لم تعد الحروب والمناوشات الحديثة بين الدول تسببها الطاقة أو حب الدول للتوسع، على الأقل في المرحلة الراهنة وفي الأحداث الآنية الصعبة التي تمر بها الدول، كجائحة “كوفيد-19″، حيث باتت تعمل سلطات بعض الدول دور العصابات التي كانت تلاحقها من وقت قريب.
وفي أحدث مشاهد المناوشات الدولية التي سببها وباء كورونا، هي تلك التي أصبح بسببها حرس الحدود، وخفر السواحل يصادرون شحناً من المواد الأساسية الواقية من كورونا، كلكمامات الطبية المخصصة للطواقم الطبية، والمعقمات القاتلة للفيروس القاتل سريع الانتشار، كما حديث بين دول أوروبية، وأخرى عربية.
فقد أعلنت السلطات التونسية مساء الثلاثاء، أن الباخرة المحملة بمواد كحولية طبية، سُرقت في عرض البحر، في حادثة مشابهة لتلك التي حصلت في تشيكيا حينما سرقت فيها شحنة من الكمامات الطبية وأجهزة التنفس الصناعي كانت مرسلة من الصين إلى إيطاليا التي تعاني من تفش قاس لجائحة كورونا “كوفيد – 19″، تجاوز عدد ضحاياها ما سُجل في الصين.
كما أفادت وسائل إعلام إيطالية أمس الاثنين، بأن السلطات التشيكية اعترضت مؤخرا شحنة ضخمة تتكون من 680 ألف كمامة طبية، أرسلتها الصين إلى إيطاليا للمساعدة في مكافحة الوباء.
لكن السلطات التشيكية نفت الأمر تماماً، وسارعت إلى القول بأن شحنة المعدات الطبية تلك صودرت من مضاربين سعوا إلى بيعها بأسعار باهظة، ولاحقا أظهرت صور ومقاطع فيديو أدلة تدحض الرواية الرسمية التشيكية، حيث بدت شاحنات تابعة للشرطة محملة بصناديق تحمل صورا للأعلام الصينية والإيطالية وكتابة باللغتين الإيطالية والصينية.
كما ذُكر أن الحكومة التشيكية أعلنت أنها تولي اهتماما بما حصل، وستحاول الآن مع إيطاليا والصين حل المشكلة.
الجانب الآخر من هذه المشكلة ظهر في معظم دول العالم منذ الأيام الأولى لتفشي الوباء، وتمثل في تقارير أكدت أن المنظومات الصحية الوطنية غير قادرة على مواجهة جائحة كبيرة بهذا الحجم.
وأعلن في إيطاليا أن هذا البلد الأوروبي، يعاني من نقص وُصف بـ “الكارثي” في أجهزة التنفس الصناعي، الضرورية لحالات معالجة الإصابة بالفيروس التاجي الجديد الحرجة، هذا بالرغم من كون إيطاليا بلدًا صناعيًّا.
حيث يقول الخبراء؛ إن إعادة تأهيل المصانع لإنتاج معدات مختلفة تماما، سيستغرق وقتا طويلا وجهودا كبيرة جدا، فيما يزداد النقص في المعدات الطبية حدة كل يوم.
والحال مماثل في كثير من الدول الكبرى، وحتى في الولايات المتحدة، حيث أعلن وزير الصحة الأمريكي “أليكس هازارد”، أن بلاده في حاجة إلى 300 مليون كمامة طبية نوع “N95” لحماية المواطنين الأمريكيين من الفيروسات التاجية، فيما المتاح أقل من هذا العدد عشر مرات.
كما أعلنت السلطات المحلية في نيويورك مؤخرا أن المدينة ستشهد نقصا حادا في الكمامات الطبية وأجهزة التنفس الصناعي في غضون أسبوع، حيث حذر عمدة نيويورك “بيل دي بلاسيو”، من أن المدينة إذا لم تتلق مساعدة عاجلة تتمثل في المئات من أجهزة التنفس الصناعي وملايين الكمامات الطبية، فالوضع قد يصل إلى حد العجز عن إنقاذ المرضى.
وتحاول السلطات الأمريكية إيجاد حلول عاجلة لنقص المعدات الطبية الضرورية لمكافحة هذه الجائحة، وهي تسعى إلى إعادة تأهيل مصانع السيارات والشاحنات ليكون بمقدورها صنع أجهزة التنفس الصناعي والأجهزة الطبية الأخرى المتخصصة في تقطير المعقمات الكحولية وغيرها من الأجهزة الطبية الضرورية حالياً.
فإن كان هذا الحال في دول صناعية كبرى تمسك بزمام الأمور في مختلف الدول، فما هو الحال في دول فقيرة أصلاً، وتعاني من الحروب والصراعات المستمرة؟، حيث تصف منظمة الصحة العالمية الأمر بالكارثي وتحذر من انفجار للوباء لا تحمد عقباه.