هيئة التحرير
مع الاستماع إلى حيثيات قضية اغتيال “رفيق الحريري” أنهت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، جلستها لأولى، على أن تعود للبدء في الجلسة الثانية في تمام الساعة الواحدة والنصف بالتوقيت المحلي، الثانية والنصف بتوقيت بيروت، لاستكمال جلسات النطق بالحكم في القضية التي يتهم فيها أربعة من عناصر حزب الله.
وخلال الجلسة الأولى، أشارت المحكمة إلى أن حكمها تم اتخاذه بإجماع الأعضاء، والذي تمت كتابته بـ 3 آلاف صفحة، بعد أن تم الاستماع إلى أكثر من 270 شاهد لبناني في القضية، مشيرةً إلى أن الغرفة الأولى توصلت إلى أن حزب الله والنظام السوري كانا من أصحاب المصلحة في اغتيال “الحريري”، عام 2005، وأن قرار التصفية جاء خلال زيارة لوزير الخارجية السوري، “وليد المعلم” إلى لبنان، بالتزامن مع عقد الكتل اللبنانية حينها لما يعرف باجتماع البريستول.
حراك منتظر وانتشار أمني
بالتزامن مع انتظار استكمال الجلسات، يكشف مصدر لبناني مطلع لمرصد مينا أن تيار المستقبل يستعد حالياً لتنفيذ حراك في لبنان مساء اليوم بعد النطق في الحكم، لافتاً إلى أن تلك الاستعدادات يقابلها انتشار أمني مكثف في العاصمة اللبنانية وفي محيط ضريح “الحريري”، لمنع وقوع صدامات كبيرة بين أنصار المستقبل وأنصار حزب الله، لا سيما في ظل تصاعد التوقعات بأن تتجه المحكمة إلى إدانة العنصر الأربعة.
وكان الجيش اللبناني قد ألغى كافة الإيجازات الممنوحة لعناصره، وطالبهم بالالتحاق الفوري بقطعهم تحسباً لوقوع أي طارئ أمني، تزامناً مع إعلان الحكم، في حين رفع حزب الله درجة التأهب في مناطق سيطرته.
الاستعدادات الأمنية ترافقت مع تأكيد المحكمة وجود أدلة كبيرة على تورط عناصر حزب الله في عملية الاغتيال، متهمةً الأجهزة الأمنية اللبنانية بإزالة العديد من الأدلة من موقع الجريمة خلال عمليات التحقيق الفوضوية التي أجرتها بعد وقوع الحادثة.
وأشارت المحكمة إلى أن الادعاء اعتمد في شكواه على تحليل بيانات الاتصالات الخلوية للمشاركين في عملية الاغتيال، وأن تلك الهواتف كانت مستخدمة من قبل العناصر المتهمة بالاغتيال، مشددةً على أن تسجيل الفيديو الذي ظهر فيه المدعو “أحمد أبو عدس” كان مجرد تضليل لعمليات التحقيق، وأن “أبو عدس” لم يكن الانتحاري الذي نفذ الانفجار.
حزب لله يستعد للأسوء
أمام تكشف جانب من معطيات المحكمة، يشير المحلل السياسي، “أحمد عيتاني” إلى أن حزب الله حالياً بات على قناعة بأن المحكمة ستدين أعضاءه أو على الأقل بعضهم، ما دفعه إلى فرض حالة طوارئ في مناطق سيطرته، لمنع توجه الأوضاع نحو المزيد من التصعيد، لافتاً إلى أن الحكم في قضية “الحريري” سيكون محورياً ونقطة تحول كبيرة في مستقبل لبنان.
وكانت المحكمة قد أكدت أن عملية اغتيال “الحريري”، كانت لأهداف سياسية، وليس لأسباب شخصية، وأنها توصلت إلى معلومات بأن القيادي في حزب الله، “مصطفى بدر الدين” هو المسؤول عن التخطيط والتنفيذ للعملية، مشيرةً إلى أن كافة المتهمين مرتبطين بحزب الله.
تركيز المحكمة على هوية المتهمين كأشخاص، دون التطرق إلى الجهة، التي دفعتهم لارتكاب العملية، يرى فيه الخبير في الشؤون اللبنانية “داني قزي”، مؤشراً على أن الأحكام ستنحصر ضد المتهمين بشكل شخصي دون أن تشمل المؤسسة والجهة التي يتبعون لها، لافتاً إلى أن عدم شمول الحزب بقيادته وقيادييه، في التهمة والحكم، قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان في الساحة اللبنانية، خاصةً وأنه من المستحيل أن يكون العناصر قد نفذوا العملية بشكل منفرد.
وخلال تلاوة البيان الاتهامي، لفتت المحكمة إلى أن التحقيقات وتحليلات الاتصالات الخلوية، منحت الغرفة الأولى قناعة بأن المتهم “سليم عياش” له دور في عملية الاغتيال، وأنهالمستخدم الفعلي للهاتف الأحمر المشارك في تصفية “الحريري”.
إحراج الحلفاء وأسوء السيناريوهات
مجرد إدانة عناصر حزب الله من قبل المحكمة وبغض النظر عن شكل الحكم وتفاصيله، سيضع حلفاء الحزب، وخاصةً في التيار الوطني الحر، في مواقف محرجة جداً، وفقال لما يراه المحلل ،”عيتاني”، لا سيما وأن عمل المحكمة سيستمر للتحقيق في الكثير من الاغتيالات ومحاولا الاغتيال، التي طالت عدة شخصيات من أحزاب وطوائف متعددة.
وكانت مصادر إعلامية قد كدت بأن المحكمة تنظر أيضاً بمحاولة اغتيال الوزير السابق، “مروان حمادة”، والتي قالت إن أحد المتهمين في اغتيال “الحريري”، متهم أيضاً بالضلوع في محاولة اغتيال “حمادة”.
في السياق ذاته، يعتبر المحلل “عيتاني” أن الساحة اللبنانية بعد النطق في الحكم، لن تتسع لحل وسط في قضية الاغتيالات عموماً في لبنان، وأن القوى السياسية ستكون أمام حل من اثنين، إما التواجد على الضفة المطالبة بالعدالة للبنانيين أو التواجد على ضفة الدفاع عن سلاح حزب الله، والتي ستعاني من عزلة دولية واسعة.
وكان الرئيس اللبناني، “ميشال عون” قد أكد على وجوب أن يتقبل اللبنانيين كافةً ما سيصدر عن المحكمة الدولية والالتزام به