على الرغم من التدخل العسكري التركي المباشر والعلني، إلا أن المرتزقة بقيت الرقم الصعب في دعم الميليشيات المقاتلة إلى جانب حكومة الوفاق، حيث أشار المتحدث العسكري باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء “أحمد المسماري” إلى وجود 17 ألف مرتزق نقلتهم تركيا إلى ليبيا، خلال الأشهر الماضية.
إلى جانب ذلك، أضاف “المسماري”: “لقد استقدموا مجموعات كبيرة من المرتزقة من جنسيات مختلفة”، لافتاً إلى أن ألف مقاتل منهم سقطوا قتلى خلال المعارك في طرابلس في حين عاد 1800 مقاتل منهم إلى بلادهم بعد أن أصيبوا في المواجهات مع الجيش الليبي.
كما تجسدت أهمية المرتزقة في ليبيا من خلال مشاركتهم الواسعة في العمليات العسكرية الأخيرة نيابةً عن الجيش التركي، خاصةً مع الهجمات، التي شنتها الميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق ضد مواقع سيطرة الجيش الليبي غرب طرابلس، والتي كشفت عنها إحصائيات القتلى والجرحى التي لحقت بعناصر المرتزقة مقابل قتلى الجيش التركي.
خداع ومناوشات
مع أهمية دورها في الساحة الليبي وصمود حكومة الوفاق، إلا أن الفترة الماضية، شهدت توتراً كبيراً بين المرتزقة من جهة وبين الأتراك وقادة الميليشيات الليبية من جهة أخرى، حيث نشرت تقارير إعلامية معلومات عن وقوع حالات تمرد في صفوف المرتزقة، مشيرةً إلى أن الأيام القليلة الماضية شهدت سلسلة من الانسحابات الميدانية العشوائية للمرتزقة في أكثر من محور قتالي، لافتاً إلى وقوع العديد من المناوشات بين العناصر المنسحبة والضباط المسؤولين عنهم.
وبحسب التقارير فإن تطورات المشهد الليبي وفقاً لتوقعات بعض المصادر قد تشهد خلال الفترة القادمة صدامات مسلحة بين الجانبين وأن المسألة لن تتوقف عند حد المناوشات، خاصةً وأن المُعطيات القادمة من محاور القتال في ليبيا تكشف عن استمرار الخلافات والصدامات بين المرتزقة الأجانب وعناصر الميليشيات الليبية، مشيرةً أن تلك المناوشات تخخلها اتهامات متبادلة بالجبن والفرار من ساحات القتال.
أما عن المؤشر الأكبر عن الأزمة بين تركيا والمرتزقة، فقد كشفت عنها مصادر حقوقية سورية، حيث أشارت إلى أن أحد الفصائل السورية المسلحة وهو فيلق الرحمن رفض طلب تركي خلال الشهرين الماضيين بارسال مقاتلين إلى ليبيا، ما دفع الحكومة التركية إلى قطع التمويل عنه، دون الكشف عن أسباب امتناع الفصيل الذي يعتبر من أكبر الفصائل السورية المدعومة تركياً عن إرسال المقاتلين إلى ليبيا.
حرب حقيقية
تحركات الجيش التركي لم تقتصر فقط على المرتزقة بشكل كامل، وإنما سعت بحسب ما أعلنه المتحدث العسكري “المسماري” إلى استخدام كافة القوات العسكرية المتاحة، لافتاً إلى أن استخبارات الجيش رصدت تدريبات جوية تركية لاستهداف مواقع داخل ليبيا.
إلى جانب ذلك، شدد “المسماري” خلال تصريحاته الصحافية إلى أن قوات تركية برية شاركت مؤخرا في هجوم كبير شنته قوات حكومة الوفاق على مدينة ترهونة، الواقعة، جنوب شرق العاصمة طرابلس، مضيفاً في لقاء مع جريدة الشرق الأوسط: “تركيا تهدد دائما باستخدام القوة المفرطة ضد القوات المسلحة، وبالفعل رصدنا في الأيام الماضية كيف أن هناك مجموعة من الطائرات قامت بمحاكاة استهداف مواقع في داخل الأراضي الليبية، والمناورة كانت في إقليم طرابلس البحري، وشاركت بها 4 طائرات مع طائرة تزود بالوقود”.
وكانت شعبة الإعلام الحربي قد أكدت الأسبوع الماضي اعتقال مجموعة من المرتزقة، الذين أرسلتهم تركيا للقتال في ليبيا إلى جانب الميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق، لافتة إلى أن التحقيقات، التي أجراها الجيش الليبي مع العناصر المعتقلة كشفت عن حقائق مثيرة حول ما يدور في كواليس عمليات التجنيد والقتال، التي تديرها وتنظمها تركيا.
ونشرت شعبة الاعلام الحربي على صفحتها الرسمية جانباً من اعترافات العناصر المعتقلين، لافتةً إلى أنهم وصلوا إلى مدينة بنغازي، ومن بينهم من يحمل الجنسية السورية، مشيرةً إلى أن عمليات الأسر تمت خلال المعارك على عدد من المحاور ومنها “بوسليم – طرابلس” ومحور “بوقرين” شرقي مدينة مصراتة.