لايهم التسمية، فالتسميات تتراوح ما بين “ندوة علمية”، و “لقاء الدوحة الثلاثي”، وقد تطرأ أسماء جديدة لصيغة قديمة، تتصل بالمسألة السورية والعثور على مخارج من استعصائها، دون نسيان أن من هم مرشحون لإخراج الحالة من الاستعصاء، هم جزء ممن قادوا سوريا إلى توطيد استعصاء أي حل جدي لها.أدخلوا سوريا في استعصاء الحلول بالشراكة مع النظام.
وفق الأخبار الواردة من الدوحة فإن لقاء تستضيفه الدوحة يجمع مدعوين سوريين أبرزهم رياض حجاب الذي سيكون إمامها، مضافًا إليه ممثلون عن مراكز بحثية سورية سيقومون بأداء دور تقني وعلمي في تقديم أوراق عمل عن كافة الشؤون السورية، والهدف من ذلك الاستناد على تلك الأوراق والدراسات في تنفيذ الحوار بشكل منهجي وعلمي.
أجندة الندوة حسب المعلن ستُناقش وتُقيّم كافة تطورات الملف السوري السياسي والعسكري والإنساني والحقوقي والقانوني، إلى جانب مواقف الدول الفاعلة والمؤثرة، وأداء نظام قوات بشار الأسد، وسلوك المعارضة السورية بشكلٍ مُفصّلٍ ودقيق.
شخصيات مقربة من رياض حجاب، نقلت عن حجاب بأن الندوة ، تطمح لبلورة طروحات متكاملة ومشاريع جديدة وبرامج سيتم العمل عليها وتدويرها ومناقشتها مع صناع القرار والأطراف المعنية في الملف السوري، دون التعرض إلى ما يمكن تسميته بإعادة هيكلة المعارضة السورية ولو جزئيًا أو العمل على استيلاد جسد معارض سوري جديد، وذلك لغياب توافقات دوليّة منخرطة في مسارات تشترك فيها أطراف محليّة سورية معارضة، وبالتالي لا يوجد تكهن واضح في نتائج الندوة العلميّة المقرّرة سواء بما يتعلّق في انبثاق أجسام سياسية جديدة معارضة، وحتى إعادة هيكلة للمعارضة الحالية، ذلك أن كلا الأمرين مرهونان لمن يتبنّى نتائج الندوة ويُحوّلها إلى وقائع وهو العامل الغائب حتى اللحظة دون نسيان أن الرعاية القطرية لهذه الندوة ستصطدم بالكثير من الاعتراضات تبعًا للمواقف المختلفة مع السياسات القطرية التي لابد وتكرّس جماعة الاخوان المسلمين في محاولة لإحياء دورهم في الساحة السورية بعد الانتكاسات التي واجهتها جماعات الاخوان في كل من مصر وليبيا، مع ملاحظة الشراكة التركية في رعاية هذه الندوة وهي الشراكة التي تعني فيما تعنيه تشكيل رافعة لجماعة الاخوان لاستعادة الضائع منهم، وبات من المعروف أن حكومة رجب الطيب أردوغان تعمل على تعويم رياض حجاب بالشراكة مع الحكومة القطرية، تحت مقولة لم يتثبت منها احد، وهي أن حجاب شخصية مُجمع عليها من قبل غالبية شرائح المجتمع السوري، لذلك يُعامل دائماً أينما حل في عواصم عربية أو أوروبية كرجل دولة، وهناك تعويل عليه حتى الآن لقيادة مرحلة جديدة في سوريا.
في خلفية الخبر ثمة تمهيد بل وترويج لهذه الندوة ربما كانت أهم مرتكزاته قد وقعت في 12 مارس/ آذار الماضي 2021 حين ظهر رياض حجاب في لقاءٍ مع قناة الجزيرة، وقال: إنَّ سوريا مُقبلة على تغييرٍ كبيرٍ، وأنّ ما يجري في العاصمة القطرية الدوحة هدفه خلقَ مسارٍ جديد يحمل بصمات عربية، وذلك دون أن يحدد ماهي هذه البصمات ومن هي الدول العربية الداعمة له أو للتغيرات الجديدة لتي يتحدث عنها، سوى أنها تصريحات كانت مصحوبة بموجة تفاؤل ناجمة عن لقاءاتٍ ثلاثيّة حدثت على صعيد وزاري لقطر وتركيا وروسيا. ومن خلال البيان الختامي عن ذلك الاجتماع تمّ الاتفاق على استكمال اللقاءات في أنقرة ومن بعدها موسكو، لكن لم يحدث ذلك قط، بسبب مراوغة موسكو التي كانت تهدف من وراء وجودها في الدوحة -لأول مرة-لجس نبض ومحاولة نزع تنازلات تركية قطرية لتخفيف الضائقة الاقتصادية على حليفها في دمشق، إلى جانب فرض شرطها الأساسي في إعادة تعويمه داخل الجامعة العربية عبر صفقة يقول مطلعون أنها تعني منح جماعة الاخوان حصتهم في “سوريا الجديدة”، مقابل فك الحصار عن بشار الأسد. وهو ما اشتغلت عليه قطر بدءًا من 2011 في ذروة انطلاقة الثورة السورية دون أن تحصد أية نتائج من مساعيها.
في التمهيد لهذه الندوة، كان رياض حجاب التقى خلال الشهرين الفائتين أكثر من مرة مع وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” الأمر الذي رفع سقف التوقعات عند بعض المراقبين عن احتمالية حدوث متغيرات جديدة داخل بنية المعارضة السورية سيقودها حجاب في مطلع هذا العام لكن ليس بالضرورة أن تكون تغييرات جذرية بما فيها انبثاق كيان سياسي جديد، بل البداية ستكون بندوة علمية وصولاً إلى نتائج سيتم دراستها بهدف البناء عليها مستقبلاً، وهو الامر الذي مهدت اليه لقاءات وزراء خارجية كل من روسيا / تركيا / قطر، وكان وزراء الخارجية الثلاث قد صدروا بيانًا أعلنوا فيه عن إطلاق عملية تشاورية جديدة بين دولهم بشأن التسوية السورية، معربين عن “اقتناعهم بغياب أي حل عسكري للنزاع السوري، كما أكدوا عزمهم على المساعدة في تقديم عملية سياسية تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل مساعدة أطراف الأزمة في التوصل إلى حل سياسي وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
كما سبق الاجتماع مشاورات مطولة بين الأطراف الثلاثة بدأت مطلع العام 2021 من أجل التوصل إلى صيغة جدية تساعد على الخروج من الدائرة المفرغة التي راوح فيها مسار أستانة، ينطلق من خطورة الوضع الانساني المتدهور في سوريا.
مواقع معارضة كشفت أن الروس “وعدوا خلال التحضيرات للقاء الدوحة بتقديم مقترحات تتعلق بالسير قدماً في تطبيق القرار 2245 ، وفي مقدمتها العمل على إنشاء هيئة حكم انتقالي، بالتوازي مع استمرار عمل اللجنة الدستورية، وكذلك البحث في ملف المعتقلين كإجراءات لبناء الثقة بين المعارضة والنظام، مقابل مساعدة الدول الداعمة للمعارضة بتخفيف العقوبات المفروضة على دمشق، والمساهمة في المساعدات الانسانية المخصصة لمناطق سيطرة النظام ، والعمل على إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
في ردود الفعل المعلنة، أصدر الائتلاف الوطني السوري المعارض بياناً رحب فيه “بجميع الجهود الرامية إلى دعم الشعب السوري ومساعدته في مواجهة الكارثة التي جرّها عليه نظام الأسد”، مشيراً إلى أنه “رغم إدراك طبيعة الدور الروسي الهدّام والمعطل على كل مسارات الحل، ورغم إصرار الكرملين على دعم النظام ومشاركته القتل والتهجير؛ فإننا على ثقة بالأشقاء في تركيا وقطر وقدرتهم على تنسيق جهودهم والمساهمة في هذا الملف بطريقة تلتقي مع المصالح الحقيقية للشعب السوري، وبما يحول دون استغلاله من قبل النظام وحلفائه أو توظيفه للإضرار بالمدنيين”.
وأضاف البيان أن “رؤيتنا للحل كانت وما تزال مرتكزة إلى الشرعية الدولية، وعلى أي مبادرة دولية أو مسعى لإنقاذ الشعب السوري أن ينطلق من تنفيذ القرارات الدولية، بالتوازي مع العمل من أجل الانتقال إلى نظام سياسي مدني وفق مقتضيات بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254”.