كثيراً ما تتقاطع الأحداث السياسية مع بعضها البعض، على الرغم من وجود مسافات بعيدة تفصل بينها من الناحية الواقعية في بعض الأحيان، وبناءً عليه، فإن محاولة اغتيال رئيس الحكومة الانتقالية السودانية، “عبد الله حمدوك”، يبدو أنها ستلقي بظلالها على نظام الرئيس السابق “عمر البشير” وأنصاره.
يومين فقط فصلت بين محاولة الاغتيال، وشروع السلطات السودانية بالحد من تحركات التيارات الموالية للنظام السابق، في مقدمةٍ لإنهاء نفوذها على الساحة الداخلية، ما يشير إلى وجود اتهامات ضمنية من قبل السلطة السودانية للنظام السابق بتدبير المحاولة التي نجى منها “حمدوك”.
الشكوك والاتهامات لنظام “البشير”، تناولها المتحدث باسم مجلس الوزراء “محمد الفكي”، والذي أشار إلى أن أحد فروع الأجهزة الأمنية السودانية، التي كانت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام السابق، سيخضع لسيطرة الحكومة المدنية وإن اللجنة المكلفة بتفكيك النظام القديم، ستمنح سلطات إضافية، مؤكداً أن التعديلات الجديدة ستضع جهاز الأمن الداخلي داخل المخابرات العامة تحت تبعية مباشرة لوزارة الداخلية.
من ناحية أخرى، فإن إثارة مسألة اجتثاث البيئة الحاضنة للنظام السابق، بالتزامن مع بدء التحقيقات، ولد بحسب الكثير من المحللين قناعة بأن الحكومة السودانية توجه أصابع الاتهام بشكل مباشر لأتباع “البشير” بالمسؤولية عن الهجوم التفجيري، الذي استهدف موكب حمدوك أثناء توجهه للعمل، على الرغم من إمكانية وجود افتراضات أخرى حول الجهات التي من الممكن أن تكون نفذته، على حد قول المحللين.
إلى جانب ذلك، اعتبر رئيس المجلس المركزي لحزب المؤتمر السوداني، “عبد القيوم عوض السيد”، أن الهدف من الهجوم هو ضرب الثورة من خلال استهداف رئيس الوزراء الذي يحظى بقبول واحترام كبير من الشعب السوداني ومعظم القوى السياسية، خاصةً مع النجاحات التي حققتها الحكومة الانتقالية في القضاء تقضي على على كافة أشكال الفساد، التي كانت سائدة إبان فترة حكم النظام السابق، على حد وصفه.
تزامناً، هاجم عضو لجنة تسيير نقابة المحامين، “محمد الحافظ”، جماعة الإخوان المسلمين، معتبراً أن نجاح الثورة السودانية، يحتاج المزيد من الجهود لحماية البلاد من المخططات الإخوانية، التي كانت تدعم النظام السابق طيلة 30 عاماً.
كما أضاف “الحافظ” في تصريحات صحافية: “مخططات الإخوان الدموية والتخريبية معروفة تاريخياً ومجربة عملياً فى الكثير من دول العالم، ما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لتفكيك المنظومة من أعلى، معتبراً أن محاولة الاغتيال تشكل جرس إنذار حقيقي، يدعو إلى الإسراع فى تفكيك منظومة الإخوان، ودحض جميع الدعاوى التى كانت تدعم خط التراخى مع عناصر النظام السابق.
وكان “حمدوك” قد استهل عمله كرئيس للحكومة الانتقالية السودانية، بالتأكيد على محاربته لكافة السياسات المتبعة خلال فترة حكم “البشير”، لا سيما في مجالات محاربة الفساد والعلاقات مع دول الجوار والمجتمع الدولي، لافتاً إلى أن حكومته تسلمت إرث ثقيل من النظام السابق، متعهداً بمحاكمة كافة أركان النظام على ما ارتكبوه بحق السودان والسودانيين..