المقدمة
هذه الورقة ترصد العلاقة بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد؛ منذ حالة التوافق والشراكة التي ولَّدَتْ صداقة شخصية بينهما؛ إلى مرحلة الخلاف التي تصاعدت بعد الشهر الثالث للثورة السورية؛ التي أدت إلى صراع سياسي بينهما؛ وحرب إعلامية، لتصل في مراحلها الأخير إلى الصدام العسكري بين جيشي البلدين كما حصل في محافظة إدلب نهاية شهر شباط/ فبراير الماضي من خلال المحاور التالية:
مرحلة الوئام:
- أردوغان والأسد والوصول إلى السلطة؟.
- أردوغان والأسد مرحلة الوئام!
- الأسد والأبواب المغلقة دولياً؟!
- أردوغان يفتح الأبواب المغلقة للأسد؟!
- دبلوماسية الصحافة والمؤتمرات وقوافل الإغاثة.
- أردوغان والأسد قُبيل القطيعة والصراع بينهما؟.
مرحلة الخصام:
- أردوغان والأسد…بداية الخلاف والصراع؟
- أردوغان من الناتو إلى الحلف الأوراسي؟ على خطى أتاتورك!.
- الأردوغانية من داعش إلى غصن الزيتون حتى سوتشي؟.
- أردوغان من مراقب لخفض التصعيد إلى المواجهة العسكرية مع الأسد!.
- ماذا يريد أردوغان من دخوله العسكري في إدلب؟
- الصراع خارج الحدود بين الأسد وأردوغان؟.
- الخلاصة.
المدخل
الصراعات العسكرية والسياسية التي تجري في سوريا وحولها، باتت تشير إلى أن منطقة شرق المتوسط ذاهبة نحو تبدلات سياسية وثقافية وحتى أيديولوجية، لكن ذلك لا يعني بالضرورة ان الجغرافيا في سوريا ذاهبة نحو التقسيم، ولا يعني أن ما يجري تشكيله هو ذلك الشرق الأوسط الذي تم الترويج له مراراً خلال العقد الماضي عبر منصات إعلامية عديدة، فما نحن أمامه هو حالة غير مستقرة حدثت نتيجة صدام مشروعين إسلاموي وقومي، كلاهما انطلق على كومة كبيرة من الأوهام، وكلاهما انتهى بمشاريع شخصية صغيرة، لكن الضحية كان ولا يزال هو الشعب السوري الذي انطلق بثورته السلمية، قاصداً التغيير والحصول على أبسط حقوقه في الحرية، تماشياً مع موجة الربيع العربي، التي فرضتها ضرورات محلية، غير أن الشعب السوري أغرقوه بأمواج المتطرفين من كل صوب وحدب، والذين تناوبوا على قهره تماماً مثل نظام الأسد، وفي نهاية المطاف أوصلوه مع نظام الأسد إلى هذا الشتات المرير.
أردوغان والأسد والوصول إلى السلطة؟!
من أكثر الشخصيات التي أثار وصولهما إلى السلطة جدلاً كبيراً إنْ داخل بلديهما أو خارجهما هما التركي رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد؛ اللذين وصلا إلى السلطة في بلديهما بطريقة غير بريئة بالمعنى الديمقراطي.
فأردوغان وصل إلى السلطة بعد أن أبعد واختلف مع رفاق الدرب من أبناء منهجه وحتى أستاذه نجم الدين أربكان؛ الذي اتهم تلميذه باتهامات كبيرة، واستطاع بصفقة دولية أن يتخلص من المجلس العسكري الذي حكم تركيا من الخلف لعقود طويلة.
وأما بشار الأسد فقد وصل إلى السلطة بطريقة تورثية لم تكن مقبولة بالمعنى الديمقراطية؛ أثبتت أن الحكم في سوريا بات حكماً أولغارشياً. جعلت الدستور يتغير من أجله بخمس دقائق؟! فأثارت استياء كل مهتم بالوضع السوري. (1)
يضاف إلى هاتين الشخصيتين (الأسد وأردوغان) شخصيات سياسية أخرى ساهمت في هذا الصراع؛ إذ دخلت إيران كطرف في الصراع السوري لصالح بقاء الأسد من خلال ميليشياتها التي كانت ذات سلوك طائفي؛ زاد في تعقيد الحالة السورية وأخذها باتجاهات سيئة طائفية فاستراتيجياً. وكذلك تعدُّ شخصية الرئيس الروسي بوتين ودخول روسيا كطرف في الصراع فقلبت الموازين لصالح نظام الأسد؛ من أهم الشخصيات التي لعبت دوراً في سلوك الأسد وأردوغان واستمرار الصراع بينهما على حساب بلد؛ بات يعد دولة فاشلة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.(2)
أردوغان والأسد؛ مرحلة الوئام!
لفهم أسباب ونواحي المواقف التركية وتبدلاتها حيال الأوضاع في سوريا، لا بد من العودة قليلاً إلى الوراء، والاطلاع على طبيعة المصالح والفوائد التي حققتها تركيا من خلال تحالفاتها مع نظام الأسد، التي تحمل الشعب السوري آثارها انعكست على السياسة الاقتصادية بتأثير حاد على المواطن السوري.
من الناحية السياسية، بلغ أوج العلاقات بين “أردوغان” و”بشار الأسد”، مع إعلان نظام الأسد عام 2008، قبول تركيا كوسيط في عملية السلام مع إسرائيل، من خلال ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية الناطقة باسم النظام “سانا”، عن “الأسد” في ذلك الوقت، بتأكيده على استعداد دمشق لمواصلة التعاون مع تركيا من أجل السلام في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى اعتبار “الأسد” خلال استقباله “لأردوغان” في العاصمة السورية دمشق، في نهاية الشهر الرابع من العام 2008، تركيا كشريك له في العديد من ملفات المنطقة، بخاصة ملفات العراق ولبنان والقضية الفلسطينية، إضافة إلى تأكيده على أن العلاقات بين البلدين “متميزة”، يتخللها استمرار التشاور والتنسيق بينهما حول المسائل المطروحة على مختلف المستويات. كما تمثلت حالة التحالف بين الرئيسين، في العام 2009 مع الإعلان عن إقامة ما سمي حينها بـ “مجلس التعاون الاستراتيجي” بينهما، الذي جاء حصيلة ما يزيد عن خمس سنوات من العلاقات بين البلدين، ساهمت خلالها تركيا منذ عام 2004 بكسر الحصار المفروض على النظام السوري بعد غزو العراق واتهامه بدعم مقاتلي النظام العراقي السابق، وتسهيل دخول عناصر تنظيمات إرهابية إلى العراق، بالإضافة إلى دور تركيا في فتح قنوات اتصال بين النظام والمنظومة الأوروبية.
حالة التحالف السياسي، تخللها أيضاً تقارب شخصي بين “أردوغان” و”الأسد” وصل إلى حد الصداقة القوية، والتي تجسدت بشكل واضح جداً عندما ترافقا سويةً إلى مدينة حلب، بداية الشهر الرابع من العام 2007 لافتتاح ملعب الحمدانية الدولية في المدينة، وما تم التقاطه من صور للرجلين أثناء لعبهما الكرة، وتبادلهما المزاح كصديقين.
كما انعكست العلاقات الشخصية بينهما، على طبيعة العلاقة بين الشعبين، حيث صدرت قرارات بين الجانبين بتسهيل مرور مواطني الدولتين عبر الحدود في العام 2006، التي جعلت من تركيا واحدة من أكثر الوجهات السياحية التي يقصدها السوريون، على حساب السياحة الداخلية السورية.
ومن الناحية الفعلية، فقد ارتبط تحسن العلاقات بين دمشق وأنقرة بالصداقة بين “الأسد” و”أردوغان”، خاصةً وأنها جاءت بعد عقود من التوتر بين الجارين اللدودين، الذي وصل إلى أوجه في العام 1998، على خلفية استضافة نظام “حافظ الأسد” لزعيم حزب العمال الكردستاني، المطلوب من أنقرة، “عبد الله أوجلان”، تلك الأزمة التي وصلت إلى حد تهديد تركيا، التي كان يترأسها “سليمان ديميرل”، باقتحام سوريا برياً، لولا تدخل من الرئيس المصري الأسبق “حسني مبارك”، الذي انتهى بالتوقيع على اتفاقية أضنة في العام ذاته، قبل أن تنتهي الأزمات بين البلدين مع زيارة رأس النظام السوري الجديد وقتها، “بشار الأسد” إلى أنقرة عام 2004، في أول زيارة يجريها رئيس سوري إلى تركيا، منذ 57 عاماً، وهي ذات الزيارة التي وقع فيها الطرفين اتفاقية التجارة الحرة بينهما، وقد مثلت نقطة تحول لصالح الاقتصاد التركي على حساب نظيره السوري.
وهنا تفتح هذه الاتفاقية الباب على العلاقات الاقتصادية بين البلدين في عهد ازدهار الصداقة بين “أردوغان” و”الأسد”، العلاقات التي تسببت في أزمات كبيرة للمنشآت الاقتصادية السورية، التي دفعت وزير التجارة السوري الأسبق، “نضال الشعار” عام 2012، إلى وصفها بـ “الغبن”، بعد أن اعتادت الحكومة السورية السابقة، برئاسة “ناجي عطري” إلى وصفها بالزواج الكاثوليكي، بين البلدين طيلة 6 سنوات. ولفت الوزير السوري الأسبق في ذلك الوقت، إلى أن بلاده ترى أنها ظلمت في تلك الاتفاقية، وانها ستعيد النظر فيها، وذلك بعد سنة من اندلاع الثورة السورية، مؤكداً أن الدراسة الاقتصادية للاتفاقية أثبت أن الميزان التجاري السوري سيكون خاسراً، وفق بنودها.
من ناحية أخرى، انعكست العلاقات بين سوريا وتركيا، خلال الفترة بين 2004 وحتى 2010، على الكثير من قطاعات الحياة داخل سوريا، فعلى الصعيد التعليمي، عدلت وزارة التربية السورية عام 2004 كتب التاريخ للثانوية العامة لتضع مصطلح الدولة العثمانية، بدلاً من عبارة الاحتلال العثماني، التي كانت موجودة سابقاً، كما أسقط عن الخريطة السورية إقليم لواء اسكندرون المتنازع عليه بين البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، فقد امتد تأثير العلاقات بين الرجلين، إلى الدراما السورية وتحديداً مسلسلات البيئة الشامية، فبعد عقود حكم “حافظ الأسد”، التي ركزت فيها الدراما في سوريا على عرض الجيش العثماني كجيش احتلال، وفضح ممارساته، في مسلسلات أيام شامية وأخوة التراب والشريد والثريا، وصولاً إلى مسلسل الخوالي، حتى عام 2002، قبل تحسن العلاقات بين أنقرة ودمشق، بدأت تلك الدراما اعتباراً من عام 2004 بالتركيز على فترة الاستعمار الفرنسي كما في سلسلة أجزاء باب الحارة، بالإضافة إلى تناول الجيش العثماني، أو ما يعرف “بالدرك” من ناحية إيجابية كما كان في مسلسل ليالي الصالحية الذي أُنتج في العام 2004.
الأسد والأبواب المغلقة دولياً؟!
تسلم الأسد الابن السلطة، بالوراثة عن أبيه، ولم يكن بحاجة لأكثر من أجهزة الاستخبارات، وبقية الثلة العسكرية الفاسدة التي ورثها عن أبيه لكي يدير من خلالها سوريا كواحدة من المزارع العائلية، التي يجري استخراج ما فيها من ثروات ثمينة وهائلة والاستئثار بها للعائلة الحاكمة، في وقت كانت فيه جموع الشعب لا تزل تعاني من الأثار السلبية للحصار الاقتصادي الذي قام باستجلابه نظام الأسد الأب نتيجة مغامراته السياسية. بمقابل ذلك لم يكن نظام الأسد الابن ليخرج عن مسار والده سواء في السياسة الداخلية القائمة على استمرار عمليات النهب، التي لم تستثني حتى مشاريع البنية التحتية الداخلية، التي كانت بدلاً من أن يكون نتاجها للصالح الوطني العام، كانت مسألة تحديث البنى التحتية والدخول لعالم الاتصالات الرقمي، كلها أشياء تديرها شبكات عائلية، تصب في خدمة العائلة الحاكمة، ما أبقى احتمالية حدوث تطوير حقيقي يصب في المسار الوطني العام أمراً معقداً.
على المستوى السياسي جاءت الانتفاضة الفلسطينية الثانية 28أيلول/ سبتمبر 2000 في بدايات سنوات حكم بشار الأسد، وكانت فرصة مهمة لكي تتحول دمشق إلى مهرجان خطابي متواصل تماماً على خطى الأسد الأب الراحل، وباتت دمشق بمثابة الداعم الأول للفلسطينيين، وذلك بغية تقديم النظام السوري بمثابة (مركز القرار القومي العربي) خصوصاً مع احتضانه لحركة حماس، ودفعها نحو الواجهة الإعلامية، ولم يكن ذلك أكثر من محاولة للجمع بين الأطياف المتناقضة، بغية الإمساك بكامل ملفات المنطقة السياسية، خصوصاً وأن لبنان كان يشهد تراجع الفصائل اليسارية التي تعرضت لضربات ساحقة على يد حركة أمل، وظهور حزب الله كورقة إيرانية خالصة، وبروز التيارات الإسلامية السنية متمثلة بالحركات الإسلامية في طرابلس لبنان، التي كانت على اختلاف الوانها تكن بالولاء لنظام الأسد.
أردوغان يفتح الأبواب المغلقة للأسد؟!
كان الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 واحداً من المفارقات المهمة التي عصفت بعموم المنطقة، فقد زادت هذه المسألة من عزلة نظام الأسد، ورغم أن النظام كان قد حاول فك عزلته عام 2004 من خلال زيارته لتركيا وتوقيع عدة اتفاقات اقتصادية.(3)
غير أن العزلة على نظام الأسد باتت أكبر خصوصاً مع خروج الجيش السوري من لبنان عام 2005 وذلك إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، في منطقة كانت تعتبر تحت سيطرة النظام من الناحية الأمنية. وفي شباط/ فبراير 2007 كانت ثمة تحولات جديدة في المنطقة، وذلك” عندما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، الذي فوجئ بطلب أولمرت أن يكون وسيطاً بينه وبين الرئيس بشار الأسد، حيث قام بنقل «رسالة دراماتيكية» من أولمرت إلى الأسد في نيسان/أبريل 2007.(4)
وأما في تركيا، فكانت أنظار حزب العدالة الحاكم تتجه نحو الجوار العربي، وكانت البوابة السورية هي الأقرب، فقد قام بشار الأسد بزيارة رسمية إلى جمهورية تركيا على رأس وفد رسمية ،استمرت أربعة أيام وبحسب الموقع الرسمي لحزب البعث فإن الزيارة وتهدف إلى تقديم التهنئة للرئيس التركي عبد الله غل بانتخابه رئيساً للجمهورية، ولرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لمناسبة الفوز الكاسح لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية.(5)
كانت مفاوضات عام 2008 السورية/الاسرائيلية نافذة نظام الأسد لمغازلة المجتمع الدولي، خصوصاً بعد انكشاف دوره في دعم الجهاديين في العراق، لكن نهاية عام 2008 شهد الهجوم الإسرائيلي على غزة، ووقوع عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين، ما جعل المنطقة العربية تشهد تغيرات جديدة، فرضتها تلك الحرب التي انتهت مطلع العام التالي 2009 بعد وساطة مصرية، ومن أهم المتغيرات كان الزخم الإعلامي الكبير الذي ترافق مع الحرب، وانعقاد القمة العربية في قطر بحضور حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وشارك فيها الرئيس الإيراني احمد نجاد وممثلين عن تركيا حيث حضر الافتتاح 12 دولة عربية فقط وكانت مصر والسعودية من ابرز الغائبين من بين بقية الدول التي امتنعت عن الحضور.(6)
بعد أسبوعين من نهاية القمة العربية تلك، احتشد الآلاف في اسطنبول لاستقبال رئيس الوزراء التركي بعد انسحابه من منتدى دافوس إثر المشادة الشهيرة مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز على خلفية أحداث غزة. أردوغان اتهم إسرائيل بقتل الفلسطينيين، وبيريز دافع بانفعال عن حملة بلاده.(7)
دبلوماسية الصحافة
لم تكد تلك زيارة الأسد لتركيا تنتهي حتى اجتاحت دمشق سيول من المحطات الفضائية التركية، والصحف والعديد من وسائل الاعلام، وشهدت دمشق زيارة عشرات الصحفيين تباعاً، بدءاً من تلفزيون TVnNET المقرب من حزب العدالة وصولاً إلى صحف مثل يني شفق والحياة الحقيقية وصحيفة وقت وغيرها، وحتى الفضائية الرسمية التي سجلت برامج حوارية مع سياسيين ومثقفين أتراك وسوريين وفلسطينيين، وعرضت بمجملها أوجه التعاون القادم بين تركيا والعرب، ودور تركيا في حل الأزمات العربية، وانتقلت البرامج الحوارية من السياسة إلى الفكر والتاريخ والدين الإسلامي وأمور العقيدة، وهكذا ظهر على التلفزيون الرسمي الباحث محمد اقجة وأستاذ التاريخ سهيل زكار، ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة دمشق محمد وهبة الزحيلي. حتى جاء وقت على دمشق، اجتاحها آلاف الطلبة القادمين لأجل دراسة اللغة العربية، وكان حي ركن الدين الدمشقي موطئ قدم لمعظم هؤلاء، وكان اللون التركي بارزاً بين الطلبة، خصوصاً أن الحي كان يضم كلية الدعوة الإسلامية التي تستقطب سنوياً في دمشق مئات الطلبة من دول إسلامية عديدة.
لكن دمشق التي احتضنت كل هؤلاء الصحفيين لم يكن يحظى فيها العنصر السوري سوى حضوراً محدوداً، فقد توجهت الكاميرا التركية في دمشق نحو المشهد الفلسطيني، خصوصاً وان قادة حماس والجهاد الإسلامي كان مقرهم في دمشق.
عام 2007 لم يكتمل حتى تم عقد مؤتمر القدس في إسطنبول، وتم نقل كامل جلسات هذا المؤتمر على الهواء مباشرة عبر فضائيات تركية وأخرى عربية، وعلى مدار أيام المؤتمر الثلاثة، غير أن ما ميز المؤتمر هو حضور شخصيات فلسطينية من حماس والجهاد الإسلامي للمؤتمر، حيث شارك فيه موسى أبو مرزوق نائب خالد مشعل، إضافة إلى قرابة 5000 مشارك من مختلف الدول العربية والإسلامية ومشاركات عربية وفلسطينية من دول أوروبية، وكان لذلك الحضور نقطة تحول في الاعلام العربي، فقد باتت تركيا بوابة يدخلها كبار القادة الفلسطينيين ليتحدثوا إلى جمهور عربي وتركي حول قضيتهم، وهذا لم يكن مألوفاً من قبل.
دبلوماسية المؤتمرات وقوافل الإغاثة
غزة تنزف، غزة محاصرة، بات ها هو العنوان الرئيس اليومي في صحافة الأسد ووسائل إعلامه، لكنه قبل أن تنزف غزة كان قد فتح الأبواب على مصراعيها لحركة حماس، بشقيها السياسي والعسكري، فالقادة السياسيين في حماس باتوا يمتلكون مزيداً من القصور وبيوت الترفيه والمزارع الخاصة في الجنوب الغربي لدمشق حيث الأرياف التي تمتد من خان الشيح وحتى الزبداني، وأما مطار دمشق فقد تم تخصيص مدخل خاص فيه لمقاتلي القسّام، حيث يصلون دمشق عبر القاهرة، ويغادرون من دمشق إلى طهران عبر دمشق دون أن يتم ختم جوازات سفرهم حتى لا يتعرضوا للمسائلة من الامن المصري آنذاك، وبالطبع مثل هذه الأمور لم تكن ممكنة لحركة حماس أن تحصل عليها من تركيا.
وأما في تركيا فكانت الحالة الإنسانية لقطاع غزة تعمل على تحريك مشاعر الشارع، فأصبحت الجمعيات الخيرية تنشط في مجالات الإغاثة وكسر الحصار عن غزة، من خلال تعاونها مع مؤسسات عربية ومؤسسات خيرية في أوروبا، من خلال مع عرف بقوافل شريان الحياة. فجاءت قافلة شريان الحياة 3 التي غادرت نهاية عام 2009 من لندن إلى تركيا سوريا والأردن ومصر وصولاً إلى غزة.(8)
ثم جاءت شريان الحياة 4 التي تعثرت بعدها العلاقات بين تركيا وإسرائيل بشكل كبير عقب الهجوم الذي شنّته “إسرائيل” على سفينة ” مرمرة” التركية التضامنية، في 31 أيار/ مايو 2010، قرب شواطئ قطاع غزة، وأسفر عن مقتل 10 نشطاء أتراك. ثم تلتها قافلة شريان الحياة 5 وصلت في 21/10/2010 بعد تسهيلات مصرية.(9)
ثم جاءت ثورة يناير وانتهت قصة القوافل البحرية نحو غزة، حيث أصبحت في الأفق حكايات جديدة وقصصاً هي أكثر أهمية في لعبة السياسة من قضية حصار غزة.
ولكن تبقى الأسئلة المهمة، وهي كم استفادت غزة من حجم المساعدات الإنسانية التي دخلتها عبر القوافل، وكم خدمت هذه القوافل الاغاثية أو استفادت منها اللعبة السياسية، وهذا هو الجانب الأبرز في المعادلة، لكن أبرز النتائج السياسية التي جاءت كانت ظهور تركيا بدور المدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما أعاد إدخال تركيا إلى العقل العربي بعدما كانت قد غادرته منذ عقود طويلة عندما غادر آخر العثمانيين القدامى الأراضي العربية، وباتت أبرز النتائج المعاصرة هي دخول العثمانيين الجدد، ومن باب عربي عريض.
أردوغان والأسد قُبيل القطيعة والصراع بينهما؟
لدى حوارك مع الصحفيين الاتراك وهم يتجولون في شوارع دمشق، تطرح عليهم السؤال التالي: ما هي الصفحة التالية من العلاقات بين سوريا وتركيا؟ يأتيك الرد” بأن تركيا تشهد ثورة داخلية على شاكلة الثورة الإسلامية في إيران، لكنها ثورة صامتة، سوف تنتهي بإعادة إحياء العالم الإسلامي بشكل مختلف عما هو عليه الآن، وبمقابل ذلك عندما كنت توجه ذات السؤال إلى مثقف سوري علماني أو يساري أو بعثي، فسوف تجد جواباً مختلفاً وهو أن سوريا هي القائد الحقيقي للعالم العربي، وأن المشروع القومي قائم وموجود، وأن الروابط مع الأتراك لا تتعدى جوانب المصلحة الاقتصادية وحسن الجوار.
كل هذا الهمس في الشارعين العربي والتركي كان يخفي قلقاً من الأيام القادمة، ومع قيام الثورة السورية، كان من غير الممكن أن تستمر العلاقة بشكلها الطبيعي بين تركيا وسوريا، ففي تركيا ثمة مشروع إسلامي يتبلور، ويستمد من الانتخابات الديموقراطية مشروعية تتزايد يوماً بعد يوم، وهناك في سوريا ثمة مشروع استبدادي وراثي يرى نفسه وصياً على سوريا وعموم المشروع القومي العربي المتهالك، الذي لم يكن أكثر من اسم، لكن هذه المعادلة من تركيا إلى سوريا، هي معادلة غير قابلة لإحداث أي توافق بين الطرفين.
أما من الناحية العملية وبحسب تسلسل الأحداث، فإن الموقف التركي من الثورة السورية خلال الأيام الأولى منها، كان متناغماً مع التحالف العميق بين “أردوغان” و”الأسد”، وهو ما تجسد من خلال زيارة وزير الخارجية التركية آنذاك، “أحمد داوود أوغلو” إلى دمشق، مطلع الشهر الثامن من العام 2011 أي بعد اندلاع الثورة بحوالي خمسة أشهر، وعقد اجتماعات مع رأس النظام، قيل إنه حاول خلالها إقناع “الأسد” بتخفيف القبضة الأمنية، مقابل السعي لتخفيف حدة المواقف الدولية تجاهه، وفقاً لما ذكرته صحيفة DW الألمانية، في ذلك الوقت.
طبيعة الموقف التركي تجاه القضية السورية في العام 2011، لم يتوقف عند حد زيارة أوغلو إلى دمشق، وإنما تمثل في زيارة معاكسة سابقة لها، أجراها رئيس خلية إدارة الأزمة في النظام آنذاك، العماد “حسن تركماني”، إلى العاصمة التركية، أنقرة، بتاريخ 11 حزيران/ يونيو 2011، والتي جاءت على خلفية تسريب “أردوغان”، الذي كان يشغل وقتها منصب رئيس الحكومة، إلى “الأسد” وجود نوايا دولية للتحرك ضده، ما دفعه لطلب قدوم “تركماني” إلى أنقرة وإجراء مباحثات حول ذلك الأمر، بحسب تسريبات إعلامية نشرتها بعض الوكالات الدولية.
الزيارتان السابقتان، اللتان تعتبران آخر زيارات رسمية معلنة بين الجانبين، كانتا فعلياً محور التحول في العلاقات بين تركيا ونظام الأسد، والتي دفعت “أردوغان” إلى التوجه لدعم المعارضة السورية، واستضافة مؤسساتها وهيئاتها على الأراضي التركية، بعد أن تأسست لدى القيادة التركية قناعة تامة بأن الأمور متجهة نحو التصعيد، وأن لا مجال لإنقاذ “الأسد”، من الغضب الدولي، وفقاً لما يراه محللون ومتابعون للسياسة التركية في الشرق الأوسط، لافتين إلى أن لحظة عودة “أوغلو” من دمشق، خاوي الوفاض من أي اتفاق مع النظام حول المظاهرات، مثلت اللحظة الفاصلة في الموقف التركي، وتحولاته التي اتضح فيما بعد أنها لم تكن تحولات فاصلة ونهائية بشكلٍ كامل.(10)
أردوغان والأسد…بداية الخلاف والصراع؟
بدأ التحول التركي نحو الثورة ودعمها منتصف العام 2011، بعد زيارة “أوغلو” لدمشق، وإعلان “أردوغان” أنه سيُسمع “الأسد” لهجة قاسية حيال استمرار القمع في سوريا، مشيراً إلى أن السلطات السورية تتعامل بـ”وحشية” مع المظاهرات، ليطلق وقتها عبارة: “لن نسمح بحماة ثانية”، التي كانت بمثابة التحول الفعلي في الموقف التركي والإعلان باتجاه دعم المعارضة.
جاء تشكيل المجلس الوطني السوري المعارض، في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011، ليكون بذلك، واحدة من خطوات التباعد بين الصديقين القديمين، ومن أهم الأسباب في ذلك؛ مسألتان:
الأولى: أن المجلس الوطني قدم نفسه للمجتمع الدولي على أنه البديل عن النظام الأسدي حيث اعترفت به عديد الدول كبديل عن النظام.
والثانية: أنّ هذا المجلس كان مهيمناً عليه من قبل حركة الإخوان المسلمين صاحبة العداء التاريخي مع أسرة الأسد؛ مما يعني أن أردوغان أعلن احتضانه للعدو التاريخي للنظام؛ وأنه انحاز لعمقه الإخواني الذي تربى عليه.
ثم تصاعدت حدة التوتر في العلاقات بين البلدين، مع إسقاط النظام طائرة عسكرية تركية وقتل طياريها، في حزيران/ يونيو 2012، بعد أيامٍ من استدعاء أنقرة للملحق العسكري السوري في السفارة السورية، جراء إطلاق قوات حرس الحدود التابعة للنظام النار على لاجئين سوريين داخل الأراضي التركية.
وتعمق الاتجاه الأردوغاني بشكل أكبر نحو دعم المعارضة والعداء للأسد، مع استضافته للعديد من القيادات العسكرية المنشقة عن النظام، أبرزها المقدم “حسين الهرموش”، والعقيد “رياض الأسعد” الذي تولى قيادة المعارضة المسلحة، تحت اسم “الجيش السوري الحر” عام 2011، كما فتحت معسكرات تدريب لمجموعات من العناصر المعارضة السورية على أراضيها، في تشرين الأول/ اكتوبر عام 2011، التي انضمت فيما بعد للقتال ضد قوات النظام شمال سوريا وتحديداً في مدينتي حلب وإدلب الحدوديتين، تحت إشراف بعض ضباط المخابرات التركية.(11)
أردوغان من الناتو إلى الحلف الأوراسي؟ على خطى أتاتورك!
لقد ساعدت الحربُ في سوريا روسيا بوتين على استعادة الحلم للعودة ببلاده كقوى كبرى بعد أن فقدت ذلك نتيجة انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي في العام 1990؛ الملفت للنظر أن الشخصيات الأربعة ذات العلاقة المباشرة بالحرب في سوريا استطاع الرئيس الروسي بوتين جذبها إلى دائرته لتكون نواة المشروع الأوراسي الجديد بقيادة روسيا؛ ليغدو هذا الحلف نداً للنظام العالمي الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية؛ وأهم حلفاء بوتين في المشروع الأوراسي الذي يريد حلَّ قضاياها بعيداً عن الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن فيها. كان دخول تركيا أردوغان فيه؛ بعد خلافاته المتكررة إنْ مع الإدارة الأمريكية أو الاتحاد الأوربي؛ مما جعل تركيا أردوغان عبئاً على الاتحاد الأوربي خصوصاً أنه يملك كلمة واضحة على الإسلام السياسي، وبالتالي هو قادر على إقلاق الأمن الأوروبي؛ وكذلك في مسألة استراتيجية أخرى؛ تمثلت بخزان المهاجرين السوريين وغيرهم الذي يشكل عبئاً استراتيجياً على دول الاتحاد الأوربي وأمنه ومنظومة قيمه كما يدعي الأوربيين. إضافة إلى أن اللوبي التركي الأردوغاني المتواجد بأوروبا بات مقلقاً لسياسة الاتحاد الأوربي؛ وضيق من خياراته السياسية تجاه إيجاد حلول لمشاكل الشرق الأوسط.
يضاف إلى ذلك إيران الدولة التي باتت تشكل حالة تمرد على المجتمع الدولي والتي استطاع بوتين جذبها واحتضانها في مشروعه الأوراسي؛ يضاف إلى هؤلاء أن بشار الأسد منح لهذا الحلف الأوراسي قاعدة متقدمة ومواجهة لأوروبا عندما جعل من بلده قواعد عسكرية لكل من إيران وروسيا ودول أخرى وأخيراً اكتملت بدخول الجيش التركي إلى الأراضي السورية.
وحينما حاول المحور الأوراسي بقيادة بوتين/ أردوغان التفرد بحل المأساة السورية بعيداً عن قرارات المجتمع الدولي والدور الأمريكي من خلال الوثيقة التي تفاهم عليها أردوغان/ بوتين في موسكو يوم 5 آذار/ مارس الحالي؛ وقدمتها روسيا لمجلس الأمن لأخذ المشروعية عليها ضاربة بعرض الحائط كل القرارات الأممية السابقة، كان الفيتو الأمريكي لها بالمرصاد.(12)
أردوغان في انخراطه بالحلف الأوراسي يستحضر السلوك الأتاتوركي لمؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك؛ فعندما تعرقلت المفاوضات بين أتاتورك وبين الأوربيين والأمريكان في العام 1921 ولم يمنحه المنتصرون بالحرب آنذاك ما يريده ليكوَّن تركيا الحديثة؛ ذهب فوراً إلى تحالف مع الاتحاد السوفيتي؛ فيما سُمي تاريخياً بمعاهدة موسكو؛ ليقول للآخرين بلسان الحال أن تركيا تمتلك خيارات مقلقة للغرب؛ وعلى الغرب أن ينصاع للمطالب التركية؟! وهذا بالضبط ما قام به أردوغان حينما تعثرت مفاوضاته مع الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية؛ حيث انحاز إلى الحلف الأوراسي الجديد؛ سائراً على الخطى مؤسس تركيا الحديثة كمال أتاتورك؛ وكانت صفقة صواريخ s400 هي الإشارة بذلك.
معاهدة موسكو
معاهدة موسكو وقعت بين الجمعية الوطنية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك وروسيا البلشفية بقيادة فلاديمير لينين، في 16 آذار/ مارس 1921، واستنادًا إلى معاهدة بريست – ليتوفسك التي تم التوقيع عليها مع الدولة العثمانية في آذار/ مارس 1918، حينئذ لم تكن الجمهورية التركية ولا الاتحاد السوفيتي كانا قد تأسسا بعد. وفي 23 ت1/ أكتوبر 1921، أضيف إليها معاهدة كارس. وفي 24 آب/ أغسطس 1920، وقع اتفاق للتعاون بين حكومة روسيا السوفياتية والجمعية الوطنية التركية، على أن توفر روسيا السوفياتية المساعدة لتركيا في كل ما تحتاجه عسكرياً إذا لزم الأمر من خلال عمليات عسكرية مشتركة وفي أيلول/ سبتمبر 1920، تحرك 15 فيلقاً تركياً بقيادة “كاظم قارابكير” نحو كارس وأرداهان وأرتفين وباطومي وأغدير لمواجهة الأرمن على الحدود الشرقية. وبعد ستة أسابيع من القتال، فقدت جمهورية أرمينيا ثلثي أراضيها قبل الحرب، وأكثر من 200 ألف شخص (معظمهم من السكان المدنيين).
استغلت الجمعية الوطنية التركية الرفض الشعبي التركي ورفض السوفييت لمعاهدة سيفر، وأرسلت وفداً إلى روسيا برئاسة “بكير سامي بك” لبحث توقيع اتفاق صداقة مع الحكومة البلشفية، استنادًا إلى معاهدة بريست – ليتوفسك التي تم التوقيع عليها مع الدولة العثمانية في آذار/ مارس 1918. وفي 20 آب/ أغسطس 1920، بدأت المفاوضات بين الطرفين في هذا الشأن، إلا أن وزير الخارجية السوفييتي “جورجي تشيشرين” طالب الأتراك بالتخلي عن بعض أراضيهم في أرمينيا بالإضافة إلى الأراضي التي كانت جزءً من الامبراطورية الروسية قبل عام 1914، لإتمام الاتفاق. رفض مصطفى كمال ذلك بحدة، وأعلن أن تركيا لن تتخلى عن أي شبر من أراضيها.
وأرسل مصطفى كمال “على فؤاد باشا” سفيراً إلى موسكو، كما أرسل السوفييت “ميدفاني تشيشرين” سفيراً إلى تركيا. ووقع المعاهدة في موسكو، من الجانب التركي على فؤاد باشا ود. رضا نور ويوسف كمال تنجسنك، ومن جانب السوفييت جورجي تشيشرين. تضمنت المعاهدة إعادة ترسيم الحدود بين البلدين واقتسام بعض الأراضي.
هذا السلوك الأتاتوركي استحضره أردوغان في خلافاته مع الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوربي؛ حيث يريد أن يكون ذا تأثير سياسي وأمني واستراتيجي بالاتحاد الأوروبي؛ وهذا ما تدل عليه خطاباته المبطنة بالتهديد والوعيد للاتحاد. وهذا التوجه الأردوغاني نحو الحلف الأوراسي سيؤدي يوماً ما إلى إعادة الوئام بينه وبين بشار الأسد بشكل ما وبوساطة روسية.(13)
الأردوغانية من داعش إلى غصن الزيتون حتى سوتشي؟
رغم اتفاق الخبراء في التنظيمات الإرهابية على أن داعش كانت شركة عالمية مساهمة ومغفلة؛ إلا أن أهم طرفين في هذه الشركة ساهما في ولادة تنظيم داعش هما أردوغان والأسد؛ فالأسد أطلق سراح الجهاديين المعتقلين من سجونه بالشهر السادس من العام 2011 الذين سرعان ما التحقوا بالحراك الثوري! وأسسوا كتائبهم الجهادية؟! وسلَّم حدود الجمهورية العربية السورية للثوار بطريقة غريبة ومريبة؟! مما ساعد العناصر المنتمية للتنظيمات الجهادية المتطرفة بالوصول إلى داخل البلاد وإنشاء كياناتها الإرهابية والعبث بمصير البلد؛ وتعقيد المسألة السورية إلى حد كبير؟!.(14)
أما الدور الأردوغاني فقد ساهم بتيسير وصول هؤلاء العناصر عن طريق تركيا؛ ودخولها إلى سوريا؛ وساهمت شخصيات إخوانية في ذلك باستقبالهم بولاية شانلي أورفا التركية وتجميعهم في بلدة تل أبيض السورية كمعسكر تجميع على غرار ما كان يفعله أسامة بن لادن بأفغانستان باستقباله المجاهدين القادمين للجهاد ضد السوفييت؛ في بيشاور (باكستان) في العام 1984.
كان مركز تجميع المجاهدين القادمين من كل مكان إضافة إلى تل أبيض؛ مدينة (إعزاز) وقرية (سجو) المقابلة لولاية كلس التركية. وهذا لا يعني أن التيار الجهادي لم يدخل من مناطق حدودية أخرى كمنفذ درعا الذي ساهم (التيار السلفي السروري) بتيسير وصول القادمين من وعن طريق الأردن؛ ناهيك عن منفذ البوكمال الحدودي مع العراق الذي ساهم بشكل كبير بقيادة تنظيم داعش في سوريا؛ ورفده بعناصر ذات خبرة جهادية من تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق؛ إضافة لعناصر من بقايا الحرس الجمهوري العراقي الصدامي الذين تولوا قيادة العمليات العسكرية في المناطق الشرقية والشمالية السورية.(15)
مع تصاعد الأحداث واتساع دائرتها، ودخول تنظيم داعش الإرهابي على خط الثورة السورية، طرأ تعديل على السياسات التركية فيما يتعلق بالحدود مع سوريا وحركة دخول وخروج المقاتلين، فقد أشارت مجلة فورين بوليسي في مقالٍ لها؛ تم نشره في العام 2019، بأن الحكومة التركية سمحت بعبور (30) ألف عنصر مسلح من التيار الجهادي إلى الأراضي السورية عبر حدودها للانضمام إلى التنظيم الإرهابي عبر إنشاء ما يسمى بـ “الطريق الجهادي السريع” عام 2013.
كما واجهت حكومة أدروغان العام 2014، تهماً عديدة حول وجود علاقات اقتصادية مع التنظيم، تمثلت بعمليات تهريب النفط من سوريا عبر الأراضي التركية، ليتم تداول اسم رجل الأعمال التركي “بيرات البيرق”، ضمن تلك الصفقات ما جعله يواجه دعوات لمحاكمته في الولايات المتحدة.
مرحلة القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، مثلت بدورها نقطة تحول جديدة في العلاقات بين تركيا وسوريا، حيث دفع انتشار الميليشيات الكردية المسلحة على طول الحدود السورية – التركية، ذريعة للحكومة التركية للتدخل بشكل عسكري مباشر في الأراضي السورية، من خلال ما أسمته عملية، “غصن الزيتون” التي أطلقتها مطلع العام 2018، حيث شارك فيها وحدات من الجيش التركي ومجموعات من الفصائل السورية المسلحة المعارضة، المدعومة من تركيا، ضد ميليشيات سوريا الديمقراطية في مدينة عفرين شمال حلب، والتي انتهت بسيطرة الجيش التركي والفصائل الموالية له على المدينة ومحيطها، وهو الوضع الذي لا زال مستمراً حتى اليوم.
كانت أهم أهداف هذه الحملة منع تحقيق حلم (روج آفا) الكردي؛ حيث اتُهِمَت الإدارة الذاتية في الجزيرة السورية (بحسب اتهامات المتعاطفين مع أردوغان) بأنها تسعى لاستغلال حالة الضعف السورية لإنشاء كيان كردي منفصل ومستقل عن سوريا يصل إلى البحر المتوسط؛ وبوصوله إلى البحر تصبح إمكانية ولادة دولة كردية غير قارية ممكنة؛ لتنظم إليها ( كردستان العراق ) فيما بعد.
فقام أردوغان بخطوتين: الأولى تصالح مع الفصائل العسكرية السورية التركمانية المنظمَّة للثورة التي تشكل تواجداً لابأس به في الشمال الغربي السوري؛ وقام بدعمها بمناصب في حكومة المعارضة والائتلاف المعارض وتنظيم فصائلها العسكرية وتسليمها الشريط الحدودي الشمالي من جرابلس حتى البحر المتوسط غرباً؛ فقامت بحماية الحدود التركية من تهريب اللاجئين السوريين الفارين إلى الداخل التركي من سوريا؛ وإنهاء الحلم الكردي بالوصول إلى منفذ بحري يساعد في إنشاء الدولة الكردية.
وأما الخطوة الثانية: توجه أردوغان من خلال عملية، “غصن الزيتون” بوحدات من الجيش التركي ومجموعات من الفصائل السورية المسلحة المعارضة، المدعومة تركياً، ضد ميليشيات مجلس سوريا الديمقراطية في مدينة عفرين شمال حلب، التي انتهت بسيطرة الجيش التركي والفصائل الموالية له على المدينة ومحيطها، وهو الوضع الذي مازال مستمراً حتى اليوم؛ ولقد مارست فصائل المعارضة انتهاكات حقوقية لا ينكرها إلا جاحد تجاه الأكراد المقيمين في عفرين؛ وساهمت بهذا السلوك اللاوطني وغير الإنساني بنزوح عدد كبير من أبناء المدينة واعتقال واضطهاد عدد آخر.
وفي خريف العام 2019، أطلقت تركيا عملية جديدة ضد ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية، في منطقة شرق الفرات، أطلقت عليها اسم “نبع السلام”، التي سيطرت من خلالها على العديد من المناطق في شرق نهر الفرات، في عمليات شارك فيها مجموعات مسلحة سورية معارضة تحت مسمى، “الجيش الوطني السوري”، والتي توقفت بعد تدخل روسي أسفر عن الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار.
وربما كان أسعد الناس بهاتين العمليتين العسكريتين ضد ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية هو بشار الأسد الذي حقق له الانسحاب الشكلي الأمريكي من المنطقة والحملة العسكرية التركية؛ إضعافَ لتلك المليشيا وإعادة انتشار قواته في الجزيرة السورية؛ ودخول القوات الروسية إلى تلك المناطق؛ والسيطرة مجدداً على مطار القامشلي؛ مما يعني التمهيد للقضاء على (قسد) ومشروعها عسكرياً بعد الانتهاء من الوضع بإدلب؛ وهذا ما صرح به رأس النظام (الأسد) في جميع لقاءاتها المتلفزة الأخيرة؛ فهل قدم أردوغان هذه الخدمة للأسد مجاناً؟ أم هو تقاطع المصالح بين الطرفين؟؟
أردوغان من مراقب لخفض التصعيد إلى المواجهة العسكرية مع الأسد!
على الرغم من أن عملية غصن الزيتون 2018، كانت أول عملية عسكرية تركية معلنة تشن داخل الأراضي السورية، إلا أن نشر تركيا لما سمي بـ “نقاط المراقبة”، في مناطق من ريفي إدلب وحماة، في أيار عام 2018، وفقاً لتفاهمات سوتشي مع الروس والإيرانيين، مهدت للسيطرة العسكرية التركية المباشرة والمعلنة على مدينة إدلب، إذ بلغ عدد تلك النقاط حينها 12 نقطة مراقبة، قيل إنها تهدف لمراقبة سير اتفاقية خفض التصعيد المنبثقة عن اتفاق سوتشي. ومع دخول الجيش التركي الفعلي على امتداد الحدود السورية الشمالية والشمالية الغربية، بقيت عمليات الجيش التركي وعدد من الفصائل الموالية له، محصورة ضد ميليشيات سوريا الديمقراطية الكردية، دون تسجيل أي مواجهات مباشرة مع قوات نظام بشار الأسد حتى مطلع العام 2020، الذي شهد تقدماً كبيراً للنظام في أرياف إدلب داخل منطقة خفض التصعيد وسيطرته على العديد من المدن والبلدات الاستراتيجية، كخان شيخون والنيرب وسراقب والمعرة والطريق الدولي، واقتراب النظام من نقاط التماس مع الجيش التركي.
بدأت ملامح الصدام بين النظام وتركيا في كانون الأول/ ديسمبر 2019، بعد حصار قوات نظام “بشار الأسد” لنقطة المراقبة التركية في مدينة مورك بريف حماة الشمالي، لتشتد معالم الصدام بين الجانبين في شباط 2020، بعد تهديدات الرئيس التركي ” أردوغان” بشن عملية عسكرية واسعة في إدلب في حال لم ينسحب النظام من المناطق التي سيطر عليها ضمن منطقة خفض التصعيد، ليرد نظام “الأسد”، باستهداف مواقع لجنود أتراك في إدلب ويقتل ستة منهم، ما دفع بتركيا إلى الإعلان عن عملية “درع الربيع” في شباط/ فبراير ذاته، التي تمكنت خلالها قوات المعارضة من استعادة السيطرة على بعض المناطق في ريف إدلب.
ولم تفلح جهود الوساطة الروسية، والدعوات الدولية في خفض التوتر بإدلب، الذي أخذ منحاً أكثر خطورة وتصعيداً، بعد إعلان وزارة الدفاع التركية عن مقتل 34 جندي تركي بقصف للنظام السوري على مواقعهم في إدلب، نهاية شباط/ فبراير الماضي، ليدخل سلاح الجو التركي على خط المواجهات من خلال الطائرات المسيرة، واستهداف الطيران الحربي التابع للنظام وإسقاط ثلاث طائرات على الأقل خلال الأسبوع الأول من شهر آذار 2020.
الصراع خارج الحدود بين الأسد وأردوغان؟
تفاصيل الدور التركي في سوريا لم يقتصر فقط على الحدود الجغرافية للبلاد، وإنما امتد إلى خارجها من خلال قضيتي، اللاجئين وتصدير المقاتلين السوريين إلى ليبيا، دعماً لحكومة الوفاق، المقربة من تنظيم الإخوان المسلمين.
في قضية اللاجئين، ظهر استخدام تركيا للاجئين السوريين على أراضيها منذ العام 2014، بعد أن سهلت عمليات التهريب عبر البحر إلى الجزر اليونانية، والذي بلغ ذروته عام 2015، قبل أن تعقد تركيا اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي تقاضت بموجبه 3 مليارات دولار مقابل منع عمليات الهجرة عام 2016، التي تحول بموجبها اللاجئين إلى ورقة ابتزاز سياسي تركي ضد دول الاتحاد الأوروبي، من خلال تصريحات الرئيس التركي المتكررة حول إعادة فتح الحدود أمام اللاجئين.
وتزامناً مع اشتداد العمليات القتالية بين النظام وتركيا في مدينة إدلب، أعلن أردوغان مطلع شهر آذار 2020، صراحةً أن بلاده لن تمنع أي لاجئ يرغب بعبور الحدود إلى أوروبا، لتفجر قضية اللاجئين، بعد أن ساهمت الحكومة التركية بنقل مئات المهاجرين من مدنها إلى نقاط العبور الحدودية البرية والبحرية ليصلوا إلى اليونان.
ما يلفت الانتباه في هذه القضية وبحسب معلومات حصلنا عليها أن أردوغان كان يضغط بهذه الورقة على الاتحاد الأوربي من أجل تمويل حملته العسكرية على نظام الأسد بإدلب إلا أن تلك الضغوط باءت بالفشل وتعاملت اليونان بأوامر من الاتحاد الأوربي بصرامة مع آلاف المهاجرين الذين وصلوا حدودها براً بمساعدة الحكومة التركية مما جعل أردوغان يفشل بهذا الضغط؛ ليعود ويعلن عن إغلاق حدوده بوجه المهاجرين من تركيا إلى أوروبا عبر اليونان.
أما في المسألة الليبية، فقد اتجهت الحكومة التركية، في شهر كانون الثاني/ يناير من العام 2020، إلى إرسال مئات المقاتلين السوريين المنضمين لما سمي بـ “الجيش الوطني”، المدعوم من أنقرة إلى القتال في ليبيا، بعد تقدم الجيش الوطني الليبي باتجاه العاصمة طرابلس، لمواجهة الميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق الليبية.
كما ارتبط إرسال المقاتلين السوريين إلى ليبيا، مع إقرار البرلمان التركي، طلب الرئيس “أردوغان”، السماح بإرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا لمواجهة الجيش الليبي، في كانون الأول/ ديسمبر 2019، وذلك على خلفية الاتفاقية الأمنية – البحرية، التي وقعتها مع حكومة الوفاق، التي أثارت جدلاً واسعاً على المستوى الليبي المحلي والإقليمي.
ماذا يريد أردوغان من دخوله العسكري في إدلب؟
بقراءة هذا الدخول العسكري التركي، وبهذه الأعداد الضخمة من الأفراد والميلشيات واستخدام الطائرات المسيرة التي أوجعت كثيراً النظام الأسدي؛ باعتراف بوتين نفسه في لقائه الأخير بموسكو مع أردوغان؛ نحن أما ثلاث قراءات له:
الأولى: ابعاد النظام إلى ما خلف خط الأوتوستراد جنوب مدينة إدلب؛ التي كانت قاب قوسين أو أدنى من السقوط عسكرياً؛ بعد أن قضم النظام في حملته الأخيرة قرابة نصف المساحة الجنوبية للمحافظة؟! وهذا أمر متفق عليه دولياً بأن لا يكون هناك حسم عسكري لأي طرف من أطراف النزاع السوري؛ حيث تكون مرجعية الحل هي القرارات الأممية؛ للوصول إلى تسوية سياسية بين أطراف النزاع. وهذا يعني عدم إعادة انتاج وتدوير نظام الأسد؛ إلا أن أردوغان طالب الأوروبيين بتمويل هذه الحملة الضخمة، وفشل في الحصول على التمويل المطلوب كما ذكرنا آنفاً.
الثانية: هناك قراء لهذه الخطوة بأن نتيجة الخلفات التركية/ الأوربية والتركية الأمريكية التي أدت إلى تدهور وضعف غير مسبوق بالاقتصاد التركي؛ ظهر جلياً على سعر صرف الليرة التركية مما انعكس سلباً على المواطن؛ مما دفعه لمعاقبة حزب أردوغان (حزب العدالة والتنمية) بالانتخابات الأخيرة، فجعل ذلك أردوغان بذريعة تقدم قوات الأسد لاقتحام إدلب لزج أكثر من (25) ألف جندياً إضافة للعتاد العسكري؛ ليضع الاتحاد الأوربي أمام خيارات ضيقة تجبره على دعم هذه الحملة بذرائع مختلفة؛ فيحسن من اقتصاده المتعب؛ بذريعة أن هناك أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ، سيقتحمون الحدود التركية إنْ سقطت إدلب بيد الأسد، وأن ذلك سيعيد ظاهرة اللاجئين؛ مما يؤدي إلى فتح باب هجرتهم إلى أوروبا كالتي حدثت في العام 2015، والاتحاد الأوربي هنا سيضطر للخضوع لابتزاز أردوغان ويمول الحملة؛ ولكن ذلك المسعى فشل، فعاد أردوغان وأغلق حدوده بوجه المهاجرين من تركيا إلى اليونان بعد أسبوع من فتحها.
الثالثة: أن يعقد نتيجة هذا الدخول اتفاقاً مع الروس (وهذا ما حصل) من خلال فكرة الحلف الأوراسي الذي ذكرناه آنفاً يُضاف إليه إيران؛ ويفرضان (أردوغان وبوتين) حلاً على أطراف النزاع السوري؛ ثم يقدمانه للعالم على أنهما أنجزا ما فشلت به الأمم المتحدة، وهنا تقوى فكرة المشروع الأوراسي؛ ويتم تطويق أوروبا به؛ ولكن الإدارة الأمريكية ترفض الحل بهذه الطريقة؟ رغم أن الاتفاق الروسي التركي الأخير يقول بأن أردوغان وبوتين سيمضيان به؛ وهو محاولة لتسوية الحالة السورية وتعويم للأسد ولكن بطريقة أخرى.
الخلاصة
سوريا اليوم وصلت إلى حالة غير مسبوقة بتاريخها؛ تنذر بمزيد من الفوضى والكوارث، التي سيكون لها امتداداتها على مختلف دول القارة الأوروبية، خصوصاً من خلال أزمات اللاجئين، ناهيك عن بؤر التطرف القابلة للانفجار في كل وقت وفي أكثر من مكان، ويرجع ذلك إلى وجود حالة سياسية معقدة، الأولى هي نظام مستبد يرتكز على نخبة فاسدة من مثقفين وسياسيين ورجال أعمال، يرتبط وجودهم وترتبط مصالحهم بالفساد ذاته، وهو مشروع انتفض عليه الشعب السوري ولا يستطيع التعايش معه رغم هذا الكم الكبير من القتل والقمع، وبمقابل ذلك لدينا مشروع الإسلام السياسي ترعاه تركيا الأردوغانية، وهو مشروع يريد التمسك بالحياة رغم أنه غير قابل للاستمرار، لأن الشعوب العربية غير راغبة بالعودة تحت إمرة خليفة واحد، وشاهدنا ما يحدث من انتفاضة في العراق ضد المشروع الديني الذي يريد إبقاء المجتمعات العربية المتنورة تحت وطأة حكم ديني أو ما شابه.
بالتالي إن سوريا هي ساحة الصراع الأكثر خطورة ودموية، وما وجود البؤر المتطرفة هنا وهناك إلا شكلاً من اشكال التعبير عن فكرة الإسلام السياسي، والذي بدروه يشكل المأساة الثانية التي تعيشها سوريا بعد كارثة الاستبداد في دمشق.
المصادر والمراجع
1ـ معنى أولغارشي في الموسوعة السياسية: الأوليغاركية Oligarchy الأوليغارشية أو حكم الأقليِّة، وهي شكل من أشكال الحكم بحيث تكون السلطة السياسية محصورة بيد فئة صغيرة من المجتمع تتميز بالمال أو النسب أو السلطة العسكرية. وكلمة “أوليغاركية” مشتقة من الكلمة اليونانية: ὀλιγαρχία أوليغارخيا. وغالباً ما تكون الأنظمة والدول الأوليغاركية يسيطر عليها من قبل عائلات نافذة معدودة تورث النفوذ والقوة من جيل لأخر. وعُرِّفَتْ الأوليغارشية في القاموس السياسي الفرنسي على أنَّها: “النظام السياسي الذي تكون فيه معظم القوى في أيدي عدد قليل من الأفراد، كبعض العائلات أو جزء صغير من السكان، وعادة ما تكون الطبقة الاجتماعية أو الطائفة، تكون مصدر قوتهم الثروة، التقاليد، القوة العسكرية، القسوة.. إلخ“. كما عرَّفَتْ موسوعة لاروس – Larousse encyclopédique الفرنسية الأوليغارشية على أنَّها: “النظام السياسي في السلطة التي ينتمي إليها عدد قليل من الأفراد تشكل إما النخبة المثقفة (الأرستقراطية) أو الأقليَّة المالكة (النخبة الثرية)، وكلاهما يتم الخلط بينهما في كثير من الأحيان“.
2ـ تاريخ دخول القوات الروسية كطرف في الحرب كان في 30 أيلول/ سبتمبر 2016 الذي صرح وزير الخارجية الروسي لافروف أن تدخل روسيا عسكريا منع انهيار وسقوط نظام الأسد.
3ـ صحيفة زمان الوصل: 16 تشرين الاول/اكتوبر 2007.
4ـ قصة المفاوضات السورية – الإسرائيلية في تركيا عام 2008 مركز دراسات الوحدة العربية.
5ـ الموقع الرسمي لحزب البعث/سوريا/ 16 – 10 – 2007.
6ـ فرانس 24: 1 كانون الثاني/ يناير 2009.
7ـ الموقع الرسمي للتلفزيون الألمانيDW ك 2/ يناير 2009.
8 ـ بي بي سي عربية يناير كانون الثاني/ يناير 2010.
9 ـ الخليج أون لاين 9حزيران/ يونيو 2019.
10 ـ التسلسل التاريخي العلاقات التركية السورية منذ اندلاع الحرب في سوريا:
https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2016/07/160713_timeline_turkey_syria_relations
11 ـ قيل بأن مسمى الجيش الحر اختارته الجهة التركية المشرفة على المعارضة العسكرية ليكون شبيهاً للجيش الحر الذي أسسه كمال أتاتورك وحمل الاسم نفسه وكان الاتراك يعولون على ظهور شخصية ما عسكرية سورية لتقوم بذات الدور الأتاتوركي الذي أسس الجمهورية التركية الحديثة.
12 ـ صوت مجلس الأمن يوم 6 آذار/ مارس 2020 واستخدمت الإدارة الأمريكية وفرنسا حق الفيتو ضد هذا الاتفاق.
13 ـ راجع معاهدة سيفر ومعاهدة موسكو في الموسوعة الانجليزية وفي موقع المعرفة على الرابط التالي:
https://www.marefa.org/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9_%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%83%D9%88_(1921)
14 ـ لم تُدرس حتى هذه اللحظة مسألة تخلي النظام الأسدي عن الحدود رغم أنها تبعث بألف إشارة استفهام وتعجب؟!
15 ـ التيار السلفي السروري: تنظيم وتيار أسس ونشأ في دول الخليج تأسس هذا التيار على يد الشيخ محمد سرور زين العابدين – وهو سوري من حوران كان من الإخوان المسلمين وانشق عنهم لاحقاً – عمل مدرساً في سوريا ثم تعاقد مع المعاهد العلمية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود حيث عمل في الأحساء والقصيم فدرس في المعهد العلمي ببريدة وعرف عنه نشاطه وتطلّعه. تعتبر السرورية فكر ومنهاج وتنظيم؛ تتقاطع مع الجهادية لكونها جمعت بين الحركية الإخوانية والسلفية؛ وقد اعترف محمد سرور بوجود تنظيم كان منشؤه في السعودية. انتشرت السرورية في بعض دول العالم كما ذكر سرور نفسه في برنامج مراجعات على قناة الحوار.