أوقفت السلطات الأمنية الليبية في مدينة “سرت” وسط البلاد، خلية إرهابية كانت تخطط لعمليات ضد قوات الجيش الوطني الليبي في المدينة.
الإدارة العامة للبحث الجنائي بمدينة سرت، أكدت أن الإرهابي المقبوض عليه – لم تحدده – كان يشكل خلية نائمة تمهيدًا للقيام بعمليات خاصة ضد قوات الجيش والشرطة بالمدينة وفتح ثغرات تتمكن من خلالها مليشيات مصراتة (غرب) من الالتفاف على القوات المسلحة.
وفي تسجيل مصور، اعترف الإرهابي أن قياديين من قوات الوفاق وهما (محمود بعيو وفرج العبدلي)، قد كلفاه بتجهيز الخلية وتجنيد عدد كبير من الشباب مقابل المال وشراء الأسلحة، وذلك لتنفيذ مهام داخل مدينة سرت خلف خطوط قوات الجيش الليبي.
المتهم الرئيسي بإنشاء الخلية داخل مدينة سرت، والتي تديريها غرفة عمليات بمدينة مصراتة، أكد أنه دخل المدينة تابعًا لسرية تدعى شباب سرت، موضحًا “سبب تواجدي أنني اتبع إحدى المليشيات بمدينة سرت، تسمى بسرية شباب سرت، آمرها محمود بعيوس، وقمنا بعملية تخريب مصلحة الجوازات، بقيادة فرج العبدلي”.
نشاط متكرر
لا تعتبر الحادثة فريدة من نوعها.. ففي الـ 6 من فبراير/شباط الماضي، اعتقلت السلطات الأمنية الليبية خلية إرهابية أخرى مرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي داخل مدينة سرت مكونة من 3 موظفين بإحدى المؤسسات تمد التنظيم الإرهابي بالمعلومات.
كذا شهد مطلع فبراير/شباط الماضي، عثور الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني الليبي على مخزن أسلحة لخلية إرهابية يحتوي على مجموعة صواريخ ودانات معدة للاستخدام بأحد منازل مدينة سرت.
وفي الـ 31 من يناير/كانون ثاني الماضي، أعلنت السلطات الليبية القبض على الإرهابي مصطفى الزوبيك المصراتي، المصور الخاص بتنظيم داعش الذي اختص بمهمة تصوير عمليات التنظيم من ذبح وتفجيرات.
سرت.. بُعد خاص
كانت مدينة سرت المعقل السابق لتنظيم داعش في ليبيا وتحريرها من قبل الجيش، في 2016 شكل ضربة قاسمة للتنظيم الإرهابي الذي خسر موقعا استراتيجيا مهما كون المدينة تتوسط مدن ليبيا وساحلها الشمالي.
وتُعَد سرت ممرا لكل مناطق البلاد شرقا وغربا وجنوبا ومنذ تحرير الجيش الليبي للمدينة تقوم السلطات الأمنية بتمشيطها من الخلايا الإرهابية ومليشيات الوفاق كما لم تنقطع محاولات المليشيات والتنظيمات الإرهابية لاستعادتها.
سلاح من نوع خاص
تسببت الحرب التي يخوضها الجيش الوطني الليبي على مداخل العاصمة الليبية طرابلس، ضد قوات حكومة “الوفاق”، لبروز وظهور سلاح جديد يعمل بالتوازي مع التكتيكات والخطط العسكرية.. فقد بدأ استثمار أنصار الداخل لتسهيل الدخول والاستيلاء على مدن يسيطر عليها أحد الطرفين.. ويبدو أن هذا ما استند إليه الجيش الليبي في مواجهاته مع مجموعات الوفاق في مختلف مناطق سيطرتها “الاستناد للتأييد الشعبي”.
مثال ذلك، ما قدمت سلطات وقوات عملية “بركان الغضب”، التابعة لحكومة “الوفاق”، من مبررات عدة لسقوط “سرت” في قبضة قوات الجيش الوطني، علمًا بأنه سبق لها التأكيد على جاهزيتها في التصدي «لأي معتد»، وأرجعت هزيمتها إلى تحرك ما سمته بـ«خلايا نائمة» داخل سرت، وقالت إن «القوات وجدت نفسها أمام خيار أن تحول المعركة إلى داخل أحياء سرت، وعندها ستكون مواجهة بالأسلحة الثقيلة».
مشهد موازي جاء فور الإعلان عن دخول “الجيش الوطني” سرت، احتفل بعض المواطنين بقدوم قواته، وقالوا إن “قواتنا المسلحة جاءت لحمايتنا من الميليشيات”، فيما سارع عميد بلدية سرت، مختار المعدني، الذي كان يتبع سابقاً حكومة “الوفاق” إلى الترحيب بالجيش، ونقلت عنه الإذاعة المحلية للمدينة أن حقوق سرت “كانت مهضومة منذ خروج (داعش) منها، وجل المواطنين لم يتقاضوا تعويضاً مقابل ديارهم المهدمة، وفقاً لما أقرته الحكومة قبل 3 أعوام”.
ويبدو أن حكومة الوفاق تسعى للاستثمار في خلايا نائمة لتحقيق فوائد في استمالة الشعبية والجماهير التي انزاحت للجيش وتحقيق اختراقات أمنية تفيدها في الصراع الدائر مع القوات الوطنية.
خلية جديدة واختراق مأمول
قالت مصادر عسكرية ليبية لـ “العين الإخبارية” عن حيثيات الخلية الجديدة التي سقطت في سرت، إن قوات الوفاق المدعومة من الحكومة التركية، ومجموعات تحالفت معها كانت تخطط للالتفاف على قوات الجيش في محور بوقرين والوشكة (115 كم شرق مصراتة) عبر مدينة سرت.
حيث أضافت المصادر، أن هذه الخلية ومجموعات أخرى نائمة داخل المدينة – ترصدتها الأجهزة الأمنية – خططت للهجوم على إمدادات الجيش القادمة من شرق ليبيا إلى قاعدة الجفرة العسكرية التابعة للجيش (جنوب).
قاعدة الجفرة الجوية، تصنف من أكبر القواعد العسكرية التابعة للجيش الليبي التي استطاعت أن تفرض القانون في معظم مناطق جنوب ليبيا منذ يناير/كانون الثاني 2019.
كما أسهمت القاعدة في قطع الطريق على استقدام المرتزقة من الدول الأفريقية المجاورة، وتقف القاعدة العسكرية عائقًا أمام تحركات عناصر تنظيمات القاعدة وداعش وتنظيم الساحل والصحراء التي تحاول السيطرة على الجنوب الليبي.
وشهد شهر سبتمبر/أيلول الماضي، تصدي الجيش الليبي لهجوم كبير تعرضت له قاعدة الجفرة من قبل قوات الوفاق ومجموعات أخرى متحالفة معها.
يذكر أن خليفة حفتر، أعلن في الـ 4 من أبريل نيسان العام الماضي، إطلاق عملية لـ “تحرير” العاصمة طرابلس من قبضة “الميليشيات والجماعات المسلحة”، بالتزامن مع إعلان المبعوث الأممي في ليبيا، عن عقد الملتقى الوطني الجامع، بين 14- 16 نيسان/أبريل الماضي بمدينة غدامس.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق المحسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، الحكومة المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.