هيئة التحرير (مرصد مينا) – قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، إن رئيس النظام السوري بشار الأسد يواجه تحديات كبيرة هي الأبرز منذ انطلاقة الثورة السورية، مشيرة إلى أن أولها انشقاق عائلي تمثل في صراع علني مع رامي مخلوف ابن خال الأسد، الذي أعلن أن الدولة صادرت أملاكه وطالبته 600 مليون دولار ضرائب.
فيما يكمن التحدي الآخر، انهيار الاقتصاد إذ فقدت العملة السورية أكثر من نصف قيمتها، كما تضاعفت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز والسكر، حيث انخفضت قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي بشكل حاد، لتصل إلى أدنى مستوياتها.
ومنذ بداية العام 2020، بدأت الليرة السورية تفقد مجدداً وتدريجياً من قيمتها في السوق السوداء، وبلغ سعر صرف الدولار، قبل عيد الفطر بأيام 1800 ليرة للدولار الواحد.
تضارب العلاقات مع موسكو
من جانبه؛ كان «مخلوف» قد لمّح إلى التداعيات الكبيرة للخلاف على الاقتصاد السوري، كون شركاته توظف آلاف السوريين، وذلك في تصعيد واضح أنه لن يستسلم بسهولة للقرارات الصادرة ضده.
وأشارت الصحيفة خلال تقرير لها إلى أن التحدي الأكبر يكمن في حدوث انشقاقات في العلاقات مع حليفتها روسيا، إذ انتقدت وسائل إعلام روسية، نظام الأسد، بسبب تعنته وفساده، كما جاء النقد الأبرز من سفير روسي سابق لسوريا الذي ذكر رفض الأسد لتقديم أيّة تنازلات يتعارض مع مصالح روسيا.
في المقابل، لم يصدر أيّ تعليق أو حديث رسمي من الأسد على كلام «مخلوف» الذي تاريخياً يعتبر عرّاب سياساته الاقتصادية ومشاريعه، ليتحوّل فجأة إلى خائن بعد تهربه من دفع المليارات المطالب بها إلى خزينة الدولة.
خيارات أسد الصعبة
إذن؛ ما هو واضح إن الأسد يواجه خيارات صعبة، حتى وإن كانت هناك قضايا وأسرار لم يتم الكشف عنها بعد، سواءً على المستوى الاقتصادي أو السياسي، لأنه يعاني أصلاً من عدم القدرة على اتخاذ القرار السياسي الفعلي، وهذا ما بدا واضحاً في معظم اللقاءات والاجتماعات التي عقدها مع القيادة الروسية بمختلف مناصبها، ومن حق المراقبين أو السوريين الذين خسروا كل شيء مقابل إغناء فئة قليلة وتحكمها بالبلد من الباب للمحراب التساؤل عن مصدر القرارات التي صدرت بالتزامن مع الاستمرار في حملات اعتقال مدراء في شركات رامي مخلوف من قبل الجهات الأمنية وتوسع ذلك إلى أكثر من مدينة في سوريا؟ وهل فعلاً هذه الحملات بأوامر من زوجته أسماء الأسد أم من الأسد نفسه؟
على الرغم من ذلك، حتى وإن تم الاختباء وراء الحقيقة من النظام، فإن التحكم الروسي بدا جلياً، ومهما كانت خيارات الأسد صعبة، فإن روسيا مستمرة بمخططها على عدم التنازل عن سوريا التي تعتبر بالنسبة لها من أهم الدول التي توجد في الشرق الأوسط، ووفق معظم الدراسات ت فإن لديها أهمية إستراتيجيه بنسبه لروسيا، تتمثل في وجود قاعدة طرطوس البحرية السورية، التي كانت نقطة العبور في السيطرة على الميناء كاملاً، والتي تستخدمها القوات البحرية الروسية، إذ تعتبر قاعدة التموين الوحيدة للأسطول الروسي ليس في سوريا، فحسب وإنما إقليمياً وفي منطقة البحر المتوسط.
حدود الفقر تسقط الحكومات
قبل اندلاع الاحتجاجات السلمية في سوريا ضد النظام في مارس عام 2011، كان الدولار يساوي 48 ليرة سورية، بعد ما يقارب من 10 سنوات وصل سعر الصرف لـ1800 هذا الفرق في المعادلة الاقتصادية والسياسية تسقط أقوى الحكومات، لكن يبدو تطبيقها على الحالة السورية استثناء، إذ يشكل انخفاض قيمة العملة السورية، دليلاً ملموساً على الاقتصاد المنهك في ظل تقلص المداخيل والإيرادات وانخفاض احتياطي القطع الأجنبي، إن لم نقل عدم وجوده.
يحصل كل هذا في وقت يعيش فيه 80 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، الذي يتزامن مع خطر انتشار فيروس كورونا وتفشيه، ولو التحويلات الخارجية التي يرسلها المهاجرون كمساعدات لعائلاتهم، لمّا تمكن نصف الشعب السوري، إن لم يكن ثلثه من تأمين أبسط متطلبات العيش بسبب الغلاء المتفحش الذي خرج عن سيطرة حكومة الأسد، ما يعني أن التحديّات التي تحدثت عنها صحيفة «واشنطن بوست» هي حقيقية، لأن المخاطر التي تعاني منها سوريا كبيرة وأصبحت المشاكل مستفحلة، بسبب الصراع العلني في دوائر السلطة بين الأسرة الحاكمة ذاتها، والذي وفق معظم التحليلات أنها ليست جديدة؛ أو وليدة اللحظة، وإنما قد تكون ضمن التوازن المرسوم له، وتم إخراجه للعلن لبدء رسم خارطة مستقبل سوريا السياسي وموقع آل الأسد فيها، عبر المدخل الاقتصادي الذي سيحدد بناء عليه ما هو مخطط له لاحقاً.