تزامناً مع إحياء العالم الذكرى الـ 19 لهجمات 11 أيلول، التي طالت عدة مبان رسمية في الولايات المتحدة عام 2001، تكشف مصادر أمريكية، أن العملية برمتها استغرت نحو 102 دقيقة، منذ بدء الهجمات وحتى انهيار مبنيي التجارة العالميين، وأن 18 شخصاً فقط نجو من الهجوم، الذي استهدف البرجين، وهم من كانوا يعملون في الطوابق تحت الأرضية من الأبراج.
وكانت هجمات 11 أيلول، التي تبناها تنظيم القاعدة، قد استهدفت بالطائرات المدينة برجي التجارة في نيويورك ومقر البنتاغون، وعدة مقار حكومة أمريكية، ظهر يوم 11 أيلول 2001، بعد أسابيع قليلة من تولي “جورج بوش الابن”، رئاسة الولايات المتحدة.
أكبر الخاسرين
تعليقاً على آثار الهجمات، يقول الباحث الاستراتيجي، “منير الفايز” لمرصد مينا: “انهيار المبنيين والهجمات برمتها، أسهمت بشكل كبير في صعود ما بات يعرف لاحقاً بـالتطرف الإسلامي أو الإرهاب الإسلامي، والذي أصبح يرتبط بأي عملية تخريبية يشهدها العالم، ويتم تداوله كأول فرضية حيال تلك الحوادث، مشيراً إلى أن 11 أيلول كان اليوم الأول، الذي قسم فيه العالم إلى مسلم وغير مسلم”، لافتاً إلى أنه ومنذ ذلك الوقت، بات المسلمون في العالم متهمين حتى يثبتوا براءتهم.
إلى جانب ذلك، يوضح “الفايز” أن الأحداث التي وقعت في أجواء الولايات المتحدة وعلى أراضيها، انعكست نتائجها على العالم الإسلامي، وتحديداً في حربي العراق وأفغانستان وما رافقها من ويلات مرت على الشعبين، بالإضافة إلى إطلاق الرئيس الأمريكي حينها، “جورج بوش الابن”، ما أسماه الحرب على الإرهاب، والتي شملت غارات طالت الصومال والسودان واليمن وباكستان، معتبراً أن النتائج الفعلية للعمليات الإرهابية وردود الفعل عليها أدت إلى إزهاق أرواح أكثر من ميلون إنسان، خاصةً وان تنظيم القاعدة كرر العمليات الإرهابية في العديد من مدن العالم، بما فيها الدول الإسلامية وأسفرت عن مقتل الآلاف.
وكان الرئيس الأمريكي الأسبق، “جورج بوش” قد أعلن الحرب على تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفعانستان، بعد أسابيع من العملية، كما أتبعها بحرب أخرى في العراق عام 2003، بتهمة ارتباط نظام “صدام حسين” بالقاعدة وامتلاكه صواريخ دمار شامل، حيث صرح الرئيس الأمريكي بالتزامن مع الأحداث الجارية، بأن الحرب على الإرهاب قد بدأت.
الحديث عن آثار أحداث 11 أيلول، يعني ضرورة تذكر أن الحركات المتطرفة وضعت المسلمين في العالم ضمن دوائر الاتهام المسبق، رغم كونهم ضحايا للإرهاب ذاته، وفقاً لما يراه خبير الحركات الإسلامية، “عبد الرحمن الأحمد”، لافتاً إلى أن العمليات الإرهابية عموماً وأولها أحداث 11 أيلول أدت إلى تراجع التعاطف والاهتمام الدولي بالقضايا العربية بما فيها القضية الفلسطينية، كما أنها وضعت المسلمين على ضفة صراع ضد بقية المجتمعات الأخرى في كل أرجاء الكون.
إجراءات وتقييد ومعتقل خاص
أثر العمليات الإرهابية في الولايات المتحدة على العالم الإسلامي، يلخصه المحلل السياسي، “طه ياسين”، إلى جانب الحروب والغارات، بالإجراءات الدولية ضد المسافرين المسلمين بين دول العالم، مشيراً إلى أن الكثير من المطارات بعد 11 أيلول باتت تفتش المسلمين بشكل أكثر دقة من غيرهم وتدقق في إجراءات دخولهم وأواقهم، بالإضافة إلى القرار الذي أصدرته الإدارة الأمريكية الحالية، بعدم السماح لمواطني 5 دول عربية وإسلامية بالدخول إلى الولايات المتحدة، خوفاً من وجود ارتباطات بالإرهاب.
كما يوضح “ياسين” أن تأثيرات العمليات الإرهابية، طالت حتى الجوانب الشخصية لحياة المسلمين، من اللباس الشرعي والالتزام الديني أو حتى الصلاة والصوم، التي باتت تمثل في أذهان الكثيرين علامات تطرف محتمل، كما أنها فتحت الباب أمام الكثير من الدول لاضطهاد الجاليات الإسلامية لديها بذرائع محاربة الإرهاب، كما هو الحال في الصين وميانمار.
وكانت تقارير حقوقية، قد أفادت باحتجاز السلطات الصينية لأكثر من مليون من مسلمي الصين في معسكرات احتجاز مغلقة، بالإضافة إلى فرض سياسة الإخصاء الإلزامي على الذكور، والمنع من ممارسة أي شعائر دينية، بما فيها الصلاة والصوم وإقامة مأتم على الطريقة الإسلامية، فيما كشفت تقارير دولية عن سياسة تطهير طائفي وحرب إبادة يتعرض لها المسلمون في ميانمار، تضمنت عمليات اغتصاب وإعدام ميداني وتهجير.
أما عن أبرز التأثيرات المباشرة لأحداث 11 أيلول، يختصرها “ياسين” بإنشاء معتقل غوانتنامو سيء السمة، الذي يختص بنقل المعتقلين المسلمين بشكل خاص إليه، معتبراً أن تلك الخطوة من الإدارة الأمريكية، كانت بمثابة ربط شبه رسمي بين الإرهاب والإسلام.
كما يتسائل “ياسين” عن الأشياء التي قدمها منفذو الهجمات للعرب والمسلمين من خلال أحداث 11 أيلول، وأي فائدة كانوا ينتظروها، سوى تدمير دولٍ عربية وإسلامية بأكمالها، ووضع المسلمين في حالة عداء شبه كامل مع العالم، لافتاً إلى أن الأحداث وما تبعها على مدار 19 عاماً، يشير بشكل جدي إلى مدى حاجة المجتمعات العربية والإسلامية إلى الوعي والتفكير المنطقي بعيداً عن التأثر بالدعايات التي تمارسها التنظيمات المتطرفة.