الملخص التنفيذي:
تحدثت دراسات استراتيجية وتقارير لمراكز أمنية؛ تهتم بالأمن الإقليمي عن مؤشرات تنذر باستفحال ظاهرة التطرف والإرهاب في السودان؛ وتحذر من أن يكون السودان في الفترة المقبلة ملاذاً للجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، بعد أن رصدت تلك الدراسات والتقارير عدة مظاهر تشير إلى ذلك.
وقالت المراكز البحثية المهتمة بشؤون شرقنا البائس إن احتمال تحول السودان إلى بؤرة جاذبة وحاضنة للجماعات المتطرفة بات أكثر احتمالاً مع استمرار الحرب الأهلية فيه؛ وانفلات الأمن؛ وازدياد معدلات الفقر والبطالة.
هذه الورقة تقدم دراسة لواقع السودان؛ وهل يمكن أن يتحول إلى أفغانستان جديد؟ خصوصاً أنه يتمتع بموقع جغرافي مثالي قريب من دول مهمة لها دور في محاربة التطرف وتنظيماته؟ مما يجعلها هدف قريب المنال لتلك الجماعات! كما يجعل هذه التنظيمات المتطرفة والجماعات الإرهابية تستغل حاجة السودانيين لتحتضنهم فيها.
وتوضح الورقة دور الحركات الإسلاموية في ذلك؛ خصوصاً بعد دخول إيران على مسرح الحرب الأهلية؛ ودعمها بالطائرات المسيرة لفريق ضد آخر.
احتمال أنْ تكون السودان أفغانستان الجديد؛ وولادة تنظيمات متطرفة فيه، هو ما نناقشه من خلال المحاور التالية:
المحاور:
- المدخل
- هل تغدو السودان قريباً قاعدة للتطرف والعنف؟
- هل ستصبح السودان أفغانستان الجديدة؟
- الموقع الجغرافي للسودان يجعله بيئة ملائمة لانطلاقة العمليات الإرهابية!
- هل يولد تنظيم القاعدة من جديد بالسودان؟
- خطر تهديد المصالح الأمريكية والعربية من سودان التطرف!
- مظاهر داعشية في غرب السودان!
- هل للحركة الإسلامية دور بالتطرف في السودان؟
- إيران تدخل اللعبة في السودان!؟
المدخل:
المتابع للتقارير الصادرة من مراكز الدراسات الأمنية في أمريكا وأوروبا؛ إضافة للتقارير الاستراتيجية الاستخباراتية المنشورة؛ يلاحظ تركيزاً شديداً على الوضع بالسودان؛ في ظل انشغال العالم كثيراً بالوضع العسكري في غزة ولبنان.
فمعظم الدراسات الاستراتيجية المهتمة بالأمن والإرهاب تحذر من تحول السودان نتيجة الصراع الدائر فيه إلى بؤرة جاذبة وحاضنة للجماعات الإرهابية، بعد أنْ بات نتيجة الانفلات الأمني فيه بيئة ملائمة كثيراً لولادة جماعات متطرفة ونشوء تنظيمات تتخذ من الإرهاب وسيلة لتصفية حساباتها المختلفة! إنْ مع بعض الأنظمة العربية من جهة، وإنْ مع الولايات المتحدة الأمريكية الداعمة لتلك الدول من جهة أخرى! ([1]) والسؤال الذي نطرحه هنا:
هل تغدو السودان قريباً قاعدة للتطرف والعنف؟
إنّ احتمال أن تغدو السودان قاعدة تنطلق منها عمليات التطرف والإرهاب لداخل السودان والدول المجاورة؛ احتمال قائم؛ بسبب تشابه الظروف الحالية للسودان مع ظروف أفغانستان التي احتوت سابقاً تنظيم القاعدة؛ وكانت مقر تنظيمه العالمي! وإذا كان الشعب السوداني يوصف بالحكمة والصبر سابقاً؛ فإنّ هذه الصفة تتلاشى بعد أنْ عانى المجتمع السودان لسنوات خلت من ويلات حرب أهلية؛ دفع ثمنها جوعاً وفقراً وتشريداً. ([2])
فاليوم بعد حرب أهلية ضروس؛ ولَّدَت فقراً ومجاعةً؛ تستطيع الجماعات المتطرفة استغلال الشباب السوداني لتجنيده في تنظيماتها الإرهابية! إضافة إلى إمكانية هجرة رموز وشخصيات إرهابية شاركت بحروب إنْ في سوريا أو العراق أو غيرهما والوصول إلى السودان بسهولة.
فالسودان اليوم بظل هذه الحرب على وشك ن يكون مركزاً ملائماً للتطرف والإرهاب؛ ليؤسس من جديد تنظيماته؛ كي تبدأ باستقطاب أنصارها من السودان وخارجه، ليكون السودان منطلقاً لأعمال تطرف وإرهاب؛ فالشباب السوداني اليوم متضرر نفسياً ومادياً من الحرب؛ وإمكانية ولادة تلك التنظيمات في بلد لا تستطيع الأطراف المتحاربة أن تلفت إليه بشكل جدي؛ بل ربما أحياناً تشجع ولادتها لتكون رافداً لها في عمليات محددة، مما سيجعل السودان الجميل بلداً قابل للتدمير والفوضى أكثر فأكثر. ([3])
إنّ التنظيمات المتطرفة ستجد في الشباب السوداني المواصفات الملائمة لتجنيدهم لصالحها؛ إذ إنّ غالبية هؤلاء الشباب ذووا ميول دينية من جهة، ويعانون من الحاجة لأبسط شروط الحياة الكريمة، وبالتالي فإنّ العروض المغرية مادياً ومعنوياً التي تقدمها تلك التنظيمات المتطرفة؛ ستجد لها آذان صاغية، وهذا خطر استراتيجي على السودان والأمن الإقليمي؛ لاسيما أمن الخليج العربي ومصر وتونس وليبيا.
هل ستصبح السودان أفغانستان الجديدة؟
ما تقدم آنفاً ليس قراءة تحليلية لواقع السودان الذي يعاني من حرب أهلية وحسب؛ إنما يعتمد هذا التحليل على التقارير التي قدمها مكتب الاستخبارات الوطنية؛ وهو مكتب متخصص بتنسيق عمل وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) إضافة لتقارير قدمتها مراكز الدراسات المختصة بالأمن إلى الوكالات الأمنية الأخرى المختصة بهذا الشأن، ولقد ملئ التخوف من نشوء تنظيمات متطرفة على غرار (داعش) وتنظيم القاعدة؛ ملئ صفحات تلك التقارير، وتحدثت عن احتمال كبير لولادة بؤر إرهابية تتخذ من ثقافة التطرف سلوكاً إيديولوجياً لها؛ لتكون تلك التنظيمات فاعلةً على الجغرافية السودانية وخارجها فيما بعد العام 2025! ([4])
حددت تلك التقارير الأمنية في توصيفها للسودان بأنه على وشك أن يكون البيئة المناسبة جداً للتطرف والإرهاب. والأخطر من هذا أن يتحول إلى أفغانستان جديدة؛ ليحتضن تنظيم قاعدة آخر من نوع جديد؛ بولادة ثانية؛ تجعل منه ذا خبرات للاستفادة من أخطائه السابقة أثناء حربه مع العالم!
ولقد ذهبت تلك الدراسات المختصة بموضوع الأمن والإرهاب إلى القول بأن استمرار الحرب في السودان يرفع من نسبة ولادة هذه التنظيمات؛ وانتساب الشباب من السودان وغيره إليها، مما يجعل منها أفغانستان الجديدة المحتضنة لتنظيم القاعدة بثوب جديد؛ وربما يكون أكثر عنفاً من تنظيم قاعدة ابن لادن والظواهري!
ولقد بينت تلك الدراسات والتقارير الأمنية بأن الموقع الجغرافي للسودان؛ يجعل منه مكاناً لإدارة عمليات العنف والإرهاب أفضل من أفغانستان نفسها! حيث سيكون لموقعه الجغرافي مكاناً مثالياً لتنفيذ عمليات الإرهابية لقرب المصالح الأمريكية منه جغرافياً. ([5])
الموقع الجغرافي للسودان يجعله بيئة ملائمة لانطلاقة العمليات الإرهابية!
الموقع الجغرافي للسودان يؤهله ليكون حاضناً للتطرف والإرهاب! إذ بحكم هذا الموقع الواقع بين القرن الأفريقي وساحل البحر الأحمر المطل على دول الخليج العربي؛ وقربه من دول عربية في شمال أفريقيا منهكة جداً مما حصل لها بالربيع العربي كمصر وليبيا وتونس؛ وحتى الجزائر ذات البيئة الملتهبة سلفياً!
إضافة إلى كون تلك الدول ما تزال فيها بؤر إرهابية بشكل أو آخر. إذن؛ الموقع الجغرافي للسودان؛ وقربه من تلك الدول العربية ذات التاريخ في تواجد جماعات متطرفة؛ وحروب تلك الجماعات مع السلطات الحاكمة ــ الجزائر بالعشرية السوداء ومصر في الثمانيات مع الجماعة الإسلامية مثالاً ــ يجعل من إمكانية تحول السودان إلى أفغانستان جديدة قائمة، بل أكثر خطورة من أفغانستان طالبان؛ وبالوقت نفسه مرعبة ومهددة بالفعل للأمن الإقليمي والدولي.
هل يولد تنظيم القاعدة من جديد بالسودان؟
جواباً على هذا التساؤل لننظر إلى واقع السودان أولاً؛ فالطرفان المتحاربان؛ ما يزالان لا يفكرا إلا بانتصار كل منهما على الآخر لحكم السودان. وهذا يعني أن أمن البلد واستقراره الاستراتيجي غير موجود في حسابات الطرفين المتحاربين.
كما أنّ تردي الحالة النفسية بسبب الحرب والأوضاع المعيشية للشعب السوداني؛ سيكون عامل جذب لتجنيد الشباب المتدين الذي تقتله الحرب والفقر والجوع؛ وحيثما وُجِدَ الفقر والحاجة دون معالجة لها؛ سيساعد على توالد التطرف والإرهاب.
إضافة لما سبق فإن هزيمة التطرف والإرهاب بسوريا والعراق بعد القضاء على داعش كان للولايات المتحدة الأمريكية دور كبير فيها؛ ناهيك عن الحرب الدائرة الآن في غزة وجنوب لبنان؛ والتشديد الأمني على الإسلامويين في مصر وتونس؛ يجعل من السودان ملاذاً مناسباً للمتطرفين من خارج السودان؛ كي يعيدوا بناء تنظيماتهم؛ وإحياء أيديولوجيتهم عملياً، لتضرب من جديد في مصر وتونس؛ وأماكن أخرى بالعالم! ناهيك عن سيطرة السلفية بمدارسها المختلفة في ليبيا، كل ذلك مؤهل ومناسب لولادة تنظيم جديد للقاعدة؛ قد يكون أكثر توحشاً من “داعش”.
خطر تهديد المصالح الأمريكية والعربية من سودان التطرف!
نحن لا ننكر أنّ تلك الدراسات التي حذرت من تحول السودان ملاذاً شبه آمن للمتطرفين، ركزت في تحذيرها على المصالح الأمريكية، وما ستشكله تلك التنظيمات المتطرفة من خطر على تلك المصالح بالدرجة الأولى والثانية والثالثة.
ولكن هذا لا يعني أن المصالح العربية بمنأى من ذلك التهديد؛ فالمصالح الأمريكية المهددة في تلك التقارير والدراسات موجودة في الدول العربية؛ وهذا يعني أنّ أمن ومصالح الدول العربية؛ واستقرار المنطقة مهدد أيضاً بشكل كبير! خصوصاً أن المنطقة العربية تقع ضمن جغرافية حساسة جداً للمصالح الإقليمية والدولية، وبالتالي لن تكون المجتمعات والدول العربية بمأمن من العمليات الإرهابية لنلك التنظيمات! ([6])
فالمملكة العربية السعودية والخليج عموماً قريب من السودان؛ والتحول الإصلاحي الحاصل في السعودية مزعج جداً للمدرسة السلفية عموماً؛ والسلفية الجهادية خصوصاً، إضافة إلى الحملة الإعلامية على حكومة الإمارات؛ يجعل منهما هدفاً يلقى قبول عند أصحاب الإيديولوجية الإسلاموية المتطرفة.
فإنْ استطاعت تلك الجماعات المتطرفة الوقوف على قدميها؛ وإعادة إنشاء تنظيماتها؛ وهذا ممكن بالواقع السوداني؛ فإنّ المصالح الأمريكية والعربية مهددة يقيناً من خلال الإرهاب قادم من السودان! وعلينا أن نتذكر بأن تنظيم القاعدة بعد أن تم القضاء عليه في أفغانستان؛ استطاع بسهولة أن يعيد ولادته في سوريا والعراق؛ ليظهر بسلوك أكثر وحشية حتى على أبناء المنطقة التي ظهر فيها؛ وما تنظيم “داعش” و”جبهة النصرة” عنا ببعيدين. ([7])
ولا ننسى اليوم الحرب في غزة بفلسطين وعلى حزب الله بلبنان؛ وما لها من دور مساعد على ولادة ونشوء مثل هذه التنظيمات المتطرفة؛ وكما نعلم بأن السودان يحتوي على بيئة شيعية متعاطفة مع إيران الولي الفقيه؛ وبالتالي فهي متعاطفة مع حزب الله، وهذا يعني توفر الذريعة لولادة هكذا تنظيمات؛ بل ستكون أكثر سهولة، وأكثر وحشية!
فالذريعة بولادة هكذا تنظيمات متطرفة؛ ترفع لواء مظلومية غزة وحزب الله؛ وهذا سيكون عاملاً مساعداً لتجنيد المتعاطفين معها! لتبدأ عمليات إرهابية تزيد من آلام ومعاناة هذا الشرق البائس الذي يبدو قد كُتِب عليه عدم الاستقرار والحروب والفوضى حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً!
مظاهر داعشية في غرب السودان!
الخطير في تلك الدراسات والتقارير التي تحدثت عن أمكانية ولادة تنظيمات متطرفة وإرهابية؛ وأشرنا إليها آنفاً؛ أنها تحدثت عن نشاط ملحوظ لفروع “داعش” و”القاعدة” في افريقيا عموماً؛ والسودان خصوصاً، كما تحدثت عن تواجد بؤر داعشية وسلفية جهادية في غرب السودان!
هذا الوجود الداعشي في غرب السودان بات ملاحظاً بشكل واضح! وأنّ انتقال تنظيمي القاعدة وداعش إلى السودان يساعدهما بالوقت اللازم للتعافي بعد انتكاستهما الكبيرة في أفغانستان وسوريا والعراق؛ كما توفر لهما المنطقة الغربية البيئة المناسبة للتفكير بعمليات إرهابية داخل وخارج السودان؛ خصوصاً وأنّ الطرفين المتحاربين بالسودان؛ يضعان أولياتهما بالانتصار على بعضهما؛ لا على النمو الداعشي والقاعدي في غرب السودان.
فمنذ أشهر قليلة من هذا العام؛ تناقل السودانيون على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة؛ تظهر مجموعات ترتدي ثياب الجيش السوداني ــ وقد نفى الجيش علاقته بها ــ تحمل رؤوساً بشرية مقطوعة؛ تم ذبحها لأجساد سودانية! ولقد زعم المتحدث في تلك المقاطع المصورة أن تلك الرؤوس البشرية لأفراد من جنود (الدعم السريع)! المشكلة أن هذه الطريقة الترويجية للعنف والتطرف هي طريقة داعشية بامتياز؛ شاهدها العالم كله من قبل في سوريا والعراق! وهذه الحادثة تجعل التخوف من ولادة الفكر الداعشي وسلوكه مشروعاً؛ إضافة إلى وجود بيئة اجتماعية قابلة لذلك.
كما تؤكد تلك المقاطع المصورة أنّ انزلاق السودان نتيجة الحرب الأهلية إلى اتجاهات عنفية لا يحمد عقباها! وأنّ إمكانية ولادة فكر داعشي وقاعدي موجودة على الجغرافية السودانية!
ثم عادت تلك الحادثة المرعبة لتتكرر مرة أخرى؛ وتتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي عندما استعاد الجيش السوداني مقرَّ الهيئة العامة القومية للإذاعة والتلفزيون السوداني بعد أن كانت تسيطر عليه (قوات الدعم السريع) إذ انتشرت مقاطع مصورة (فيديو) لأشلاء بشرية مقطعة؛ لوح بها أفراد يرتدون الزي الرسمي للجيش السوداني؛ كما سُمع في تلك (الفيديوهات) أصوات تتوعد المخالفين لهم بمصير مماثل لتلك الجثث! بل أبدى بعض هؤلاء برغبته بأكل تلك الأشلاء! ([8])
هل للحركة الإسلامية دور بالتطرف في السودان؟
الخطير بالأمر أن هذه المشاهد الإرهابية المتطرفة التي ظهرت بعد استعادة مقر الإذاعة والتلفزيون ـــ رغم أن الجيش السوداني نفى علاقته بتلك المشاهد ــ كما نفى وجود علاقة له مع الحركة الإسلامية بالسودان؛ الخطير فيه أن هناك علاقات قديمة بين الجيش والحركة الإسلامية!
فقد كانت الحركة الإسلامية متحالفة مع تنظيم القاعدة عندما كان “أسامة بن لادن” مقيماً بالسودان! كما أنّ الحركة أعلنت كثيراً عن مشاركتها بالعمليات القتالية دعماً للجيش السوداني!
وهذا الأمر يجعل المخاوف من تسلل مجموعات متطرفة مشروعاً؛ وربما يسهل جذب جماعات متطرفة غير سودانية للالتحاق بها من خارج السودان! والمعروف أنّ “أسامة بن لادن” قد عاش نحو ست سنوات بالسودان منتصف تسعينات القرن المنصرم؛ وهناك نما وتطور تنظيم القاعدة بشكل كبير؛ حتى بات تنظيماً عالمياً؛ والمخيف بالأمر أنّ أوضاع السودان اليوم أكثر سوءاً من فترة وجود “ابن لادن” آنذاك.
ففي التسعينات من القرن المنصرم كذلك كانت الحرب الأهلية مشتعلة بين الشمال والجنوب على أشدها! كما أنّ الجيش السوداني كان متحالفاً مع الحركة الإسلامية أيضاً! مما جعل تنظيم القاعدة و”أسامة بن لادن” وتنظيم القاعدة آنذاك يستغلان الظروف السودانية؛ ليقوم “بن لادن” بمشروعه الإرهابي الذي نتج عنه أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 الشهيرة بأمريكا.
وواقع السودان اليوم نتيجة الحرب الأهلية مشابهٌ جداً لتلك الظروف، فهل سيصبح السودان أفغانستان التطرف الإسلاموي الجديد؟ وهل ستنتج الحرب والفوضى والفقر والجوع بالسودان تنظيماً جديداً على شاكلة تنظيم القاعدة؛ وربما على شاكلة داعش؟
إيران تدخل اللعبة في السودان!؟
تحدثت دراسات وتقارير سابقة عن علاقة ربطت بين تنظيم القاعدة ونظام الملالي في إيران! ورغم أنّ الطرفين مختلفين جداً عقائدياً ومذهبياً بالإيديولوجية الإسلاموية؛ لكنّ المصالح الاستراتيجية المشتركة للطرفين؛ والهدف الاستراتيجي للطرفين كان واحداً! حيث كل منهما كان يعيش حالة عداء علني مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ مما جعل الهدف الاستراتيجي للطرفين يسمو على الخلاف العقدي والمذهبي بينهما! وهذا ما حصل عندما دعمت إيران تنظيمَ القاعدة بالخفاء أثناء صراعه مع أمريكا، وأمّنت لقادتها ملاذاً آمناً لفترة؛ ودعماً بالسلاح. ([9])
هذا السناريو أصبح وقوعه وشيكاً بالسودان! إذ تتحدث تقارير لمراكز تهتم بالأمن الإفريقي والإقليمي بأنّ إيران زودت الجيش السوداني بالعام 2024 بطائرات إيرانية من دون طيار! وساعد هذا الدعم العسكري الإيراني بتحقيق انتصارات ملحوظة للجيش السوداني وتقدمه؛ لاسيما في مدينة “أم درمان” وفي استعادة مبنى الإذاعة والتلفزيون الذي تحدثنا عنه آنفاً. بعد أن كانت تسيطر عليه القوات المناوئة لأكثر من عام. ([10])
هذا الدعم الإيراني؛ يدفع الدول المجاورة والقريبة من السودان للتحرك سريعاً وخصوصاً مصر؛ إذ إنّ قضاء الحكومة المصرية على الإخوان المسلمين بمصر؛ والعلاقة التاريخية بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الإيراني لا يستطيع أحد أن ينكرها، فهل ستتمدد إيران بالسودان لتؤسس مخلباً جديداً لها على غرار مخالبها العسكرية بلبنان مثل حزب الله؛ والعراق كالحشد الشعبي، واليمن كالحوثيين؟ لتُطْبِق أكثر فأكثر على المنطقة العربية بواسطة تلك المخالب؟ هذا تساؤل يستحق الوقوف عنه.
وختاماً فإنّ كل المؤشرات المُلاحظة على المسرح السوداني؛ تحذر من تحول السودان نتيجة الحرب الأهلية إلى أفغانستان جديدة؛ ربما يولد فيها تنظيم جديد للقاعدة! وربما تولد فيها داعش أخرى تكون أكثر توحشاً، وهذا ما لا نتمناه للسودان والسودانيين.
هوامش
[1] ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات. انعكاسات الفوضى في السودان على الأمن الإقليمي والدولي: https://www.europarabct.com/?p=88054
[2] ـ د. وفاء داوود علي. هل ستلقى الجمهورية السودانية الخامسة مصير بورما؟ أم تلحق ببنين والفليبين؟ https://sjcf.journals.ekb.eg/article_295597_8c6a281e45d12e20249f5fcca3c6ae7f.pdf
[3] ـ هشام النجار. السودان مهدد بالتحول إلى مركز للإرهاب! https://www.alarab.co.uk/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8?amp&fbclid=IwY2xjawGsGwFleHRuA2FlbQIxMAABHX-T8fH0P-14U_Kp6pBwOUgjOHCSCTMVBGlNmDe_YCV3cUN2ONlq7Yp3hA_aem_JUW9Fqcl1jNHYvYM2-86-A
[4] ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات. انعكاسات الفوضى في السودان على الأمن الإقليمي والدولي: https://www.europarabct.com/?p=88054
[5] ـ أحمد يونس. المخابرات الأميركية تحذر من تحوّل السودان ملاذاً للجماعات الإرهابية: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5083985-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D9%84%D9%80%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9-%D8%A8%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9
[6] ـ Sudan crisis: Burhan and Hemedti – the two generals at the heart of the conflict – BBC News
[7] ـ العيش في ظل الحرب: تاريخ شفوي للمدنيين في السودان. https://onlinelibrary.wiley.com/doi/pdf/10.1002/crq.21382
[8] ـ قطع للرؤوس وذبح في الشوارع.. هل دخل داعش في حرب السودان؟ https://www.youtube.com/watch?v=aeBswvb1CP4
[9] ـ “إيران إنترناشيونال” الخارجية الأميركية: إيران “ملاذ آمن” لكبار قادة تنظيم القاعدة! https://www.iranintl.com/ar/202402275706
[10] ـ محمود عاشور مؤمن. إيران وتركيا ومسارات جديدة للصراع الإقليمي حول السودان: https://hadaracenter.com/%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5/