بعد أن طرحت روسيا نفسها على المجتمع الدولي منذ أكثر من ثلاثة أشهر كمشرف ومدير لسجون داعش في الشمال السوري، عقب انسحاب القوات التركية التي أوقفت واشنطن دعمها لها، ودخول القوات التركية إلى المكان بموجب ضوء أخضر أمريكي، على اعتبار أن روسيا صاحبة تجارب في مجال التعامل مع الإرهابيين ورجل التنظيمات المتطرفة، منذ أكثر من 40 عام، لكنها لم تتمكن من الوصول إلى الشمال السوري، محط أنظار الولايات المتحدة الأمريكية لعدة أسباب.
وتسعى روسيا كما غيرها من الدول لبناء مواقع قوية لها في تلك المنطقة الاستراتيجية التي كانت وما زالت تتمتع بقوة طريق الحرير التاريخي، فهي تربط بين بلاد الرافدين وبلاد الشام، وهي واجهة العمق الآسيوي على البحر المتوسط، كما أنها البوابة البرية لآسيا وإفريقية إلى أوروبا، يضاف إلى ذلك غنى المنطقة بالنفط والغاز وبالدرجة الأولى، وغيرها من موارد الطاقة المتعددة والكثيرة.
ومن المثل الشعبي القائل “مصائب قوم عند قوم فوائد”، بدأ التوتر الكردي الشعبي الأمريكي يجلب الفوائد للروس الذين لا ترغب الولايات المتحدة الأمريكية بوصولهم إلى المكان، لكنهم دخلوا إلى هناك بوصفهم جدار فاصل بين الأكراد والقوات الأمريكية بعد اندلاع اشتباكات بين الطرفين صباح اليوم الأربعاء.
حيث قالت وسائل الإعلام الروسية، أن قوات روسية انتشرت في قرية خربة عمو شرق القامشلي في الحسكة، عقب اندلاع اشتباكات بالأسلحة الخفيفة بين أهالي القرية وقوات أمريكية، لدى مرورها بحاجز للجيش السوري في المنطقة.
وكان اشتباكات قد اندلعت بين أهالي القرية الكردية، والقوات الأمريكية لحظة مرور مدرعاتهم عند حاجز تابع للجيش السوري، ما أسفر عن مقتل شخص بنيران الجيش الأمريكي، وحلقت طائرات أمريكية بشكل مكثف فوق مكان الاشتباك، حيث تمكنت العربات من الانسحاب بتغطية من سلاح الجو، كما أعطب الأهالي الغاضبون مدرعات أمريكية.
ويعود سبب غضب الأهالي من القوات الأمريكية، إلى انسحاب الأخيرة من مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في الشمال السوري، حيث كان الأكراد يطمحون إلى تشكيل إقليم ذو حكم ذاتي على غرار إقليم كردستان العراق بدعم أمريكي، إلاّ أن الإدارة الأمريكية قررت فجأة الانسحاب من مناطقها وتسليم المنطقة للقوات التركية.
وأظهرت صور تواجد القوات الروسية داخل القرية، إلى جانب مدرعات أمريكية، وذلك لمنع تجدد الاشتاكات، ويعتبر هذا الدخول هدف منشود للقوات الروسية التي منعت منه أكثر من مرة.
كما بيّن التحالف الدولي في سوريا ما جرى عبر نشره بيانا جاء فيه، أنه “أثناء القيام بدورية بالقرب من القامشلي تعرضت إحدى دورياتنا لنقطة تفتيش تابعة لقوات حكومية موالية، إلا وأنه بعد محاولات لخفض التوتر القائم، تعرضت الدورية لإطلاق نار بالأسلحة الخفيفة من أشخاص مجهولين، وقامت الدورية بالرد كدفاع عن النفس، وعادت الدوريات إلى قواعدها”.