طوقت دورية تابعة للجيش اللبناني يوم الجمعة الفائت، مبنى تلفزيون “الجديد” لتوقيف الصحافي “رضوان مرتضى” المحسوب على حزب الله، بعدما وصف في تحقيقاته حول جريمة انفجار “مرفأ بيروت”، قيادة الجيش اللبناني بـ”الحمرنة”، زاعماً أن هناك “مسؤولية على قائد الجيش الحالي العماد “جوزيف عون” والسابق “جان قهوجي” في ملف انفجار مرفأ بيروت، ويجب “استدعائهما إلى التحقيق”.
وبعد نحو ساعة من الوقت غادرت آليات الدورية العسكرية، بينما بقي “مرتضى” داخل مبنى المحطة، ويسحب المدعي العام للتمييز القاضي “غسان عويدات”، إشارة توقيف “مرتضى” لأنها مخالفة باعتباره صحافياً لا يمثل أمام جهاز أمني، على أن يحضر أمام النيابة العامة التمييزية اليوم الإثنين وليس مديرية المخابرات.
الشارع اللبناني اشتعل بعد الحادثة بحملات متضاربة بين مدافع عن الجيش اللبناني ومهاجم، بعد استدعاء الصحافي في قناة “الجديد” وصحيفة “الأخبار” اللبنانية، المحسوبة على “حزب الله”، ضمن ما وصفته مصادر لمينا ب” التصعيد غير المسبوق” من إعلام حزب الله ضد الجيش اللبناني، ولا سيما عقب تصريحات لأمين عام الحزب “حسن نصر الله” في الثامن من الشهر الجاري طالب فيها الجيش اللبناني بتحمل مسؤوليته وكشف ما في تقريره حول تفجير مرفأ بيروت الدامي، الذي راح ضحيته في أغسطس/ آب العام المنصرم، مئات الضحايا.
ويأتي هذا بالتزامن مع تأكيدات حديثة تفيد بضلوع نظام بشار الأسد في سوريا وحليفه حزب الله بشحنة الأمونيوم التي تسببت بالانفجار الضخم.
انقسام الشارع..
بعد تصريحات أمين الحزب ومحاولة توقيف مرتضى، انقسم الشارع اللبناني حول القضية بين مهاجم للجيش ومع حرية التعبير والعمل الصحافي، وبين منتقد لحملة يقودها “حزب الله” عبر الصحيفة ووسائل إعلامه على الجيش اللبناني تنفيذاً لأجندة خاصة به.
ووجه رئيس تحرير صحيفة النهار “إبراهيم الأمين”، في مقال له تحت عنوان “العسس مكشوف الوجوه”، انتقادات لاذعة لقائد الجيش لم تخل من التهديد. وقال الأمين: “هل يسمح لنا حضرة القائد الرئيس بأن نلفت انتباهه إلى أنه أمام خيارات ضيقة بسيطة: إما أن يحترم القوانين ولو كانت مزعجة، وإما أن يتحوّل الى مشروع مستبدّ لا يأبه بأيّ نقد أو صوت مخالف”.
وأضاف الأمين: “وفي حال قرر المواجهة مع الرأي الآخر، عليه أن يحسب حساباً بسيطاً لوجود مجموعة، لا أقدر على تحديد حجمها وتأثيرها ونفوذها، لكنها مجموعة لا تخافه ولا تخاف عسسه ولا عسكره ولا كل أنواع الترهيب والترغيب والتهويل، وهي مجموعة تنتظر عسسه على أبواب المنازل والمكاتب، وتعرف كل ما يقومون به، تعرف الوجوه والأسماء وأنواع السيارات وأرقام الهواتف وأرقام المذكرات العملانية وكل ما يخطر على باله، وهذه المجموعة ليس لها علاج في ملف القمع، إلا أن يُجهَز عليها قتلاً، وليس أي شيء آخر”.
من جهة أخرى، انتقد صحافيون ما وصفوه بـ”الحملة الممنهجة ضدّ الجيش وقائده عبر أقلام صحافيي الممانعة”، متسائلين “أين ذهبت معادلة نصرالله الذهبية “جيش شعب مقاومة!!”، مذكرين بهيجان جمهور الحزب بتحريض من قياداته قبل سنوات، على وصف رئيس الجمهورية السابق “ميشال سليمان” معادلة “جيش وشعب ومقاومة” بأنها خشبية، وليست ذهبية.
وردوا التهجم بإيعاز من “نصر الله” على قائد الجيش، الذي اعتبره إعلاميو الحزب مؤخرا بالقوي المُناصر المهدد لسيطرة الحزب على المؤسسات العسكرية، إلى محاولات الحزب إكمال السيطرة على لبنان أمنيا وعسكريا في كافة قطاعات الجيش، ولا سيما مع استغلال “حزب الله” للمحاصصة وتعيين ضباط محسوبين عليه وعلى التيار الحر “العوني” الحليف في عدد من المفاصل الحساسة داخل المؤسسة العسكرية.
نظام الأسد..
صحيفة الغارديان البريطانية أفادت يوم الجمعة الفائت بأن هناك معلومات حديثة ضمن التحقيق تؤكد ضلوع نظام بشار الأسد، الداعم الاول لحزب الله بشحنة الأمونيوم التي تسببت بانفجار مرفأ بيروت المدمّر في أغسطس/ آب العام المنصرم، كاشفة أيضا أن الوجهة الرئيسية للباخرة التي تحمل الشحنة كانت العاصمة اللبنانية بيروت، وليس الموزمبيق كما أشارت الأوراق الرسمية للباخرة.
وكشفت المعطيات وفق الصحيفة البريطانية، عن احتمال أن يكون انفجار أطنان نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت قد أتى نتيجة محاولات مسؤولين سوريين للحصول عليها لاستخدامها في صناعة الأسلحة.
المعلومات أفادت بأن رجلي الأعمال مزدوجي الجنسية (سورية/ روسية) “مدلل خوري” و”جورج حسواني” وتربطهما علاقات قوية بنظام الأسد وبتمويله، يقفان خلف إحضار هذه المواد على مرفأ العاصمة اللبنانية، بعد إثبات صلات بين شركات مرتبطة برجلي الاعمال السوريين من جهة، وشركة “سافارو ليميتيد” التي اشترت الشحنة عام 2013.
ولفتت الصحيفة إلى أن عنوان “سافارو ليميتيد” في لندن هو أيضاً العنوان المسجل لشركة كان يديرها “حسواني” المعروف بقربه من رأس النظام السوري “بشار الأسد” والخاضع للعقوبات منذ عام 2015.
ترعب الحزب والجيش..
مصادر خاصة بمرصد “مينا”، رفضت الكشف عن اسمها قالت: إن “الحزب يرتعد من معلومات دولية تفيد بتورطه ونظام الأسد بشحنة الامونيوم التي أدت إلى انفجار المرفأ، لذلك يحاول استعجال الجيش ولومه لإظهار نتائج التحقيق المحلية “من قفا الإيد” التي يضمن أنها ستبرؤه، وهو المسيطر على جزء كبير من محققيها بالتهديد أو بالإرضاء”.
وأوضحت المصادر، أن “الجيش مرعوب أيضا من تورط قيادات له في تفجير المرفأ، لذلك تحاول السلطات الأمنية والعسكرية اللبنانية التكتم على التحقيقات المتعلقة بالتفجير الذي أفجع العاصمة بيروت، بعدما تبين أن مسؤولين سابقين وحاليين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين نترات الأمونيوم، من دون أن يحركوا ساكنا حيال ذلك”.
اللافت أن تحقيقا لقناة الجديد ذاتها كشف قبل أيام، تورط إضافة إلى رجلي الأعمال السوريين، ضابط ومسؤولين من حلفاء أسد من الجيش اللبناني وميليشيا حزب الله المهيمنة على القرار العسكري والسياسي في لبنان.
وكان المدعي العام اللبناني “غسان خوري” قد ادعى في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، ، على كل من رئيس الجمارك السابق “هاني الحاج شحادة” رجل حزب الله الرئيسي، ومدير إقليم بيروت في الجمارك بالإنابة سابقاً، “موسى هزيمة” الذي قيل إنه كان ممثلا لميليشيا حزب الله في مرفأ بيروت أثناء تخزين شجنة الامونيوم شديدة الانفجار هناك منذ أكثر من 6 سنوات.
كذلك كشفت دراسة أمريكية نشرتها مجلة “نيوزويك” بعد أكثر من أسبوع على الانفجار، أن حزب الله استخدم رصيف المرفأ الذي شهد الكارثة، لتصدير مادة نترات الأمونيوم إلى خارج لبنان بهدف استخدامها في هجمات بأنحاء مختلفة من العالم.