دراسة ميدانية تتضمن دور هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) في إدلب ومراحل الصراع داخل الهيئة منذ الاستيلاء على إدلب؛ ودور الأجانب(المهاجرين) وتحالفات الهيئة مع الفصائل الأخرى وصراعاتها معها وتتضمن:
- سيطرة جبهة النصرة على هيئة تحرير الشام.
- المهاجرون ودورهم في الهيئة.
- تحالفات جبهة النصرة من خلال الهيئة.
- الحزب التركستاني في إدلب وعلاقته بجبهة النصرة.
- تنظيم جند الأقصى وعلاقته بجبهة النصرة وداعش.
- معتقلات الهيئة وأماكنها جغرافياً.
- استفراد هيئة تحرير الشام بمصير إدلب.
- محاولات إنقاذ إدلب بوجود جبهة النصرة (مبادرة الأكاديميين).
المدخل:
منذ انشقاق أهم فصيلين منها وهما حركة نور الدين الزنكي بقيادة توفيق شهاب الدين، وجيش الأحرار بقيادة أبي صالح طحان، فقد أصبحت هيئة تحرير الشام بوضعها الحالي أضعف عسكرياً مما كانت عليه في السابق عندما أُعلِن تشكيلها.
صحيح أن هذه الانشقاقات أفقدتها زخماً بشرياً لا يستهان به، إلا أنها استطاعت إعادة هيكلة قواها على صعيد القيادة والإدارة بنواتها الصلبة “جبهة النصرة” التي تُعدُّ المكون الأساسي والأقوى ضمن مكونات هيئة تحرير الشام، فبعد تحللها من التزاماتها مع حلفائها الزنكي ومجموعات الطحان، أصبح الطريق مفتوحاً أمامها لبسط هيمنتها وسيطرتها على الفصائل المتبقية معها ضمن صفوف هيئة تحرير الشام مثل لواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنة، وباقي المجموعات والكتائب المندمجة معها.
تفرد النصرة بالهيئة
بعد خروج توفيق شهاب الدين الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الشورى في هيئة تحرير الشام، وأبي صالح طحان الذي كان يشغل منصب القائد العسكري لجيش الفتح الذي يشمل أغلب فصائل الشمال، وبعد إقالة هاشم الشيخ (أبو جابر) القائد العام لهيئة تحرير الشام، أصبحت قيادة هيئة تحرير الشام تدار من أمراء “جبهة النصرة” المكون الأساسي وصاحبة القرار في هيئة تحرير الشام وذلك بقيادة زعيمها أبي محمد الجولاني الذي قرر إعادة هيكليتها من جديد.
جرى التكيّف مع وجود تيارين متناقضين ضمن صفوف هيئة تحرير الشام: التيار المعتدل بقيادة أبي ماريا القحطاني، ومعه أبو حسين العراقي. والتيار المتشدد بقيادة أبي اليقظان المصري شرعي الجناح العسكري، ومعه أبو جليبيب الأردني. استطاع أبو محمد الجولاني إرضاء باقي مكونات هيئة تحرير الشام بقيادة قطاعات ومناطق متفرقة في المناطق المحررة.
واستطاع الجولاني أيضاً إبعاد أهم الشخصيات الشرعية عن هيئة تحرير الشام، وبالأخص الشخصيات التي تحظى ببعض الولاءات من بعض أفراد هيئة تحرير الشام ومجموعاتها، وهما الشيخان (عبد الله المحيسني ومصلح العلياني)، وأبقى بعض الشخصيات الشرعية التي ليس لها تأثير في عناصر هيئة تحرير الشام ومن أهم هؤلاء الشرعيين أبي الحارث المصري وأبي الطاهر الحموي وأبي يوسف الحموي.
الآن من يتفرد بقيادة هيئة تحرير الشام هم جميعهم أمراء وقادة الصف الأول في جبهة النصرة وعلى رأسهم الجولاني، زعيم التنظيم ومعاونه أبو ماريا القحطاني وشرعي الجناح العسكري أبو اليقظان المصري وأبو حسين العراقي يليهم الأمراء الأردنيون والسعوديون.
المهاجرون الغرباء في هيئة تحرير الشام
أما عن المقاتلين الأجانب “المهاجرون” فقد حافظت قيادة هيئة تحرير الشام عليهم في تكتلات مستقلة ضمن صفوفها ويتبعون قياداتها وذلك بتجميعهم في مناطق مختلفة في الشمال السوري المحرر.
- مقاتلو الجنسيات الشيشانية والأوزبكية حُصِرت أماكن وجودهم ومقراتهم الرئيسة في منطقة ريف العاصي في ريف إدلب الغربي، وفي مدينة سلقين في مقر منطقة الصناعة على مدخل سلقين من جهة مدينة حارم، وهو مقر رئيسي لهم وقد تجاوزت أعدادهم ثلاثة آلاف مجتمعين، بعضهم معهم عائلاتهم.
- أما عن مقاتليها الأوربيين “المهاجرين” أيضاً، فقد جُعلت مقراتهم الرئيسة في المسافة الممتدة ما بين مدينتي كفر تخاريم وسلقين في ريف إدلب الغربي، ومنطقة جبل الدويلة القريبة من كفر تخاريم، وقد كان المسؤول عنهم الأمير أبو عبد الله الفرنسي، الذي اغتيل بالقرب من مدينة معرتمصرين قبل نحو ثلاثة أشهر تقريباً من مجهولين، ولا يعرف بعد من الأمير الجديد المسؤول عنهم حالياً.
- أما عن المقاتلين “المهاجرين” العرب من جنسيات سعودية وأردنية وليبية وتونسية وفلسطينية، فهم النسبة الكبرى المهاجرة ضمن صفوف هيئة تحرير الشام الحالية ومقراتهم الرئيسة هي في مناطق قرى ريف إدلب الجنوبي وجبل الزاوية، وبقاطع البادية شرق مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي، وفي ريف حلب الجنوبي موزعين وفق ثلاثة مقرات رئيسية.
المقر الأول: في وادي مرتحون الذي يقع في منطقة جبلية ما بين مدينة البارة وقرية كنصفرة في جبل الزاوية، ويُعدُّ هذا المكان معقلاً رئيسياً ومعسكراً لجيش النصرة ويشرف عليه أمراء أردنيون وسعوديون.
المقر الثاني: مبنى صوامع الحبوب ومدرسة السواقة سابقاً في مدينة سراقب.
المقر الثالث: مطار أبو الظهور الذي أخلي مؤخراً عند انطلاق الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام وحلفاؤها من الميليشيات.
وأكبر نسبة لحالات زواج المقاتلين المهاجرين الموجودين لدى هيئة تحرير الشام من سوريات هم السعوديون في المرتبة الأولى، يليهم الأردنيون ونسب قليلة من مهاجري الجنسيات الأخرى.
تحالفات جبهة النصرة من خلال هيئة تحرير الشام
بعد أن تدخلت هيئة تحرير الشام في حادثة لواء الأقصى في بداية عام 2017 التي أعدم فيها قرابة مئة وستين عنصراً من عناصر الجيش الحر في معسكر خزانات خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، حسمت هيئة تحرير الشام موضوع فصيل لواء الأقصى المبايع لتنظيم داعش وبوساطة من الحزب الإسلامي التركستاني، إذ طُرد فصيل لواء الأقصى من المنطقة باتجاه مناطق سيطرة تنظيم داعش.
في إثرها أحدثت هيئة تحرير الشام غرفة عمليات مشتركة مع فصائل من الجيش الحر بهدف محاربة قوات النظام وتنظيم داعش، ومن أبرز الفصائل المعتدلة التي تحالفت هيئة تحرير الشام معها في هذه الغرفة (جيش النصر – جيش العزة – جيش إدلب الحر) وبعض الألوية والكتائب المستقلة من أبناء المنطقة وما يزال تحالفهم قائماً حتى الآن. وطريقة التواصل بينهم هي غرفة العمليات التي تدار التحركات كلها من خلالها.
أهم الفصائل العسكرية المجاهدة المساندة لجبهة النصرة في هيئة تحرير الشام:
الحزب الإسلامي التركستاني( التركستان)
تقدر أعداد فصيل الحزب الإسلامي التركستاني بحوالى أربعة آلاف تركستاني وصيني ولهم أنصار من السوريين يُقدرون بحوالى ألف شخص تقريباً.
أماكن وجودهم العسكري
- منطقة جسر الشغور وفي أغلب مناطق ريفها “جنة القرى والغسانية والزنبقي ودركوش وعامود” تلك المناطق جميعها تتبع لمدينة جسر الشغور.
- في المنطقة الجبلية الممتدة ما بين بلدة محمبل وقرية كفر شلايا التابعتين لمدينة أريحا المعروفة بحرش بسنقول.
أماكن وجود عائلاتهم
نسبة كبيرة من التركستانيين أتوا إلى سوريا برفقة عائلاتهم وأهم المناطق التي يوجد فيها عوائل تركستانية هي
- مصيف جبل الأربعين في منطقة أريحا والمكان معروف باسم الجمعيات وهي مبان عدّة قريبة من بعضها وجميع من فيها الآن هم عائلات تركستانية وصينية.
- لعائلاتهم وجود أيضاً في إدلب المدينة والحي الغربي المعروف بمساكن الشرطة سابقاً.
- مدينة حارم في ريف إدلب الشمالي وأغلبهم يقيمون مع عائلاتهم في بيوت بين أهالي المدينة.
تحالفات الحزب الإسلامي التركستاني
تربط التركستانيين علاقة تنسيق قوية جداً بينهم وبين هيئة تحرير الشام على الصعيدين العسكري والأمني، فالتركستانيين يقومون بفض أي قتال يحصل بين هيئة تحرير الشام وأي فصيل آخر لمصلحة تحرير الشام، كما حصل مع لواء الأقصى في خزانات خان شيخون.
ومؤخراً فقد أعطت هيئة تحرير الشام مبنى المعهد الزراعي في مدينة حارم للحزب الإسلامي التركستاني، يستخدمونه مركز تجمع لهم، ومنه تنطلق أرتالهم المشتركة مع أرتال هيئة تحرير الشام، هذا على صعيد العمل العسكري.
أما على الصعيد الأمني، فهناك اتفاق بين هيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني يقضي بأن يحدث الحزب سجناً سرياً خاصاً بسجناء الهيئة المهمين، يودَعون لدى التركستان لمصلحة هيئة تحرير الشام، ومعلوماتنا تفيد بأنه حصل ذلك بالفعل، وأحدثوا سجناً أسموه بسجن (الضلع)، على غرار سجن العقاب، وحتى الآن لم يتأكد مكانه الحقيقي، فقد يكون في منطقة حرش في سنقول أو ريف جسر الشغور الشرقي. ويجري التواصل بين الحزب والهيئة من خلال غرف عمليات مشتركة.
ليس لدينا معلومات دقيقة عن أسماء قادة الحزب الإسلامي التركستاني، فهي غير معروفة نظراً إلى احتياطاتهم الأمنية الصارمة، وحرصهم الشديد وانعزالهم عن باقي الفصائل.
في بداية الأمر كان لهذا الفصيل شعبية لا بأس بها في المناطق المحررة، بسبب عدم تدخله في أمور الإدارة، وتفرده بجبهات قتال النظام وبخاصة معارك الغاب وحلب وريف حماه الشمالي، ولكن مؤخراً انخفضت نسبة المؤيدين له في المناطق المحررة، وذلك بعد إقدام الحزب الإسلامي التركستاني بمؤازرة تحرير الشام في حربها ضد حركة أحرار الشام تحديداًفي بمدينة سلقين، وبعد إقدام مجموعات تابعة للتركستان بتفكيك سكة القطار القريبة من مدينة جسر الشغور، وبيع معدات وألواح معدنية من محطة زيزون الحرارية.
تنظيم جند الأقصى.
شُكِّل تنظيم جند الأقصى في نهاية عام 2013 وكان لا يتجاوز عدده (300 ) شخص بقيادة فلسطيني الجنسية محمد العثامنة الملقب بأبي عبد العزيز القطري، وقد اعتمد في بداية تشكيله على ضم المهاجرين رافضي الانخراط في الصراع بين تنظيمي القاعدة المتمثل بجبهة النصرة وتنظيم داعش.
وبدأت تزداد أعداد هذا التنظيم وانضمام السوريين إليه بعد انفصال لواء داوود عن فصيل صقور الشام، فكثير من افراده ومجموعاته انضموا إلى تنظيم جند الأقصى وأكثر من ثمانين في المئة منهم هم من أبناء بلدة سرمين.
في أواخر عام 2014 قتل أبو عبد العزيز القطري على يد عناصر جبهة ثوار سوريا في جبل الزاوية، أثناء توسطه للحل وإنهاء الصراع بين جبهة النصرة وثوار سوريا، وبعد مقتله تولى قيادة جند الأقصى شخصان:
الأول: السعودي أبو ذر الحارثي بمنصب أمير عام للتنظيم، وهو مشهور بتشدده وتكفيره لأغلب الفصائل.
الثاني: السوري عمار جعبور الملقب بأبي مصعب الشامي بمنصب أمير عسكري للتنظيم وهو من أبناء مدينة سرمين.
بحجة الثأر لمقتل القطري مؤسس تنظيم جند الأقصى، أصبح عناصر التنظيم أكثر تشدداً وأشد حقداً على الفصائل جميعها باستثناء داعش التي بايعوها عن طريق قائد لواء داوود الذي عرف لاحقاً بأنه مبايع لداعش، ويشغل منصب الأمير العسكري لولاية إدلب في تنظيم”الدولة الإسلامية”.
وبعد خروج لواء داوود باتجاه الرقة بمدّة قصيرة، لحق به أبو ذر الحارثي وُقتل الأمير العسكري للتنظيم في أحد المعارك مع قوات النظام، وقد خلفه في قيادة التنظيم الأمير أبو دياب سرمين، واسمه الحقيقي أيمن قدحنون من أبناء مدينة سرمين.
واستمر تنظيم جند الأقصى بعدائه للفصائل جميعها في الشمال السوري بما فيهم جبهة النصرة التي تُعدّ الفصيل الأقرب اليه، وقد نفذت عناصره كثيراً من عمليات الخطف والاغتيال التي طالت قادة وشخصيات قيادية من الفصائل كلها.
وبقي جند الأقصى ومركز قيادته بلدة سرمين مستمراً في سياسته الإجرامية ضد الفصائل جميعها حتى انخراطه في قتال مع فصيل حركة أحرار الشام التي تعهدت باستئصاله، وذلك في معركة استمرت أكثر من شهر تقريباً، وانتهت بتدخل جبهة النصرة طرفاً ضامناً للحل، حين تعهدت لحركة أحرار الشام بأن تضمن حل تنظيم جند الأقصى نهائياً؛ وذلك بإجباره على مبايعة أبي محمد الجولاني وانخراط عناصر تنظيم جند الأقصى كافة في صفوف جبهة النصرة، ولم يعد أمام التنظيم سوى الخيار الذي فرضته جبهة النصرة التي أصبح اسمها جبهة فتح الشام، وقد حصل ذلك فعلاً، إلا أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها قيادة جند الأقصى قد خلقت صراعاً بين أمرائها بسبب مبايعة بعضهم لتنظيم داعش سرّاً.
وقد نتج عن هذا الخلاف انقسام جند الأقصى إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول : بقي ملتزماً بقرار الانضمام إلى جبهة فتح الشام “النصرة” بقيادة الأمير أبي دياب سرمين وهم الأكثرية، إلا أنهم فضلوا الالتزام بمقراتهم في مدينة سرمين وتقدر أعدادهم بحوالى 1500 شخص، ويوجد من بين هؤلاء من اعتزل نهائياً والتزم بيته.
القسم الثاني: وهم أفراد ومجموعات متفرقة تتجاوز أعدادهم (500) شخص انضموا إلى فصيل الحزب الإسلامي التركستاني باسم أنصار التركستان، وذهبوا إلى مناطق سيطرته في ريف جسر الشغور وجبل التركمان.
القسم الثالث : وعددهم حوالى (1000) شخص تقريباً، وجميعهم من المبايعين لتنظيم داعش، وهم الأكثر إجراماً وتشدداً، فقد أعلنوا تشكيل لواء الأقصى بقيادة الأمير الفلسطيني أبي عبد الله الغزي، واتخذوا من مناطق ريف حماه الشمالي وخان شيخون مقرات ومعسكرات لهم، وقد انضم إلى هذا اللواء مجموعات عدة كانت على عداء مع فصائل ريف حماه الشمالي وأهمها:
- مجموعة أبي خالد كازو وتقدر مجموعته بحوالى مئة عنصر.
- مجموعة أبي الدرداء مورك وتقدر مجموعته بحوالى خمسين عنصراً.
- مجموعة خطاب البكور أبي حمزة وتقدر مجموعته بحوالى مئتي عنصر.
وبقي لواء الأقصى موجوداً في مناطق ريفي حماه الشمالي وإدلب الجنوبي، ومستمراً في إجرامه ضد الفصائل جميعها حتى الشهر الثاني من عام 2017، إلى أن ارتكب مجزرة إعدام جماعي في منطقة خزانات خان شيخون بحق أكثر من /160/ عنصراً، من عناصر الجيش الحر أغلبهم من عناصر فصيل جيش النصر والفصائل الأخرى.
وقد عزمت جبهة فتح الشام التي أصبحت هيئة تحرير الشام على حسم موضوع لواء الأقصى، فشنت حرباً عليه وحاصرته في منطقة خزانات خان شيخون، عندها تدخل فصيل الحزب الإسلامي التركستاني وسيطاً للحل، واتفق الجميع على خروج عناصر لواء الأقصى إلى مناطق سيطرة داعش بسلاحهم الفردي بعد أن شهد انشقاقات عدّة في المجموعات التي انضمت إليه، وجميعها انضمت إلى التركستان أيضاً.
مؤخراً عاد إلى الظهور اسم جند الأقصى اسماً مستقلاً بعد حادثة مقتل عناصر مركز الدفاع المدني في مدينة سرمين، فقد قامت مجموعات مسلحة من أهالي المدينة بإلقاء القبض على عصابة قالت إنها هي من قتلت عناصر الدفاع المدني وحكمت عليهم بالقتل بمحكمة في مدينة سرمين مستقلة عن هيئة تحرير الشام، ونُفذ الحكم رمياً بالرصاص في إحدى ساحات سرمين.
اليوم تعيد تلك المجموعات نشاطهافي بالمنطقة وذلك بنصب حواجز على أطراف مدينة سرمين ومداخلها، باسم جند الأقصى بوصفه فصيلاً مستقلاً، مدعية أنها لحماية المدينة من دون أي ردة فعل من هيئة تحرير الشام، الفصيل الأقوى والمسيطر على المناطق المحررة في الشمال السوري.
معتقلات هيئة تحرير الشام
- معتقل العقاب الذي يقع في منطقة الحرش بين مدينة كفرنبل وقرية كنصفرة.
- معتقل القادسية يقع بالقرب من قرية كفرنوران في ريف إدلب الشمالي، كان سابقاً مدرسة وأصبح سجناً تابعاً لجيش المجاهدين، ومن ثم احتلته هيئة تحرير الشام وأصبح اسمه مركزية البرج ومعروف باسم القادسية أيضاً.
- معتقل مخفر قرية مرعيان في جبل الزاوية وهو نظارة تابعة لسجن العقاب.
- معتقل محكمة بلدة احسم في جبل الزاوية وهو نظارة إيداع تابعة لسجن العقاب.
- معتقل محكمة مدينة خان شيخون وهو نظارة إيداع يقع في الحارة الشرقية لخان شيخون.
- معتقل قرية كفرومة في جبل الزاوية، وهو مغارة تابعة لمضافة كفرومة ويعتبر نظارة تابعة لسجن العقاب.
- معتقل الحسبة في قرية جبالا جنوب مدينة كفرنبل بـ 7 كيلومتر.
- معتقل تل الزيتون، القريب من معسكر قوات النخبة شمال قرية كفرومة في جبل الزاوية.
- معتقل صوامع الحبوب في قرية سنجار في ريف معرة النعمان الشرقي.
- معتقل الحسبة في مدينة معرة النعمان الكائن في مبنى البنك الزراعي.
- معتقل صوامع الحبوب في مدينة سراقب.
- معتقل الضلع وهو سجن أمني لمصلحة تحرير الشام ويشرف عليه التركستان، موجود إما في حرش قرية بسنقول أو في ريف جسر الشغور.
- معتقل محكمة مدينة سراقب ومخفرها.
- معتقل دار القضاء في مدينة سلقين.
- معتقل دار القضاء في مدينة سرمدا.
- معتقل مخفر مدينة حارم.
- معتقل مركزي في مدينة حارم.
- معتقل تابع لمخفر قرية حفسرجة في ريف إدلب الغربي.
- سجن إدلب المركزي غرب مدينة إدلب معروف بسجن العرشاني.
- سجن إدلب القديم في داخل مدينة إدلب.
- معتقل في مركز شرطة كراج البولمان داخل مدينة إدلب.
- معتقل في فرع الأمن السياسي سابقاً داخل مدينة إدلب.
- معتقل مفرزة الأمن السياسي جانب الفرن الآلي في مدينة أريحا.
- معتقل مركز الناحية وسجنه في مدينة دركوش.
وهناك معتقلات سرية خاصة بهيئة تحرير الشام غير معروفة.
استفراد هيئة تحرير الشام بمحافظة إدلب
بعد القضاء على داعش في مدينة الرقة في العام الماضي 2017 وخروج عدد كبير من مقاتلي داعش إلى مناطق مختلفة، منها محافظة إدلب، بدأ الحديث عن عملية دولية كبيرة على محافظة إدلب التي اتشحت بسواد الرايات. جاء اتفاق الأستانة الذي كان يتطلب تطبيقه تعاوناً وتنسيقاً بين الدول الضامنة وقوى عسكرية على الأرض، فأراد أحرار الشام الانخراط في العملية فما كان من هيئة تحرير الشام إلا أن هاجمت مواقع حركة أحرار الشام وبخاصة في المناطق الحدودية وطردتها منها، ووضعت يدها على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
وأصبحت محافظة إدلب بأكملها تحت سيطرة مطلقة لهيئة تحرير الشام.
ازداد الحنق الشعبي، وهناك حالة احتقان سائدة مع اقتراب شبح تدخل دولي يستهدف محافظة إدلب. واستأسدت هيئة تحرير الشام على الفصائل وتغولت على المدنيين ووضعت يدها على المرافق المدنية، وأجرت تغييرات إدارية مهمة في هياكل المؤسسات المدنية. كان أمام الموظفين خياران اثنان: إما مبايعة هيئة تحرير الشام والبقاء في عملهم، أو الانصراف.
محاولات إنقاذ إدلب بوجود هيئة تحرير الشام، مبادرة الأكاديميين
تلقت الهيئة نصائح من حلفائها الإقليمين -ويظن أن أهمهم تركيا- بأن عليهم تغيير جلودهم والظهور بمظهر مدني لتجنب التدمير الشامل، وهنا نشأ صراع بين قياداتها بين براغماتي يريد التكيّف مع الوضع الجديد، ومتشدد يرى أن طريق التنازلات لن ينتهي، فجرت عمليات اعتقال بينية في صفوف القادة من الصفين الأول والثاني، وحدثت عمليات اغتيال لبعض المتشددين من الشرعيين والقادة الميدانيين.
وفجأة ظهر ما سمي بمبادرة الأكاديميين الأحرار؛ مبادرة جديدة تدعو إلى عقد مؤتمر الشعب السوري العام. وكان واضحاً من الشخصيات الأكاديمية التي روجت للمبادرة أنهم مدفوعون من هيئة تحرير الشام، وكان من بينهم الدكتور فراس علوش والدكتور حسن جبران وبعض الأكاديميين الذين لم يسمع بهم الناس خلال الثورة، وانعقد المؤتمر وانبثق منه ما سمي بحكومة الإنقاذ السورية.
هذه الحكومة راحت تنفذ أجندات هيئة تحرير الشام بلبوس مدني حكومي، لكن تلك الحكومة لم تستطع تغيير الصورة القاتمة لهيئة تحرير الشام، التي استمرت في حملات الاعتقال ضد الناشطين والقياديين في الجيش الحر، وكل من يرفع الصوت ضدها.
استمرت معاناة المدنيين من تصرفات الهيئة التي راحت تتدخل في حياة الناس بصورة سافرة. ووضعت يدها على عدد من المشروعات التي تنفذها منظمات دولية وإنسانية بهدف الكسب المادي لتأمين موارد تبقيها على قيد الحياة.
دخلت هيئة تحرير الشام في مأزق عند بدء التدخل التركي، إذ كان قادتها وشرعيوها معظمهم يُعدّون تركيا بلداً كافرا، وأن قتال الأتراك واجب شرعي في حال تدخلوا. وبعد أن حقنوا عقول عناصرهم بهذه الأيديولوجيا، جاءت لحظة الحقيقة ليظهر أن الهيئة تنسق مع الأتراك عملية دخولهم لنقاط المراقبة، وبدأ صراع خفي داخل الهيئة أدى إلى سلسلة اعتقالات واغتيالات جديدة طالت شخصيات رفيعة في الهيئة.
مع مطلع عام 2018، بدأت قوات النظام هجماتها الأخيرة على مناطق ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي، إضافة إلى ريف حماة الشمالي، والشمالي الشرقي، وصولاً إلى مطار أبي الظهور الاستراتيجي.
لم تتصدّ هيئة تحرير الشام لتقدم النظام على الرغم من أن المنطقة واقعة تحت سيطرتها، بل أكثر من ذلك، منعت كثيراً من الفصائل من دخول المنطقة لقتال قوات النظام.
وبدأت القوات التركية انتشارها في بعض النقاط المتفق عليها، وأصبح الناس على قناعة بأن هيئة تحرير الشام عقدت صفقات مريبة لتسليم المناطق، وتلكأت في قتال عناصر تنظيم الدولة في ريف حماة الشمالي والشرقي.
اليوم تعيش الهيئة مرحلة حرجة ومضطربة، ونقصاً حاداً في عناصرها، واهتزت صورتها لدى عشاقها، ويظن كثيرون هنا أنها منخرطة في صفقات مشبوهة لتسليم مناطق كثيرة في إدلب. ومع بداية شهر شباط 2018 ارتفعت وتيرة التفجيرات على الطرق وعمليات الاغتيال المباشر او بعبوات ناسفة على الطرق مهاجمة بعض النقاط التابعة للهيئة من مجهولين.
يبدو أن الأيام الآتية تحمل كثيراً من التطورات الدارماتيكية في الواقع العسكري والأمني في مناطق الشمال، بالتوازي مع استمرار عملية غصن الزيتون، التي تقوم بها القوات التركية في منطقة عفرين.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.