بات الحشد الشعبي ذراعاً عسكرياً ضارباً للسلطة الطائفية في العراق، تقمع به المعارضة وتسكت به الأفواه وتمارس إرهاب الدولة.. بحيث ابتعد الحشد عن مهمته الأصلية التي أنشئ لها من دحر داعش والتنظيمات الإرهابية ليتحول الحشد بذاته إلى منظمة إرهابية لكنها تحمل صفة رسمية، تقوم بتحقيق ما تراه هي من رؤى أمنية وسياسية فأصبح لها مقرات وقوات وعتاد ودعم لوجستي.. بل وسجون تقمع بها الشعب العراقي خصوصاً في الاحتجاجات الأخيرة.
معتقلات سريّة
أكد ناشطون ومعتقلون سابقون في السجون السّريّة، عن وجود أكثر من سجن سرّيّ يتبع لميليشيات الحشد الشعبي في العراق موزّعة في عدة أماكن من العاصمة بغداد وبقيّة المحافظات.. في معلومات سريّة وثقها المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب.
وذكر أحد الناشطين أنّ معسكر سبايكر يضمّ أعداداً كبيرة من معتقلي المظاهرات وبقيّة المناطق في شمال بغداد، ويقع السجن تحت إشراف (أبو إيمان الباهلي) ومساعده (حجي ليث) مسؤول استخبارات الحشد ومسؤول المسيرات.
قتل وتعذيب
وثّق الناشط في معلوماته عن السجن في سبايكر، مقتل الشاب (عمر محمد عبد الله) من أهالي تكريت على يد “حجي ليث” مساعد مشرف السجن، أثناء التحقيق بعد اعتقاله في وقت سابق من قبل الميليشيات المتواجدة في المدينة.
وبيّن الناشط أنّ “عمار كريم” الملقب بـ (أبو زهراء) أحد أتباع المدعو “حجي ليث” يرتدي زيّ قوّات مكافحة الشغب ويذهب إلى ساحة التحرير.
كما تم توثيق مقتل الطفل (عباس صباح جواد) على يد أبو زهراء، قرب ساحة الخلاني.
أحد المعتقلين السابقين في سجن اللطيفية أكد أنّه يوم 29/2/2020 وصلت دفعة جديدة من المختطفين إلى سجن اللطيفيّة وأغلب المختطفين كانوا من الشباب وتعرّضوا للتعذيب والضرب المبرح.
قمع المظاهرات
ذكر مصدر خاصّ من أحد أفراد الجيش الحكوميّ لمركز توثيق جرائم الحرب، أنّ “أوّل يوم بدأت فيه التظاهرات قامت هيئة الحشد الشعبي بإعطاء منتسبيها إنذاراً من نوع (ج) بشكل عام، وفتح مقرات سرّيّة جديدة فضلاً عن المقرات السرّية في منطقة (اللطيفية) وتحديداً في (منشأة القعقاع) سابقاً، وهذا المقر هو عبارة عن مجموعة من السجون تعمل على حراستها قوات تسمى (روح الله) والمسؤول عنها شخص يدعى (أبو علي الجويبراوي) أحد عناصر منظمة بدر ومقرب من هادي العامري، ويشغل منصب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد.
وأمّا عمليّة التحقيق فهي بيد عناصر خاصة من استخبارات الحشد، وتحديداً من المقربين من المدعو (أبو إيمان الباهلي).
إجرام قديم.. سجون للأحداث السابقة
ذكر ناشطون لمركز التوثيق أنّ لجانًاًحكوميّة عثرت على معتقلين ومختطفين – اختفوا في أحداث سابقة في بغداد وباقي المحافظات على يد ميليشيات الحشد الشعبيّ – وهُم الآن موجودون في سجون سرّيّة؛ منها:
1- سجن سرّيّ داخل سجن أبو غريب غرب العاصمة بغداد يحوي على معتقلين مدنيين من جرف الصخر والطارميّة والنخيب.
2- سجن المحاويل وسجن البومصطفى والمحطّة الحرارية، وغالبيّة المعتقلين من أهالي الموصل الذين تم اعتقالهم في مدينة الرطبة ومنطقة الرزازة في الأنبار.
3- سجن عرب جاسم السري، وغالبيّة معتقليه من مختطفي مدينة الصقلاوية.
4- سجن جرف الصخر، ويقبع فيه مدنيّون من منطقة الكرخ في بغداد ومناطق زوبع، والكراغول والجميلات، والبوعيسى، والغرير، والبوحمدان، وهذه المناطق محاذية لمدينة بغداد وشهدت في السنوات الأخيرة سيطرت ميليشيات الحشد عليها عقب تنظيم الدّولة (داعش).
وبيّن الناشطون أنّ هذه السجون تُديرها مباشرة مليشيات (النجباء) و(كتائب سيد الشهداء) و(حزب الله العراقي) و(عصائب أهل الحق) و(مليشيا الخراساني).
انتهاكات متعمدة
ذكر المصدر في استعراضه جرائم سجون الميليشيات أنّ: “المعتقلين يتعرضون لانتهاكاتٍ نفسيّة وجسديّة، ويتم إخضاعهم لجلساتِ تحقيق يتخللها تعذيب تستمر لساعات طويلة”.
يذكر أنه اعتُقِل جميع هؤلاء على أيدي الميليشيات الشيعية أثناء دخولهم إلى المناطق التي شهدت اضطرابات في السنين الماضية بحجة مكافحة الإرهاب ليتمّ تحويل القليل منهم إلى الأجهزة الأمنيّةِ وما زال الكثيرون محتجزون ومخفيون قسرياً من غيرِ تُهم ولا محاكمات.
إنّ الجهة المسؤولة عن هذه السجون هي ميليشيات الحشد الشعبيّ وفيلق القدس الإيرانيّ وبترتيب مع الحكومة في بغداد.
هذا وطالب المركز العراقيّ لتوثيق جرائم الحرب، بعد توثيق جرائم الحشد، بإيقاف عمليّات الاعتقال غير القانونيّة في جميع المحافظات، والإفراج الفوريّ عن جميع المعتقلين دون أيّ مسوّغ قانوني، في كافة المعتقلات والسجون التابعة للحكومة والميليشيات.
كما ودعا المجتمع الدّوليّ والأمم المتحدة ومجلس الأمن لاتخاذ التدابير اللازمة في وقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المجرمين.