تواجه مدينة سبتة المغربية التي تحتلها إسبانيا خطر الإفلاس، حيث شهدت الحركة التجارية حالة من الشلل والكساد بسبب الإجراءات التي تفرضها السلطات في المدينة.
وتعتبر إسبانيا المدينةَ المغربية الواصلة بين إفريقيا وأوروبا هي مفتاح التمدد “العربي” نحو القارة الأوروبية قديماً، لذا تصر على استمرارها في احتلال المدينة وإخضاعها للقوانيين الجائرة التي جعلت من الاستقرار الاجتماعي داخل مدينة “سبتة” هشاً.
ودعت منظمات المجتمع المدني إلى التكتل في جبهة موحدة للنضال والترافع من أجل إنقاذ المدينة من الإفلاس العام الذي يُهدّدها بعد سلسلة الإجراءات التي اتخذتها السلطات لمنع التهريب المعيشي مع مدينة سبتة المغربية التي تحتلها إسبانيا.
كما دعت المملكة المغربية إلى نهج مقاربة عقلانية متدرجة في تدبير معضلة التهريب المعيشي بمعبر باب سبتة حفاظا على الاستقرار الاجتماعي الهشّ، مع التعجيل بالتفعيل الحقيقي لخطة اقتصادية بديلة تنقذ المدينة من حالة الكساد العام والإفلاس، وأكدت أنه لا نجاح يرجى لأي نموذج تنموي سواء على صعيد المدينة والجهة والوطن، إلا بالتوزيع العادل للثروة الوطنية وبتعاقد سياسي جديد يؤسس للحكم الراشد.
واعتبرت تلك المنظمات ما يجري داخل المدينة، تأزمًا خطيرًا للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لمعظم سكانها، وهو ما يتبدى في تعطل الحركة التجارية وكسادها، من جرّاء القرار المتسرع للسلطات المغربية بإغلاق معبر باب سبتة في وجه الآلاف من ممتهني التهريب المعيشي، الذي يُعدّ مورد رزق وحيدا لمعظم السكان؛ والذي يقيهم على علته من الجوع والفقر والحرمان.
سبتة هي الآن بحكم مدينة إسبانية ذاتية الحكم تقع في القارة الأفريقية داخل الأراضي المغربية الذي يعتبرها مدينة محتلة، وتقع مقابل مضيق جبل طارق، وقد أصبحت المنطقة منذ عام 1995 تتمتع بصيغة الحكم الذاتي داخل إسبانيا بقرار البرلمان الإسباني.
تعمل إسبانيا على جعل معالم المدينتين أكثر انسجاما مع الجو الإسباني، وتعمد إلى انتهاج أساليب عديدة، عن طريق الترغيب مرة بإغراء الشباب المغاربة من أهالي سبتة ومليلية لحمل الجنسية الإسبانية مقابل الاستفادة من منح التجنس وتسهيلات أخرى كالحصول على عمل والإعفاء من الضرائب التجارية، أو بالترهيب مرة أخرى عبر التضييق ومنع بناء المساجد أو فتح الكتاتيب القرآنية.
وقد أطلقت إسبانيا أعمال تسييج للمنطقة الفاصلة بين مليلية ومدينة الناظور المغربية عام 1998 بشريط مزدوج من الأسلاك الشائكة بارتفاع يصل إلى أربعة أمتار وطول ستة كيلومترات، وهو مجهز بأحدث وسائل المراقبة التكنولوجية بتمويل أوروبي إسباني. ويعد الثاني من نوعه بعد السياج المزدوج الذي أقيم على الحدود بين سبتة والمغرب، لتتحول نقطة الحدود المسماة باب سبتة بين سبتة والمغرب منذ بداية التسعينيات إلى حدود جغرافية الاتحاد الأوروبي مع المغرب، وتلفت الزائر إلى المنطقة تلك اللوحة الكبيرة التي كتب عليها “أهلا بكم في الاتحاد الأوروبي”.
وكان الفاتيكان قد أطلق عقب سقوط الأندلس بيد إسبانيا دعوة للسيطرة على الساحل المتوسطي للمغرب، والبرتغال في الساحل الأطلسي، ومن ثم تعددت المحاولات التاريخية للمغرب لاستعادة المنطقة، منها محاولة المولى إسماعيل في القرن السادس عشر الميلادي حيث حاصر المغاربة مدينة سبتة دون أن يتمكنوا من استعادتها، ثم محاولة السلطان محمد بن عبد الله عام 1774 محاصرة مدينة مليلية من غير جدوى، وتبقى أبرز المحاولات المعاصرة هي ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي والحروب التي خاضها بين عامي1921 و1926 ضد القوات الإسبانية في شمال المغرب.