بدأ البنك المركزي الروسي في تقليص مشترياته من المعدن الأصفر “الذهب”؛ بعد أن تصدرت روسيا في السنوات الماضية قائمة أكبر مشتريي الذهب من الأسواق العالمية، حيث اشترت كميات من الذهب بأكثر من 40 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية.
ليعلن اليوم، البنك المركزي الروسي توقفه عن شراء المعدن الأصفر بدءً من أول أبريل / نيسان القادم، بدون أن يوضح الأسباب وراء هذا القرار.. إلا أنه أكد أن تراجع الاهتمام الروسي بالذهب تجاوز مرحلة الجديّة.
في محاولة تفسير أبعاد القرار، لمّحت وكالة بلومبرج للأنباء عن محللين اقتصاديين أن روسيا امتلكت احتياطياً كافياً من الذهب بحيث لم تعد في حاجة إلى المزيد منه، يضاف إليه ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية حالياً إلى أعلى مستوياتها منذ 7 سنوات، بشكلٍ يجعل المتعاملين الروس يرغبون في بيع الذهب وليس شراؤه.
إلى ذلك، فإن الطلب على المعدن الأصفر قد ازداد خلال الفترات الأخيرة، باعتبار الذهب ملاذاً استثماريًاً آمناً في ظل الاضطرابات الحادة في أسواق المال العالمية نتيجة تداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، إلا أن بعض المتعاملين يواجهون مصاعب في الحصول على سبائك الذهب التي يريدونها.
بدوره.. أكد الاقتصادي، ديمتري دولجين، كبير خبراء الاقتصاد في فرع آي.إن.جي بنك في روسيا، أن البنك المركزي الروسي أشار على باعة الذهب بضرورة البحث عن وجهة أخرى لإمداداتهم خارج روسيا خاصة أن “الطلب العالمي على الذهب مرتفع”.
هذا ويمكن تفسير شدة الإقبال على شراء الذهب عالمياً بنقطتين اثنتين:
– حالة الفزع والهستيريا التي عمت العالم كله بعد أن انتشر فيروس كورونا المستجد في مختلف الدول.
-تعدد حزم التحفيز الاقتصادي التي أطلقتها البنوك المركزية في أغلب دول العالم … وهما عاملان مهمان قد أشعلا الطلب على المعدن الأصفر.
ويجب عدم إهمال قضية صعوبة استحصال الذهب ذات نفسه، ما يعني ارتفاع سعره عملًا بقاعدة العرض والطلب التي تجعل من صعوبة الحصول على منتج ما، سبباً مباشراً في غلاء ثمنه.. وعليه ومع وجود آلاف الأطنان من الذهب متراكمة فعلياً في خزائن حول العالم، بات العثور على كميات من الذهب المعروضة للبيع في التوقيت والطريقة الأنجح صعباً، خصوصاً وأن نقل الذهب يجري – عادة – عبر رحلات الطيران التجارية العادية والتي توقفت بسبب انتشار فيروس كورونا ما يعيدنا إلى نقطة البداية في قضية ارتفاع سعر الذهب .
تجدر الإشارة أن الذهب يحتل نحو 20% من إجمالي احتياطي النقد الأجنبي لروسيا (وهي نسبة مرتفعة للغاية مقارنة بالبنوك المركزية الأخرى). ويقدر احتياطي الذهب لدى البنك المركزي الروسي بنحو 120 مليار دولار.
وهذا ما يفسر الذي ذهب إليه بعض المحللين الاقتصاديين حين أكدوا أن نسبة الذهب من احتياطيات البنك المركزي الروسي وصلت إلى أعلى مستوى يريده المسؤولون.
البعد السياسي كان حاضراً في احتمال الإحجام الروسي عن الذهب.. حيث هناك من ربط بين زوال تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات حيث تتعزز الحاجة إلى وجود دعامات مالية تساعد الدولة أثناء الصدمات الاقتصادية، وبين الحاجة لتراكم مزيد من الذهب، لا سيما وأن قضايا مثل جزيرة القرم، والتدخلات الانتخابية، واغتيال الجاسوس الروسي السابق في بريطانيا، انخفض التركيز عليها.
إلى ذلك كله… سجلت أسعار الذهب في المعاملات الفورية نحو 1612.60 دولار للأوقية، فيما سجل الذهب في العقود الأمريكية نحو 1643.70 دولار للأوقية.