هيئة التحرير
صعد أمين عام ميليشيا حزب الله اللبناني “حسن نصر الله” من لهجته في ملف قوات الطوارئ الدولية “يونيفيل”، إذ رفض طلب تعزيز مهام القوة التابعة للأمم، من دون أن ينسى تذكير اسرائيل بأن القدرات العسكرية الموجودة لدى ميليشياته اليوم لم تكن موجودة قبل العام 2006 وان لديها تطور في حرب الأدمغة وفي الخطط والبرامج والكم.
تصعيد “نصر الله” جاء خلال مقابلة إذاعية أمس بمناسبة مرور 20 عاماً، بالتزامن مع ذكرى خروج إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000 .
كلام نصر نصر الله، وتعرض دورية تابعة لليونيفيل لاعتداء من قبل أبناء بلدة بليدا، مثل حالة استباق لتصويت مجلس الأمن الدولي هذا الصيف على تجديد التفويض الممنوح لليونيفيل، والمتوقع أن يتم خلاله كذلك تعديل مهام القوة الدولية، وهذا ما يبدو انه يثير خشية حقيقية لدى الميليشيا التي تمثل ذراع ايران الضارب في لبنان، في هذا السياق قال نصر الله إن “الأميركيين، نتيجة المطالب الإسرائيلية، يطرحون موضوع تغيير مهمّة اليونيفيل، إذا كانوا يريدون خفض العدد أو زيادته، الموضوع لا يقدّم أو لا يؤخّر، نحن لسنا ضدّ بقاء اليونفيل، لكن يخطئ الأميركي إذا كان يعتبر أنّ هذه ورقة ضغط على لبنان”.
وفي آب/أغسطس الفائت، صوّت مجلس الأمن الدولي على تمديد التفويض الممنوح لليونيفيل لمدة عام، لكنّ القرار تضمّن مطلباً، قال دبلوماسيون إنّ الولايات المتحدة أصرّت عليه، يفرض على الأمين العام للأمم المتحدة إجراء تقييم لمهمّة اليونيفيل وقوامها قبل الأول من حزيران 2020، وفي مطلع ايار/مايو الجاري أعلنت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة كيلي كرافت أنّ اليونيفيل “مُنعت من تنفيذ تفويضها” وأنّ حزب الله “تمكّن من تسليح نفسه وتوسيع عملياته، مما يعرّض الشعب اللبناني للخطر”.
في حينه كتبت السفيرة الأميركية على تويتر أنّه يجب على مجلس الأمن “إمّا أن يسعى لتغيير جذري من أجل تعزيز اليونيفيل وإما إعادة تنظيم وحداتها ومواردها لتكليفها بمهام يمكنها القيام بها بالفعل”.
الحاضنة الشعبية
حزب الله الذي باتت شعبيته، عربيا، في أدنى مستوياتها، وتحول إلى خصم عند الكثير من الشرائح المجتمعية العربية، هو أيضا خسر الكثير من حاضنته الشعبية التي بدأت تصطدم بحائط الجوع القاسي، إلا انه رغم ذلك ما زال يحتفظ بقدرته على تحريك نسبة لابأس بها من الشارع الشيعي اللبناني، ترهيبا أو ترغيبا، وفي هذا السياق ، تم اختلاق حالة تحرش مع القوة الفنلندية العاملة ضمن اليونيفيل .
وكانت وسائل إعلام محلية قالت إن القوة الفنلندية العاملة ضمن “اليونيفيل” اعتدت على شبان المنطقة، وصدمت مركباتهم، بعد أن اعترضوا طريقها لعدم تنسيقها مع الجيش اللبناني.
بلدية بليدا و”اتحاد بلديات جبل عامل”، الذي يضم 18 بلدية، أصدرا، بيانا مشتركا جاء فيه “إننا ندين اعتداء أفراد من القوة الفنلندية العاملة باليونيفيل على أهالي بلدة بليدا، كما ندين قيام عناصر راجلة منها بالدخول إلى كروم وملكيات خاصة للأهالي والتفتيش فيها، وهذا أمر مستهجن ومرفوض بشكل قاطع وكلي، ويثير الكثير من علامات الاستفهام حول عدوانية هذه القوة بالذات تجاه أبناء البلدة وطبيعة المهام الموكلة إليها”.
يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي أسس “اليونيفيل”، وهي قوات متعددة الجنسيات، في آذار عام 1978، للتأكيد على الانسحاب الإسرائيلي من البلاد، آنذاك. كما عززها، في آب عام 2006، في أعقاب الحرب الإسرائيلية مع حزب الله، ويبلغ عددها نحو 10 آلاف عنصر
“قيصر قادم”
حزب الله الذي اقفقدته الملاحقة الامريكية لمصادر دخله من تجارة المخدرات العالمية، واخضاع الكثير من الكيانات والاشخاص الذين كانوا يمولونه للعقوبات، يجعله أكثر تمسكا بالمعابر غير الشرعية مع سوريا، التي تدر عليه مئات ملايين الدولارات. هذه المعابر ستكون واحدة من المحاور التي سيركز عليها قانون “قيصر”.
ووفق بيان الخارجية الامريكية فإن قانون قيصر يعني الطلب من الرئيس الامريكي فرض عقوبات جديدة على أي شخص أو جهة يتعامل مع النظام السوري أو يوفر له التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية، أو المصرف المركزي السوري”.
كما جاء في البيان أن القانون يشمل الجهات التي توفر الطائرات أو قطع غيار الطائرات لشركات الطيران السورية، أو من يشارك في مشاريع البناء والهندسة التي تسيطر عليها الحكومة السورية أو التي تدعم صناعة الطاقة في سوريا.
وبموجب القانون، يمكن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يلغي العقوبات على أساس كل حالة على حدا، كما يمكن تعليق العقوبات إذا جرت مفاوضات هادفة لإيقاف العنف ضد المدنيين.
حسن نصر الله ومن خلال تحريك قواعده اراد ايصال رسالة ثانية هدفها نسف الحديث المستجد في لبنان عن إغلاق المعابر غير الشرعية مع سوريا ومراقبتها من الجهات الدولية، وخصوصا مع اقتراب تطبيق “قانون قيصر” الذي يهدف الى معاقبة النظام السوري وحلفائه في روسيا وإيران وحزب الله حتما في لبنان، وهذا ما دفعه، أي نصر الله، إلى بدء حملة تحت عنوان “أهمية عودة العلاقات مع سوريا”، وخصوصا في موضوع ضبط المعابر البرّية غير الشرعية وعمليات التهريب التي تجري عبرها، كونه المستفيد الأول في نقل العتاد والعتيد عبرها من وإلى دمشق.
وقال نصرالله في 13 مايو الفائت، إن “لبنان وحده لا يمكنه أن يعالج هذه المشكلة”، داعيا إلى “تعاون بين الدولتين، بين الجيشين، بين المؤسسات الأمنية في البلدين”، وتابع: “هذا الأمر طريقه الوحيد هو التعاون الثنائي بين حكومتي وجيشي لبنان وسوريا “.
فتش عن ايران
ضمن هذا المشهد لايمكن تجاهل ايران المحرك الاول لميليشيا حزب الله واللاعب الفاعل في الساحة السورية، وقد اتقنت لسنوات طويلة اللعب خارج معلبها وتحويل حلفائها إلى وقود لحروب عبثية، تساعدها على رفع سقفها على طاولة المفاوضات مع الغرب في أي ملف من الملفات، ووفق هذا الطرح لا يستبعد المراقبون افتعال المزيد من المشكلات مع قوات اليونيفيل، بل وافتعال حرب بين الحزب واسرائيل تعيد خلط الاوراق في المنطقة وتطرح تفاهمات جديدة على غرار التفاهمات التي أوجدتها حرب العام 2006.
هذا السيناريو لايبدو انه مستبعدا، من جهة نظام الملالي، لاسيما ان ميليشيات ايران في سوريا ليست في أحسن حالاتها، مع الاستهداف المتكررة لها من قبل الطيران الاسرائيلي.