هيئة التحرير
ليس جديدا على الشارع اللبناني، طرح مسألة نزع سلاح حزب الله، انما الجديد هذه المرة هو طرحه ضمن التظاهرات، التي من المقرر أن تنطلق غداً، السبت، في لبنان، بالتزامن مع حملة دولية كبيرة عمادها الأمم المتحدة وواشنطن والاتحاد الاوروبي، لتطبيق القرارين 1559 والقرار1701 المتعلقين بوضع الحزب وسلاحه.
ويدعو قرار مجلس الأمن رقم 1559، الصادر في أَيْلول 2004، إلى نزع سلاح المليشيات اللبنانية بشكل كامل، فيما يحث قرار مجلس الأمن رقم 1701 الصادر عام 2006، على حل النزاع اللبناني الإسرائيلي.
فرصة ثمينة لن تتكرر وفاتورة لابد من دفعها
التصعيد الدولي تجاه الميليشيا المدعومة من إيران، يرى فيه مسؤول ليناني فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، فرصة قد لا تتكرر أمام الأحزاب السياسية اللبنانية والحراك للضغط أكثر باتجاه تقويض سيطرة الحزب على الدولة، خاصة وأن تلك السطوة ترتبط بكونه الطرف الوحيد، الذي يملك سلاحاً على الساحة اللبنانية، ما يعني أن نزع ذلك السلاح هو مقدمة لعودة هيبة الدولة وقرارها وخروجها من الاصطفافات الإقليمية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”، قد طالب رسمياً خلال الأسابيع القليلة الماضية، بنزع سلاح حزب الله ووقف تورطه في النزاعات الإقليمية، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ عقود تصدر عن رأس المنظمة الأممية.
كما يذهب المسؤول إلى أن تكلفة هذا الضغط ستكون عالية، وأن الحزب سيتجه نحو تفجير الأوضاع سواء داخلياً من خلال الاغتيالات والتفجيرات في تكرار لسيناريو العام 2005 أو خارجياً من خلال التحرش بإسرائيل واندلاع حرب يسعى من خلالها لإعادة شرعية سلاحه، مضيفاً: “اعتقد أن الاغتيالات وتفجير الساحة الداخلية سيكون أقرب للحزب، فهو خسر الكثير من قواته في سوريا، ووضعه ووضع إيران الدولي وحالة الحصار قد تمنعه من التفكير في مهاجمة إسرائيل، إلا كحل انتحاري، عندما يفقد الأمل من أي حلول أخرى.
ويتهم حزب الله بتنفيذ اغتيالات سياسية في لبنان عام 2005، كان أبرزها اغتيال رئيس الحكومة الأسبق، “رفيق الحريري” والإعلامي “سمير قصير” والنائب “وليد عيدو” والقيادي في الأمن اللبناني، “وسام الحسن”، بالإضافة إلى النائب عن حزب الكتائب، “سامي الجميل”، وهو ما جاء بالتزامن مع اعتقال النائب السابق “ميشال سماحة” الذي اعترف بإدخال متفجرات من سوريا إلى لبنان بهدف تنفيذ موجة من الاغتيالات.
في السياق ذاته، يرى المصدر أن تكاليف سلاح حزب الله سيدفعها لبنان بكل الأحوال، سواء واجه ذلك السلاح أو تجاهله، موضحاً: “في حال طالب اللبنانيون بنزع سلاح الحزب فهم مهددون بحرب أهلية وإن تركوا السلاح فإن بلدهم لن تقوم له قائمة وستسمر الأزمة والفقر والجوع والتبعية، الفرق بين الحالتين هي أن مواجهة الحزب قد تفتح الطريق أمام بناء لبنان جديد ذو سيادة”.
وتتصاعد أزمة لبنان الاقتصادية بشكل متسارع، حيث أظهرت بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، أن أكثر من 50 بالمئة من اللبنانيين أصبحوا عاطلين عن العمل، وأن نسبة الفقر تجاوزت الـ 70 في المئة، فضلا عن تقاضي الموظفين نصف الرواتب بدوام كامل.
أزمة لبنان في السلاح غير الشرعي
حديث المسؤول عن تبعات استمرار سلاح الحزب وسطوته على المشهد الداخلي اللبناني وأزمته الاقتصادية والسياسية والمعيشية، تقاطع مع ما يؤكده الرئيس اللبناني السابق، “ميشال سليمان”، بأن صندوق النقد الدولي لن يقدم أي رد إيجابي على القرض، الذي طلبته الحكومة في ظل الأوضاع الراهنة، داعياً للتمعن أكثر بتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، حول ضرورة نزع سلاح الحزب.
كما يلفت “سليمان” إلى ضرورة عودة سياسة الحياد اللبناني حيال قضايا المنطقة وصراعات المحاور وإقفال المعابر غير الشرعية التي يديرها حزب الله، ونزع السلاح غير الشرعي، في حال أراد لبنان العودة إلى المنطقة الآمنة الكفيلة بأخذ المطالب اللبنانية على محمل الجد”.
وسبق لكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربي، أن أعلنت عدم دعمها لحكومة يسيطر عليها حزب الله ومن خلفه إيران، في إشارة إلى حكومة “حسان دياب”، كما اتخذت الإدارة الأمريكية سلسلة عقوبات اقتصادية ضد الحزب والشبكات المرتبطة به.
إلى جانب ذلك، يؤكد عضو لجنة الدفاع النيابية، “وهبي قاطيشا” أن سطوة حزب الله وسلاحه بات عبئاً ثقيلاً على حياة اللبنانيين، مشيراً إلى أن تطبيق القرارات الدولية ومن ضمنها القرار 1559 وحصر السلاح بالقوى الشرعية اللبنانية فقط، بات أمر ضرورياً لإعادة إحياء لبنان كدولة صاحبة القرارات السيادية.
أما عن ضرورات وجود سلاح حزب الله للدفاع عن لبنان، فيشير “قاطيشا” إلى أن الجيش اللبناني قادر من خلال تجهيزاته ومعداته على حماية لبنان وضبط المعابر غير الشرعية المنتشرة على الحدود اللبنانية السورية، مضيفاً: “على العكس فإن وجود قوى الأمر الواقع التي تمتلك السيطرة على الحكومة والغالبية في المجلس النيابي هي التي تمنع الجيش من ممارسة دوره”، في إشارة صريحة إلى حزب الله.
وكان الأمين العام لحزب الله، “حسن نصر الله” قد أعلن في وقت سابق رفضه قرار الحكومة إغلاق المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا، وتأكيده على استمرار الحزب بإدارتها، على الرعم من أنها واحدة من مطالب المجتمع الدولي بتقديم المعونات الاقتصادية للبنان.
تحذيرات ولعبة يجيدها الحزب
على الرغم من ما عكسته مطالبة الشارع اللبناني بإسقاط سلاح الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني إلا أن الصحافي اللبناني، “حنا صالح” حذر من إمكانية استغلال الحزب ذلك الشعار للتدخل وقمع المظاهرات وإفساد الحراك، معتبرا أن المظاهرات والشعب اللبناني يريدون استعادة الدولة والجمهورية وتطبيق الدستور والقانون، وهو ما يتنافى مع دور سلاح حزب الله، بحسب ما نشره موقع العربية نت.
وكان عناصر من حزب الله وحركة أمل، التي يتزعمها رئيس مجلس النواب، “نبيه بري”؛ قد اعتدوا خلال الأشهر الماضية على ساحات الاعتصام والتظاهرات في كل من بيروت والمناطق الجنوبية من لبنان، بحسب ما وثقه ناشطون.
في الداخل الشيعي اللبناني، يشير رئيس المركز العربي للدراسات والحوار، “عباس الجوهري” إلى أن ارتباط المظاهرات بنزع سلاح حزب الله بات أمراً منطقياً بعد أن أعلن الحزب صراحةً استخدام سلاحه للحفاظ على السلطة الحالية، مستشهداً بتصريحات النائب المحسوب على الحزب، اللواء “جميل السيد”، الذي توعد بقتل المتظاهرين.
وكان “جميل السيد” أحد الضباط الأربعة، الذي أوقفهم الأمن اللبناني على خلفية اغتيال “رفيق الحريري”، والتي يتهم حزب الله بتنفيذها بحسب تقرير المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
انحياز الحزب إلى الحكومة والنظام السياسي القائم في لبنان، يعني من وجهة نظر “الجوهري” أن مظاهرات الغد ستصطدم بشكل حتمي بأعمال شغب من جانب مناصريه، في تكرار للأحداث التي شهدها لبنان في الأشهر الماضية، لافتاً إلى أنها إحدى الأساليب التي اعتاد الحزب على اتباعها في الأزمات.