تتنوع أساليب تهريب المخدرات التي يتبعها المروجون لمحاولة خداع السلطات المختصة وإدخال تلك المواد إلى البلاد، حيث يتصف بعض تلك الطرق بالغرابة الشديدة وعدم توقعها كحالة السلطات السعودية التي تمكنت إدارة مكافحة المخدرات فيها من ضبط شحنة كبيرة من الحبوب المخدرة، قادمة من سورية خزنت وعبئت داخل علب متّة “خارطة” السورية المنشأ!.
المديرية العامة لمكافحة المخدرات.. ومن خلال حسابها في موقع “تويتر”، أكد أمس، الأربعاء 28 من إبريل نيسان، قيامها خلال الأسابيع الماضية، بري مخطط لإحدى شبكات التهريب بإدخال كميات كبيرة من الأقراص المخدرة (إمفيتامين) إلى السعودية ضمن شحنة بضائع.
لتضيف أن الشحنة عبرت أحد الموانئ المجاورة (لم تحدده)، وصولًا إلى ميناء “مدينة الملك عبد الله الاقتصادية” في السعودية، حيث بلغت الكمية 19 مليونًا و264 ألف قرص مخدر، مهربة داخل علب “متة خارطة الخضراء”.
المديرية أعلنت إلقاء القبض على أربعة أشخاص كانوا يستعدون لاستقبال الشحنة في محافظتي جدة وحفر الباطن، وهم مواطن سعودي ومواطنان سوريان إضافة إلى شخص من الجنسية البنغلادشية.
هذا ولم تحدد المديرية مصدر الشحنة بشكل صريح، إلا أن سوريا هي الدولة المنتجة للمتة من نوع “خارطة”.
و”متة خارطة” هي من منتجات “مجموعة كبور الدولية”، التي تعتبر الموزع الرئيس لعلب المتة في سوريا، والتي أُسست كمنشأة صناعية عام 1989، وتعمل على تعبئة المنتجات الغذائية، ويرأسها رجل الأعمال السوري أديب كبور.
ويبدو أن هذه الحالة ليست الوحيدة التي يحاول فيها عبر شبكات نظام الأسد إمرار شحنات مخدرات حول بلدان المنطقة، فقد أوقف السلطات المصرية حاويات وجهتها الأراضي الليبية، تحتوي على حبوب مخدرة تمت تعبئتها ضمن علب خاصة بمنتج الحليب الذي تصدره شركة “ميلك مان” المملوكة لرجل الأعمال السوري، وقريب آل الأسد، رامي مخلوف.
كما شهد مطلع الشهر الجاري، احباط عمليتي تهريب، فقد أعلن “جيش مغاوير الثورة” المتواجد في منطقة التنف (المنطقة 55)، أعلن عن إحباط العمليتين.. مؤكدًا أنها تعود ل”حزب الله” اللبناني، وكانت متوجهة إلى الأردن والسعودية.
فصيل المغاوير، أوضح على منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه ضبط شحنة حبوب مخدرة في منطقة ال55 كم ببادية التنف، كما نشر الفصيل صوراً لمئات الأكياس المعبئة بالحبوب المخدرة.
ولا يجب إهمال الصراع الداخلي في أركان نظام الأسد بين ابن خالته رجل الأعمال “رامي مخلوف” وزوجة الأسد “أسماء” حيث تسبب صراع السيطرة الاقتصادية بين الطرفين إلى ظهور عمليات فساد كبيرة تا لق بصفقات مشبوهة وعمليات تهريب مخدرات، فقبل أسبوعين، السلطات المصرية أعلنت إلقاء القبض على شحنة من مادة “الحشيش المخدر”، بوزن أربعة أطنان مخبأة داخل علب كرتونية مخصصة لمنتجات ألبان وحليب خاصة بشركة “ميلك مان” المملوكة لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
إلا أن مخلوف نفى مسؤوليته عن الشحنة، وقال في بيان له نشرته صحيفة “الأخبار” اللبنانية المحسوبة على حزب الله، السبت الماضي، إن “من يشوه هذا العمل التنموي، من خلال تفريغ هذه اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت وتعبئتها بالمواد المخدرة، هو جبان حقير يحمل قمة الإساءة لعملنا وشركتنا”.
وطالب مخلوف الجهات المسؤولة في سوريا بـ”أن تضع حدًا لمثل هذه الممارسات في اﻟﺒﻼد، وأن تلاحق من يصنع ويتاجر بهذه المواد المخدّرة المخربة لعقولنا والمؤذية لأولادنا”، وفق قوله..
واعتبر أن هذه الأعمال تترك أثارًا سلبية على الاقتصاد، كونها إساءة للمنتجات السورية المصدّرة بسبب تهريب المواد المخدرة فيها، وسيُحجم عن شرائها تجار عالميون بسبب هذه الأعمال.. (يذكر هنا أن حزب الله اللبناني احترف عمليات تهريب المخدرات عبر العالم وكذلك الحرس الثوري الإيراني، بهدف البحث عن مصادر تمويل بديلة وتأمين العملة الصعبة)
كما يعمد تجار المخدرات في سوريا إلى تهريبها إلى دول الخليج، وخاصة السعودية التي ألقت القبض على العديد من الشحنات خلال الأعوام الماضية.
وكان المتحدث الأمني في وزارة الداخلية السعودية، اللواء منصور التركي، قال في 2016، إن سوريا أصبحت من أكثر الدول المصنعة لأقراص “إمفيتامين” المخدرة.
إلى ذلك، لم يصدر أي بيان من “مجموعة كبور”، حول تهريب الأقراص المخدرة ضمن منتجاتها (متّة خارطة).
يتضح أن نشاط صناعة وتهريب الحبوب المخدرة في سوريا بدأ يتزايد مؤخراً، وخصوصًا بعد الهدوء الذي يسود الجبهات العسكرية السورية.