لم تمضي ساعات معدودة على دعوة القائد العام للجيش الوطني الليبي الجنرال خليفة حفتر، الشعب لإسقاط ما يُعرف بـ “الاتفاق السياسي”، أن يجري تفويض المؤسسة المؤهلة لإدارة شؤون البلاد، لتخرج عشرات الحملات في المدن الليبية المختلفة تفوض المؤسسة العسكرية لقيادة البلاد.
الخميس الماضي، أعلن حفتر، في بث تلفزيوني بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم، أن “الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب بلغ ذروته، ولم يدع أمامي إلا الإعلان عن إسقاط ما يسمى بالاتفاق السياسي وما نتج عنه من تنصيب غير مشروع لهذه العصابة المجرمة حكومة فايز السراج”. في إشارة إلى “اتفاق الصخيرات” الذي وقّع في المغرب بتاريخ الـ 17 من يناير / كانون الأول 2015، في المغرب برعاية الأمم المتحدة، ونص على تشكيل حكومة الوفاق لمدة عام قابلة للتمديد مرة واحدة.
ولليوم الثالث بعد دعوة الجنرال حفتر، تواصلت حملات التفويض للمؤسسة العسكرية الليبية لإدارة البلاد بعد حديث قائد الجيش الوطني الليبي لإسقاط ما يُسمى بـ “الاتفاق السياسي”، فقد توالت البيانات والبرقيات من مختلف المدن الليبية بالإضافة للهيئات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني الليبية، تفوض المؤسسة العسكرية الليبية لإدارة البلاد مرحليًا.
كما امتدت مساحة حملات التفويض التي انطلقت من بنغازي ومدن الشرق والوسط، كمدينة درنة وطبرق والبيضاء وسلوق والمرج وسرت، وكذلك بعض مدن الغرب كـ “ترهونة والزنتان” لتصل بعدها إلى مدن الجنوب الليبي، وأبناء المناطق التي تسيطر عليها المليشيات كـ “مصراتة”.
بدوره، أكد مجلس ومشايخ وأعيان “وادي الشاطي” في الجنوب الليبي، تفويض القائد العام للجيش، خليفة حفتر، صراحة وعلانية لقيادة المرحلة القادمة وإدارة البلاد الى حين استقرار الأوضاع، ليضيف المجلس في بيان إعلامي، أن “هذا التفويض ساري المفعول حتى الوصول بالبلاد إلى بر الامان وبناء الدولة الآمنة والمستقرة التي يسود فيها العدل والقانون”.
من جهتهم، صرّح شباب قبائل مصراتة المقيمين بالمنطقة الشرقية – والتي تحكمها مجموعات حكومة الوفاق والسراج – بإعلان تفويض المؤسسة العسكرية التي يثق بها الليبيون لأن تتولى مباشرة زمام الأمور في البلاد، لاستكمال مهامها الوطنية والتاريخية.
شباب قبائل مصراته أكدوا في بيانهم: “إن المؤسسة الوحيدة التي يوثق في قدرتها على تحقيق الأمن والاستقرار وقيادة البلاد، هي المؤسسة العسكرية، بقيادة الجنرال خليفة حفتر”.
كما أعلن شباب القبائل عن استعدادهم للمساهمة بكل ما يملكوا من طاقات مادية ومعنوية في دعم خطة القيادة في هذا الاتجاه، ودعم جهود حكومة وطنية تشكلها القيادة العامة، لإدارة شؤون البلاد في هذه المرحلة الانتقالية.
إلى أقصى الغرب الليبي، وقرب الحدود التونسية، أعلن مجلس أعيان ومشايخ “الزنتان” أنهم منحوا القيادة العامة للجيش الليبي، تفويضًا لإدارة البلاد لمرحلة انتقالية، وأوضح المجلس، في بيانه، أن “القوات المسلحة الليبية هي المؤسسة الوحيد القادرة على تحمل الفشل المتراكم الذي خلفته الأجسام السياسية المتصارعة فيما بينها”.
ليمتد هذا التفويض ليصل إلى الحقوقيين.. فقد أعلنت نقابة المحامين بمدينة بنغازي “أنها فوضت القيادة العامة لتولي شؤون البلاد موقتًا حتى تضع خارطة طريق يوضع فيها إعلان دستوري مؤقت يؤسس لقيام دولة مدنية ديمقراطية”.
لتؤكد النقابة، أنها داعمة للمسيرة التي ستقودها المؤسسة العسكرية للحفاظ على المكاسبات الوطنية للشعب الليبي التي تحققت بدماء جنود الجيش الليبي، ويذكر أنه في وقت سابق، قدم مجلس القبائل الأعلى للمدن الليبية، تفويضه للقيادة العامة للجيش الليبي لتولي زمام الأمور في البلاد حتى إعداد دستور وإقرار انتخابات عامة.
وبيّن المجلس: “يجب على الليبيين تفويض المؤسسة التي يرونها أهلا لقيادة المرحلة المقبلة، وإدارة شؤون البلاد وفق إعلان دستوري يصدر عنها ليمهد لبناء الدولة المدنية، والتعبير عن الإرادة الحرة لتصحيح المسار وإعادة الأمور إلى نصابها”.
يشار أن مطالب الجنرال حفتر بالتفويض الشعبي.. جاءت متزامنة مع تصاعد العمليات العسكرية في محيط العاصمة طرابلس، وعلى تخوم المدن الاستراتيجية الليبية في الساحل الغربي، من ترهونة إلى زلطن قرب الحدود التونسية، حيث أطلق قائد الجيش الوطني الليبي مبادرته السياسية الجديدة، والتي وصفت بأنها تطور مفاجئ يوحي بأن المعركة مع مجموعات حكومة الوفاق والسرّاج، ليست عسكرية فقط.. بل هي أيضًا سياسية واجتماعية مُتداخلة المسارات.