ازدادت سخونة التصريحات والتصريحات المضادة المتعلقة بميليشيات “حزب الله” اللبناني الذي يتعرض حاليا لانتقادات واسعة على الصعيد المحلي إثر جريمة اغتيال الباحث اللبناني الشيعي “لقمان سليم” اذ تشير أصابع الاتهام إلى ميليشيات “حزب الله”، الأمر الذي نفاه أمين عام الحزب “حسن نصر الله”، ورفض الاتهامات، ملمحا لتورط إسرائيل في الحادث.
وفي 4 فبراير/ شباط الجاري، عُثر على “سليم”، أحد أبرزي منتقدي “حزب الله”، مقتولا داخل سيارته بمنطقة العدوسية جنوبي لبنان، وسط تحقيقات جارية.
وقال “نصرالله” في كلمة متلفزة بثتها وسائل إعلام محلية: إن “الاتهامات التي وجهتها أطراف سياسية وإعلامية للحزب بشأن اغتيال سليم، خارجة عن كل الأعراف والشرائع والقانون”.
إلا أن ما هو أكثر سخونة ما أشار إليه “نصر الله” في كلمته من أن “أي حرب مقبلة ستواجه الجبهة الداخلية الإسرائيلية ما لم تعرفه منذ قيام إسرائيل”. ووجه نصر الله رسالة إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، “أفيف كوخافي”، وقال إن “فرضتم حربًا سنخوضها، وإذا ضربتم مدننا سنرد بالمثل، وإذا استهدفتم قرانا سنقصف مستعمراتكم”.
وأضاف أمين عام “حزب الله”: أنه “في أي حرب مقبلة ستواجه الجبهة الداخلية الإسرائيلية ما لم تعرفه منذ قيام إسرائيل”، مشيرًا إلى أنه “لا أحد يضمن ألا تتدحرج ‘الأيام القتالية‘ إلى حرب واسعة”.
“نصر الله” لفت إلى حصول تطورات كبيرة في المنطقة والعالم بعد رحيل الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، ووصول إدارة أميركية جديدة، ولبنان جزء أساسي في المنطقة وهو يتأثر بكل ما يجري فيها.
الاستعداد الاسرائيلي..
بالمقابل كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية إجراء الجيش الإسرائيلي تدريبات ناجحة على ضرب 3 آلاف هدف لحزب الله اللبناني خلال أربع وعشرين ساعة، لافتة إلى أن “التدريبات تشمل محاكاة للهجوم تثبت استعداد إسرائيل لشنه في حال اقتضت الحاجة”.
وجاءت هذه “المحاكاة” في أعقاب محاولة “حزب الله”، قبل نحو أسبوعين، إسقاط طائرة من دون طيار تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي فوق لبنان، لكن الصاروخ فشل في ضرب الطائرة، لتواصل مهمتها الاستطلاعية، بحسب الصحيفة.
المحاكاة الإسرائيلية تبدو الأوسع من نوعها، واستمرت هذه التدريبات لنحو 60 ساعة بين يومي الأحد والثلاثاء، كما شارك في هذه التدريبات وفقا للصحيفة 85 بالمئة من أفراد سلاح الجو الإسرائيلي من جميع الأفرع والتخصصات، كما تم استدعاء ضباط الذخيرة والاحتياط رغم القيود التي فرضتها أزمة كورونا.
ولا تهدف التدريبات فقط لإثبات قدرة إسرائيل الهجومية بل أيضا لإعلان أن لديها بنكا من الأهداف التابعة لحزب الله، بل شملت أيضا عمليات دفاعية ضد صواريخ كروز موجهة ضد إسرائيل.
ورغم أن المناورة تركزت على لبنان و”حزب الله” فإن مسؤولين إسرائيليين قالوا: إن “سلاح الجو يعتبر الشمال جبهة واحدة ويدرك أن “حزب الله” يعمل أيضا في سوريا، وأن إيران موجودة هناك أيضا”، وهذه التدريبات، وفقا لمسؤولين إسرائيليين، أتت بسبب خطأ اقترفه “حزب الله” حين حاول التصدي لطائرة إسرائيلية بدون طيار.
ووفقا للمسؤول الإسرائيلي فإن إسرائيل تريد أن يرى “حزب الله” قدرتها على تدمير أي سلاح مضاد للطائرات لديه.
إسناد أمريكي..
رغم أن التكهنات كانت تشير إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي الجديد “جو بايدن”، قد تتغير بشأن “حزب الله” استجابة لطلب فرنسي بحسب المراقبين، إذ ترى باريس أن “حزب الله” جزء من القوى السياسية، وتسعى لتهدئة الوضع في لبنان وتريد أيضا أن تكون هي المشرف على السياسة اللبنانية الخارجية.
إلا أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية “جيرالدين غريفيث” كشفت موقف الادارة الامريكية الجديدة للبيت الابيض، مؤكدة أن موقف ادارة بايدن تجاه الحزب لن يتغير وسيظل ثابتًا باعتبار حزب الله “منظمة إرهابية”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن بلادها الخارجية الامريكية أن بلادها تسعى للحد من التدخل الإيراني في المنطقة سواء في لبنان أو في اليمن.
وقالت: “ما يهمنا في لبنان هو أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على تلبية احتياجات الشعب اللبناني وتحقيق الإصلاحات المطلوبة وقرار تشكيلها يعود إلى الشعب اللبناني”
مراقبون يرون أن تغير موقف “بايدن” تجاه الحزب، رغم ما أعلنت المتحدثة، هو مسألة وقت وذلك استجابة لطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تربطه علاقة جيدة بالرئيس الأمريكي، وبالتالي فإن التعامل مع حزب الله كمنظمة إرهابية سيضع فرنسا في وضع غير مريح فيما يخص الملف اللبناني.
ورقة تفاوض..
بالمقابل يرى آخرون أن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” سيكون مضطرا لممارسة ضغوط تحد من حالة ارتياح ايران واذرعها في المنطقة سواء في اليمن أو لبنان وكذلك العراق الذي بدأ يشهد ضربات نوعية آخرها تلك التي استهدفت مطار أربيل، إذ تؤكد المؤشرات على وقوف إيران خلفها. وبالتالي ووفق هذه الرؤية قد يزداد الضغط الأمريكي في المرحلة المقبلة على حزب الله ربما لوضع قواعد جديدة للعلاقات السياسية خلال السنوات المقبلة، وهذا الضغط ينسجم مع التوجه الاسرائيلي الساعي إلى تصعيد استهداف حلفاء إيران لاسيما في سوريا.
بالمقابل تبرز وجهة نظر أخرى تصب في هذا الاتجاه وهي أن واشنطن التي تسعى لإعادة إحياء الملف النووي الايراني ربما تجعل من حزب الله ورقة تفاوض، يكون رأس حزب الله أو الحد من قوته واحدة من الطلبات الأمريكية التي على إيران أن تدفع ثمنها على طاولة مفاوضات الملف النووي.
وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الأميركي “أنتوني بلينكن” في حديث لراديو “ناشيونال بابليك” أن الاتفاق النووي كان فعالاً في قطع المسارات لإنتاج إيران مواد انشطارية تستخدم لصنع سلاح نووي. ولفت الوزير في المقابلة الاذاعية، إلى أن “الاتفاق النووي مع إيران كان ناجحاً ومن المؤسف أننا انسحبنا منه”، مضيفاً “لدينا حوافز لمحاولة إعادة إيران إلى الاتفاق ولديها أيضا حوافز لتخفيف العقوبات عنها”.
كما أكد “المسؤول الأمريكي: أنه “إذا أردنا العودة إلى الاتفاق سيكون هناك حاجة إلى العمل على اتفاق أطول وأكثر صرامة”، مشيرا إلى أن الموقف العلني للرئيس بايدن هو أنه إذا استأنفت إيران الامتثال للاتفاق النووي لعام 2015، فستفعل الولايات المتحدة ذلك ايضاً، وذلك رداً على سؤال عما إذا كان هناك أي تحرك يجري حالياً لاستئناف الدبلوماسية المباشرة.