بمن حضر، هكذا أعلنت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا عن بدء محادثات جنيف، الخاصة بالقضية الليبية، والتي لم تشهد حضور أياً من الأطراف الليبية، سواء حكومة الوفاق، أو الجيش الليبي، الذين استبقا عقد الاجتماع بتعليق مشاركتيهما فيه، ما دفع العديد من المحللين لاعتبار أن الاجتماع قد فشل قبل أن يبدأ، حتى مع الدعم الغربي له.
البرلمان الليبي من جهته، كشف عن أسباب تعليق مشاركته في الاجتماع، لافتاً إل أنها جاءت نتيجة عدم تلبية البعثة الأممية لمطالب المجلس، وفقاً لما أعلن عضو مجلس النواب الليبي، “حمد البنداق”، الذي أضاف: “بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لم تكن متجاوبة بالشكل المطلوب ولم تزود مجلس النواب بأي تفاصيل حول الشخصيات المستقلة المشاركة في الحوار”.
كما حمل “البنداق” البعثة مسؤولية عدم مشاركة البرلمان بالاجتماع من خلال تعمدها الغموض في ترتيب الحوار، ما أثار مخاوف لدى أعضاء البرلمان، موضحاً أن تعليق مشاركة وفد البرلمان إلى حين إجراء مشاورات داخلية بين رئاسة المجلس وأعضائه والاتفاق على شكل نهائي.
فشل اجتماع جنيف الهادف لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، لم يتربط فقط وفقاً للمحللين بظروف عقده وسياسات البعثة الأممية، وإنما امتد إلى الطلبات التي تقدمت فيها حكومة الوفاق، المدعومة تركياً، بانسحاب الجيش الوطني الليبي، من الأراضي التي دخلها، منذ أبريل الماضي، وعودة الميليشيات الداعمة لها للسيطرة على تلك المناطق، وهي المطالب التي عبر عنها، القيادي العسكري التابع للوفاق، “إبراهيم الأسطى”، الذي صرح بأن الوفاق لن تدخل أي حوار قبل إعادة الوضع في ليبيا إلى ما كان عليه قبل نيسان الماضي، وهو ما رأى فيه المحللون طلباً تعجيزياً، على اعتبار أن الجيش لن يقبل بانتشار الميليشيات مرة أخرى في المناطق التي سيطر عليها، لا سيما مع وجود آلاف المرتزقة ومئات الجنود الأتراك الداعمين للوفاق.
على الطرف الآخر من القضية الليبية، حمل الجيش الوطني بقيادة اللواء “خليفة حفتر”، سياسات حكومة الوفاق ومواصلة تركيا إرسال المرتزقة، مسؤولية تعقيد الوضع في البلاد، والحد من فرص الوصول إلى حل سياسي، حيث اتهم المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، العميد “أحمد المسماري”، من وصفها بـ “العصابات الإرهابية”، في إشارة إلى ميلشيات الوفاق، بترويع المدنيين في تخوم العاصمة طرابلس، واستهدافهم بالأسلحة الثقيلة.
كما نشر “المسماري” على صفحته في موقع فيسبوك: “العصابات الإرهابية بقيادة أتراك تقوم بترويع المدنيين في تخوم طرابلس بالأسلحة الثقيلة من عدة مواقع داخل العاصمة، حيث استهدفت بيوت المدنيين في منطقة قصر بن غشير وعين زارة”، وهو ما جاء بالتزامن مع إعلان الجيش إسقاط طائرة مسيرة تركية من طراز “بيرقدار” جنوب العاصمة الليبية.
وعلى الرغم من تعقيدات الموقف في ليبيا ومقاطعة الأطراف الرئيسية للاجتماع، إلا أن البعثة الأممية اعتبرت أن الجولة الثانية من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة تشكل أحد المسارات الثلاثة، التي تعمل عليها البعثة إلى جانب المسارين الاقتصادي والسياسي، مؤكدةً أنها عملت مع الطرفين على إعداد مسودة اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، وتسهيل العودة الآمنة للمدنيين، مع وجود آلية مراقبة مشتركة تقودها وتشرف عليها كل من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا واللجنة العسكرية المشتركة.
إلى جانب ذلك، تواجدت القضية الليبية على المستوى الإقليمي، فقد لفت وزير الخارجية اليوناني “نيكوس ديندياس”، إلى أن اليونان تتأثر بشكل مباشر بما تشهده الساحة الليبية، مطالباً خلال لقائه مع الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش”، أن يكون لبلاده دور في حل النزاع الليبي.
وأضاف الوزير اليوناني: “التطورات في الأزمة الليبية التي تريد اليونان منعها تشمل الأفعال غير القانونية التي تحرض على الصراع وتهدد السلام والأمن في المنطقة”، في إشارة إلى استمرار تركيا بانتهاكات قرارات مجلس الأمن الدولي بوقف إرسال السلاح والمسلحين إلى الأراضي الليبية.
وأمام هذه الأوضاع، شكك المحللون بفائدة الجهود الأممية لحل الأزمة الليبية، في ظل عدم وجود جدية لدى المجتمع الدولي، لوضع حد إلى تدفق المقاتلين، والعمل على وقف شريان الحياة للميليشيات، الممتد من تركيا إلى طرابلس، لا سيما مع قضية السفينة “بانا”، التي أوقفتها السلطات الإيطالية في ميناء جنوى، بعد بلاغ من ضابط تركي اكد خلاله أن السفينة كانت تحمل أسلحة متوجهة من ميناء إنطاليا التركي إلى ميناء طرابلس الذي تسيطر عليه الميليشيات.