قسم الدراسات السياسية في المرصد
لم يستطع محللو نتائج القمة الثلاثية الخامسة(1) في أنقرة التي جرت يوم الاثنين 16 أيلول/سبتمير 2019، بين رؤساء محور أستانا أردوغان وبوتين وروحاني التوصل إلى نتائج حاسمة. فبرغم التصريحات المتفائلة لأردوغان(2) في المؤتمر الصحفي الختامي الذي تحدث فيه بقوله: بعد ساعات ستتم هدنة طويلة الأمد في الأراضي السورية، وبأن الاتفاق على المجموعات الراديكالية والتطرف في إدلب بات محسوماً، وعلى الجميع القبول بالتهدئة وتطبيق الهدنة طويلة الأمد المتفق عليها منذ شهور، وأننا اتخذنا في القمة الثلاثية قرارات مهمة من شأنها إنعاش آمال الحل السياسي السلمي في سورية(3)، وأن القمة ستدفع بمسار أستانا خطوة جديدة ومتقدمة نحو الأمام، وأن مسار أستانا يعدُّ المبادرة الوحيدة القادرة على إيجاد حلول مجدية وملموسة لإخماد الحريق المشتعل.
وقول بوتين إننا اتفقنا مع أردوغان وروحاني على اتخاذ خطوات لتخفيف التوتر في إدلب، وإن روسيا وتركيا وإيران وضعوا أساس الحل الدائم في سورية، وإن مسار أستانا بضمانة دول المحور يعد الآلية الأكثر فعالية للمساهمة في إيجاد حل.
لكنَّ أخباراً نقلها مسؤولون عسكريون أتراك لعدد من قادة الفصائل العسكرية السورية كانت مقلقة ومفادها أن عليكم الاستعداد لحرب طويلة الأمد قد تنتهي بسقوط إدلب بكاملها بيد النظام.
هل هناك اتفاق جديد حول إدلب أقرَّ في أنقرة مؤخراً؟
هناك تسريبات لمسؤولين أتراك تحدثوا بها لأكثر من جهة يوم الأربعاء 18 أيلول/سبتمبر الجاري، عن اتفاق في القمة على نسخة جديدة معدلة من اتفاق سوتشي الخاص بإدلب، وتضمن:
أولاً: تشكيل منطقة عازلة جديدة بعمق عشرين كيلومتراً من الحدود الجديدة بين مناطق سيطرة الفصائل المسلحة والمناطق التي استولت عليها قوات النظام مؤخراً.
ثانياً: سحب السلاح الثقيل من المنطقة العازلة الجديدة أي بعمق عشرين كيلومتراً بعيداً عن خان شيخون، وتسيير دوريات تركية روسية مشتركة في المنطقة العازلة الجديدة.
ثالثاً: تتولى تركيا إنهاء ملف هيئة تحرير الشام وتنظيمات حراس الدين وجند الأقصى بأسرع وقت.
رابعاً: الفصائل العسكرية التي ترفض تنفيذ بنود الاتفاق سيتم التعامل معها عسكرياً.
هذا الاتفاق الذي سربه مسؤولون أتراك لأكثر من جهة، إنْ صح، فقد خلّف شعوراً بعدم الراحة لدى المحللين وأن التهدئة مشروطة بشروط قاسية يصعب تحقيقها؛ وأن تنفيذ هذا الاتفاق لن تقبل به هيئة تحرير الشام، كما أن هذا الاتفاق إن صح سيطرح تساؤلات حول استعداد الأتراك للقيام بعمل عسكري شامل أو محدود ضد هيئة تحرير الشام والفصائل المتطرفة الأخرى، وهو أمر مشكوك فيه، ما يعني أن الهدنة الحالية لن تطول وستعود طبول الحرب للقرع مرة أخرى نهاية الشهر أو بعده بقليل.
تساؤلات وتساؤلات
كان كثير من المتابعين للشأن السوري قد طرحوا تساؤلات عديدة بعد زيارة أردوغان لموسكو يوم السابع والعشرين من الشهر الماضي حول نجاح الزيارة نسبياً بالتمهيد لإيجاد حل وإن جزئي، وهل توصل أردوغان وبوتين لاتفاق مشروط يقتضي شيئاً من التهدئة مقابل قيام الجانب التركي بجهود إضافية يسعى من خلالها إلى مزيد من الضغط على هيئة تحرير الشام لتنفيذ البنود العالقة من اتفاق سوتشي الخاص بإدلب؟ وأهمها خروج عناصر هيئة تحرير الشام من المنطقة العازلة وتسيير الدوريات المنسقة بين الأتراك والروس محفوفة بطائرات مسيرة فوق المنطقة للتأكد من خلوها من عناصر الهيئة، وسحب السلاح الثقيل مسافة عشرين كيلومتراً داخل إدلب، وتقديم تفسير جديد لبند استعادة الطرق الدولية؟ وهذا ما سينظر فيه المجتمعون في أنقرة في القمة الخامسة وهل تحقق شيء من الجهود التركية؟ فإذا تحقق ما سبق فسيكون الطريق ممهداً لوضع أسس حل دائم. أم إن (السلطان) عاد من رحلته الى موسكو بخفي حنين..! ولم يحصل على شيء من الزيارة اللهم إلا أنه تذوق الآيس كريم الروسي الذي قدمه بوتين لضيفه(4)، في حركة تلفزيونية كان الهدف منها تغطية الفشل الذريع في المباحثات. وعندها سيكون لقاء أنقرة لاجتراح أفكار ومقترحات جديدة لإنقاذ مسار أستانا الذي بدأت تهدد مسيرته تجاذبات شركائه؟! أم إن زيارة أردوغان تعدُّ استمراراً لمسار استراتيجي قديم وطويل، وضع منذ أول اجتماع ممهداً لأستانا، في العشرين من ديسمبر عام 2016، وأن كل ما جرى منذ مباحثات أستانا 12 وبدء المعارك في الثاني من أيار/مايو واستيلاء النظام السوري على تل هواش وكفر نبودة والحويز وما حول قلعة المضيق، ثم استيلاء النظام بعد مباحثات أستانا 13 على اللطامنة وكفر زيتا ومورك وخان شيخون، كان بغض طرف تركي وفق تفاهمات كبرى بين الروس والأتراك والإيرانيين وعدم مبالاة من الأمريكيين، لتحقيق الهدف الرئيس من مسار أستانا بفصل تام بين النظام والمعارضة تمهيداً للسير قدماً بحل سياسي وفق مصالح دول محور أستانا مع مراعاة بعض المتطلبات الأمريكية.
هل غدر الروس بتركيا؟ أم عنتريات أردوغان السبب؟
لقد طرحت التطورات الأخيرة أسئلة كثيرة ومحقة ومتشعبة وتقود إلى استنتاجات متضاربة وتحتاج إلى بحث مستفيض وتحليل عميق للوصول إلى ترجيح أحد الاحتمالات. وسنحاول في هذه الورقة سرد بعض المواقف التي حصلت خلال الفترة الأخيرة، والتعمق فيها للوصول الى النتيجة التي يمكن الركون إليها والوصول إلى الإجابة على السؤال الجوهري الذي طرح في العنوان هل من حل لمعضلة إدلب؟.
1- لم يكن ليخطر ببال أكثر المتشائمين أن الاتفاق الذي تم في أستانا 13 بين الروس والأتراك حول تمديد العمل باتفاق سوتشي الخاص بإدلب سيجري نقضه بهذه السرعة، وخلال اثنتين وسبعين ساعة. فالأجواء كانت إيجابية رغم صعوبة المفاوضات، وانتهت نهاية طيبة كما أكد ذلك الطرفان التركي والمعارضة السورية التي حضرت جانباً من المفاوضات.
وهنا يطرح التساؤل التالي: هل كان الروس يبيتون الغدر سلفاً؟! وهذا مستبعد، إذ لم يكونوا بحاجة لهذا فهم من الصلافة والوقاحة ما يجعلهم يعلنون مواقفهم بوضوح ودون مواربة، أم إن نقاطاً محددة كان مطلوباً تنفيذها عبر اتفاق سوتشي وفور انتهاء مباحثات أستانا 13 وقد اقتنع الروس بعد عودة وفدهم من أستانا أن الأتراك الذين لم ينفذوها من قبل، لن ينفذوها بعد. أم إن خطباً ما قد حصل بعد انتهاء جلسة المفاوضات قد فجر الوضع وأشعر الروس أنه ليس من مصلحتهم الاستراتيجية الاستمرار في الاتفاق وأن شريكهم التركي الذي يفترض أن يكون شريكاً أوراسياً استراتيجياً ليس كذلك؟! وأن العلاقة بينهما لا تعدو أكثر من علاقة تكتيكية، وأنه يلعب على حبلي الروس والأمريكان، وأي مكسب يناله من أحدهما لن يوفره مستفيداً من حاجة كل من الطرفين له.
2- هل كان الخطب الجلل الذي فجر الوضع، وقلبه رأساً على عقب، هو تصعيد أردوغان أمر شرق الفرات يوم الأحد الرابع من آب/أغسطس، أي بعد يومين من انتهاء المفاوضات في أستانا 13، مشفوعاً بتسريبات أن الأمريكان والأتراك في طريقهم للتوصل الى اتفاق جزئي يمكن أن يتطور، في شرق الفرات؟! وهل نظر الروس إلى هذا الاتفاق على أنه عملية تذاكي تركي عليهم ، وأن أردوغان بعد أن ضمن تبريد الأرض في إدلب قرر أن يصعد، ويضغط على الأمريكان لتحسين موقعه التفاوضي معهم بشأن الحصول على اتفاق مناسب يضمن بموجبه تأمين أمنه القومي، وكسر شوكة خصومه الـ: “بي ي دي” ولو جزئياً؟ وهل أعطى الأمريكان الروس، ولأجل تقليص حجم المطالب التركية شرق الفرات، إشارة خفية أن بإمكانهم الضغط على الأتراك في إدلب مستخدمين أسلحة ليلية متطورة لم تكن تستخدم من قبل مع مشاركة إيرانية ملحوظة في المعارك وتوقف الأمريكيين عن التنديد بما يجري في إدلب؟.
بعضهم يرى أن ذلك كان أحد أهم الأسباب الحقيقية لتدهور الوضع في إدلب، وأن أردوغان تسرع بإعلانه قرب التوجه إلى شرق الفرات، وكان عليه التريث قليلاً لإعطاء فرصة لتثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، والوصول الى مزيد من التفاهمات مع الروس بشأن شرق الفرات، وعدم الركون إلى التصريحات الأمريكية الدائمة أن شرق الفرات شأن أمريكي خاص تتفاهم فيه مع من تشاء من شركائها ومنهم الأتراك.
3- بدأت تظهر تفاصيل جديدة في الأيام الأخيرة عن الاتفاق التركي الأمريكي حول شرق الفرات وأنه ليس كما يصفه الأتراك بأنه سينجم عنه منطقة آمنة ونقل مليون لاجئ سوري إليها (طوعياً)، بل هو اتفاق محدود جداً ذو سقف منخفض ويقسم المنطقة الى ثلاثة أقسام، ولن يعدو أكثر من إجراء أمني تضمن من خلاله تركيا شيئاً من أمنها دون أن تتمكن من إدخال جنودها أو الجيش الحر الى أي منطقة، وأن هذا الاتفاق لن يكون أفضل من اتفاق منبج الذي لم ينفذ حتى الآن، ولا يبدو أنه سينفذ بسبب اختلاف التفسيرات بين الطرفين الأمريكي والتركي لمعظم بنوده.
4- جرت لقاءات قبل القمة الثلاثية وبعدها، بين مسؤولين أتراك وقادة فصائل سورية من الجيش الحر معنية بشأن إدلب يتضح من خلالها أن الأمور لا تسير على ما يرام وأن الخطر يداهم إدلب مع تعنت هيئة تحرير الشام، رغم أنهم كانوا سابقاً يقولون إنهم سيدافعون عن إدلب كما لو أنها مدينة تركية! وقد كان الخطاب في معظم هذه اللقاءات تبريرياً ودفاعياً عن وجهة النظر التركية ومحملاً هيئة تحرير الشام المسؤولية فيما حصل. ويعتقد آخرون أن بعضاً من هذه اللقاءات جاء رداً على لقاء الجولاني مع الفعاليات المدنية، ورداً على تصريحه السابق بأن اتفاق وقف إطلاق النار قد تم خارج أستانا، وأنه غير ملزم به. فيما يرى بعضهم أن هذا التصعيد التركي هدفه الضغط بشدة على هيئة تحرير الشام لكي تقبل باتفاق سوتشي المعدل إن صح التقدير.
5- لقاء زعيم هيئة تحرير الشام الجولاني مع فعاليات جامعية ومدنية من وجهاء الثورة السورية المؤثرين وأكادمييهم في إدلب يوم الأربعاء الرابع من أيلول/سبتمبر أظهر الكثير من التحدي للنظام السوري وللروس، ولكنه بنفس الوقت كان مبرراً للهزيمة، وأنه من الممكن أن نخسر معركة ولكن علينا أن نربح الحرب، وأنه لا يوجد مشروع سياسي يمكن أن يوقف الهجوم الروسي(5)، فهل كان هذا الخطاب إعلاناً عن رفضه للمقترحات التركية حول ضرورة التطبيق الكامل لاتفاق سوتشي؟(6). أم إن ذلك مناورة هدفها تحسين موقعه التفاوضي مع الأتراك وربما الروس مستقبلاً. والكل يعلم أنه لم يقبل بنشر نقاط المراقبة التركية في إدلب بغير ثمن بل حصل على مكاسب مهمة سياسية واقتصادية ساهمت بتعزيز مكانته في إمارة إدلب وعلى حساب الفصائل الأخرى من الجيش الحر. أم إن هذا اللقاء كان هدفه الأساسي تخفيف الاحتقان الشعبي ضده وضد الهيئة في إدلب؟(7)
6- أظهر الجولاني، قبل القمة الثلاثية بقليل وبعدها، بوادر ليونة ما في موقفه المتشدد ورغبة في إيجاد حل فهل يعني هذا أنه بدأ يشعر بحراجة الموقف وأن عليه أن يقبل بما كان يرفضه من قبل وأن أحلامه بإقامة الإمارة وتوليه دور الصدارة في تقرير مستقبل سورية قد ذهب أدراج الرياح، وهذا ما يمهد لقبوله بخروج قواته من المنطقة العازلة والتخلي نهائياً عن مفاهيم السلفية الجهادية في الحرب. قد يصعب تصديق هذا ولكن ما عرف عنه من براغماتية شديدة قد تجعل الأمر واقعاً وعندها يمكن القول إن الضغوطات الشديدة عليه ديبلوماسياً وعسكرياً قد نجحت.
من خلال سبر أغوار ما سبق بشكل معمق، واستقراء وقائع أخرى نجد أنفسنا في ورقتنا هذه أميل الى تبني الاحتمال التالي، وهو أن أردوغان وبوتين توصلا في موسكو أولاً لاتفاق مشروط يقتضي شيئاً من التهدئة في إدلب مقابل قيام الجانب التركي بجهود إضافية يسعى من خلالها إلى مزيد من الضغط على هيئة تحرير الشام لتنفيذ البنود العالقة منذ اتفاق سوتشي الخاص بإدلب، وهذا ما ظهر جلياً لدى تراجع حدة المعارك في إدلب بعد عودة الرئيس أردغان من موسكو، كما أن هناك بوادر لانسحاب قوات النظام من حول النقطة التركية في مورك وحلول القوات الروسية بدلاً عنها، واستلامها الحواجز هناك، ممهداً لبقاء نقطة المراقبة التركية في مكانها وقيامها بدور ما مع القوات الروسية ومعززاً ما قاله أردوغان من أن نقاط المراقبة سيكون لها دور في حماية المدنيين وأنهم لن يسحبوها من مكانها في الوقت الحاضر. ثم أكمل الرؤساء الثلاثة ثانياً في قمة أنقرة ما توصل اليه أردوغان وبوتين في موسكو، ووضعوا النقاط على الحروف فيما يتعلق بمصير إدلب وتوجيه إنذار أخير لهيئة تحرير الشام فإذا لم تستجب وتعمل على حل نفسها فإن الحرب ستستأنف قريباً شرق خط m5 لإنهاء الهيئة وحلفائها عسكرياً والاستيلاء على المعرة وسراقب حتى الزربة أولاً، ثم التوجه الى جسر الشغور وهذا ما يعني تنفيذ اتفاق سوتشي بالقوة وبتفاهم أركانه الثلاثة.
والسؤال: هل بإمكان الأتراك إقناع هيئة تحرير الشام من خلال العصا والجزرة، بالتخلي عن فكرة السلفية الجهادية القاضية باستمرار الجهاد والحفاظ على ثغور الرباط، والتحول إلى حركة تحرر وطنية ذات مطالب سياسية واضحة. وهل اقتنعت هيئة تحرير الشام التي أظهرت في الآونة الأخيرة براغماتية لا يستهان بها، أنها ستزول إن لم تعدل من سلوكها وتقطع صلتها بالمنظمات الإرهابية، وتقبل بالحل السياسي.
الحقيقة أن الجواب على هذا السؤال المحوري هو الذي سيقودنا للقول:
أن هناك بارقة أمل بحل معضلة إدلب التي طالت طويلاً أم لا.
التعليقات والهوامش:
1- القمة السادسة ستتم في طهران خلال أشهر كما صرح بذلك الرئيس الإيراني روحاني.
2- كان الأمل في إيجاد حل لمعضلة إدلب قد بدأ بعد تصريحات الرئيس أردوغان يوم الجمعة الثالث عشر من شهر أيلول الحالي في مقابلة مع وكالة رويتر بمكتب رئاسة الجمهورية التركية في قصر دولمة بهتشة بمدينة استنبول وتضمنت الكثير من العبارات الملفتة للانتباه فيما يخص إدلب ولعل من أهمها قوله، إنه مصمم على الحصول على هدنة دائمة في إدلب خلال اللقاء الذي سيجري في أنقرة يوم الاثنين السادس عشر من هذا الشهر بين أقطاب محور أستانا الثلاثة الروس والأتراك والإيرانيين، وأن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تعرضت نقاط مراقبتها لمضايقات، وأن انسحاب تركيا من نقاط المراقبة أمر ليس وارداً في الوقت الراهن؟، وأن الهدف من نقاط المراقبة هو المساهمة في حماية المدنيين بإدلب، وأن تركيا تولي أهمية للحفاظ على وضع إدلب كمنطقة خفض توتر، وأنه لا يمكن قبول استهداف المدنيين من قبل قوات النظام بدعوى محاربة الإرهاب، كما حذر من أن هذه الهجمات ستؤدي الى موجة لجوء جديدة نحو تركيا وانهيار الحل السياسي، كما هدد الأوربيين من طرف خفي بقوله إن عدم تحمل أوربا لمسؤولياتها (من خلال ضغط دولي لوقف الحرب في إدلب) سيضطر تركيا لفتح أبوابها أمام اللاجئين للتوجه إلى أوربا، كما أكد التزام تركيا باتفاق سوتشي الخاص بإدلب وتطلعها إلى التزام الجميع بذلك.
3- يعتقد أن المؤتمر الذي سيقيمه حزب الشعب الجمهوري في الثامن والعشرين من الشهر الحالي لمناقشة وضع اللاجئين السوريين ودعوة عضو القيادة القطرية السورية خلف المفتاح في النظام السوري وآخرين منه يقع ضمن سياق ما اتفق عليه في القمة من وضع أسس للحل الشامل في سورية.
4- يرى بعض المتهكمين أن الآيس كريم هذا، كان هو الشيء الوحيد الذي حصل عليه أردوغان بدون ثمن وأن الروس لن يقدموا هدايا مجانية ولو صغرت تقديراً لضيفهم الكبير.
5- بدأ الجولاني حديثه كما نقل عنه من حضر الاجتماع في الرابع من سبتمبر، بالقول لا يوجد مشروع سياسي يمكنه أن يوقف هجوم النظام والروس فالمعركة العسكرية هي التي تخط وجه السياسة، والضامن الوحيد بعد الله هم المجاهدون ومن خلفهم الأهالي وأن مصادر القوة في المحرر كانت لاتزال موجودة وأبرز عواملها الانسجام بين الفصائل وبقاء المؤسسات واستقرار عملها (يقصد حكومة الإنقاذ)، الأمر الذي أغاظ العدو بخلاف النظام الذي يتراجع في مؤسساته ويعاني التفكك، وضرب مثالاً بالقول إن جرار الغاز المنزلي والمحروقات لم تنقطع يوماً في المحرر، بالإضافة إلى التلاحم بين الفصائل والأهالي. كما تطرق إلى الدور الكبير الذي لعبته الهيئة بالقضاء على فكرة المصالحات التي سعى الروس والنظام لتحقيقها في إدلب، وأنهم يحاولون إعادتها اليوم وأننا لن نتسامح معها وسندفنها حية، وضرب مثالاً بأن سور الصين العظيم لم ينفع أهله بسبب خيانة عميل واحد أدخل العدو من البوابة. ثم دعا الى رص الصفوف قائلاً بأنَّ الإمكانيات العسكرية في المحرر كافية لدحر النظام إن استمر تكاتف الفصائل ووقفت صفاً واحداً. وأن علينا ألا نستسلم للخسارة الأخيرة وألّا نعدُّ خسارة معركة هي خسارة للحرب، وأن التركيز على الماضي هو بداية الخسارة، وأن الحرب معظمها معنوية ومن يكسر إرادة الآخر هو من يربح. وختم بالقول إن كل ما يقال عن هدنة هو لكسب الوقت لا أكثر، وإن النظام والروس والإيرانيين يعلمون أنهم يخوضون معركة عسكرية مكلفة جداً، وأنهم بالرغم من أنهم يملكون نفساً طويلاً لكنهم مستنزفون ويدفعون ضريبة ذلك، وأنتم ترون بأم أعينكم أن النظام عمد الى التجنيد القسري.
6- سارع الجولاني بمجرد الإعلان عن التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في مباحثات أستانا 13 بالقول إن هذا الاتفاق لم يتم في أستانا وإنه تم في مكان آخر وإنه يرفضه ولن يقبل به، ما تسبب وفق محللين بإعطاء الذريعة للنظام والروس لنقض الاتفاق بعد يوم واحد من تصريحات الجولاني.
7- حصول مظاهرات كبيرة في إدلب تندد بالهيئة وبالجولاني، معبرة عن أن الناس قد فاض بهم الكيل، وقاموا بها رغماً عنه ولم تكن تنفيساً سُمح به كما يروج بعض أنصاره، فيما يرى آخرون أن تركيا تقف خلفها، بهدف التمهيد لتقويض سلطته قريباً. كما أطلق أبو العبد أشداء وهو أحد قادة الصف الثاني في الهيئة تصريحات نارية، تحدثت عن تصرفات مستهجنة قامت بها الهيئة واحتكارات تجارية يمارسها مقربون من زعيمها، وربما يمهد هذا لانشقاقات كبيرة وخصوصاً عندما يتم التشديد قريباً على الهيئة سياسياً وعسكرياً.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.