مينا – هيئة التحرير
“يوم اغتصاب السلطة بقوة السلاح”، بهذه العبارة يصف النائب السابق والسياسي اللبناني، “فارس سعيد”، ذكرى يوم 7 أيار في لبنان، والذي يصادف ذكرى اجتياح مجموعات من مسلحي “حزب الله،” للعاصمة بيروت وأجزاء واسعة من جبل لبنان، ذكرى يوم يرى السياسيون اللبنانيون أنه عزز سلطة الحزب الذي وجه سلاحه إلى الداخل اللبناني.
يوم سقط السلاح بالسلاح
أكثر ما فجر الأزمة في لبنان ضمن أحداث أيار، هو مسارعة الحزب لاستعراض قوته وسلاحه على الساحة الداخلية، والنتيجة الأكبر لهذه العملية كما يراها الحقوقي اللبناني، “شكري منصور” أنها كشفت حقيقة أجندات الحزب وأمينه العام “حسن نصرالله”، الذين باتوا عبارة عن شبيحة ومنظمة إرهابية.
دموية الأحداث المذكورة والتوجه السريع لاستخدام السلاح، أمورٌ ترتبط بشكل وثيق بحقيقة أن كافة قيم وأدبيات الحزب تقوم على المفردات والمناهج العسكرية، وفي هذا السياق يقول الصحافي اللبناني، “زياد عيتاني، أن حزب الله لم يتمكن من خلع البزة العسكرية، منذ تشكيله وحتى اليوم، لافتاً إلى أن العقلية الأمنية تمثل حجر الزاويةفي تعاملاته مع أيّ ملف على الساحة الداخلية بشكل خاص.
أيار الجديد ومنحى الاقتصاد
على الرغم من مرورما يصل إلى 12 عاماً، إلا أن إحياء اللبنانيين لذكرى الأحداث الدموية، لا يقتصر على كونها حزءً من التاريخ الحديث، بقدر ما ترتبط بقلق عميق من إمكانية تكرارها مجدداً، حيث يرى رئيس الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي، “وليد جنبلاط”، أن لبنان حالياً يعيش فعلياً في أجواء 7 أيار اقتصادي، نحن أردنا المشاركة في الحكم ولكن بعض الأطراف لا ترغب بوجودنا، هناك معادلة اقليمية سورية ايرانية لا تقبل بصوت معارض في لبنان”.
وتواجه الحكومة الحالية، برئاسة “حسان دياب”، اتهامات من قبل السياسيين اللبنانيين والحكومات الغربية، بالإضافة إلى الحراك الشعبي اللبناني، بأنها حكومة حزب الله، الذي لعب الدور الأكبر في تشكيلها ودعمها من خلال حلفائه في حركة أمل والتيار الوطني الحر.
دلائل احتمالية عودة الأحداث مجدداً في لبنان، تظهر بشدة أيضاً من خلال السياسة العدائية للحزب تجاه المصارف اللبنانية، والتي يرى الصحافي اللبناني “زياد عيتاني” أن الحزب بدأ تطبيقهاضد المصارف الرافضة للانصياع إلى قواعد التحالف معه، مشيراً إلى أن العقلية، التي يدار بها الحزب تقوم على مبدأ المؤامرة، التي تستهدفه بشكل دائم، والتي تشارك بها كافة الأطراف غير المنصاعة للتعامل معه، ومن بينها مصرف لبنان المركزي وحاكمه “رياض سلامة”.
وكانت الأسابيع الماضية، قد شهدت حرباً شنها حزب الله ضد حاكم المصرف المركزي، حمله خلالها مسؤولية انهيار العملة اللبنانية، بعد أن وصل سعر الدولار إلى 4 آلاف ليرة لبنانية، في التعاملات غير الرسمية.
الحديث عن نظرية المؤامرة واستهداف ما يطلق عليه الحزب وأنصاره “محور المقاومة”، يمر أيضا من خلال التحركات الشعبية الأخيرة في لبنان، فيؤكد “عيتاني” أن الحزب ينظر للحراك الشعبي المندلع في لبنان منذ تشرين الأول الماضي، على أنه جزء من المؤامرة ضده، مشيراً إلى أنه من غير المستغرب أن يعود أنصار الحزب وقادته إلى التلويح بـ 7 أيار جديد.
وسبق لعناصر الحزب أن هاجموا خلال الأشهر الماضية، خيام المعتصمين والمتظاهرين في بيروت والمناطق الجنوبية، واعتدوا عليهم بالضرب والسلاح الأبيض ما أدى إلى إصابة العشرات من المحتجين.
ما أنتجه 7 أيار .. دولة فاشلة
من الناحية الفعلية، يعود ظهور سلاح حزب الله إلى نحو 30 عاماً ماضية، إلا أن السيطرة على القرار اللبناني وتحول البلاد إلى سلطة الحزب الأوحد، ارتبطت كلياً بأحداث أيار 2008، فيقول قائد الأمن العام اللبناني الأسبق، اللواء “أشرف ريفي” في ذكرى تلك الأحداث: “في مثل هذا اليوم، سيطر السلاح الميليشياوي للدويلة على الدولة”، مشيراً إلى مؤسسات الدولة الفاشلة التي تعاني منها لبنان وحالة الانهيار التام، كانت أهم نتائج تلك الأحداث.
وعلى مبدأ أن البندقية تدار ببوصلة الداعمين، فإن إيران، التي تمثل الداعم الأول للحزب، تركت بصامتها على تلك الأحداث، فيرى اللواء “ريفي” أن الدولة اللبنانية سقطت في ذلك التاريخ وتم عزلها في سجن إيراني، معتبراً أنه من المستحيل تحقيق أي نهوض في لبنان إلّا بسيادة الدولة فقط على أرضها والتخلّص من منطق الدويلة.
من ناحية أخرى، وخلافاً لما يعتقده الكثيرون، فإن حالة الصدامات المذهبية الحالية في لبنان، وخاصةً بين السنة والشيعة، لم تتمخض عن حقبة الحرب الأهلية في ثمانينات القرن الماضي، وإنما بالأحداث المذكورة، وهو ما يعلق عليه عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل “مصطفى علوش”، بأن الطائفة السنية في لبنان باتت أكثر قلقاً على مستقبلها بعد 2008، معتبراً أن ما شهدته البلاد حينها حول الصراع المذهبي إلى أمرٍ رائج في الأوساط اللبنانية.
وكان حزب الله يرتبط بعلاقة جيدة مع تيار المستقبل، الذي يمثل السنة في لبنان، خلال فترة الوجود السوري، إلا أن حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق “رفيق الحريري”، وارتباط اسم الحزب والنظام السوري بالحادثة، أدى إلى حالة من العداء بين الطرفين، غذتها أحداث 7 أيار وأحداث طرابلس بين العلويين والسنة عام 2013.
كما يعود هنا اسم إيران للظهور مجدداً في قضية استهداف المكون السني في لبنان، على اعتبار أنهم يمثلون طائفة رئيس الوزراء، وذلك من خلال تصريحات “علوش”، 7 أيار كان إعلان رسمي لسلطة ايران في لبنان، معتبراً أن كل ذلك يؤشر على حقيقة أن حزب الله يدار إيرانياً.
ووفقاً للدستور اللبناني والنظام البرلماني، فإن معظم الصلاحيات التنفيذية تنحصر بيد رئيس الحكومة، الذي يجب أن يكون منحدراً من الطائفة السنية، كونها أكبر الطوائف في لبنان.
وكان رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، “فؤاد السنيورة”، الذي اندلعت أحداث أيار في عهده ، قد صرح بأنه طلب حينها من الأمين العام للحزب، “حسن نصر الله” عدم تأزيم الوضع في البلاد، متهماً الحزب بأنه تعامل مع جرّ البلادإلى حربٍ داخلية،كفرصة لا تفوّت، لفرض إرادته وسطوته على القرار الوطني.
للتذكير فإن حزب الله تذرع باجتياح بيروت بقرار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، آنذاك، الذي اتخذ قرارين بموافقة مجلس الوزراء الأول مصادرة شبكة الاتصالات التابعة للحزب، وإخضاعها لسلطة الدولة، والثاني إقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير.