وصل أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، إلى العاصمة العراقية بغداد، مساء أمس السبت على رأس وفد سياسي – أمني رفيع المستوى، بهدف إجراء محادثات مع كبار المسؤولين العراقيين وعلى مقدمتهم، رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس حكومة تصريف الاعمال عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
وأثارت الوصول المفاجئ للمسؤول الإيراني الكبير التساؤلات حول أبعاد الزيارة وتداعياتها، خصوصًا وأنها تتزامن مع انسحاب العلاوي من تكليفه لتشكيل الحكومة وإعادة اقتراح تكليف عادل عبد المهدي برئاسة الوزراء.. ما يهدد بإعادة تعقيد المشهد العراقي في البيت الشيعي تحديدًا مع الفراغ الذي سببه غياب الجنرال قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس الذي قاد خليفته لحدوث انقسام في قيادات الحشد الشيعي.
من جهتها، اعتبرت جبهة الإنقاذ والتنمية (سنية)، اليوم الأحد، أن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني غير قادر على حسم ملف تشكيل الحكومة العراقية الجديدة والمتعثرة.
وأعلن القيادي في الجبهة أثيل النجيفي، في تصريحات إعلامية “لا نعتقد أن كل زيارة لمسؤول إيراني، إلى العراق تعني أنه سيعين رئيس وزراء، فهذه نوع من المبالغات”، مبيناً أن “القوى السياسية الشيعية التي ولاؤها إلى إيران معروفة، وهي لا تحتاج الى زيارة مسؤول ايراني إلى العراق، فهي بتواصل مستمر ودائم”.
وقال النجيفي: ” لا نعتقد أن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، قادر أن يقدم شيء في ملف تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، ولا نتصور أن الزيارة متعلقة بهذا الملف”.
وأضاف القيادي السني، أن “الخلاف داخل البيت السياسي الشيعي أكبر من قضية تدخل شمخاني لحله، فالخلافات داخل هذا البيت تتعلق بالمصالح، ولهذا حسم الملف صعب جداً، أكبر من أي تدخل ايراني”.
في سياق متصل، يرى الخبير السياسي والامني، هشام الهاشمي في تصريحات متعلقة، أن زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، جاءت للعراق لسد الثغرات الذي أحدثه غياب الجنرال قاسم سليماني.
وقال الهاشمي في تغريدة حول الموضوع، “شمخاني جاء لسد الثغرات في الملف السياسي التي أحدثها غياب سليماني وعجز بديله “قاآني” عن إنجاز المهمة؛ والتي تتمثل بنقاط تالية:
1. التأكيد على إنجاز مهمة اخراج القوات الامريكية والتحالف الدولي من العراق
2. اختيار رئيس وزراء جديد ومساعدة البيت السياسي الشيعي في ذلك
3. تفعيل التفاهمات الاقتصادية العراقية – الصينية.
والتقى الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، بمستشار الأمن الوطني العراقي “فالح الفياض” في بغداد وعبر أثناء اللقاء أنه يجب على العراق أن يستعيد دوره الإقليمي والدولي وفق زعمه.
في حين أكّد الفياض أن الشعب العراقي يتطلع لواقع سياسي من خلال قانون انتخاب جديد.
وذكر بيان مكتب الفياض، اليوم الأحد، أن “مستشار الأمن الوطني استقبل في مكتبه الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، وبحث الجانبان الواقع السياسي والإستراتيجي في المنطقة وتأثير انتشار مرض كورونا في المنطقة لاسيما على مستوى التواصل بين الدولتين، كما جرى بحث المشاكل في المنطقة وسبل حلها وآفاق تطوير العلاقات بين العراق وإيران بما يخدم مصالح الشعبين”.
وتعتبر زيارة علي شمخاني، هي الأولى لمسؤول أمني إيراني كبير إلى العراق، منذ مقتل قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي، مطلع العام الحالي.
وذكر التلفزيون الإيراني أنّ شمخاني، وصل إلى العاصمة العراقية بغداد، على رأس وفد سياسي وأمني رفيع المستوى.
وبُعيد وصوله إلى بغداد، قال شمخاني، لوكالة “إرنا” الإيرانية الرسمية، إنه سيلتقي خلال الزيارة التي ستستمر يومين، مع “المسؤولين العراقيين والزعماء السياسيين من القوى الشيعية والسنية والكردية”، مشيراً إلى أنه سيجري مباحثات معهم بشأن “الأوضاع السياسية والأمنية وتنمية العلاقات الثنائية”.
لكنه أشار إلى أنه سيناقش مع الرئاسات العراقية الثلاث “ملفات عامة وخاصة”، من دون تفاصيل أخرى، مؤكداً أنّ بلاده “تربطها علاقات تعاون جيدة مع العراق منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003”.
هذا واعتبرت مصادر سياسية عراقية أن زيارة شمخاني لها هدف محدد وجوهري، يتمثل بالوساطة بين الفرقاء العراقيين من الكتل السياسية إزاء قضية تشكيل الحكومة الجديدة المتعثرة حتى الآن، ويبدو – وفقًا لمراقبين – أن زيارة شمخاني توحي باضطلاع ببعض المهام التي كان سليماني مكلفًا بها.
كما وأشارت المصادر إلى أنّ شمخاني قد يجدد طلبه من الكتل السياسية المقربة من إيران في البرلمان العراقي، إثارة ملف إخراج القوات الأميركية الذي تراجع الحديث عنه بشكل واضح، بالتزامن مع حراك تشكيل الحكومة الجديدة.