صدر في الـ 17 من آذار/مارس موافقة ملكية على قرار مجلس الوزراء الأردني، الذي يقتضي تفعيل قانون الطوارئ في جميع أنحاء المملكة.
حيث ينص الدستور الأردني في المادة 124 على أنه “إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطى بموجبه الصلاحية إلى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن”.
وتسبب قانون الطوارئ في الأردن بإربكاك خطط وأوراق جماعات الإسلام السياسي والإخوان المسلمين في الأردن، من خلال إعاقته جهود ومحاولات استثمار الأزمة لكسب شعبية جديدة تعوض ما خسروه سابقًا وتسمح لهم باكتساب اصطفافات جديدة في المشهد السياسي الأردني عبر اللعب على الوتر الإجتماعي ضمن خطة مكرورة ومعرفة الأبعاد والنتائج.
ضرورة حتمية
يعطي قانون الدفاع (الطوارئ) الحكومة الأردنية صلاحيات واسعة، من ضمنها وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والتنقل والإقامة، كما يتيح إلقاء القبض على المتشبه بهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم.
ويسمح القانون للحكومة الحق في مراقبة الرسائل والصحف والمطبوعات والنشرات والرسومات وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق أماكن إعدادها.
بدورهم، يرى محللون أن إعلان قانون الدفاع كان ضرورة حتمية بسبب الوضع غير المسبوق الذي فرضه تفشي وباء كورونا، لكن ذلك لا يخفي أنه هناك هواجس من أن يتم توجيهه لغايات أبعد من ذلك، في ظل مؤشرات على أنه لن يتم إيقاف العمل به قريبًا، لا سيما وأن الوضع الاقتصادي ينحدر للأسوأ وقد تضطر الحكومة إلى فرض تدابير بينها رفع الضرائب لمواجهة خطر الانهيار.
ولا يستبعد المحللون أنه في حال فشلت الإجراءات المتخذة ضمن قانون الدفاع في احتواء تداعيات كورونا اقتصاديا واجتماعيا أن تذهب الدولة في خيار أكثر راديكالية، وهو إعلان الأحكام العرفية الذي سبق وأن اعتمد في المملكة لكن لظروف مختلفة في علاقة بالحرب مع إسرائيل. حيث سبق وحذر تقرير نشرته الخارجية الإسرائيلية الاثنين من إمكانية اهتزاز الوضع في الأردن، جراء التبعات الاقتصادية لأزمة كورونا.
آراء متشددة
يرى بعض الاقتصاديين في الأردن بضرورة تصعيد الحكومة لاجراءاتها وتعاملاتها في التصدي لجائحة الكورونا، حيث أكدوا أهمية التفكير بوضع خطة طوارئ لإنقاذ الاقتصاد الوطني لمرحلة ما بعد ازمة فيروس كورونا، وأن يكون هناك تشدد في تطبيقها لضمان نجاحها.
وقال بعضهم إن الحديث عن وضع الاقتصاد المحلي في ظل تفشي فيروس كورونا لا ينفصل بأي شكل عن الحديث عن الاقتصاد العالمي الذي يعيش حاليا “واحدة من أسوأ الازمات الاقتصادية في العصر الحديث”.
نائب رئيس الوزراء الاسبق الدكتور جواد العناني، قالبحسب وكالة الأنباء الأردنية بترا: “الوضع خطير ونحتاج الى احكام عرفية لمدة سنتين للخروج من ازمة الاقتصاد المحلي ما بعد كورونا، واتخاذ اجراءات جراحية في الشأن الاقتصادي تضمن قيام كل جهة بمسؤوليتها، ويجب ان تعلو مصلحة الوطن على مصلحة الافراد وبتكاتف الجهود سنخرج من هذا النفق المظلم”.
وأشار الخبير إلى أن حجم التأثير سيكون اكثر خطورة كلما طالت ازمة الفيروس، موضحا ان المؤشرات الاقتصادية السلبية ما قبل الازمة ستتفاقم الى حد كبير.
كما ودعا الحكومة الى التوجه نحو الاقتراض الخارجي وعدم الاكتراث لارتفاع نسبته من الناتج المحلي، فالمرحلة الان مرحلة اولويات على حد قوله، كما اقترح اعادة جدولة الديون الخارجية والبحث عن مصادر اقتراض أقل تكلفة.
من جانبه قال وزير المالية الاسبق، محمد ابو حمور، إن الاقتصاد الوطني يعيش ظروفا استثنائية تتطلب حلولا استثنائية، وتضافر الجهود من قبل مؤسسات المجتمع كافة، بما فيها الادوات التحفيزية في الفترة المقبلة من الجانب الحكومي، موضحا انه يقع على عاتق البنوك حمل كبير في دعم معظم القطاعات الاقتصادية سواء أكانت تجارية، صناعية ام خدمية.
موقف الإخوان.. الرفض
أعرب حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين)، قبل أيام، رفضه دعوة للعمل بالأحكام العرفية في البلاد، لمواجهة فيروس كورونا.
وقال الحزب، في بيان: “قانون الدفاع الذي أعلنته الحكومة وما تضمنه من إجراءات وصلاحيات واسعة كفيل بمواجهة هذه الجائحة العالمية”.
وشدد على أن “الأردن دولة قانون ومؤسسات وقادر على تجاوز هذه الأزمة الدقيقة.
وفي محاولة استغلال أزمة الوباء والتخوف من تبعات أي قوانين عرفية على نشاط تيار الإسلام السياسي، أكد حزب جبهة العمل الإسلامي (إخوان الأردن) رفضه لنهج الاعتقالات على خلفية قضايا حرية الرأي والتعبير التي طالت مؤخراً عدداً من الإعلاميين و الناشطين السياسيين، مؤكداً على ضرورة تمتين الجبهة الداخلية واللجوء للحوار في معالجة أي تجاوزات تتعلق بالخطاب الإعلامي في ظل الأزمة التي يمر بها الوطن.
حيث شهد الأردن موجة الاعتقالات طالت عددًا من الناشطين، من بينهم النائب السابق المهندس سليم البطاينة الذي بات يوجّه انتقادات لحكومة عمر الرزاز حيال أسلوب تعاملها مع جائحة كورونا حيث يتهمها باعتماد “الأسلوب الإعلامي” والإثارة في هذه المعركة داعيا في إحدى مقالاته رئيس الوزراء إلى الاستقالة.
ليؤكد حزب جبهة العمل، في تصريح صادر عن مسؤول الملف الوطني في الحزب المحامي حمد الهروط: ” مع دعمنا لكل الجهود الرسمية في مواجهة وباء كورونا الذي يهدد سلامة المجتمع، ودعوتنا للالتزام بالإجراءات المتعلقة بالحفاظ على السلامة العامة، وضرورة توخي الدقة والمصداقية في نقل الخطاب الإعلامي، فإننا نؤكد ضرورة عدم التوسع بالعمل بقانون الدفاع بما يمس بالحقوق المدنية والسياسية والحريات العامة التي كفلها القانون والدستور”، مجدداً المطالبة بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي.
هذا وتخشى الجماعة من أن يقيد التشدد الحكومي حركاتها، وهي التي راهنت خلال السنوات الأخيرة على توظيف الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، لفرض حضورها في المشهد وإعادة البريق لشعبية تآكلت.
وقد تراجع دور جماعة الإخوان بشكل واضح منذ العام 2013 جراء الخلافات التي عصفت بأركانهم، ما أدى إلى انشقاق عدد بارز من قياداتها وتشكيل كيانات جديدة، وحاولت الجماعة العودة وتصدر المشهد.. لكنها لم تفلح نتيجة تباعد المناصرين من حولها، يضاف لذلك رفع القضاء الأردني الغطاء القانوني عنها.