مرصد مينا – هيئة التحرير
التقى السفير الأمريكي، «وليام روباك»، الأسبوع الفائت، بعدد من قيادات الحركة الكردية في سوريا، وذلك ضمن ما أسماها «مساع أمريكية تستهدف تحقيق تقاربٍ بين الأطراف الكردية في سوريا» وسط تشبث كل طرف برأيه، ما يعني انعدام؛ وتقلص الخيارات لدى مختلف الأطراف مجتمعة، دون الأخذ بعين الاعتبار رأي المنظمات المدنية، أو بعض الجهات- رغم قلتها- التي وقفت على الحياد منذ البداية، مقدمة مبرراتها بعدم المشاركة في أيّ مشروع سياسي ما لم يكون أولاً مقبولاً لدى الشارع الكردي، ومقنعاً عند الحاضنة الشعبية للأحزاب الكردية ثانياً.
لكن؛ في ظل هذا التناحر والاختلاف بالأجندات لدى الأطراف الفاعلة على الأرض، كيف يمكن لشخص مثل «وليام روباك» معرفة الأهداف العلنية- والسرية- لهذه الأحزاب في وقت لم يتوصل لذلك أيّ وسيط سوري؛ أو إقليمي، نظراً لتشعبات الحركة الكردية في سوريا، وتبعيتها للأحزاب الكردستانية وعلى وجه الخصوص في كلاً من العراق وتركيا، وهذا ما أجبر المستشار الأمريكي، على الجلوس مع كل طرف على حدة، لكن الوسائل الإعلامية التابعة للإدارة الذاتية ربطت زيارة المسؤول الأمريكي، بالمبادرة التي أطلقها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، «مظلوم عبدي» لوحدة الصف الكردي، والتي أعلن عنها رسمياً.
أحزاب بالاسم
المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، كشف أن الجولة الأولى من اللقاءات، التي أجراها «وليام روباك» ومساعدته «إيميلي برانديت»، كانت مع خمسة من قادة الأحزاب المنضوية في ما يسمى «التحالف الوطني الكردي في سوريا»، لافتاً إلى أن ممثلي الخارجية الامريكية، «استمعوا إلى آراء واقتراحات الأحزاب السياسية المختلفة حول كيفية إغناء المبادرة وإنجاحها». فيما شملت الجولة الثانية مع قيادات ثلاثة أحزاب أخرى، بينهم قيادي من الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا.
الجولة الأولى والثانية من اللقاءات ضمت ثمانية أحزاب، لم يتم ذكر أيّ حزب بالاسم سوى الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، وفق وسائل إعلام تعمل في شمال شرقي سوريا، أما الباقي فلم يأتِ بذكرها، والاحتمال الذي لا غبار عليه، إن المستشار ذاته، إن تم مساءلته عن أسماءها لن يتذكر اسماً واحداً لأنها في الأصل أحزاب بالاسم فقط؛ ويصعب حفظها لدى الغالبية العظمى من الشعب الكردي، ووجودها ضمن تحالفات الإدارة الذاتية لا تختلف شيئاً عن تلك المنضوية في الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا!
التبعية لغير السوري
يعد حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يمثله حركة المجتمع الديمقراطي على المستوى الكردي، ومجلس سوريا الديمقراطية، على المستوى السوري، أكبر القوى السياسية الكردية، التي يقابلها في الطرف الآخر حزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا، والذي يمثله دولياً المجلس الوطني الكردي في سوريا.
إن كان «روباك» جاداً في وحدة الصف الكردي، عليه فقط العمل على تقارب هاتين القوتين، التي ستوحد أوتوماتيكياً باقي الأحزاب ضمن المبادرة التي أطلقها «مظلوم عبدي» لأنها مجرّد أرقام، باستثناء ما يعد على عدد أصابع اليد الواحدة، والمعتمدة على تاريخها وإرثها.
ويعتقد أن المستشار الأمريكي على يقين بأن الحركة الكردية السياسية مرتبطة تاريخياً بالتبعية لباقي الأجزاء فالمجلس الوطني الكردي قراره وقربه من رئاسة إقليم كردستان العراق، فيما الإدارة الذاتية لها أجندة مختلفة وقريبة من حزب الشعوب الديمقراطية في تركيا، فيما الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، علاقاته واضحة وصريحة مع حزب الاتحاد الديمقراطي في العراق المشارك في رئاسة إقليم كردستان، هذه العلاقة التي تعود منذ التأسيس بين الأمين العام التاريخي للحزب الراحل عبدالحميد حاج درويش، وجلال الطالباني رئيس العراق الأسبق وأمين حزب الاتحاد، ولعلّ هذه التبعية بالذات كان أكبر المستفيدين منها طيلة أكثر من 50 عاماً السلطات السورية.
بناء الثقة
ضمن ما تسمى «بناء الثقة» أطلق القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، «مظلوم عبدي» مبادرته لتوحيد الصف الكردي، اعقبها بتشكيل لجنة تحقيق للكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين من بينهم أعضاء وقيادات من المجلس الوطني الكردي، وهي الورقة الوحيدة؛ أو قد تكون الرئيسة بيد المجلس والتي يلوّح بها عند أيّ منعطف. لكن الإدارة الذاتية وفي خطوة اعتبرها بعض المحللين بقطع الطريق أمام قيادات المجلس الوطني الكردي، قامت الأسبوع الفائت، بفك الحجز الذي فرضته قبل نحو عامين عن منزل يعود لعائلة القيادي في حزب «يكيتي» الكردستاني، وعضو الائتلاف السابق، «فؤاد عليكو». تلا ذلك وبالطريقة ذاتها فك الحجز عن منزل عبدالحكيم بشار القيادي في حزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا، والذي يعتبر أكثر المهاجمين والمنتقدين للإدارة الذاتية ومجالسها.
روباك و«تيتي تيتي…»
هذه ليست الزيارة الأولى للمستشار الأمريكي، «وليام روباك» إذ سبق وأن عقد لقاءً وفدِ من المجلس الوطني الكردي، في شباط/ فبراير الماضي، أصدر المجلس حينها بياناً نشره عبر موقعه الرسمي، موضحاً أن «المستشار الأمريكي، أكد للوفد على دعم الولايات المتحدة لوحدة الموقف الكردي، لما له من انعكاسات إيجابية على الحل السياسي العام في سوريا، وصياغة الدستور بما يضمن حقوق كل السوريين ومن ضمنهم الكرد». كما زعمت قيادات من المجلس، أن «روباك» ربط وجود المجلس في اللجنة الدستورية السورية، كممثل لجميع الأطراف السياسية الكردية، بمدى نجاح وتوقيع اتفاقية بينهم؛ وبين قوات سوريا الديمقراطية.
فيما جاءت هذه الزيارة الأخيرة بعد أسابيع من لقاء وفد من الهيئة الرئاسية في المجلس الوطني الكردي، مع وزير الخارجية التركي، مولو جاويش أوغلو في أنقرة، ومن ثم برئاسة الائتلاف السوري المعارض، أيّ ما تعارضه الإدارة الذاتية كلياً، وبالتالي تضع زيارات السفير الأمريكي والمستشار في قوات التحالف الدولي، ضمن خانة «تيتي تيتي متل ما رحتي إجيتي…» وأن كلّ ما تم مناقشته عن وحدة الصف الكردي، وكيفية تحقيق تقارب بين الأطراف السياسيةالكردية في المنطقة، ستبقى ضمن المؤجل، وعنوانها وحدة الصف على طريقة «وليام روباك» إلى حين إزالة تلك العوائق التي تمنع استكمال توحيد هذه الأطراف.