280 ألف من نازحي العراق، لا زالوا منذ عام 2014 حتى اليوم، بعيدين عن منازلهم، بانتظار العودة إلى مأواهم الذي تركوه بسبب الحرب، وذلك على الرغم من مرور نحو عامين على طرد تنظيم داعش من مناطقهم، وتعاقب حكومتين متتالتين على البلاد، كان عنوان عملهما الأبرز “عودة المهجرين”.
يشار إلى أن الحكومة العراقية، قد اعلنت سابقاً، عن وجود 59 ألف عائلة نازحة من محافظات الشمال، موزعة على 47 مخيم.
ظروف صعبة وكورونا الضيف الثقيل
تزامناً مع تصاعد الأزمة الاقتصادية والمعيشية في العراق، يعيش النازحون ظروفاً أشد صعوبة داخل المخيمات، التي تحولت فعلياً إلى مجتمع موازٍ للمجتمع العراقي، حيث التي يشير النازح “أبو عقيل” لمرصد مينا، إلى أن تلك المخيمات تفتقر لكافة متطلبات الحياة الكريمة، وسط حالة قلق كبيرة تحيط بمستقبل أبناء النازحين.
إلى جانب ذلك يوضح “أبو عقيل” أن المساعدات التي يتلاقها النازحون في المخيمات تعتبر الشريان الرئيسي لهم ولعائلاتهم، في ظل انقطاع مصدر الرزق وفقدان الكثير من العوائل للمعيل، لافتاً إلى أن حالة الفقر المدقع والحاجة والبؤس تتصدر المشهد داخل تلك المخيمات.
الحالة المأساوية للنازحين، تدفع “أبو عقيل” للتساؤل عن مكان وجودهم ضمن أولويات الحكومة والساسة العراقيين، موضحاً: “كيف يمكن أن تكون وعود الحكومة بإعادة الإعمار حقيقية، وهي تعاني من عجز ومديونية تصل إلى المليارات، كل ما نسمعه هو تصريحات لم تتحول حتى الآن إلى واقع على الإطلاق ولا يوجد هناك أي أمل في الأفق لعودتنا إلى منازلنا”.
وبحسب الإحصائيات الرسمية العراقية، فإن نسبة الدمار في مناطق سيطرة تنظيم داعش السابقة، تصل إلى 80 في المئة من المنازل والبنى التحتية.
الحديث عن الأوضاع الإنسانية الصعبة داخل الخيمات، يمتد وفقاً لما يؤكده “أبو عقيل” إلى مخاطر تصاعد الإصابات بوباء كورونا وانتشاره داخل المخيمات، وسط فقدان الصيدليات ولوازم الوقاية الشخصية من معقمات وأقنعة واقية، بالإضافة إلى عدم إمكانية الالتزام بالمسافات الآمنة بسبب الاكتظاظ وعدم اتخاذ الحكومة العراقية اي إجراءات وقائية على حد قوله.
يشار إلى أن السلطات الصحية العراقية أعلنت نهاية آب الماضي، تسجيل 25 إصابة بفيروس كورونا المستجد لنازحين داخل المخيمات.
أسباب وتبريرات
أمام عدم تسجيل أي تقدم في ملف النازحين، يرجع المتحدث الرسمي باسم وزارة الهجرة العراقية، “علي عباس”، الأمر إلى عدة تحديات في مقدمتها الوضع الاقتصادي العالمي والعراقي، الذي منع الحكومة من تنفيذ برنامجها الخاص بعودة المهجرين، لافتاً إلى أن أولى تلك الخطوات سيتم اتخاذها بعد الحصول على الأموال اللازمة لذلك.
في السياق ذاته، يكشف “عباس” أن الحكومة في بعض الأحيان تضطر لوضع اولويات معينة، من بينها منح المبالغ المالية والساعدات للأسر الأكثر هشاشة وفقراً من بين أسر الشهداء، التي لا تمتلك معيل، مضيفاً: “هناك تحديات كثيرة تواجه عودة العائلات النازحة إلى مناطقها، منها أسباب اقتصادية وعشائرية وأمنية واجتماعية والبطالة وعدم وجود الخدمات”.
يشار إلى أن الحكومة العراقية قد أطلقت سابقاً، منحة شملت 2600 عائلة، في حين من المقرر إطلاق منح جديدة خلال الأيام القادمة، على أن تشمل 2600 عائلة جديدة.
الأطفال في دائرة الخطر
كغيرها من الأزمات الإنسانية، يمثل الأطفال النازحين، الشريحة الأكثر تضرراً من الأزمة الإنسانية في مخيمات العراق، حيث توضح تقارير الأمم المتحدة أن آلاف الأطفال يعانون من عجز عن الالتحاق بمنظومة التعليم الرسمي، خاصةً مع فقدانهم للوثائق والأوراق الثبوتية، محذرةً من خطر ضياع جيل بأكمله.
وكانت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين، “سلسيليا خيمينيز داماري”، قد حذرت من نشوء جيل كامل في العراق يعيش في حالة صدمة جرّاء أعمال العنف التي شهدها، هو جيل محروم من فرص التعليم، في إشارة إلى أطفال المخيمات.
كما تشير التقارير الأممية إلى أن أطفال المخيمات العراقية، باتوا يمثلون شريحة من الأطفال المهمشين، والفاقدين لأي مؤشرات على مستقبل أفضل يمكنهم من بناء حياتهم أو التحول إلى أفراد فاعلين في المجتمع.