تزايدت سخونة المشهد في لبنان، مع فشل تشكيل الحكومة اللبنانية وتمسك رئيس الوزراء المكلف “حسان دياب” بتشكيلها، بالإضافة لازدياد سوء الوضع الاقتصادي المرتبط بفضائح المصارف اللبنانية واسبوع الغضب الذي أطلقه المحتجون اللبنانيون، بشكل يوحي بدخول لبنان منعطفات خطيرة مع تحول المظاهرات والاحتجاجات لمراحل الصدام والمواجهة مع القوى الأمنية بعد قطع العديد من الطرقات في شتى أرجاء البلاد.
أسبوع الغضب
دعا الناشطون اللبنانيون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمشاركة بانتفاضة جديدة ضد التردي الحاصل في لبنان، أطلق عليها “أسبوع الغضب” كرد غاضب على المحاصصة التي تتمسك بها القوى السياسية في لبنان، التي رفضت حتى اللحظة تشكيل حكومة تكنوقراط تعالج التدهور الاقتصادي والاجتماعي.
وضع اقتصادي متردٍّ
خسر آلاف اللبنانيين وظائفهم ومدخراتهم المالية ورواتبهم خلال الشهور الثلاثة المنصرمة، حيث تقلصت القيمة الشرائية للعملة اللبنانية مقابل الدولار في انخفاض مدو لم تشهده الليرة اللبنانية قبلاً حيث لامس سعر الصرف في الأسواق عتبة 2500 ليرة للدولار الواحد، مقابل سعر صرف رسمي 1507 ليرات!.
احتجاج وقطع طرق
بادر المحتجون اللبنانيون إلى قطع مختلف الطرق الرئيسية في العاصمة بيروت ومختلف مناطق لبنان خلال الأمس واليوم، واستخدموا اطارات مشتعلة وحجارة لسد تلك الطرق، بالتوازي مع احتشاد المئات في شارع الحمرا أمام مصرف لبنان المركزي للتنديد بسياسات حاكم المصرف “رياض سلامة” ليشهد الشارع اعتداءات مجهولة نجم عنها، تكسير لبعض المحلات وتدخل من قبل القوى الأمنية التي اعتقلت عشرات من المشتبه بهم في تلك العمليات التخريبية.
ووثقت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتداء القوى الأمنية على المتظاهرين وتوقيف عدد من الأشخاص.
هذا وشهدت مختلف المحافظات اللبنانية في الشمال والحنوب والبقاع قطع الطرق واشتباكات مع قوى الأمن ونزول الجيش للشوارع للسيطرة على مجريات الأمور التي تهدد بمنزلقات خطيرة.
فضائح مصرفية
كتبت جريدة الأخبار اللبنانية، أن المصارف اللبنانية استدانت مبلغ 5 مليارات دولار بفوائد تصل 20% تحت ذريعة تسيير أمور المودعين، لكنها استخدمتها في عمليات المضاربة على الليرة مع الصرافين في السوق اللبناني، مما سبب انخفاضاً حادا في قيمة الليرة وصل لنسبة 65%.
واجتمع حاكم مصرف لبنان بوفد من نقابة الصرافين، طالب فيه بتحديد سعر صرف موحد بقيمة 2000 ليرة للدولار الواحد بدلاً من 2500 السعر الذي تقدمه السوق اليوم، في دلالة خطيرة على توجه البنك المركزي لرفع سعر صرف الدولار وخفض قيمة الليرة!.
مواقف دولية غاضبة
تزداد حدة المواقف الدولية المحذرة من نتائج تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان، حيث يخشى على اقتصاد لبنان الانهيار!.
قال “بأن كوبيش” المنسق العام للأمم المتحدة في لبنان، أن على السياسيين اللبنانيين لوم أنفسهم على الفوضى في البلاد، حيث وقفوا وقفة المتفرج فيما الاقتصاد اللبناني على وشك الانهيار.
ودعا المسؤول الأممي لعدم لوم الشعب على هذه الفوضى الخطيرة معتبرا ما يجري بالأمر العجيب نظرا لتفرد لبنان وطلب حاكمه صلاحيات استثنائية لإدارة الاقتصاد.
وسبق أن طلب “رياض سلامة” حاكم المصرف المركزي، سلطة استثنائية لإدارة الاقتصاد، في خطوة يريد منها تنظيم القواعد التي تطبقها البنوك التجارية.
ستيفان دوغريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، دعا القادة اللبنانيين الاصغاء لصوت المحتجين، والمسارعة لإيجاد حل للأزمة، مؤكدا أن المجتمع الدولي يسعى للقيام بدوره من خلال مجموعة الدعم الدولية والمنظمات المالية الدولية، لإيجاد ما يمكن لدعم لبنان وشعبه.
انتقادات وربط الفشل بالحكومة
من جهتها، اعتبرت جمعية المصارف اللبنانية، أن التباطؤ الكبير وغير المسؤول في تأليف الحكومة اللبنانية، هو ما تسبب بالمنزلقات الأخيرة، وهو السبب نفسه في وضع المصارف في الواجهة أمام الجماهير الغاضبة لإظهارها بمظهر المسؤول عن تردي الوضع الحاصل.
المحتجون من جهتهم، اعتبروا أن المصارف تربحت على خسابهم، حيث تجاوزت أرباح المصارف الـ 20 مليار دولار على مدى السنوات الماضية، في حين يتحمل أصحاب الودائع المتوسطة والصغيرة وأصحاب الحسابات الجارية تبعات الأزمة، بعد أن حدد سقف السحوبات ومنعوا من سحب أموالهم علىعكس السياسيين وكبار المتمولين الذين هرّبوا أموالهم للخارج!.
مواقف وتصريحات
اعتبر رئيس الوزراء المؤقت “سعد الحريري” أن لبنان بحاجة للتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بشأن اقتصاده الذي يمر بأزمة غير مسبوقة، مشددا على تشكيل حكومة جديدة تشرف على ذلك.
في سياق متصل، أدان “نبيه بري” ما حصل في شارع الحمرا، واستنكر ما جرى، دون تحميل الحراك المدني مسؤولية تلك الأحداث التخريبية.
أما السياسي اللبناني “وليد جنبلاط” فقد رفض ما جرى، مذكراً بأن الأزمة المالية الحالية من أسبابها، رفض الفرقاء الحكوميين القيام بالإصلاحات في قطاع الكهرباء.
ويعيش لبنان في أجواء احتجاج جماهيري غير مسبوق منذ 17 تشرين الأول / أكتوبر الماضي، بعد تردي الأوضاع الاقتصادي بشكل كبير لتتصاعد موجات الاحتجاج ونعم مظاهر الغضب مختلف البقاع اللبنانية بشكل يؤكد أن منعطفات المشهد اللبناني القادمة لا توحي بقرب انفراج الأمور، مما ينذر بأخطار كبيرة لا يمكن تقدير نتائجها بدقة سواء على لبنان، أو المنطقة الإقليمية المضطربة أصلاً.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي.