إعلان من الحكومة الأثيوبية عن رصدها تحركات للجيش السوداني داخل حدودها، يفتح الباب أمام فصلٍ جديد من المواجهات بين الجارين، ما يطرح بحسب المحلل الاستراتيجي، “سوار الذهب النوبي”، فرضيات حول إمكانية دخولهما في اشتباكات تفضي إلى حرب جديدة في القارة السمراء.
يشار إلى أن الحكومة السودانية، قد نفت وجود أي قوات تابعة للجيش السوداني داخل الأراضي الأثيوبية، مشددةً على أن التحركات العسكرية السودانية كانت داخل الأراضي السودانية.
ويلفت “النوبي” إلى أن فشل المفاوضات الأخيرة حول سد النهضة، أيقظت خلافات قديمة بين الطرفين، لا سيما في ظل النزاع الحدودي بينهما، مشيراً إلى أن قضية ترسيم الحدود لن تكون أقل أهمية من قضية السد بالنسبة للجانب السوداني، خاصةً مع تصاعد التوتر داخل الأراضي الأثيوبية.
يذكر أن مصادر سودانية قد أعلنت الثلاثاء عن مقتل 6 مدنيين بينهم نساء، في هجوم شنته القوات الإثيوبية على منطقة “اللية”، قرب أراضي الفشقة، داخل الحدود السودانية، حيث بينت مصادر سودانية أن الهجوم وقع أثناء عمليات حصاد الذرة بالشريط الحدودي، ما أدى إلى تدخل الجيش السوداني وتمشيط المنطقة وملاحقة القوات الإثيوبية.
حرب ليست رابحة
يعتبر “النوبي” أن خيار الحرب لن يكون رابحاً لأي من الدولتين، خاصة وأنهما تعيشان أوضاعاً غير مستقرة سياسيا ولا اقتصادياً، لافتاً إلى أن الدخول في الحرب سيحمل كوارث على كلا الطرفين، في ظل ارتفاع معدلات الأزمة الانسانية داخلهما.
في السياق ذاته، يعتبر “النوبي” أن الجانب الأثيوبي يستخدم فكرة الأزمة الحدودية للضغط على السودان في ملف سد النهضة، من خلال دعمه لميليشيات أثيوبية كانت تحتل أراضٍ سوادنية، موضحاً أن نفي أثيوبيا لوجودها العسكري في تلك المناطق، يشير إلى عدم وجود رغبة لديها في الانزلاق إلى حرب مع السودان، وإنما مجرد تحريك أوراق لا أكثر.
يشار إلى أن الجانب الأثيوبي قد أعلن رسمياً الأسبوع الماضي، أن الميليشيات الأثيوبية، التي كانت تسيطر على مناطق داخل الحدود السودانية، لا ترتبط بالوحدات العسكرية الأثيوبية، وذلك تزامناً مع شن الجيش السوداني عملية عسكرية واسعة لطرد تلك الميليشيات.
كما يلفت “النوبي” إلى أن تحركات الحكومة السودانية ما بعد الثورة، تؤكد رغبتها بعد الدخول مع صراعات جديدة تعرضها لعقوبات وسياسة عزل دولية جديدة، لا سيما وأنها خاضت مفاوضات طويلة مع الولايات المتحدة للخروج من العزل الدولي وقائمة الدول الراعية للإرهاب وعودة الاستثمارات الخارجية إلى الخرطوم.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، “مايك بومبيو” قد أعلن في تغريدةٍ على حسابه في تويتر، الأسبوع الماضي، توقيعه لقرار شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو ما يأتي بعد مفاوضات استمرت لأشهر بين الحكومة الانتقالية السودانية والإدارة الأمريكية.
دفاع عن الحدود وردٍ للاعتداءات
التحركات العسكرية السودانية بالقرب من الحدود الأثيوبية، يرجعها وزير الإعلام السوداني، “فيصل محمد صالح”، إلى حماية الحدود ووضع علامات واضحة بين البلدين، مشدداً على أن السودان لا يزال متمسكاً في الحلول السلمية، في إشارةٍ إلى عدم وجود نية لشن حرب ضد الجانب الأثيوبي.
تعليقاً على تصريحات “صالح”، يشير المحلل السياسي، “أحمد عثمان” إلى أن السودان لا يتطلع إلى خوض حرب لتصفية المشكلات العالقة مع أثيوبيا، سواء أزمة سد النهضة أو الحدود، لافتاً إلى أن أثيوبيا تستغل تلك النقطة للضغط أكثر على الحكومة السودانية، في ملف سد النهضة.
يذكر أن مصادر أمنية سودانية قد كشفت الثلاثاء، عن نصب قوة مسلحة إثيوبية كمينا لاستهداف الجيش السوداني في الفشقة، من خلال نشر قناصة ببنادق آلية أعلى أشجار كثيفة، إلا أن الكمين أسفر عن مقتل مدنيين.
كما يعتبر “عثمان” أن أثيوبيا تسعى أيضاً إلى تصدير أزمتها الداخلية بصراع خارجي، خاصة بعد أزمة إقليم تيغراي، وما وجه للقوات الأثيوبية من اتهامات بارتكاب جرائم حرب خلال أزمة الإقليم، خريف العام الماضي،
وكان الجيش الأثيوبي قد شن عملية عسكرية واسعة ضد ميليشيات متمردة في إقليم تليغراي، في تشرين الثاني الماضي، حيث كشف حينها مصادر إعلامية وحقوقية عن وجود عشرات المقابر الجماعية، التي تضم جثث مئات المدنيين.