بعد أن خرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي أمل الأمريكيون أن يشكلوا معها تحالفاً قوياً، لكنّ الرياح ليست دائماً تجري بما تشتيهه السفن الأمريكية، إذ أعطت بريطانيا امتيازات “محدودة” للشركة الصينية “هوواي” وهذا ما أزعج الولايات المتحدة الأمريكية، التي تختلف مع الصين، وتخشى من العملقة الصينية المرتقبة.
حيث اجتمع مجلس الأمن القومي الأميركي الأسبوع الماضي، لمراجعة التقارير الواردة من الوكالات الحكومية المختلفة، لتحديد ما هي الأصول الاستخباراتية والعسكرية التي يجب نقلها من بريطانيا إذا ما جرى مشاركة هواوي في بناء شبكات الجيل الخامس، وفقا لما صرح به مسؤولون أميركيون.
وتأتي هذه الخطوة بسبب إعلان رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” أن بلاده ستمنح شركة هواوي الصينية دورا محدودا في بناء شبكات الجيل الخامس للهاتف المحمول، قالت الولايات المتحدة حينها إن عواقب هذا الأمر ستكون وخيمة، ووجه الآن الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” إدارته لاستكشاف ما يمكن فعله.
وكان الخلاف الرئيسي بين الحليفين التاريخيين، بشأن ما إذا كانت بريطانيا قادرة على تقليص التهديدات الاستخباراتية من قبل الشركة الصينية والتي لديها القدرة على نقل البيانات من خلال تلك الشبكة إلى الصين، وفقا للادعاءات الأميركية.
وبينما يرى جونسون أن تقليص التهديدات الصينية من الممكن أن يحدث عبر منع وضع معدات هواوي بالقرب من المواقع العسكرية والاستخباراتية الحساسة، لا يقتنع المسؤولون في الولايات المتحدة بهذا الأمر، فقد وحذر وزير الدفاع الأميركي “مارك إسبر”، الأسبوع الماضي، الأوروبيين من أن السماح لهواوي، ببناء شبكة الجيل الخامس قد “يهدد” حلف شمال الأطلسي، “الناتو”.
وأضاف “إسبر”؛ هذا الأمر سيكون له تأثير كبير في قدرة الولايات المتحدة على مشاركة المعلومات الاستخباراتية، إذ تنظر أمريكا إلى الأمر على أنه “أمن قومي”.
وقال الخبير الأمريكي “إيلي ليك” في مقالة نشرتها وكالة بلومبيرغ؛ إن أحد كبار المسؤولين الأميركان أخبروه أن الهدف من المراجعة التي يجريها مجلس الأمن القومي هو وضع قائمة بالمعدات الأميركية في المملكة المتحدة، وتقييم مخاطر الإبقاء عليها هناك، وقال ليك: “بغض النظر عن النوايا الأميركية، لكن بريطانيا لديها الكثير لتخسره إذا لم تثق الولايات المتحدة بأن برامجها العسكرية والاستخباراتية يمكن حمايتها من عيون الصين الرقمية”.
وتابع “ليك” في مقالته: “على سبيل المثال، لدى بريطانيا أكبر قاعدة خارج الأراضي الأميركية لوكالة ناسا الفضائية، والتي يتم استخدامها لتصفية البيانات الإلكترونية المستخدمة من قبل الجيش الأميركي ووكالة الاستخبارات لتحديد أماكن الإرهاب الأجنبي، ويمكن لهذه القاعدة استخدام الأقمار الصناعية الأميركية التي تحلق فوق دول أجنبية لمراقبة الزحام بها”.
وأوضح الخبير؛ إن العلاقات الأميركية البريطانية أصبحت الآن في يد مجلس العموم البريطاني والذي لديه الفرصة ليرفض قرار جونسون فيما يتعلق بهواوي، وهي التي تنظر لها أمريكا على أنها أمن قومي.