شكّل تراجع حركة النهضة الإخوانية عن دعم حكومة المكلف “إلياس الفخفاخ” صدمة هزت الوسط السياسي التونسي، لا سيما وأن الحركة دخلت بمفاوضات سابقة مع الفخفاخ بل وصرح قياديوها بتمرير الحكومة حماية للبلاد من مغبة التطويل واستمرار الفوضى السياسية.
ومنح “الفخفاخ” حركة النهضة ستة وزراء، رفضتهم الحركة معتبرة أن وزنها النيابي لا يلتقي وتلك الوزارات لتتذرع بوجوب اختيار حكومة وحدة وطنية تبرر رفضها لاختيارات الفخفاخ، من جهته، أعلن رئيس الوزراء المكلف امتعاضه من خيبة الأمل التي نجمت عن قرار النهضة، مؤكدًا أنه وبعد التشاور مع الرئيس التونسي قررا إعلان الحكومة بغض النظر عن التداعيات.
وأطلق الرئيس “قيس سعيد” تعليقًا يؤكد ما سبق وصرّح به الفخفاخ، واضعًا مصلحة البلاد والخيارات الدستورية فوق الجميع في تلميح إلى احتمالية إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وشدد الرئيس التونسي قيس سعيد، على أنه لن يترك بلاده تتقاذفها المصالح، قائلا إن “المناورة تحت عباءة الدستور لا يمكن أن تمر”.
جاء ذلك في بيان صادر عن سعيد في ساعة متأخرة من مساء السبت، في أول تعليق على إعلان رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ تشكيلته المقترحة، بعد انسحاب النهضة منها، وقال سعيد في البيان إن “تونس فوق كل الاعتبارات الظرفية والصفقات التي يتم إبرامها في الظلام أو تحت الأضواء، ولن نترك البلاد تتقاذفها المصالح”.
وأضاف أن “المناورة تحت عباءة الدستور لا يمكن أن تمر” موجهاً مطالبه بأن يكون “الجميع في مستوى المرحلة واللحظة التاريخية”، وتابع سعيد أنه “من يريد أن يصنع تاريخا جديدا للشعب التونسي، فالأبواب مفتوحة أمامه، وهذا ما ينتظره الشعب”.
وقال الفخفاخ بعيد لقاءه بالرئيس قيس سعيد أمس وقبيل اعلان التشكيلة الوزارية، في تصريح صحفي، إنه “من باب المسؤولية الوطنية في هذه اللحظة التاريخية، قررنا مع الرئيس استغلال ما تبقى من الآجال الدستورية لأخذ التوجه المناسب، بما يخدم مصلحة البلاد العليا”.
وتنتهي مهلة تشكيل الحكومة في 20 فبراير/شباط الجاري. حيث وبحسب الدستور التونسي، إذا لم يتم الإنتهاء من تشكيل الحكومة في المدة المحددة، سيتم الذهاب إلى إجراء إنتخابات برلمانية مبكرة.
من جهته، قال حزب “قلب تونس” وهو القوة الثانية في البرلمان، إنه لن يصوّت لحكومة الفخفاخ. وتضم الحكومة المقترحة وزراء من “التيار الديموقراطي” و”حركة الشعب” وحزب “تحيا تونس” و”حزب النهضة” و”حزب البديل”، إضافة إلى مستقلين.
وتحتاج الحكومة لموافقة 109 نواب، وهو أمر لا يبدو سهل المنال في ظل جبهة رفض قوية من أحزاب النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة إضافة إلى الدستوري الحر، وفي حال فشلت الحكومة، سيدعو الرئيس الى انتخابات مبكرة في موعد لا يتجاوز ثلاثة أشهر.
وسبق أن أعلنت رسميا كل من “حركة الشعب” (16 مقعدا)، و”التيار الديمقراطي” (22 مقعدا)، وحركة “تحيا تونس” (14 مقعدا)، مساندة الحكومة والمشاركة فيها، وإلى جانب “قلب تونس” (38 مقعدا) و”النهضة” (54 مقعدا)، سبق أن أكد رئيس “ائتلاف الكرامة” (19 مقعدا) سيف الدين مخلوف لـ”عربي21 ” أن الائتلاف “لن يصوت لحكومة بها حركة تحيا تونس وقلب تونس”.
فيما رفضت كتلة “الدستوري الحر” (17 مقعدا)، دعوة رئيس الحكومة المشاركة في المشاورات، مؤكدة أنها لن تشارك بالتصويت، أما كتلة “الإصلاح” (15 نائبا)، وكتلة “المستقبل” (8 مقاعد) ما تزالان منقسمتين بموقفهما، حيال الثقة للفخفاخ.
هذا ويشير مجموع عدد مقاعد الأحزاب الرافضة لحكومة الفخفاخ، أن تونس ستذهب إلى انتخابات مبكرة، حيث بلغت (128 مقعدا) لأحزاب النهضة وقلب تونس والدستوري الحر وائتلاف الكرامة.
وتتطلب حكومة الفخفاخ للمرور ونيل الثقة 109 أصوات، إلا أنها لن تحصل عليها بسبب الرفض الواسع للأحزاب داخل البرلمان لشكل الحكومة، بعد أن طالبت النهضة وقلب تونس بحكومة وحدة وطنية.
في ذات السياق، سبق وصرّح رئيس مجلس شورى حركة النهضة التونسية المحسوبة على الإخوان، عبد الكريم الهاروني: “إذا فشلنا في تشكيل حكومة بالتوافق ذات حزام برلماني وسياسي واسع، يصبح الحل إجراء انتخابات مبكرة” الأمر الذي يعتبر مخالفة لتصريحات سابقة من قيادات الحركة حول تمرير حكومة “الفخفاخ” لتجنيب البلاد مخططات رئيس الحكومة الحالية “يوسف الشاهد” بالاستمرار في الحكم لشهور أخرى.