ما هي إلا ساعات قليلة مرت على اقتحام متظاهرين لبنانيين لمكاتب نوابٍ تابعين لحزب الله في مناطق متفرقة من البلاد، حتى ظهر الأمين العام للحزب “حسن نصر الله” في خطابٍ متلفز؛ تناول فيه الحركة الاحتجاجية الحالية، في محاولةٍ منه لإظهار تأييده للمتظاهرات، متجاهلاً أن سياساته كانت أهم العوامل التي أوصلت لبنان واللبنانيين إلى الحال الذي وصلوا إليه، وفقاً لهتافات المتظاهرين الذين نددوا بممارسات خطف الدولة.
اللافت في حديث “نصر الله” أنه وضع لبنان اليوم أمام احتمالين، أولهما الاستمرار في الأوضاع الاقتصادية المتردية، أو مواجهة انفجار شعبي كبير، مطالباً بعدم استغلال المظاهرات الحالية لتصفية الحسابات السياسية، على اعتبار أن لبنان لا يحتمل مثل هذه الأمور في الوقت الراهن، على حد قوله.
وأرجع زعيم الحزب التابعا لإيران، الأزمة الاقتصادية في لبنان إلى اختيار الحكومة للطرق السهلة في معالجة العجز المالي عبر الضرائب وجيوب المواطنين، دون أن يتناول دور سياسات حزب الله في وضع البلاد تحت مقصلة العقوبات الأمريكية التي أحدثت الأزمة الاقتصادية الأخيرة، التي كانت أبرز معالمها أزمة الدولار الأمريكي التي خلقت بدورها أزمات أخرى في الأسعار والوقود والخبز والأدوية.
وفي الوقت الذي تجاهل فيه مسؤولية حزبه وعلاقاته بإيران في خلق الجو المتوتر في الساحة السياسية والاقتصادية، اعتبر “نصر الله” أنه من المعيب أن يتنصل أحد من مسؤوليته وخصوصا من شاركوا بكل الحكومات السابقة، دون أن يتطرق لحقيقة أن وزراء حزب الله لم يغيبوا خلال السنوات العشرين الماضية عن تلك الحكومات المتعاقبة.
تزامناً، دعا “نصر الله” المتظاهرين إلى حصر مطالبهم بالنواحي الاقتصادية فقط، وعدم تشعبها إلى الأحداث السياسية، في خطوة من شأنها منع تداول سياسات الحزب ومسؤولياته ضمن الحركة الاحتجاجية، وتحديداً مع دخول العديد من التيارات الشيعية إلى خط المظاهرات، تعبيراً عن رفضها لممارسات حزب الله وحركة أمل.
وهدد “نصر الله” باقتحام شوارع بيروت والبقاء فيها لأشهر أو لسنوات، ملوحاً بإغلاق البلاد بشكلٍ كامل في حال تناوله أو عدم تسيير الأمور بما يتناسب مع سياسته وسياسات وزرائه، مشيراً إلى رفضه لإسقاط الحكومة الحالية ورئيس الجمهورية ومجلس النواب.
كما هاجم “نصر الله” مبادرة رئيس حزب القوات اللبنانية “سمير جعجع” بتشكيل حكومة تكنواقراط، مهدداً بإسقاطها خلال يومين في حال تشكيلها، مشيراً إلى أن أي انتخابات نيابية لن تغير في الوضع شيء، وذلك في استعراضٍ لقوة الحزب السياسية والعسكرية وإظهار مدى سيطرته على الدولة.
إلى جانب ذلك، طالب “نصر الله” بمنح الحكومة مهلة جديدة لدراسة الأوضاع بشكلٍ معمق، موجهاً رسالةً إلى المتظاهرين: “رسالتكم وصلت، تصرفوا بمسؤولية”.
وفي محاولة لمخاطبة المشاعر، اعاد “نصر الله” العزف على الوتر الطائفي، قائلا: “نحن أحفاد الحسين وسندافع عن البلاد”.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.