الضفة الغربية – مرصد مينا
استطاعت إسرائيل وبمساعدة فرنسية واضحة، اتخاذ الخطوة الأولى بإنشاء مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب، وأعلنت وقتها أن الهدف منه توفير الطاقة لمنشآت تعمل على لستصلاح منطقة النقب والاستفادة الاقتصادية منها بعيداً عن أي هدف سياسي، وفقاً لبيان رئيس الوزراء آنذاك ديفيد بن غوريون, فبعد أن بدأ العمل به في الفترة ما بين (1962 – 1964) توالت محاولات الاحتلال بشكل سري إنشاء مفاعلات أخرى بدعم المؤسسات الأجنبية، كانت في مجملها لامتلاك السلاح النووي واستخدامه كقوة عسكرية في أي مواجهة قادمة، كما استطاعت دولة الاحتلال من خلال المفاعل, إنتاج كميات من البلوتنيوم تكفي لتصنيع ما يصل إلى مائتي رأس نووي.
عام 2015 كشف فحص لمفاعل ديمونا عن وجود أكثر من 1537 عطلاً فيه، مما يشير إلى خطره الكبير على الموظفين العاملين فيه والسكان المحيطين به خاصة في النقب ، لكن إسرائيل لا تلقي بالاً لتلك التهديدات بل تتعمد التكتيم التام على أي معلومات تفيد بأخطار المفاعل، خاصة بعد أن انتهت مدة صلاحيته، وتزايدت المطالبات العربية والدولية بإغلاقه تحسباً لأي انفجار قد يؤدي إلى كارثة على المستوى الإنساني والبيئي.
إلى ذلك تعد مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، الأكثر قرباً من المفاعل النووي الإسرائيلي، ولذلك تحظى بنصيب الأسد من إصابات السرطان والتشوهات الخلقية في المواليد, فقد وجد في مدينة الخليل حالة إصابة نادرة بسرطان قلب لطفل صغير، وهي حالة يصاب بها خمسة أشخاص فوق سن الخمسين من بين 100 مليون شخص، كما وجدت حالات كثيرة لأطفال ولدوا بتشوهات خلقية كأن يولدوا بعين واحدة أو قدم واحدة، خاصة في جنوب فلسطين والقرى جنوب الخليل، مما يشير إلى خطورة الإشعاعات النووية المسربة من المفاعل، والتي كادت أن تقضي على الإنسان والبيئة معًا.
رئيس مركز الحياة لمكافحة السرطان بلال أبو فخيدة قال في حديثه لـ”مرصد مينا”: إن الأبحاث التي أجريت في عدد من قرى وبلدات جنوب الخليل وغرب طولكرم، أظهرت ارتفاع عنصر السيزيوم المشع بسبب مفاعل ديمونا والصناعات الكيماوية.
وِأشار أبو فخيدة إلى أن السيزيوم يؤدي إلى إشعاعات مؤذية، تعمل في حال اختراقها الأجسام البشرية على حصول انقسامات غير طبيعية في خلايا الجسم، والتسبب بأمراض السرطان وتشوهات الأجنة والتشوهات الخلقية والربو, مؤكداً ظهور حالات مرضية غير مألوفة في بلدات يطا والسموع والظاهرية، جنوب شرق مدينة الخليل حيث تعتبر المناطق المذكورة ملاصقة لمكب النفايات النووية.
وأضاف خلال البحث ومراقبة اللجان المختصة لمحاولات دفن النفايات في المناطق الجنوبية بين أنه وبحسب شهود عيان من المناطق أفادو بأن السلطات الإسرائيلية تقوم بدفن نفايات في مناطق عدة من الضفة الغربية في حفر يتم إغلاقها بالإسمنت والصخور.
ويكمل أبو فخيدة حديثه في عام 2006، كشفت إحصائية لمركز مكافحة السرطان, أن سرطان الثدي هو أكثر الأمراض الخبيثة انتشاراً في المناطق القريبة من المفاعل، في حين أن أربعة ألاف امرأة تصاب بهذا المرض سنوياً, وهى نسبة خطيرة وعالية خاصة أن مئات الحالات، لم يكتب لها النجاة وتكون ضحية الغطرسة الإسرائيلية .
الأستاذ المشارك في الفيزياء النووية بجامعة الخليل محمود سعادة يقول, إن المخلفات النووية التي عمدت دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى دفنها في الأراضي الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو سابقاً في قطاع غزة وجنوب فلسطين، أدت إلى تلوث المياه الجوفية.
ويشير سعادة خلال حديثه لـ”مرصد مينا”: إلى أن تلك الإشعاعات يصل مداها إلى نحو 20 كلم هوائي, حيث تؤثر في قرى وبلدات شمال الخليل وليس فقط الجنوب, موضحاً أن تلك الإشعاعات لا توجد في الجو عادة إلا بعد التفجيرات النووية، مضيفاً أنها في جنوب الخليل تعدت النسب المسموح بها عالمياً, وكدلالة على إزدياد حالات الإصابة بالسرطان جنوب الخليل, يقول سعادة إن حياً سكنياً يعيش فيه ألفا شخص يعاني عشرون منهم من السرطان, بالإضافة إلى أن أحد الأطباء المختصين في الأمراض النسائية ببلدة الظاهرية، أكد بحسب الدكتور سعادة, أن نسبة كبيرة من الصور التلفزيونية التي أجريت لنساء حوامل من المنطقة, أظهرت تشوه الأجنة، مبيناً أن التشوه تمثل بنقص في الأطراف أو الرأس أو تضخم غير طبيعي في جزء من الجنين، وأكد أنه تم تشخيص نحو 10 حالات تشوه لأجنة دون رؤوس.
لم يقتصر خطر الإشعاعات المنبعثة من مكب النفايات على المواطنين القاطنين في مناطق الخليل ومحيطها, بل وصلت خطورة الأمر إلى السجون الإسرائيلية في منطقة صحراء النقب, حيث سجلت حالات كثيرة في صفوف الأسرى الفلسطينيين المصابين بمرض السرطان في سجن النقب الصحراوي, وتؤكد الأعداد المتزايدة للأسرى المصابين بالسرطان, صدق المعلومات التي جاءت بالتقرير الإسرائيلي, والتى بينت إصابة نسبة كبيرة من الفنيين والعاملين والسكان في المناطق المجاورة للمفاعل بأمراض سرطانية نادرة، وظهرت أعراض المرض لدى أكثر من 70% من السكان هناك.
من جهته, طالب عبد الناصر فروانة مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررينبضرورة الضغط على الإحتلال الإسرائيلي, لإغلاق معتقل النقب الصحراوي والذي أعادت إفتتاحه إبان انتفاضة الأقصى عام 2002، والعمل على إنقاذ حياة الأسرى بنقلهم إلى سجون ومعتقلات أخرى, قريبة من أماكن سكناهم وأكثر أمناً على صحتهم وحياتهم.
إذ يقع السجن في منطقة عسكرية خطرة متاخمة للحدود المصرية وغير أمنة, تجرى بداخلها تدريبات عسكرية بالأسلحة الحية ومعرضة لأخطار الحرب، كما أنه قريب من مفاعل ديمونا والمناطق التي تستخدمها إسرائيل لدفن النفايات النووية, ما يعرض حياة الأسرى لخطر الإصابة بالسرطان، وفقاً لتقرير وزارة البيئة الإسرائيلية التي أشارت في تقرير لها خلال يناير/كانون الثاني عام 2010, إلى وجود نفايات سامة وخطرة في منطقة النقب.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.