هيئة التحرير
تفاصيل جديد ومثيرة للجدل يكشفها الطيار السابق، في شركة خطوط ماهان الجوية الإيرانية، “أمير أسد الله”، عن تحركات قائد فيلق القدس السابق، “قاسم سليماني” وأساليب التنكر، التي كان يتبعها أثناء رحلاته الخارجية وتحديداً إلى سوريا والعراق، لمنع الحيش الأمريكي من تتبعه ورصده.
وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت شركة ماهان على قائمة العقوبات، التي أقرتها ضد النظام الإيراني عام 2011، بتهمة مساعدتها في نقل شحنات أسلحة إلى النظام السوري، أثناء الثورة.
ويعترف “أسد الله” بأن الشركة كانت متورطة فعلاً بنقل شحنات مشبوهة جوياً إلى مطار دمشق الدولي، كاشفاً أنه في إحدى الرحلات عام 2013 نقل شحنة يبلغ وزنها 7 أطنان، وأن “سليماني” شخصياً كان موجود على متن الرحلة.
في قبضة الأمريكان وشبكة أمنية
بتناول حادثة مطالبة الجيش الأمريكي بتفتيش إحدى الطائرات الإيرانية المتجهة إلى سوريا، في مطار بغداد الدولي عام 2013، يكشف “أسد الله”، أن “سليماني” في تلك الرحلة كان يجلس في قمرة القيادة، وقد تنكر بصفة مساعد طيار، وعندما هبطت الطائرة في مطار بغداد الدولي، طلبت قوات أمن المطار العراقي، الذي كان خاضعاً لسيطرة لأمريكان حينها، تفتيش الطائرة، إلا أن الطيار قدم رشوة كبيرة لضابط الأمن، ما أوقف عملية التفتيش.
وكان الطيران الأمريكي والإسرائيلي قد استهدف خلال الأعوام الماضية، مطار دمشق الدولي عدة مرات، بعد تقارير استخباراتية عن وجود شحنات سلاح إيرانية متجهة لدعم النظام السوري.
في سياق سيناريوهات تنكر “سليماني”، يقول الناشط الإيراني المعارض، “علي مشائي”، الذي أخفى هويته الحقيقية لأسباب أمنية: “قوة سليماني الفعلية كانت في الشبكة الأمنية التي كان يحيط نفسه بها طيلة عقود، ما مكنه من التحرك بشكل سري بين سوريا ولبنان والعراق، بعيداً عن أعين الأمريكان، خاصةً في ظل النشاط الاستخباراتي القوي لفيلق القدس في مطارات ومنافذ تلك الدول، حيث لم يكن يعلم بتواجده في مكان ما سوى أفراد قلة جداً داخل أو خارج إيران”.
كما يشير “مشائي” في حديثه مع مرصد مينا، إلى أن حالة الفوضى وهيمنة الميليشيات العراقية الموالية لإيران، على الحدود بين البلدين، ساعدت “سليماني” على التحرك بسرية وإدارة العمليات الإيرانية في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن تغييبه عن المشهد والتطورات في ملف رئاسة الحكومة العراقية، أثر بشكل كبير على تلك السرية ومنع خلفه “قاني” من ممارسة ذات الدور.
وسبق لمصدر عراقي خاص، أن أكد لمرصد مينا، بأن الحكومة العراقية الجديدة تدرس خيارات ضبط الحدود مع إيران، كواحدة من الخطوات، التي يسعى من خلالها رئيس الحكومة “مصطفى الكاظمي” للحد من النفوذ الإيراني وسطوته على القرار العراقي.
سقوط النظام الأمني
تعليقاً على تصريحات الطيار الإيراني، يرى مصدر عراقي خاص بمرصد مينا، أن تنكر “سليماني” وصعوبة رصد تحركاته، تشير إلى أن الجيش الأمريكي قد أحدث خرقاً فعلياً في المنظومة الأمنية التابعة لأقوى المسؤولين الأمنيين في النظام من خلال عملية الاغتيال، مضيفاً: “وجود هذا الخرق بحد ذاته أهم من مقتل سليماني، فهو كفيل إلى حد كبير بإسقاط تلك المنظومة، وجعل كافة الشخصيات الإيرانية أو المحسوبة على إيران ضمن مرمى أهداف المخابرات الأمريكية”.
وكانت محكمة ثورية إيرانية قد حكمت بالإعدام على المواطن الإيراني “محمود موسوي مجد”، بتهمة الوشاية “بسلماني”، إلا أن وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية، عادت ونشرت تقريراً؛ قالت فيه إن الحكم على “موسوي” كان نتيجة تعامله مع الولايات المتحدة وإسرائيل وتسريب معلومات عن أنشطة الحرس الثوري، ولا علاقة له بعملية اغتيال “سليماني”.
القرار الأمريكي بتصفية “سليماني”، مطلع العام الحالي، يربطه المصدر بتطورات المشهد على الساحة الإقليمية ودخول تطورات جديدة تقضي بإخراج “سليماني” من المعادلة الإقليمية، خاصة من ناحية ضرب وتأطير النفوذ الإيراني في العراق، مضيفاً: “باعتقادي وحسب المعلومات التي أمتلكها أن الولايات المتحدة كانت قادرة على اصطياد سليماني أثناء ظهوره في مدينة البوكمال السورية، عام 2017، إلا أنه الأوضاع السائدة في ذلك الوقت، لم تكن تدفع باتجاه تصفيته، وهو ما اختلف مع بداية الحراك العراقي واعتداءات الحشد على المصالح الأمريكية”.
إلى جانب ذلك، يؤكد المصدر أن عملية تصفية “سليماني” لم تكن بسبب المنظومة الأمنية التابعة له، خاصةً وأن الولايات المتحدة كانت ترصد تحركات تحديداً في سوريا، وذلك في إشارة إلى أن اغتياله كان مرتبط بالتوقيت وطبيعة المرحلة، أكثر من كونه مرتبط بإجراءاته الأمنية.