تسبب فشل “محمد توفيق العلاوي” بتشكيل حكومة عراقية – ولأسباب متداخلة – بإعادة الصراع السياسي العراقي إلى نقطة البدايات مع نقاش الكتل البرلمانية المختلفة عن خططها وأهدافها وغاياتها، لا سيما وأن الرفض الكردي السني المزدوج لخطط علاوي السابقة جاء قاصمًا لطموحات الرجل في تسلم أعلى سلطة فعلية في البلاد والذي خاض لأجلها صراعًا معقدًا ومناورات صعبة مع التيارات الشيعية حتى أرخت له الحبل وقبلت به.
وكان رئيس مجلس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي قد اعلن انسحابه من تشكيل الحكومة الانتقالية بعد فشل البرلمان لمرتين في عقد جلسة استثنائية لمنح الثقة لحكومته بعد تغيب الكتل النيابية عن الخضور.
من جهته، وافق رئيس الجمهورية برهم صالح، على انسحاب علاوي، معلنًا بدء مشاوراته لاختيار مرشح بديل خلال مدة 15 يوماً انطلاقًا من مسؤوليته وفق الدستور العراقي الدائم.
ولا يزال العراق بلا حكومة منذ استقالة رئيس مجلس الوزراء السابق عادل عبد المهدي والتي قدمها بضغط من المرجعية العليا للشيعة المتمثلة بآية الله علي السيستاني، وبعد تصاعد العنف ضد المحتجين.
سنة العراق.. تغير مواقف أم تغير تكتيك
يبدو أن تحالف سنّة العراق، يريد التخلي عن دوره في اختيار رئيس الحكومة أو شروطه التي وضعها مسبقًا أمام العلاوي والتي تسببت بسقوط حكومته قبل ولادتها.
من جهته، أكد عضو تحالف القوى العراقية في البرلمان العراقي، “صباح الكربولي”، أن موضوع حسم رئاسة الوزراء راجع للقوى الشيعية، وليس للكتل الأخرى لأن هذا المنصب من حصة المكون الشيعي.
إلى جانب ذلك، أوضح “الكربولي” أن تحالف القوى، الذي سيمثل القوى السنية العراقية، سيدعم أي مرشح يتصف بالمهنية والنزاهة ولديه تجارب سياسية ناجحة، مضيفاً: “المرحلة القادمة تتطلب اختيار رئيس وزراء نزيه وعملي وقوي يستطيع أن يقود البلد في ظل الأزمات الراهنة”.
أما النائب عن التحالف السني “أحمد المشهداني” فأكد أن: “الهدف من اتخاذ هذا القرار الخاص بتسمية رئيس الوزراء المقبل، هو تجاوز الإكراهات التي وقفت في طريق محمد توفيق علاوي، والسعي لتجازه خطأ إصراره على تشكيل حكومة مستقلة عن المحاصصة الحزبية”.
وفي إشكالية المطالب القديمة باختيار اسم مستقل، أوضح المشهداني قائلًا: “الكلام المثار حول ضرورة تسمية اسم مستقل وغير متحزب، هو كلام غير منطقي وسيعيدنا إلى المربع الأول وإلى خطأ علاوي.. وبالتالي نحن لا نريد الذهاب بالعراق إلى المجهول لذلك تركنا القوى الشيعية تقترح اسما قويا”.
وربط النائب عن “تحالف القوى” السني، تنازلهم عن اقتراح مرشح باسمهم، إلى “الظروف الصحية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها العراق”، مشيرا إلى ان الأهم بالنسبة لهم في تحالف القوى حاليا “أن يكون الإسم المقترح وطنيًا ونزيهًا وقادرًا على اتخاذ قرارات شجاعة”.
شيعة العراق.. عبد المهدي يستمر مؤقتًا
بين تمديد فعلي للحكومة الحالية أو اختيار حكومة جديدة ورئيس وزراء جديد، أو الانتخابات المبكرة والتي قد تمتص غضبًا شعبيًا متزايدًا.. كشف تحالف الفتح برئاسة هادي العامري، اليوم الاربعاء عن اتفاق بين قادة شيعة على ابقاء رئيس مجلس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي في منصبه لحين اجراء الانتخابات التشريعية المبكرة في البلاد.
وقال مصدر في التحالف لمصادر إعلامية عراقية، إن “رئيس تحالف الفتح هادي العامري ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم عقدا اجتماعا مع رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي للتباحث بشأن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بعد اعتذار محمد توفيق علاوي عن تأليفها”.
وأكد المصدر، أن “الاجتماع توصل إلى اتفاق مبدئي على الابقاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي لحين إجراء انتخابات مبكرة نهاية العام الحالي”.
إلى ذلك، تداولت أوساط عديدة اختيار أسماء جديدة كبدلاء لعبد المهدي في رئاسة الوزراء كالزرفي وغيره، لكن ائتلاف النصر برئاسة حيدر العبادي، أوضح اليوم الأربعاء، حقيقة اتفاق القوى السياسية الشيعية، على ترشيح القيادي في الائتلاف عدنان الزرفي، لرئاسة الوزراء.
وقال القيادي في الائتلاف عقيل الرديني، في تصريح إعلامي، إن “الأنباء، التي تحدثت عن اتفاق القوى السياسية الشيعية، على ترشيح رئيس كتلة النصر البرلمانية عدنان الزرفي، لرئاسة الوزراء غير دقيقة”.
وأكد الرديني، أن “الزرفي، أحد الأسماء المطروحة لرئاسة الوزراء، لكن لغاية الساعة، لا يوجد أي اتفاق وتوافق على ترشيح اية شخصية محددة”، مشيرا إلى ان “الحوارات والاجتماعات، مازالت مستمرة، دون التوصل الى اي نتائج نهائية لحسم هذا الملف”.
وكانت مصادر سياسية عراقية كشفت أمس الثلاثاء،أن القوى السياسية الشيعية شكّلت لجنة من سبعة اشخاص يقع على عاتقها اختيار رئيس لمجلس الوزراء بدلا من المستقيل عادل عبد المهدي.
للأمريكان رأيهم أيضًا
وفقًا لمصدر سياسي فإن الولايات المتحدة الامريكية ليس لديها اعتراض على بقاء رئيس مجلس الوزراء المستقيل في منصبه.
وقال المصدر في تصريحات نقلتها “شفق نيوز” العراقية اليوم الأربعاء، أن السفير الأمريكي في بغداد ماثيو تولر، أبلغ عادل عبد المهدي، عدم اعتراض الولايات المتحدة الامريكية على استمراره في منصبه.
ويبقى الغموض متحكمًا بالمشهد العراقي بعد أن أحبرت احتجاجات شعبية غير مسبوقة حكومة عادل عبد المهدي، على تقديم استقالتها مطلع ديسمبر / كانون الأول 2019، ومنذ ذلك الوقت لم يحسم تشكيل حكومة جديدة نتيجة خلافات عميقة بين الكتل السياسية، يضاف لها رفض الحراك الشعبي لأغلب الأسماء المطروحة.
حيث يُصر المتظاهرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين، عام 2003.