أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مرسوماً جمهوريًا، مساء أمس الجمعة، منع بموجبه تبادل الهدايا بين كبار المسؤولين الجزائريين وفي مختلف الإدارات، حيث وضع في المقابل شروطًا على أعضاء الوفود الرسمية الذين يتم إيفادهم في مهام خارج البلاد لدى مصالح الجمارك، لتقديم الهدايا مباشرة أو عن طريق وسيط “مهما كانت قيمتها”.
حيث حدد آلية تخصيص قيمة الهدايا التي تمنح في إطار التشريفات للوفود في مهماتهم الخارجية أو الداخلية، في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر. حيث شكلت المحور الثاني في التعديل الدستوري المنتظر والذي جاء تحت عنوان “أخلقة الحياة السياسية ومكافحة الفساد بكل أشكاله وأنواعه”.
وفصّل المرسوم الرئاسي، “10 مواد قانونية”، ذكرت “الأولى” منه أن “المرسوم يهدف إلى تحديد الكيفيات المتعلقة بتخصيص وقيمة الهدايا المتلقاة والمقدمة عادة في إطار التشريفات لأعضاء الوفود في مهمة في الخارج، وأعضاء الوفود في مهمة إلى الخارج”.
ووفقاً للمادة 7 من المرسوم الرئاسي فقد “يُمنع تبادل الهدايا بين المسؤولين الجزائريين”، أما المادة الـ 2 فقد دعت أعضاء الوفود في أي مهمة في الخارج، إلى التصريح لدى المديرية العامة للجمارك بالهدايا المقدمة لهم مباشرة أو عن طريق شخص وسيط، مهما كانت قيمتها.
حيث تضمنت الفقرة الثانية من المادة ذاتها “شروط تسلم الهدايا لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو أعضاء الحكومة أو لأصحاب الوظائف العليا”، فيقدم التصريح بها “لدى الوزير المكلف بالمالية”.
واستثنت المادة 3 من المرسوم الرئاسي الهدايا التي تصل قيمتها أو تقل عن 50 ألف دينار جزائري، أو ما يعادل 400 دولار أمريكي، وفي حال فاقت الهدية المبلغ المحدد “تودع لدى الجمارك”.
كما وشكّل المرسوم الرئاسي، لجنة تتكفل بـ “تحديد وجهة الهدايا العائدة للاحتياط القانوني للتضامن أو للمتاحف الوطنية”، تتكون من: ممثلين عن رئاسة الجمهورية ووزارات الدفاع الوطني والمالية والثقافة، والذين “تسلم لهم الهدايا مع إبراء ذمة”.
أما الهدايا التي يتم تخصيصها للمتاحف الوطنية، ورد في المادة 7 من المرسوم الرئاسي والقانوني أن تسلم لوزارة الثقافة، والتي “تكتسي أهمية أدبية أو تاريخية أو فنية أو علمية”.
وجاء قرار الرئيس تبون متقاطعًا مع ما تداولته وسائل إعلام جزائرية العام الماضي، عن “غياب هدايا تلقاها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من بعض رؤساء دول وضيوف أجانب ومحليين استقبلهم أو تلقاها خلال زيارته محافظات البلاد”.
فاعتبر مراقبون، أن مرسوم تبون “المفاجئ” ينضوي تحت سياسة “الحرب على الفساد”، التي قرر مواصلتها على خلفية الفضائح التي كشفت عنها التحقيقات مع كبار رموز النظام السابق.
حيث أنه وخلال محاكمات عدد من كبار مسؤولي نظام بوتفليقة في الأسابيع الأخيرة “دافع” رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزراء سابقون وبعض رجال الأعمال عن الامتيازات التي منحوها أو التي حصلوا عليها وهم في مناصب المسؤولية، بينها “أرصدة مالية بملايين الدولارات”، وزعموا أمام القضاء بأنها “هدايا تلقوها من أصدقاء لهم”.
وهي قضية أثارت الكثير من الجدل والاستياء وحتى السخرية في الشارع الجزائري، في وقت اعتبرها حقوقيون وسياسيون “دليلاً على أن الفساد كان سياسية في حد ذاتها في العقد الماضي”، ما دفع الرئيس تبون، في شهر فبراير / شباط الماضي إلى “تهديد” الوزراء والولاة أمام الكاميرات بـ “العقاب والحساب ومصير رموز بوتفليقة نفسه”، في حال “ثبت تورط أي مسؤول في قضايا فساد أو سوء تسيير أو تبديد للمال العام”.