يبدو أن التوتر في الأراضي العراقية، مرشح لمزيد من التصاعد وعودة المواجهات بعد الهدوء النسبي الذي شهدته البلاد بعد المواجهات الأمريكية الإيرانية التي اتخذت من العراق مسرحًا لها.
وتسببت التوترات المشتركة باغتيال الجنرال ” قاسم سليماني ” قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة لإسقاط طائرة ركاب مدنية أوكرانية على يد الدفاع الجوي الإيراني لحظة استهداف القواعد الأمريكية في العراق كرد انتقامي على مقتل سليماني، الأمر الذي استجلب غضبًا دوليًّا متسارعًا ودفع – بشكل ما – إيران لتخفيف استهدافها لواشنطن في العراق دون التوقف عن المطالب بإخراج القوات الأمريكية من العراق.
وتتجه إيران لاستخدام المليشيات العراقية المرتبطة بها، في سبيل تحقيق تلك الأهداف واستخدامه وسيلة ومطية لتحقيق أهداف إيران في نزاعها مع واشنطن.. وتؤكد تصرفات وتصريحات ” أكرم الكعبي ” زعيم ميليشيا “حركة النجباء ” تلك الأمور.
وأعلن الأمين العام لحركة النجباء العراقية أكرم الكعبي، يوم الجمعة الماضي، أنه ” آن الأوان أن نبدأ بالعد التنازلي لساعة الصفر التي اقتربت كثيرا، لنتوج قرار مجلس النواب الشجاع بطرد المحتل الأمريكي من العراق”.
تصريحات الكعبي، خلال كلمة له، في المؤتمر الدولي الرابع لشهداء محور المقاومة وشهداء الأمن في طهران، حيث قال إن ” أقل الوفاء والثأر من الجريمة الأمريكية الجبانة باغتيال القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، هو بتطهير المنطقة من الوجود الأمريكي المشؤوم بشكل كامل “، وذلك حسب وكالة أهل البيت الإيرانية للأنباء.
وأعلن عن “جهوزية المقاومة لخلق ملحمة كبرى للثأر لدماء القادة الشهداء”، مضيفا “غسلنا غسل الشهادة، وأغلقنا كل مقراتنا العلنية في العراقِ، وتجهزنا لحرب ستقلب موازين القوى”.
وظهر اسم “الكعبي” كقائد ميداني في ميليشيا جيش المهدي، التي شكلها رجل الدين الشيعي “مقتدى الصدر” تحت لافتة “مقاومة القوات الأميركية”، لكن جيش المهدي، تورط في أعمال عنف طائفية، وخاضت حرباً أهلية مروعة.
ليختفي الكعبي بعد تجميد جيش المهدي من قبل الصدر، قبل أن يظهر بصفة الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، التي أسسها قيس الخزعلي المنشق عن جيش المهدي والصدر أيضاً، وعرفت بولائها المطلق لإيران.
وانشق الكعبي، بتشجيع إيراني عن العصائب ويؤسس ميليشيا النجباء التي يزعمها منذ عام 2011 التي سرعان ما أسندت إليها طهران أدواراً كبيرة في النزاع السوري.
وخلال أعوام، أصبحت النجباء من أكبر الحركات الشيعية العراقية التي تقاتل في سوريا تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني، الأمر الذي دفع وزارة الخزانة الأميركية إلى وضعها على لائحة المنظمات المشمولة بالعقوبات الاقتصادية.
ويشير المراقبون، أن قرار النجباء بتجنب العمل السياسي داخلياً، كان مجرد استجابة للرؤية الإيرانية، التي قسمت الميليشيات العراقية الموالية لها إلى جزئين. الأول يمارس السياسة وينخرط في البرلمان، مثل منظمة بدر بزعامة هادي العامري وعصائب أهل الحق بزعامة الخزعلي والحركة الإسلامية بزعامة أحمد الأسدي. والجزء الآخر اختصاصه عسكري وأمني صرف، وذلك لتوفير مساحات مفيدة في المناورات السياسية.. ليصبح الكعبي متمثلًا دور المتمرد على كل شيء، بما في ذلك التزام بلاده بحماية البعثات الدبلوماسية على أراضيها.
وفي كلمته التي دعي إلى إلقائها يوم السبت، خلال “المؤتمر الدولي الرابع لشهداء محور المقاومة وشهداء الأمن” في طهران، قال زعيم حركة النجباء، إن “هجوم المقاومة العراقية على القواعد الأميركية أمر حتمي وسيكون استنزافياً ومفاجئاً”، مشيراً إلى “رصد جميع تحركات المحتل البرية والجوية”.
ولتجنب التعرض لردود أميركية قاتلة، كما حدث مع كتائب “حزب الله” التي خسرت 55 مقاتلاً بسبب مقتل متعاقد أميركي في العراق أواخر العام الماضي، يقول الكعبي إنه يجب “الرجوع إلى الطريقة الأمنية في العمل أيام الاحتلال (الأميركي)، وستبدأ حرب الاستنزاف من طرف واحد، حيث لن تجد أميركا أهدافاً. كما أن صواريخنا ورصاصاتنا ستلاحق طائراتهم وجنودهم الغاصبين”.
وتسبب الهجوم الأخير على المنطقة الخضراء ومقر السفارة الأمريكية في بغداد، بإثارة موجة سخرية بين مختلف المتابعين، يقول المحلل الأمني هشام الهاشمي، الذي يقدم المشورة للحكومة العراقية في قضايا محاربة الإرهاب، إن “أهم إنجاز يذكر للأمن العراقي بعد كل عملية استهداف للمناطق والمعسكرات التي تستضيف فيها الدولة العراقية قوات أميركية وأجنبية ورعاياهم المدنيين، العثور على منصات إطلاق الكاتيوشا، وتصويرها وإلحاقها في البيان الرسمي”.