طرح الإعلان الروسي عن استقبال رئيس الوزراء اللبناني المكلف “سعد الحريري”، الكثير من التساؤلات عن الدور الذي قد تلعبه موسكو في إخراج لبنان من أزمة تشكيل الحكومة بعد فشل المساعي الأوروبية وتدخل القوى الخارجية والدولية لحل أزمة “تشكيل حكومة” بتوافق يرضي الأطراف جميعها.
الإعلان الروسي عن الزيارات المرتقبة لشخصيات لبنانية يتزامن مع تصعيد روسي أوروبي في الملف الأوكراني كما يتزامن مع تحرك دبلوماسي روسي في المنطقة تمثل بزيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى مصر وطهران. ولعل الأهم أنها تأتي في وقت تستعد فيه دول أوروبية لفرض عقوبات على شخصيات وجهات لبنانية تعمل على تعطيل الوصول إلى حلول لإنهاء الأزمات المختلفة في لبنان.
“جورج شعبان” الممثل الخاص لرئيس الوزراء المكلف، “سعد الحريري” في روسيا، أكد اليوم الأربعاء. أن “الحريري سيناقش خلال زيارته موسكو، مسألة المساعدة الروسية في مسائل تشكيل الحكومة والخروج من الأزمة الاقتصادية، وتأمين اللقاحات المضادة لكورونا”.
كما أعلنت روسيا أن “الحريري” سيعقد جلسة مباحثات في موسكو في الخامس عشر من أبريل، اذ يلتقي رئيس الوزراء “ميخائيل ميشوستين” “الحريري” وتتناول المحادثات مسائل التعاون الروسي اللبناني في مجالات التجارة والاقتصاد والصناعة والطاقة والثقافة.
وعن مسألة تشكيل الحكومة في لبنان قال الممثل الخاص “شعبان”: “طبعا، سوف يطلب من روسيا بما أنها تملك علاقات جيدة مع كافة القوى اللبنانية والإقليمية، واستخدام وزنها السياسي للمساعدة في الخروج من المأزق السياسي في لبنان”.
يذكر أن لبنان يمر بأزمة اقتصادية وسياسية عميقة منذ خريف العام 2019، وشهدت استقالت حكومة “سعد الحريري” وسط احتجاجات، وحكومة “حسن دياب” بعد الانفجار في ميناء بيروت.
“شعبان” لفت إلى أن ” لبنان يعاني في مجال الطاقة وتوليد الكهرباء، ويحتاج لبناء محطات توليد كهرباء تأمن تغذية البلاد بالكهرباء 24 ساعة يوميا لذلك سنتوجه إلى روسيا لمعرفة أين يمكنها أن تساعد لبنان في هذا القطاع وغيره.”
إلى جانب ذلك، أكد مصادر مقربة من الحريري أكدت أن الأخير يراهن على استثمار الدور الروسي في المنطقة وعلاقة موسكو مع مختلف القوى السياسية لكسر الجمود والتعطيل الذي يفرضه حزب الله وحليفه الرئيس “ميشال عون” في ملف تشكيل الحكومة الجديدة”. موضحة أن “رئيس الوزراء المكلف سيشرح العراقيل التي تقف حاجزا أمام تشكيل حكومة جديدة”.
بدورها، أشارت وزارة الخارجية الروسية إلى أنها “ستعمل خلال الأيام المقبلة مع ممثلين عن القوى السياسية الرئيسية في لبنان، بينهم الحريري وشخصيات أخرى، لحثهم على تشكيل حكومة تعكس توازن المصالح لجميع أطياف المجتمع اللبناني”.
وأكد “سيرغي لافروف” وزير الخارجية الروسي أن “بلاده تعتقد أن الأزمة الحالية في لبنان لا يمكن حلها إلا من قبل أبناء البلد أنفسهم بمشاركة جميع الفئات السياسية والعرقية والطائفية” موضحاً أن “الحل داخليا بدون أي وصفات مفروضة من الخارج، حتى في ظل الوعد بنوع من المساعدة المالية”.
ورقة “حزب الله”..
الثنائي الشيعي “حزب الله” و “حركة أمل” كانا قد أكدا يوم الاثنين الفائت، على ضرورة تشكيل حكومة لبنانية جديدة بأسرع وقت ممكن. وكشفت مصادر أن موسكو التي استضافت في منتصف مارس/أذار الماضي وفدا من “حزب الله” تضغط باتجاه التسريع في تشكيل الحكومة.
ويرى المراقبون أن “روسيا عملت خلال الأشهر الماضي على عقد لقاءات مع الحريري وقيادات من حزب الله، الحليف الأبرز للتيار الوطني الحر في معركته مع رئيس الوزراء المكلف”.
يذكر أن روسيا استقبلت السنوات الماضية عشرات الوفود السياسية اللبنانية ضمت أحزابا وشخصيات تاريخية مؤثرة كان آخرها زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية، “ميشال عون”، ولقائه الرئيس “بوتين” بالإضافة إلى زيارات رئيس الحكومة السابق والمكلف سعد الحريري المتكررة.
ويراهن المراقبون على قدرة موسكو على تحريك الجمود لتشكيل حكومة جديدة، واستباق العقوبات الاوروبية والضغوط الأميركية التي بدأت تتحرك باتجاه إطلاق حوار متكامل بين الفرقاء.
تحرك أمريكي
وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية ديفيد هيل بدأ أمس الثلاثاء، زيارة إلى بيروت، في إطار الدفع بتشكيل حكومة تحقق آمال وتطلعات الشعب اللبناني.
وأكدت الخارجية الأمريكية، في بيان لها: أن هيل سيعقد اجتماعات مع مجموعة من القادة اللبنانيين. مشيرة إلى أنه سيؤكد مخاوف الولايات المتحدة من تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في جميع أنحاء البلاد والمأزق السياسي الذي يساهم في تدهور الوضع”.
وشددت الخارجية الأمريكية على أنه “سيضغط على المسؤولين اللبنانيين وقادة الأحزاب للالتقاء وتشكيل حكومة قادرة وملتزمة بتنفيذ إصلاحات اقتصادية وإدارية حتى يتمكن الشعب اللبناني من تحقيق كامل إمكاناته”.
يشار الى أن لبنان يشهد منذ صيف 2019 انهيارا اقتصاديا فقدت خلاله الليرة اللبنانية أكثر من 85 بالمئة من قيمتها، وتخلفت الدولة في مارس 2020 عن دفع ديونها الخارجية التي تقدر بالمليارات، ثم بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة نهوض تم تعليقها لاحقا بسبب خلافات بين المفاوضين اللبنانيين حول حجم الخسائر وكيفية وضع الإصلاحات قيد التنفيذ.