“نحن نجري مراجعة مستمر” للوضع في العراق، هكذا قال “ديفيد شنكر” مساعد وزير الخارجية الأمريكي في مقابلة تلفزيونية أجريت معه، الجمعة، كما أوضح أن “قاسم سليماني” المتواجد حالياً في بغداد بغرض الإشراف على اختيار رئيس حكومة جديدة، ملاحق دولياً، وان الحكومة العراقية الآن هي من تمتلك حق وقدرة القبض عليه، وتسليمه للمحكمة الدولية.
لكن الوضع، ليس بهذه البساطة ولا بهذه السهولة، إذ أن ما يجري في العراق من مظاهرات وحتى من تدخل إيراني، هي قضايا حساسة ومصيرية، كما توجد إمكانية أن يحدث هناك تطورا كبير، قد يخلط الأوراق أكثر من الحالة التي هي عليه اليوم.
“شنكر”، قال -بحسب ما نقلته قناة العربية- إن قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني “لديه سجل في انتهاك السيادة العراقية. وهو موجود في بغداد لاختيار رئيس الوزراء العراقي المقبل، وهذا أمر مرفوض”.
وشدد، على أن “سليماني”، ينتهك حظر السفر المفروض عليه من قبل مجلس الأمن”، كما أوضح أن واشنطن لا تمتلك الصلاحيات لاعتقال سليماني في العراق، وتابع: “بإمكان الحكومة العراقية اعتقال قاسم سليماني حسب قرار من مجلس الأمن”.
ونفى شنكر أي تدخل أميركي في الشأن العراقي أو اللبناني، قائلاً: “نحن لا نتدخل في شؤون العراق أو لبنان ولا نقرر من هو رئيس الوزراء المقبل. كما أننا لا نؤسس مليشيات أو منظمات إرهابية في العراق. إيران هي من تفعل ذلك”.
أما في شأن احراق محتجين للقنصلية الإيرانية في النجف فقال شنكر: “لا نؤيد حرق القنصليات، لكن الشعب العراقي يعرف من هو سبب المشكلة التي يواجهها، لذا قام بحرق القنصلية”.
وتأتي تصريحات “شنكر” في الوقت الذي يتخبط الإعلام الأمريكي والعالمي حول عدد الجنود الأمريكيين القادميين إلى الشرق الأوسط، بهدف حماية المصالح الأمريكية من الأعمال الإيرانية، دون أن تتوقف التحليلات العسكرية حول احتمالية اندلاع حرب برية بين القوتين النوويتين المتصارعتين على امتلاك الشرق الأوسط، إيران وأمريكا.
في حين يرى خبراء، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل ومنذ أشهر على تقليص نفوذ المليشيات الإيرانية العاملة في المنطقة بشكل عام، وعلى هذا الأساس شنت إسرائيل عمليات قصف جوية بلغت نحو مئة غارة قوية، استهدفت من خلالها منشآت عسكرية إيرانية في سوريا، منها معامل لتصنيع الصواريخ البالستية على الحدود العراقية السورية، وهو ما تخشى فعلاً إسرائيل أن يصل لأيد حزب الله، الذي يعمل على توسيع نطاق عمليه في الجنوب السوري، في المناطق المتاخمة لهضبة الجولان السوري المحتل.
قصقصة الأجنحة الإيرانية، تأتي بالتوازي مع العقوبات التي أنهكت الداخل الإيراني الذي انفجر قبل أكثر من شهر، ولم تستطع إيران أن تسيطر عليه إلا بالطرق الوحشية التي اتبعتها في سوريا.
العراق أرض المواجهة القريبة
تتباين وجهات النظر حول احتمالية كون العراق ميدان الحرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، حتى الخبراء العراقيين أنفسهم لم يتمكنوا من حسم هذا الجل في أمر حساس وهام بالنسبة لهم.
يرى “حسن منيمنة” أستاذ الشرق الأوسط في معهد واشنطن، من جهته أن الحصار على إيران أثبت نجاعته بحسب المنظور الأمريكي، و أنه –الحصار الاقتصادي المفروض على إيران- “يحقق النتائج المطلوبة منه”، لذلك فإن أمريكا ليست بحاجة إلى أي تصعيد عسكري.
ويؤكد الخبير والمحلل السياسي العراقي “عباس موسوي”، أن أمريكا قادرة على إشعال المنطقة بأكملها بكبسة زر إلا أنها لن تكون قادرة على ضبط الأمور بعدها، فردة الفعل ستكون أكبر من القدرة الأمريكية على الحسم، وستصبح قواتها في العراق مهددة بفضل الأذرع العسكرية الإيرانية العاملة في بلاد الرافدين، وهو ما قد يقود إلى عمليات ثأر متبادلة، وفق ما نقلته قناة DW الألمانية.
بيد أن مناف الموسوي، مدير مركز بغداد للدراسات الاستراتيجية، قلل من احتمال دخول العراق في هذه الأزمة حتى لو اندلعت الحرب أو حصلت أية اشتباكات بين القوات الإيرانية والأمريكية، ويوضح: “أمريكا لديها قواعد عسكرية عدة في دول الجوار مثل قطر وغيرها، كما أنّ لديها أسطولا بحريا وحاملات طائرات ضخمة ولن تحتاج الأراضي العراقية من أجل استهداف إيران”.
لكن التطورات الأخيرة، من سقوط صاروخ كاتيوشا على قاعدة بلد الجوية القريبة من العاصمة بغداد، وقبلها صاروخ من ذات النوع على المنطقة الخضراء أكثر منطقة محصنة وآمنة في العراق والتي فيها السفارة الأمريكية، ما يشير إلى أن الصاروخين من ذات المصدر، يظهر أن “هناك من يريد جر طهران وواشنطن للمواجهة” في العراق، بحسب ما يقول المحلل السياسي العراقي عصام الفيلي. ويضيف “هناك من يريد أن يقاتل إيران بغير سلاحه، ومن يريد أن يقاتل الولايات المتحدة بغير سلاحه”.
ويشير بعض اهللمحللين إلى إمكانية شن الولايات المتحدة الأمريكية، ضربات محدودة أو عمليات استنزاف في العمق الإيراني، ومنهم المحلل السياسي “هشام الهاشمي” الذي يرى أنه “وبحسب تجربة سابقة، لن تكون هناك حرب مباشرة، فالولايات المتحدة تعتمد على الإنهاك الاقتصادي الذي قد تصاحبه ضربات جوية محدودة لاستنزاف العمق الإيراني”.
ويوضح “الهاشمي” بأنه “قد تستعين واشنطن أيضا بسلاح الجو الإسرائيلي لتنفيذ ضربات نوعية وقطع أوصال حلفاء إيران في العمق السوري واللبناني والعراقي”، في إشارة إلى حزب الله اللبناني والفصائل الشيعية في العراق وسوريا.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.