثيقة مع النظام الإيراني”.
خطر في الداخل الباكستاني
أكدت تقارير أن دولة باكستان وخلال العقود الأخيرة.. عاشت على وقع أكثر من 3 آلاف هجوم طائفي منذ العام 1986 بتحريض مباشر من إيران
وبعد تراجع أهمية وجود ميليشيات إيران الباكستانية في سورية.. تجدد التساؤل حول مصير تلك الميليشيات في ظل عودتهم المحتملة إلى بلدهم – خصوصًا من جندتهم إيران هناك من غير المقيمين على أرضها – حيث أنه من المحتمل أن يشكل عناصره خطرا على الأمن القومي الباكستاني في المستقبل، في ظل ما عاشته إسلام أباد من توترات طائفية متكررة في السنوات الماضية.
بدورها.. تتخوف الجهات الباكستانية من إمكانية أن يقوم هؤلاء المقاتلون بتأجيج الصراع الطائفي والفوضى في باكستان، حيث يمكن لطهران أن تتدخل في شؤون الداخلية للدولة ، واستمرار حروب الوكالة التي تخوضها في المنطقة.
وربما تسعى تلك الميليشيا الشيعية إلى التأثير الأيديولوجي على الشباب وتشكيل صلة وصل قوية بينهم وبين طهران، التي تكن العداء لإسلام آباد.
في حين يحذر خبراء من التأخر الباكستاني في اتخاذ تدابير لازمة لمواجهة عودة مقاتلي لواء “زينبيون”، الأمر الذي يفسح المجال أمام زيادة خطر النزاعات الطائفية في البلاد.
تأكيدات رسمية
مسؤولون في المخابرات الباكستانية، أكدوا عودة عدد كبير من عناصر لواء “زينبيون” مؤخرًا، بعضهم بطرق سرية غير قانونية، بسبب تراجع الطلب بشكل كبير على خدماتهم في سوريا بعد تغير ديناميات الصراع، وحالة الغموض الإيرانية حول مصير تلك الميليشيات التي دعّمت أهداف طهران بكل قوة.
إهمال وتراخي
اعتبر الباحث في العلاقات الدولية، آيدن غوفن، أن السلطات الباكستانية تتعامل بإهمال مع ملف عودة عناصر الميليشيا الشيعية إلى باكستان، حيث لم تقم بحظر المجموعات التي تدعو الشباب الباكستانيين للانضمام إلى لواء “زينبيون”.. كما لم تتّبع سياسة صارمة تجاه ضم إيران مقاتلين من باكستان.
ويقول غوفن في دراسته إنه “يمكن تفسير موقف باكستان بعدة أسباب من أهمها الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به ورغبتها في عدم توتير علاقاتها مع إيران أيضًا”.
ليشير إلى أن “باكستان تسعى إلى الوقوف أمام توجه إيران عبر المحور الهندي في حال توتر علاقاتهما، ولهذا السبب، تتهرب إسلام آباد حاليًا من التعليق بشكل رسمي على تجنيد إيران لمقاتلين باكستانيين”.
أدوار مشبوهة
أكد خبراء أمن باكستانيين، أن بصمة إيران في حوادث وقعت في باكستان واضحة، حيث لا يمكن إنكار دورها في قضية الجندي في البحرية الهندية والجاسوس كولبوشان ياداف، الذي تم القبض عليه على الحدود الباكستانية الإيرانية.
من جهة أخرى فلا يمكن غض الطرف عن دور طهران في قضية المواطن الباكستاني الإيراني “أوزير بلوتش” الذي هرب إلى إيران عبر ميناء تشابهار عقب تورطه في الكثير من الاغتيالات في باكستان.
كما تؤكد التوقعات إلى أن النظام الإيراني سيتمتع بنفوذ أكبر في باكستان من شأنه تغيير الموازين في المنطقة بعد انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان..
حيث استندت تلك التوقعات بتعزيز رؤيتها إلى تعيين “إسماعيل قاآني” قائدًا لفيلق القدس خلفًا لقاسم سليماني، مطلع العام الجاري، وهو الذي ظل مسؤولًا لسنوات عن تجنيد مقاتلين للفيلق من أفغانستان وباكستان واهتمامه بشكل خاص بإرسالهم إلى إيران وتدريبهم هناك.
من هنا، يظهر قلق الخبراء الأمنيين الباكستانيين من شبكة العلاقات الواسعة لـ “قاآني” حيث يتوقعون أن تستخدم إيران عناصر لواء “زينبيون” في أيّ صراع طائفي محتمل قد يحدث في باكستان.
نقاط ضعف تستغلها إيران
تعمل إيران أساسًا وبقوة على تعزيز النزاعات الطائفية في باكستان المجاورة.. لتحقيق أهداف أيديولوجية بحتة في ظل قلق من جارة سنية نووية قوية.
حيث تشهد باكستان بين فترة وأخرى اندلاع مشادات صراع سني شيعي نتيجة لهجوم على مناطق ذات أغلبية شيعية أو عقب خطاب متطرف لأحد رجال الدين الشيعة.
ففي شهر محرم الماضي (موسم الندب واللطم لدى الشيعة)، استخدم رجل دين شيعي خلال مشاركته في برنامج بإحدى القنوات المحلية، تعابير مستفزة ومسيئة للخلفاء الراشدين في الإسلام باستثناء الإمام علي بن أبي طالب، ما أدى لارتفاع وتيرة الاحتكاكات بين الشيعة والسنة في مناطق عديدة بالبلاد.
أحداث تكررت مؤخرًا وتسبب مخاوف حقيقية لدى الخبراء والمتابعين من إمكانية حدوث صراع طائفي في باكستان من شأنه أن يعرّض الأمن الداخلي للخطر ويؤدي إلى انتشار الفوضى.
ويمكن الربط ببساطة بين قيام ثورة إيران عام 1979 ونشاط العناصر الطائفية في باكستان.
تغلغل إيراني
ارتبطت طهران بعلاقات وثيقة مع عناصر شيعية بارزة في باكستان منذ العام 1979، ففي ذلك العام جرى تأسيس حركة “نفاذ الفقه الجعفري” في مدينة بكار الباكستانية، بقيادة أحد طلاب مرشد الثورة في طهران، عارف حسين الحسيني..
حيث حاول الحسيني منذ تأسيس الحركة إنشاء منطقة نفوذ مدعومة من إيران في باكستان باستخدام شبكاته وأوساطه في البلاد، حيث عمل على استغلال الأجواء الأيديولوجية التي خلقتها ما تسمى بـ”الثورة الإيرانية”..
خطواته بدأت باتباع سياسات لصالح إيران في المدارس الدينية الباكستانية، حيث أرسل الشبان إلى إيران بحجة التعليم، ليكون بذلك من رواد الأيديولوجية الثورية الإيرانية في باكستان.. اكتسبت بعدًا جديدًا خلال السنوات الماضية ظهرت نتائجه خلال تأسيس لواء “زينبيون”.
يؤكد الباحث آيدن غوفن في تقرير أنه “بفضل التعليم والشبكات التي أنشأتها إيران لسنوات طويلة، عبر الحسيني، بدأت طهران في تجنيد مسلحين من باكستان بسهولة بالغة للقتال نيابة عنها في أماكن أخرى”.
حيث يبيّن أن “تأثير إيران على المجموعات الشيعية في باكستان يعتبر مهمًا، حيث شهدت البلاد بتحريض مباشر من إيران أكثر من 3 آلاف هجوم طائفي منذ العام 1986 راح ضحيتها أكثر من 10 آلاف شخص”.
لكن.. منذ تأسيس لواء “زينبيون” فقد شهدت مناطق شيعية هجمات حيث قتل أكثر من 20 شخصًا إثر انفجار وقع في مدينة باراتشينار عام 2015، وتبنت الهجوم جماعة تسمى “عسكر جنجوي” المتشددة المناهضة للشيعة.
المتحدث باسم الجماعة أعلن وقتها أن “الهجوم نفذ انتقامًا من إيران ونظام الأسد بسبب الجرائم التي ارتكبوها بحق المسلمين السوريين”.. ليحذر أهالي باراتشينار من الالتحاق بالميليشيات أو السفر إلى إيران.
لتشهد بعدها المناطق الشيعية الباكستانية الكثير من الهجمات والانفجارات، فضلًا عن محاولات توسيع رقعة الاحتكاكات والتوترات بين السنة والشيعة، من خلال شن هجمات في شهر محرم على وجه الخصوص.
اتهامات متبادلة
تتهم كل من طهران واسلام أباد بشكل متبادل بدعم مجموعات إرهابية أو انفصالية تشم هجمات مختلفة على بؤر ومناطق الأزمات على شريط الحدود بين الجانبين..
وقبيل زيارة رئيس الوزراء الباكستاني، عمر خان، إلى طهران العام الماضي.. أعلن وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمد قرشي، إن مراكز إيواء وتدريب الانفصاليين البلوش تقع في إيران، حيث اتهم طهران بتقديم الدعم للتنظيمات المسلحة التي تستهدف أمن واستقرار بلاده، وتحديدا في إقليم بلوشستان، الواقع جنوبي غرب باكستان.
وذكر قرشي في مؤتمر صحفي حينها، أن لدى باكستان معلومات موثوقة تثبت أن جماعة “بي أر أي” البلوشية المسلحة ضالعة في الحادث المأساوي، وأنها تبنت مسؤولية الهجوم، مؤكدًا أن للتنظيم مراكز إيواء ودعم لوجستي في الطرف الثاني من الحدود الباكستانية في إيران، وقد تم رصد تحركاته ومراكز تدريبه.. لتقدم باكستان حينها احتجاجًا رسميا لطهران بسبب هجوم الانفصاليين على حافلة وقتل جنود كانت تقلهم.
وقالت الخارجية الباكستانية، في بيان رسمي حينها، إنها سلمت رسالة احتجاج إلى السفارة الإيرانية لدى إسلام أباد، ذكرت فيها أن “المسلحين البلوش الذين يستهدفون أمن باكستان لهم مراكز إيواء ودعم لوجستي في إيران وأن باكستان تطلب من السلطات الإيرانية أن تقوم بعمل جاد ضدهم”.
وأضاف البيان أن “باكستان سبق أن أطلعت إيران عدة مرات بأن المسلحين البلوش يأتون من إيران إلى داخل الأراضي الباكستانية لاستهداف القوات المسلحة والمؤسسات العسكرية والمؤسسات الحكومية ولكن إيران لم تتحرك ضدهم إلى حد الآن”.
وفي شباط فبراير العام الماضي، اتهم قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، في تصريحات بثها التلفزيون الإيراني، “القوات الأمنية الحكومية الباكستانية”، بدعم الجماعة المسلحة التي نفذت هجومًا انتحاريًا، أودى بحياة 27 من أفراد “الحرس” الإيراني.
قال جعفري إنه “ينبغي على الحكومة الباكستانية التي آوت هذه العناصر الخطرة على الإسلام وعلى الثورة في المنطقة، وتعلم أين مواقعها، وهي تحظى بدعم القوات الأمنية الحكومية الباكستانية، أن تتحمل مسؤولية هذه الجريمة التي نفذتها هذه العناصر”، في إشارة إلى جماعة “جيش العدل” التي تبنت الهجوم.
وقُتل 27 عنصرًا على الأقل من “الحرس الثوري” الإيراني، يوم الأربعاء الماضي، في هجوم انتحاري في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي البلاد.
وأكد بيان صادر عن “الحرس الثوري الإيراني” حينها أن سيارة مفخخة استهدفت حافلة تقل عناصر من حرس الحدود التابع لقيادة قوات القدس البرية.
أما نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، فأعلن حينها أن الهجوم سيدفع إيران إلى شن “معركة لا هوادة فيها ضد الإرهاب”، فيما أكد القائد في الحرس الثوري علي فدوي أن رد إيران على الهجوم لن يقتصر على حدودها.
حيث أعلنت جماعة “جيش العدل” مسؤوليتها عن الهجوم، قائلة إنه استهدف حافلة تقل 40 عنصراً من “الحرس الثوري الإيراني”، ما أسفر عن مقتلهم جميعًا على حد تعبيرها.
يذكر أن جماعة “جيش العدل”، التي تصنفها إيران منظمةً إرهابية، تعتبر مجموعة سلفية سنية تضم متطوعين من البلوش السنة، وتعارض النظام في إيران.
وأُسست الجماعة بعد أن أعلنت السلطات الإيرانية عن تفكيك “جند الله” التي نشطت كذلك في المنطقة ذاتها، وقد أعربت “جيش العدل” عن رفضها الدور الإيراني في سورية، وذكرت أنها “تدافع عن حقوق الأقلية السنية في البلاد” وفقًا لتقارير عن أعضاء فيها.
حيث ينشط “جيش العدل” إلى جانب مجموعات أخرى على الشريط الحدودي الواقع جنوب شرقي إيران، فتقع اشتباكات مسلحة بين الحين والآخر، وتعلن السلطات الإيرانية عن سقوط قتلى أو جرحى من الطرفين.
حقوق النشر والطباعة ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مركز أبحاث ودراسات مينا©