يأبى فايروس كورونا إلا أن تصل آثاره على كامل مفاصل الحياة في الدول التي ضربها، وليس فقط صدور المصابين به، تلك الجائحة، التي كانت الجزائر بحياتها السياسية جزءاً منها، خاصةً بعد الإعلان عن تأجيل مناقشة مسودة التعديلات الدستورية بسبب انتشار الفيروس في مناطق متعددة من البلاد.
قرار التأجيل جاء مباشرةً بعد إعلان الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”، أن التعديلات باتت جاهزة، لطرحها على النقاش، إلا أن إجراءات الوقاية من كورونا حالت دون مناقشتها واستكمال الخطوات القانونية اللازمة لإقرارها.
وتضم التعديلات المطروحة بحسب المصادر الرسمية الجزائرية، سبعة محاور كبرى تتلخص في تعزيز حقوق الإنسان وتشديد آليات مكافحة الفساد، وتكريس الفصل بين السلطات لمنع وقوع حكم استبدادي، وتعزيز سلطة القضاء، وتجسيد المساواة بين المواطنين وترسيم هيئة الانتخابات العليا في الدستور، وهي الخطوط، التي ثلت عمل اللجنة المكلفة بتعديل الدستور، والتي كان من المفترض أن تنهي أعمالها في 15 آذار الجاري، إلا أن انتشار كورونا أدى إلى تأخر الإعلان عن جهوزيتها إلى غاية يوم 24 آذار.
آثار انتشار الفيروس على الحياة السياسية في الجزائر لم يقتصر فقط على النواحي الدستورية وتعديلاتها، وإنما امتد أيضاً إلى الحراك الشعبي المستمر منذ ما يزيد على العام، حيث أعلن ناشطو الحراك عن توقف المظاهرات للمرة الأولى يوم الـ 20 من آذار الحالي، بسبب المرض، على الرغم من أنها بقيت مستمرة لأشهر بعد استقالة الرئيس الجزائري السابق “عبد العزيز بوتفليقة”، كما اشتدت بعد انتخاب الرئيس الحالي “عبد المجيد تبون”، الذي تعتبره امتداداً للنظام السابق، لأنه كان أحد أركان الحكم إبان نظام “بوتفليقة”.
من جانبهم، أكد ناشطو الحراك أن قرارهم ارتبط بالإجراءات الهادفة للحد من انتشار فيروس كورونا، ومنع انتقاله بين المشاركين في المظاهرات، في حين وصفت منظمات حقوقية وأحزاب علمانية ويسارية توقف الحراك بمثابة هدنة مؤقتة مع السلطات أجبرهم عليها فيروس كورونا، وليس الإنجازات، التي حققتها الحكومة بما فيها التعديلات الدستورية، مؤكدين العودة إلى التظاهر بعد اختفاء خطر الفيروس، من بهدف استمرار الضغط على النظام لإرساء دولة ديمقراطية خارجة عن سيطرة العسكر على الدولة المدينة، على حد قولهم.
تزامناً، أشارت وزارة الصحة الجزائرية، إلى ارتفاع حصيلة الإصابات بفيروس كورونا المستجد في البلاد إلى 367، بينما بلغ عدد المتوفين 25 شخصا، بينما تماثلت 29 حالة للشفاء، لافتةً إلى أن الفيروس انتشر في 36 ولاية جزائرية من أصل 48 ولاية.
إلى جانب ذلك، كشف وزير الصحة الجزائري “عبد الرحمن بن بوزيد”، أن البلاد دخلت المرحلة الثالثة من مراحل انتشار كورونا، لافتاً إلى أن الحكومة تتحضر للأسوأ، خاصةً وهي المرحلة ما قبل الأخيرة من الاستعدادات لمواجهة المرض بحسب تصنيفات منظمة الصحة العالمية، والتي تستدعي إجراءات مشددة، مثل الحجر الصحي العام.