برزت إيران في المشهد السوري كراع رسمي لنظام الأسد تمويلًا وتدريبًا ورجالًا وسلاحًا وعمليات التفاف على العقوبات الدولية بحكم خبرة إيران الكبيرة في تلك الأمور، وبحكم أنها تدار بعقلية العصابات أكثر من كونها دولة، فتنشر ميليشياتها عبر الحدود وتحاول السيطرة على الدول المجاورة عبر نشر نظرياتها وإيدولوجياتها وخططها لإحياء ماضٍ إمبراطوري غابر.
وتحت عنوان “شبكات التسلل الإيرانية في الشرق الأوسط”، حاول المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية البريطانية تحديد التغلغل الإيراني،حيث تبين له أن إيران تولي أهمية عسكرية واستراتيجية لميليشياتها المنتشرة في المنطقة وبسورية خاصة أكثر من اهتمامها ببرامج الصواريخ والنووي.
وأوضحت الدراسة ان إيران استغلت كل قدرتها المالية والعسكرية لحماية رأس النظام بشار الأسد، ولتنفيذ الاتفاقيات التي تضمن مصالحها في سورية العقود قادمة، حيث توسع الدعم الإيراني من الدعم الاستشاري إلى المالي والعسكري”.
وتعجبت الدراسة من تصرف نظام الملالي في طهران، “في الوقت الذي يموت فيه الشعب الإيراني من الجوع والفقر، وهذا ما أكدته مؤخرا موجة الاحتجاجات في طهران والعديد من المدن الأخرى، تسعى الحكومة الإيرانية إلى مد يد العون، للنظام السوري لضمان بقائه”.
وأنقفت إيران مليارات الدولار على الأسد ونظامه، ليعمل بها على قتل شعبه وتصفية ثورته فقدرت الدراسة إجمالي إنفاق إيران على أنشطة ميليشياتها في سوريا والعراق واليمن بحوالي 16 مليار دولار سنويًا، في حين ينفق النظام الإيراني حوالي 700 مليون دولار سنويا على ميليشيات “حزب الله” في لبنان.
وكان موقع “iranwire” الإيراني المعارض، أوضح أن أحد أهم نفقات إيران في سورية هو تسليم النفط والمنتجات النفطية إلى قوات الأسد، ويتم ذلك في إطار “حد ائتماني” فتحته إيران لحكومة الاسد، والذي يتراوح حسب وسائل الإعلام الإيرانية من 2-3 مليار دولار في السنة، مع منح حد ائتماني إجمالي يصل إلى 6 مليارات دولار في السنة، بما في ذلك الإمدادات الغذائية والطبية، التي حددها قبلًا، وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بنحو 2.5 مليار دولار في السنة.
ووفقا لمسؤولين إيرانيين، أنفقت طهران مبالغ هائلة في سوريا، تصل إلى أكثر من 48 مليار دولار، وفقا لموقع السياسة الخارجية، في حين أن الأمم المتحدة من جانبها، لها تقديراتها فقد كشفت “جيسي شاهين”، المتحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، “ستافان دي ميستورا”، أن تقديرات الأمم المتحدة بشأن متوسط الإنفاق الإيراني في سوريا تبلغ 6 مليارات دولار سنويًا.
وعن الثمن الذي تتوقعه إيران من دعمها وسخائها على الأسد، صرح “سمير الطويل” الخبير الاقتصادي لموقع “iranwire” المعارض وفق ما نقلته الحرة، “أن الدعم العسكري والمالي الإيراني للنظام لا يأتي مجانا، مما يتطلب ضمانات سيادية تضمن حقوقه، لذلك، منح بشار الأسد إيران السيطرة على القطاع الصحي من خلال رجل أعمالها المعروف، سامر الفوز، بالإضافة إلى أدوار في قطاع التعليم وفي مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك الطرق والجسور، والنقل، وربط البلدان والمدن مع بعضها البعض من خلال نظام طرق التجارة التي تسهل العمليات التجارية”.
ونظرًا لعجز الأسد عن السداد أو التعويض، أكد سمير الطويل، أن النظام السوري لا يملك المال اللازم لسداد ديونه، لهذا سيطرت إيران على قطاع إعادة الإعمار تقريبا، حيث اشترت العقارات من خلال ممثلها في سورية، عبد الله نظام وغيره، في حين كانت أيضًا تسيطر على جنوب دمشق والقصير والزبداني، ناهيك عن سيطرتها على قطاعي المعادن والسيارات، كما وساهمت الشركات الإيرانية أيضًا بشكل كبير في المعارض التجارية المقامة في دمشق بغرض إعادة الإعمار، وتوقيع العقود المهمة في هذا المجال.