لم تمض أكثر من 24 ساعة على توافق الاطراف الليبية على إجراء استفتاء على مشروع الدستور في البلاد، حتى أعلنت “ميليشيات طرابلس” أو ما يعرف بـ “قوة حماية طرابلس” رفضها لهذا التوافق.
ووقع أعضاء اللجنة الدستورية الليبية المشاركون في أعمال اللقاء الثاني للجنة والذي انطلق في الغردقة جنوب مصر، أمس الثلاثاء، على إجراء الاستفتاء على الدستور المعد من جانب الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور.
وجاء في في البيان الصادر عن أعضاء اللجنة “أن أعضاء اللجنة الدستورية الليبية اتفقوا بإجماع الآراء على ضرورة مواكبة التطورات الإيجابية التي تشهدها الساحة الليبية في الوقت الحالي، لاسيما في المسارين العسكري والاقتصادي، وذلك من خلال الاتفاق على الاستحقاق الدستوري لإجراء الانتخابات في الموعد الذي تبناه ملتقي الحوار السياسي الليبي”.
المشاركون اتفقوا على التوافق على إجراء الاستفتاء لمشروع الدستور المعد من قبل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، وذلك بناء على القانون الصادر من مجلس النواب رقم 6 لسنة 2018، المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2019، مع تعديل المادة السادسة باعتماد نظام الدوائر الثلاث (50%+1) فقط، وإلغاء المادة السابعة منه.
الموقعون اكدوا على ضرورة تحصين المراكز القانونية الجديدة التي ستنتج عن الاستفتاء، وذلك من خلال إيقاف نظر الطعون المتعلقة بقانون الاستفتاء المتوافق عليه، وقانونية إصدار مشروع الدستور، والتعديل العاشر للإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، كما اتفق الحضور على استكمال مناقشاتهم في الفترة من 9-11 فبراير/ شباط المقبل، ودعوة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات للحضور والمشاركة في المناقشات وصولا إلى تحديد موعد الاستفتاء والإجراءات المرتبطة به، ورفع هذا الاتفاق إلى مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.
الحضور الاممي
البيان شدد، عبر الأعضاء، على رفع تقرير بنتائج أعمال اللجنة إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لاتخاذ اللازم بشأن تفعيل هذا الاتفاق وتوفير الدعم الضروري لإجراء الاستفتاء في الموعد الذي ستحدده اللجنة بعد الاستماع إلى رئيس وأعضاء المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
من جهتها أعلنت وأعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم أن الاجتماع ناقش الترتيبات الدستورية المؤدية إلى الانتخابات العامة في 24 ديسمبر 2021.
وفي كلمتها الافتتاحية عبر الاتصال المرئي، رحبت الممثلة الخاصة للأمين العام في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز على ضرورة الاتفاق على الترتيبات الدستورية في المرحلة القادمة، نظراً لأهمية ذلك وارتباطه بمُخرجات المسارات الأخرى.
وليامز قالت للمشاركين: “إذا لم تتوصلوا إلى اتفاق فسيكون لذلك تداعيات سلبية جداً على المسارات الأخرى، بما فيها الحالة الأمنية والاقتصادية، فستقع عليكم مسؤولية كبيرة في التوصل إلى توافق حول الترتيبات الدستورية”، مؤكدة دعمها المُستمِر للحوار البناء بين المجلسين، معلنة ترقبها نتائج هذا الحوار في ختام مهلة الستين يوما وفقاً للمادة الرابعة من خارطة الطريق، آملة أن يُسفر الحوار عن نتائج إيجابية تُساعد في المُضي قُدُما بهدف تحقيق الاستقرار ودعم نتائج مُلتقى الحوار السياسي الليبي.
وشارك 72 عضوًا من ملتقى الحوار الليبي في عملية التصويت، حيث صوّت 51 منهم لصالح الآلية المقترحة، وهو ما يمثل حوالي 73% من الأصوات المدلى بها، وصوت 19 عضوًا ضدها. فيما امتنع عضوان عن التصويت، ولم يشارك اثنان آخران في العملية.
المبعوثة الأممية أشارت إلى أنه “أمام الليبيين الآن فرصة حقيقية لتجاوز خلافاتهم وانقساماتهم، واختيار حكومة مؤقتة لإعادة توحيد مؤسساتهم من خلال الانتخابات الوطنية الديمقراطية التي طال انتظارها، هذه سلطة تنفيذية مؤقتة سيتم استبدالها بسلطة منتخبة ديمقراطيًا، بعد الانتخابات في 24 كانون الأول /ديسمبر 2021”.
الفرقاء الليبيون الذين شاركوا في ملتقى الحوار السياسي الذي انعقدت أولى جولاته في تونس في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، على إجراء انتخابات عامة في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021. وجاء ذلك بعد اتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين الأساسيين اللذين يتنازعان السلطة في البلاد.
ترحيب دولي
ما توصل إليه الفرقاء في الغردقة المصرية لقي ترحيبا دوليا إذ هنأت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى ليبيا، منتدى الحوار السياسي الليبي على موافقته “القوية” على الخطوات المتخذة نحو شرعية تشكيل سلطة تنفيذية موحدة مؤقتة بإمكانها إجراء انتخابات نزيهة في 24 ديسمبر.
وفي وقت سابق، رحّب رؤساء بعثات الاتّحاد الأوروبي إلى ليبيا، الثلاثاء، بموافقة ملتقى الحوار السياسي اللّيبي على آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة، فيما أشاد رؤساء البعثات، بأعضاء الملتقى والممثلة الخاصة للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني وليامز، وفريق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، على جهودهم الدؤوبة وتصميمهم على تحقيق هذه النتيجة المهمة.
ورأى البيان أن القرار الذي تمّ اتخاذه يعدّ مهمّا لتمهيد الأرضية لتشكيل حكومة انتقالية موحدة تعمل على استعادة الخدمات الأساسية العامّة وإعداد البلاد للانتخابات الوطنية التي ستجرى في 24 ديسمبر 2021″.
العصي في الدواليب
عرقلة التوافق جاءت أولى مؤشراته من طرابلس حيث أعلنت قوة “حماية طرابلس”، وهي ائتلاف مسلح يضم كل من ميليشيا “النواصي ومكتب الأمن العام أبو سليم، وثوار طرابلس وباب تاجوراء” ويتبع إلى وزارة الدفاع بحكومة الوفاق، أعلنت رفضها لمخرجات الحوار السياسي الليبي.
اعلان “قوة حماية طرابلس” يعتبرالرفض العلني الأول لمخرجات الحوار الليبي، حيث تم اعتماد الاقتراح بتجاوز الحد الأدنى المطلوب الذي كانت قد حددته اللجنة الاستشارية بنسبة 63% من أصوات المقترعين.
الائتلاف المسلح قال في بيان له إنه “رصد ما اعتبره انحراف خطير عن المسار الصحيح في جملة من التجاوزات بدء من الطريقة المشبوهة لاختيار بعض الشخصيات المشاركة في الحوار، إلى الطريقة التي يتم بها عرض المقترحات والتصويت، وانتهاء إلى التدخل الشخصي لبعض أعضاء البعثة في توجيه المسار السياسي نحو أهداف معينة لا تخدم مصلحة ليبيا وإنما تخدم دائرة حزبية ضيقة”.
اعتراض “طرابلس” لم يقتصر فقط على مخرجات الحوار السياسي، بل سبق أن كسر التوافق الدولي على المبعوث الأممي الجديد يان كوبيتش، إذ هاجمت جماعة الإخوان المسلمين كوبيتش، وذلك بالتزامن مع بدء اجتماعات الغردقة.
تقارير إعلامية رأت أن الإخوان استشعروا خطر رحيل ويليامز قبل تنفيذ أجنداتهم المتمثلة في إيصال أحد أذرعهم على غرار وزير الداخلية في حكومة “الوفاق” فتحي باشاغا إلى رئاسة حكومة الوحدة الوطنية.
وهاجم محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، تعيين كوبيتش وكتب في تدوينة على فيسبوك أن “الدفع باستلام المبعوث الجديد للأمم المتحدة لمهامه في ليبيا في هذا التوقيت الحساس الذي توشك فيه ويليامز على إنهاء المرحلة الأخيرة لمسار الحوار وتتويج جهودها الناجحة وجهود فريق الحوار الليبي هو أمر مثير للاستغراب والتساؤل، وقد ينسف مسار التسوية برمته ويعود بنا إلى نقطة الصفر”.