وصلت حصيلة الإصابات بفيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) في المملكة المغربية، حتى منتصف يوم الأحد، إلى 109 حالات، توفي منهم ثلاثة وشفي ثلاثة في ظل توسيع السلطات الصحية، دائرة إجراء الاختبارات الطبية للكشف عن الفيروس حيث شملت ثلاثة مختبرات، هي “باستور المغرب” في الدار البيضاء، والمختبر الوطني بالرباط والمختبر العسكري التابع للقوات المسلحة الملكية المغربية.
في غضون ذلك، قرر المغرب إنهاء الإجراء الخاص الذي تم وضعه في الأيام الأخيرة كجزء من عملية تسهيل عودة السياح الأجانب إلى بلدانهم، وذلك ابتداء من منتصف نهار أمس الأحد، وفق ما ذكره بيان صادر عن وزارة الخارجية، الذي أوضح أن هذا الإجراء الخاص كان قد اتخذ عقب قرار تعليق جميع رحلات الركاب الدولية من وإلى المغرب.
إجراءات حكومية
قررت وزارة الداخلية المغربية جملة إجراءات جديدة تهدف إلى تعزيز تدابير حالة الطوارئ الصحية التي أعلنتها السلطات المغربية يوم الجمعة الماضي.
وأعلنت الوزارة “منع استعمال وسائل التنقل الخاصة والعمومية بين المدن”، حيث دخل هذا القرار حيز التنفيذ ابتداء من الساعة الأولى من يوم الأحد.
وقد وضّح بيان لـ “الداخلية” أن هذا المنع لا يشمل حركة نقل البضائع والمواد الأساسية، التي تتم في ظروف عادية وإنسيابية بما يضمن تزويد المواطنين بجميع حاجياتهم اليومية، مضيفاً أن المنع “لا يشمل أيضاً التنقلات لأسباب صحية ومهنية مثبتة بالوثائق المسلمة من طرف الإدارات والمؤسسات”. كما وقررت وزارة الداخلية إلزام جميع المحلات التجارية بالإغلاق ابتداءً من الساعة السادسة مساءً، باستثناء الصيدليات.
هذا ودعا عدد من فقهاء القانون الدستوري إلى تفعيل “حالة الحصار (الطوارئ) كما جاءت في الفصل الـ 74 من الدستور المغربي، حيث يمكن الإعلان عنها لمدة ثلاثين يوماً، بمقتضى قرار لرئيس الحكومة، ولا يمكن تمديد هذا الأجل إلا بالقانون”.
سياقاً، دعت وزارة الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة، جميع ناشري الصحف والجرائد الورقية، إلى تعليق إصدار ونشر وتوزيع الطبعات الورقية، حتى إشعار آخر. وأضاف بيان الوزارة أنه “اعتباراً للأدوار الهامة والحيوية التي تقوم بها الصحافة المغربية، تهيب الوزارة بجميع المؤسسات الصحافية المعنية، الاستمرار في توفير خدمة إعلامية في صيغ بديلة في الظروف الحالية، والمساهمة إلى جانب باقي مكونات الإعلام الوطني، في جهود الإخبار والتحسيس والتوعية الموجهة للمواطنين”.
وينتظر أن تعقد اليوم الاثنين لجنة الشؤون الداخلية بمجلس النواب، اجتماعاً لدراسة مشروع قانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية، وستتم مناقشة مشروع القانون من قبل وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت، بعد أن قرر اتخاذ تدابير أمنية صارمة وفرض عقوبات جنائية نافذة تجاه أيّ خرق لمقتضيات حالة الطوارئ.
الموقف الشعبي من الطوارئ
عرفت الأيام الثلاثة الأولى لفرض حالة الطوارئ الصحية بالمغرب تجاوباً كبيراً من طرف المواطنين، ما عدا بعض الحالات المنعزلة. واستهتار بعض أحزاب تيار الإسلام السياسي ومحاولتهم جمهرة الناس رغم خطورة الأوضاع.
وقد سجلت بعض الأحداث المنعزلة، مثلها فتح تحقيق في حادث شمل رئيس فريق أمني وأعضاء فريقه واقترافهم تجاوزات في سياق تطبيق حالة الطوارئ، عقب نشر شريط فيديو يصور اعتداءهم بالضرب على مواطن لم يحترم الإجراءات.
يضاف لذلك اعتقال صاحب مكتب ومساعده في الدار البيضاء بسبب استنساخ وبيع طلبات الترخيص بالتنقل، الشيء الذي تسبب في تجمهر الناس أمام محل البيع في مخالفة لتعليمات حالة الطوارئ الصحية التي تنص على تفادي أي تجمهر والحرص على إبقاء مسافة وقائية بين الأشخاص. كما فُتح تحقيق للسبب نفسه في حوادث مماثلة في حق أصحاب “نوادي إنترنت” ومراكز نسخ الوثائق ومكتبات.
من جهتهم المواطنين المغاربة، وتعبيراً عن تضامنهم مع وحدات الجيش والفرق الأمنية التي انتشرت في المدن المغربية من أجل تطبيق حالة الطوارئ الصحية، يطل المغاربة من شرفات ونوافذ منازلهم في كل مدن البلاد على الساعة العاشرة ليلاً لترديد النشيد الوطني.
أحزاب إسلامية.. الصيد في الماء العكر
في خرق علني لحالة الطوارئ الصحية التي أعلنتها السلطات المغربية، خرج العشرات من أهالي مدن طنجة وفاس وسلا وتطوان، أغلبهم أفراد ينتمون إلى جماعات إسلامية منها جماعة العدل والإحسان “شبه محظورة” إلى الشوارع في محاولة منها لتنظيم مسيرات ومظاهرات. وردد أنصارها التكبير والتهليل لجمع الناس.
جرى ذلك في ساعات متأخرة من مساء السبت، في مسيرات جابت عدداً من أحياء تلك المدن وشوارعها مرددين هتافات “الله أكبر” و”لا إله إلا الله”
وقد أعربت أوساط سياسية وثقافية ودينية وإعلامية وأكاديمية مغربية، عن استيائها من تلك التجمعات التي تعرّض حياة المغاربة لخطر انتشار الوباء، منددة بهذا السلوك غير المسؤول الذي تقف خلفه توجهات سياسية ضيقة.
وتقدمت كل من “جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان”، و”مؤسسة آيت الجيد بنعيسى للحياة ومناهضة العنف” و”الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب” في شخص ممثليهم القانونيين ضد المشتكى بهم: الداعية السلفي رضوان بن عبد السلام، والراقي أشرف الحياني، وكل من سيكشف عنهم البحث، إلى رئيس النيابة العامة من أجل التحقيق مع الداعين إلى خرق حالة الحجر الصحي التي اتخذتها السلطات.
من جهتها، أعلنت الأحزاب المغربية “استنكارها التام لخروج مجموعة من الأفراد في مدن مغربية، في تجمعات غير مفهومة وغير مبررة بالشوارع العمومية، وفي خرق سافر للقانون الذي يحفظ المصلحة العامة ويضمن سلامة المواطنين والمجتمع، واستهتاراً بكل التوجيهات الصحية الصادرة عن السلطات الطبية في هذا المجال، والمفروض الالتزام بها في هذه الظروف العصيبة حماية لصحة المواطنين”.
كما وأكدت الأحزاب الرئيسية الثمانية دعمها وتثمينها لكل ما تقوم به السلطات المغربية، من جهود على العديد من الأصعدة لمحاصرة الفيروس، داعية كل المغاربة للالتزام التام بحالة الطوارئ الصحية والانضباط الشديد لمختلف الإجراءات الاحترازية التي أقرتها السلطات في مواجهة انتشار فيروس كورونا.