يعيش الكيان الإسرائيلي مرحلة حساسة في ظل تغيرات جذرية تشهدها المنطقة والعالم.. ما يستوجب منه مقاربة خاصة في التعاطي مع تلك المتغيرات تحسبًا لأي طارئ وتجاوزًا لأخطاء قديمة قد وقع فيها المخططون والمنفذون في قوات الجيش والأمن.. ويبدو أن المعركة المستقبلية المنتظرة باتت تشغل حيزًا مهمًا في العقيدة القتالية الإسرائيلية وعليه يريد الاستراتيجيون اتباع تكتيكات السرعة والفتك ضمن تلك الاستعدادات.
التقرير الذي نشره موقع “JNS” ألقى الضوء، على نشاط الجيش الإسرائيلي، والآلية التي يتبعها في التعامل مع الخصوم من جميع النواحي العسكرية والأمنية.
وأكد الموقع أن الجيش الإسرائيلي في سباق مع الزمن للتكيف مع التحديات الأمنية المنتظرة، مشيراً إلى الخطة “تنوفا” متعددة السنوات التي أعدها رئيس الأركان “أفيف كوخافي”، ووافق عليها المجلس الأمني المصغر، دون انتظار تشكيل حكومة جديدة، لأهميتها.
خطة تنوفا.. زخم وسنوات وفرق ومهام
بموجب الخطة فقد أنشأ الجيش الإسرائيلي ثلاث أنواع من الفرق، وهي:
- الفرق الحمراء: حللت التغييرات بين صفوف أعداء إسرائيل.
- الفرق الزرقاء: بحثت مستقبل الجيش الإسرائيلي.
- الفرق البيضاء: مسؤولة عن تقييم البيئة المتغيرة.
وفق التقرير فقد كان على جميع الفرق الإجابة على سؤال: كيف سيبدو عام 2030 من منظورهم؟ وشكّلت إجاباتهم الأساس لخطة الزخم بأكملها.
من الاستنتاجات الرئيسية التي توصلت إليه “الفرق الحمراء” أن أعداء إسرائيل يسلحون أنفسهم بشكل متزايد بأسلحة دقيقة، وأنهم يستفيدون من التكنولوجيا المصغرة التي كانت ذات يوم حكراً على القوى العظمى، بالإضافة إلى تواجد هؤلاء في البيئات الحضرية بين المدنيين، ويمكنهم شراء طائرات “كواد كابتر” التجارية وتسليحها بالقنابل اليدوية وقذائف R.B.G.
“الفرق البيضاء” من جهتها، لاحظت أن الشرق الأوسط سريع التغيّر، وحددت التحالفات ومجموعات الأعداء التي يمكن أن تتشكل في المستقبل.
أما “الفرق الزرقاء” فتناولت بحثيًا، أعداد أفراد الجيش الإسرائيلي المتوقعة، والبنية التحتية والميزانيات اللازمة لدعم الأجيال القادمة من الجيش الإسرائيلي.
استشارات عامة وعصف ذهني
ذكر التقرير، أن الجيش الإسرائيلي جمع في شهر نيسان / أبريل 2019، كل عميد ولواء للمشاركة في منتدى خاص، حيث طُلب منهم تقديم نقاط القوة والضعف أمام الجميع، ثم قام ثلاثون فريقًا من المحللين بفحص المشكلات الموضوعة على الطاولة، وكانت النتيجة اشبه “بصورة رنين مغناطيسي” غطت الجيش بأكمله – فحص ذاتي غير مسبوق ومؤلِم في بعض الأحيان، حسب التوصيف.
تقويم عملي ومفهوم جديد
أخذت شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي التقويمات التي عرضها كبار الضباط ومراجعات المختصين، وصاغت مفهومًا جديدًا لكيفية تنشيط القوة بهدف تحقيق النصر الحاسم، حيث بات المفهوم الجديد للشعبة، يعرّف النصر بأنه التدمير السريع لقدرات العدو، وليس مجرد الاستيلاء على أراضي العدو، والقيام بذلك في أقل وقت مع أقل عدد من الضحايا، وأقل تكاليف اقتصادية من أي وقت مضى” وفقًا للتقرير الأمني.
وتابع تقرير الموقع، قائلاً: “يستند هذا على أساس أن تعرض الجبهة الداخلية الإسرائيلية لإطلاق صواريخ العدو سيعمل على إصابة الاقتصاد الوطني بالشلل. لذلك، كل يوم يتم فيه اختصار الصراع هو شيء بالغ الأهمية”.
واصل الإيضاح: “لقد صمم الجيش الإسرائيلي على تشكيل آلة عسكرية جديدة معدّة للعمل بوتيرة أسرع بكثير وأكثر فتكًا من أي وقت مضى، وأحد الطرق التي يخطط فيها الجيش الإسرائيلي لتحقيق ذلك هي إعطاء الكتائب الميدانية قدرات كانت مخصصة لمقر قيادة الجيش الرئيسي في تل أبيب، وهذا يعني أن قائد الكتيبة سيتلقى جميع أحدث المعلومات الاستخباراتية ذات الصلة، وله حق الوصول الخاص إلى سلاح الجو، وربطه رقميًا ببقية الجيش”.
اكتمال الرؤية.. وسنوات للتنفيذ
بحلول شهر أكتوبر / تشرين الأول، كان الجيش الإسرائيلي قد أكمل تحديد رؤيته في عام 2030 – وهي رؤية يشكّل فيها الجيش الإسرائيلي شبكة قتال رقمية موحدة، قادرة على اكتشاف وتدمير الأعداء الأذكياء المختبئين في المباني السكنية والأنفاق، وسيكون جيشًا يكون فيه قائد السرية على الأرض له طائرات بدون طيار في الجو، ويمكنه التواصل مع الدبابات من مسافات بعيدة أو المروحيات التي تحلق فوقه، ويمكنه القتال في مجالي السايبر والطيف الكهرومغناطيسي في نفس الوقت”، وذلك حسب الخطة الجديدة.
ومع ذلك، سوف يستغرق الأمر سنوات للوصول إلى هذه القدرات، وللقيام بذلك، تدعو خطة الزخم إلى إنشاء نوع جديد من القوة الهجومية البرية، كما تدعو إلى مستويات جديدة من القوة النارية (بما في ذلك من خلال الجو). الركن الثالث للخطة هو الدفاع عن الجبهة الداخلية.
واشتمل تخطيط بناء القوة على 40 فريقًا، يرأس كل منها قائدًا برتبة عميد وكل فريق مسؤول عن تصميم جانب مختلف من الجيش في المستقبل، كانت احدى الفرق، على سبيل المثال، مسؤولة عن العمليات الإلكترونية وكيف ستبدو في غضون 10 سنوات، وكانت فرقة اخرى مسؤولة عن التفوق الجوي.
واستمرت عملية التخطيط بأكملها لخطة “الزخم” مدة عام؛ وفي شهر يناير/ كانون ثاني تم الانتهاء منها.
خلاصات ومخاوف
في النهاية، توصل الجيش الإسرائيلي إلى أن أعداء إسرائيل يقلصون الفجوة النوعية معها، وأن هناك حاجة ماسة إلى تحرك الآن لتوسيع الفجوة مرة أخرى لصالح إسرائيل.
وبحسب التقرير، فإن أي فشل في القيام بذلك يعني أن الأعداء المنتشرين على عدة جبهات مع قوتهم النارية الدقيقة وتقنيات الحرب الحضرية وقدرتهم على الاختفاء بسرعة سينتهي بهم الأمر إلى إلغاء الميزة العسكرية لإسرائيل؛ وهو وضع لا تستطيع مؤسسة الدفاع تحمله.
في هذا الوقت، يعتمد الجيش الإسرائيلي على ميزانية الخطة المتعددة السنوات السابقة، حيث يتلقى المبلغ الشهري وفقًا لذلك، لكن قيادات الدفاع أشارت بالفعل إلى حاجتهم لزيادة كبيرة في ميزانية الدفاع في الميزانية الوطنية القادمة في حال تنفيذ خطة “الزخم” بشكل كامل.