بعد أن أعلن عن القضاء على تنظيم الدولة المتطرف المعروف باسم “داعش” قبل نحو عام في سوريا، وقبله بعام في العراق، هل فعلاً انتهى التنظيم المتطرف الذي نشر صوراً لضحاياه الذين قتلهم بأبشع طرق القتل في العصر الحديث؟ وما حقيقة عودته التي نسمعها بين حين وآخر؟
البنتاغون يؤكد عودة “داعش”
أكدت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” أكثر من مرة عن عودة محتملة للتنظيم المتطرف، ذلك بالرغم من إعلانها نفسها عن القضاء عليه في آخر معقل له في معركة الباغوز في آذار 2019.
وتقود الولايات المتحدة الأمريكية تحالفاً دولياً في العراق وسوريا للقضاء على التنظيم، ما زالت عمليات ذاك التحالف نشطة حتى الآن بعد مرورو عام على معركة الباغوز.
حيث أكد مسؤول في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن بمشاركة دولٍ عربية وغربية أن التحالف سيتسمر في ملاحقة فلول “داعش” داخل الأراضي العراقية والسورية بالتعاون مع حلفائه المحليين، وصرح المتحدّث الرسمي باسم التحالف الدولي “مايلز كاغينز”، أن “داعش اندحر، لكنه لم ينتهِ، فقد اكتشفنا أنه يستطيع ممارسة أنشطته الإجرامية والعدائية وتمويلها”.
وقال المسؤول العسكري الأمريكي: “إن عناصر التنظيم خطفوا أشخاصا بالقرب من مدينة ديالى العراقية وكذلك رأيناهم في سوريا حين هاجموا بعض رعاة الأغنام بدير الزور وسرقوا منهم نحو 1000 خروف، كما أنهم يفرضون أحياناً ضرائب غير قانونية من خلال تواجدهم في بعض المناطق على الحدود بين البلدين”.
كما كشف أن “الدواعش يختبئون بعيداً عن مراكز المدن في مناطقٍ جبلية عراقية وفي الوديان ومناطق بالبادية السورية، لكنهم يقتربون من القرى والمدن أحياناً لتأمين احتياجاتهم الأساسية من خلال سرقتها من القرويين المقيمين في المناطق المحيطة بهم”، لافتاً إلى “أنهم يسعون دائماً لإعادة سيطرتهم على تلك الأراضي كما كانوا في السابق، ولكنهم لن يتمكنوا من ذلك”.
وأوضح أن “داعش الآن يعجز عن تجنيد المزيد من الأشخاص في صفوفه لاستخدامهم في إعادة السيطرة على مساحاتٍ جغرافية، إضافة إلى الضغوط التي تمارسها عليه قوات سوريا الديمقراطية والقوات الأمنية العراقية واللتان تمنعان انتشاره مجدداً”.
وتابع “كاغينز” أن “قوات سوريا الديمقراطية قبل ثلاثة أسابيع، كبّدت التنظيم الإرهابي خسائر كبيرة في صفوف مقاتليه بعدما تمكّنت من قتل واعتقال نحو 50 من عناصره، وفي الوقت نفسه، نفذت القوات العراقية عملية أخرى في مناطق جبلية للبحث عن عناصر التنظيم الّذين باتوا محاصرين من الطرفين السوري والعراقي”.
كما لفت إلى أن “هذه العملية تمّت بدعمٍ جوي من التحالف الدولي لمساعدة شركائنا في شنّ غاراتٍ على عناصر داعش وملاحقتهم والتمكن من تحديد أماكنهم”، مؤكداً أن “كلّ العمليات التي ننفذها في العراق تتمّ بتنسيق مع القوات الأمنية وبموافقة الحكومة، حيث لا نستطيع شنّ غاراتٍ جوية دون الحصول على موافقة حلفائنا العراقيين”.
وفي آب الماضي، قال مفتّش عام في وزارة الدفاع الأمريكيّة –بنتاغون-؛ إنّ تنظيم الدولة الإسلامية “يُعاود الظهور” في سوريا مع سحب الولايات المتحدة قوّاتها من البلاد، مؤكدا أنه “عزّز قدراته” في العراق، وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من خسارة التنظيم “خلافته” على الأرض، إلا أنّ “داعش” عزّز قدراته المسلحة في العراق واستأنف أنشطته في سوريا خلال الربع الحالي” من العام.
دلائل وشواهد حديثة
في الصيف الماضي أيضاً، لقت الشرطة العراقية بلاغا من مواطنين في قضاء الطارمية شمال بغداد، يفيد برصدهم لسيارة يعتقد أنها محملة بمواد متفجرة. وحين تعرف عناصر الشرطة على السيارة واقتربوا منها، أطلق مسلحون من تنظيم “داعش” كانوا مختبئين بالقرب من المكان، النار عليهم وقتلوا سبعة منهم.
تشير هذه العملية وأخرى مشابهة لها، إلى أن التنظيم لا يزال يشكل خطرا، رغم دحره عسكريا، وبعد هذا الهجوم بفترة قصيرة قال زعيم ميليشيا “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، إن “الدولة الإسلامية لم تغادر الطارمية أصلا”، وتحدى رئيس الحكومة عادل عبد المهدى أن يعترف بالمشكلة ويعالجها.
سبق هذا الحدث أحداث عديدة تدل على وجود لتنظيم في العراق وهو ما زال قادر على تنفيذ أنشطته وممارساته، عبر حرب الشوارع والخلايا النائمة وبالرغم من ذلك فإن هذا التكتيك يثير القلق، فخلال هذا العام 2019 فقط، نفذ 139 هجوما في محافظات شمالي وغربي العراق، قتل خلالها 274 شخصا بينهم 170 من عناصر الشرطة، وفي تحد منه للسلطات واستعراض لوحشيته قام تنظيم “داعش” بتوثيق قطعه لرأس شرطي في مدينة السمارة.
تشير الوقائع على الأرض إلى أن تنظيم “الدولة الإسلامية” سواء في العراق أو سوريا لم ينته ولم يصبح جزءا من الماضي بعد، حيث صرح “أبو علي البصري”، مدير عام الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية العراقية، نهاية شهر تموزالفائت، بأن قواته قتلت 3500 من عناصر “داعش”، لكن هذا الرقم الذي قد يبدو كبيرا، فإنه ليس كذلك مقارنة بعدد عناصره النشطين في سوريا والعراق والذي يقدر بنحو 18 ألف عنصر حسب صحيفة نيويورك تايمز، وتمتلك قيادة التنظيم ثروة تقدر بـ 400 مليون دولار، يستخدم جزء منها في تنفيذ هجمات إرهابية.