بيّن المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الخطاب الإفتائي في الداخل التركي وخارجه تم توظيفه ليكون مؤيدًا لأعمال أردوغان التوسعية، حيث إن الرئيس التركي وأتباعه لم يسلموا من توظيف الخطاب الديني بصفة عامة والإفتائي على وجه الخصوص ليكون غطاءً لعملياتهم العسكرية، مصدِّرين للشعوب والأمم أنهم حملة لواء الخلافة، والمسؤولون عن نصرة المسلمين في العالم وخلاصهم من الاضطهاد والظلم.
حيث أعلن “المؤشر العالمي للفتوى” التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن أغلب الفتاوى التي يتم إصدارها في تركيا، تكون لخدمة أعمال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التوسعية في المنطقة، وتبريرا لحملاته التي يشنها كذلك.
وبصدد الفتاوى المؤيدة لأردوغان، فقد أكد المؤشر أن الفتاوى السياسية الصادرة من شيوخ تركيا تمثّل 30% من الفتاوى التركية، وأن 90% من تلك الفتاوى تدعم أردوغان، مشيراً إلى إن “بعض الفتاوى أوصلته لمرتبة الأنبياء، وبعضها حرم معارضته”.
وأوضح مؤشر الإفتاء أن خطاب المؤسسة الدينية الرسمية كان تبريرًا إلى حد كبير، ويرسخ مبدأ قبول الأفعال دون مناقشة أو تفكير، ويصور للناس أن ما يقوم به أردوغان حرب مقدسة، فقد نشر رئيس مؤسسة (ديانت) التركي علي أرباش، تغريدة على حسابه الرسمي في تويتر، دعا فيها جميع المساجد إلى قراءة “سورة الفتح” كل يوم في صلاة الصبح، وذلك طوال فترة العملية العسكرية في سوريا. وقال أرباش: “سنقرأ ونصلي بسورة الفتح في صلاة الصبح بجميع مساجدنا حتى نحقق الانتصار في العملية العسكرية التي بدأتها قواتنا الأمنية ضد المنظمات الإرهابية في شمالي سوريا”، وذلك إبان عملية تبع السلام التي شنتها القوات التركية في الشمال السوري.
ويعني “أرباش” بالمنظمات الإرهابية: الفصائل الكردية، التي تعتبرها أنقرة “إرهابية” نظرًا لارتباطها بحزب العمال الكردستاني الذي خاض تمردًا داخل الأراضي التركية.
واتعتبر المؤشر أن هذه الفتاوى بررت لأردوغان عملياته التوسعية، وأعطته تبريرًا دينيّا فيما يتعلق بحملاته أمام شعبه، لا سيما أنه كثيرا ما يلعب على الوتر الديني الذي يدغدغ مشاعهر كثير من أبناء الشعب التركي، صارفا النظر عما يجري أثناء الحملات التركية من قتل للأطفال والنساء والمدنيين العزل.
وبحسب المؤشر فلم يوظف أردوغان الخطاب الإفتائي في الداخل لتبرير أعماله العسكرية فحسب بل استغل الخطاب الإفتائي الخارجي أيضًا، حيث أوضح المؤشر العالمي للفتوى أن أردوغان يوظف الفتاوى في الخارج التركي بنسبة (70%)، وأشار المؤشر إلى استقطاب مفتين لتبرير التدخلات التركية في ليبيا بقواعد فقهية وشرعية، مثل “دفع العدو الصائل” و”إقامة الخلافة” و”تطبيق الشريعة”، كفتوى الشيخ الليبي عمر مولود عبد الحميد “إنّ طلب حكومة الوفاق الوطني (الليبية) المساعدة من الحكومة التركية هو حق شرعي لا غبار عليه؛ كون تركيا دولة مسلمة وليبيا دولة مسلمة.
وكذلك الداعية الليبي المقرب من جماعة الإخوان المسلمين “الصادق الغرياني” أفتى بأن هذا التدخل التركي “حلال شرعًا ومشروع قانونًا”، واستشهد الغرياني على ذلك بآيات قرآنية. كما قال “الغرياني” في مقابلة مع قناة تلفزيونية تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية تبث من تركيا: “إن مذكرتي التفاهم التي وقّعها رئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج مع الرئيس التركي حول ترسيم الحدود البحرية والتعاون العسكري فرصة شرعية يجب علينا أن نغتنمها؛ لأنه تحالف ضد عدو غادر”.
وانتهى المؤشر في سياقه هذا إلى أن تلك القواعد الفقهية مثل “دفع الصائل” وغيرها، هي ذاتها التي أدلى بها الإرهابي الليبي “عبد الرحيم المسماري” حين ألقي القبض عليه في القاهرة عام 2017 على خلفية حادث الواحات الإرهابي والذي أسفر عن استشهاد نحو 16 شرطيًّا وإصابة آخرين، كما اعتبر المؤشر أن إيواء الدولة التركية لأفراد من جماعة الإخوان جعل من السهولة الاستعانة بمفتي الجماعة لإصدار الفتاوى المرسخة لأيديولوجية الرئيس التركي وتنفيذ سياساته الساعية للهيمنة على الدول والشعوب، بالقوتين الخشنة كالحملات العسكرية التي يشنها، والناعمة كمسلسلي “قيامة آرطغرل” و”وادي الذئاب”.