هيئة التحرير
“مصالح العداء”، جملة تختصر من وجهة نظر الباحث في الشأن الإيراني، “علي رضا نادر”، شكل وطبيعة العلاقات، التي تجمع بين إيران وتنظيم داعش في العراق، لافتاً إلى أن انتشار التنظيم في المدن العراقية يمنح طهران فرصة لإظهار أهميتها ضمن معادلة محاربة التنظيم، ما يساعدها على فرض كسر للعزلة الدولية المفروضة عليها.
في سياق الحديث عن سلسلة المصالح الإيرانية من الوجود الداعشي في العراق، يعود الباحث “نادر” إلى عام 2015، مع سيطرة داعش على ثلثي مساحة العراق، بزمن قياسي، وما تبع ذلك من تشكيل ميليشيات الحشد الشعبي، المدعوم من إيران، للتصدي للتنظيم، ضمن ما بات يعرف بحماية المقامات والأضرحة، ما مكن النظام الإيراني من قيادة الحملة ضد التنظيم عبر تلك الميليشيات.
ويتهم ناشطون عراقيون ميليشيات الحشد الشعبي باستغلال محاربة داعش للتحول إلى دولة داخل دولة، والتأسيس لنظام الميليشيات، عبر نظام موازي للدولة العراقية، خاصةً مع امتلاكها قرارتها الخاصة وقوتها العسكرية الخاصة وسجونها ومعتقلاتها.
الكاظمي والعودة إلى الحسابات القديمة
عودة الحديث عن المصالح الإيرانية من تغذية الوجود الداعشي في العراق، ارتبط بتصاعد هجمات التنظيم على الساحة العراقية، مع وصول رئيس الاستخبارات العراقية، “مصطفى الكاظمي”، إلى منصب رئيس الوزراء، حيث يشير السياسي العراقي، “مثال الألوسي” إلى إن ما تشهده الساحة العراقية من هجمات للتنظيم الداعشي، يأتي ضمن سياق مسعى إيراني لدعم لتمددها على حساب العراق وربط بيروت ودمشق وبغداد بسلسلة التبعية للولي الفقيه الحرس الثوري.
ويعتبر “الكاظمي، أحد أكبر المعارضين لسلاح الميليشيات الموالية لإيران، خاصةً وأنه بدأ خلال اليومين الماضيين، حرباً على نفوذ تلك الميليشيات، عبر اعتقال متورطين بقتل متظاهر عراقي بالبصرة وفتح ملف المعتقلات السرية.
كما يرى “الألوسي” أن الحديث عن عودة التنظيم إلى العراق، يمر عبر محاولات قائد فيلق القدس الإيراني، “إسماعيل قاني” لإنهاء حالة الصراع والتباين بين قادة الميليشيات المدعومة من إيران، وإعادة تجميعها كجزء كبير من استعادة النفوذ وقوة البطش، التي تتمثل “بسليماني” ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي السابق، “أبو مهدي المهندس”، مشيراً إلى أن تكرار عملية نقل مسلحي داعش، محاولة من طهران لملء الفراغ الذي تسبب به مقتل الرجلين.
وكانت ميليشيات الحشد الشعبي، قد أعلنت أمس، الجمعة، أنها تصدت لتسلل عناصر تنظيم “داعش” قرب سد سامراء بمحافظة صلاح الدين شمالي البلاد، لافتاةً إلى أن عنراصها فتشت المنطقة بعملية لاحقة.
الأمين العام لجبهة الديمقراطية الشعبية الاحوازية، “صلاح ابو شريف الاحوازي”، يعتبر أنه عندما تتعاظم قوة داعش في العراق، فإن الأمور هنا تدور حول مخططات إيرانية لإعادة خلط الأوراق من جديد، خاصةً في العراق وأفغانستان، في إشارة إلى أن مصالح إيران وداعش لا تنحصر في الحدود الجغرافية للعراق وانما تمتد إلى مصالح مشتركة في دول ومناطق أخرى.
وكانت بيانات شبه رسمية، قد أشارت إلى تبني تنظيم داعش 104 عمليات مسلحة في العراق خلال شهري آذار ونيسان الماضيين، في أكثف معدل هجمات منذ الإعلان عن سقوط دولتها في العراق وسوريا.
النفوذ المتراخي وضرورات الواقع
بعيداً عن الموقف من الحكومة العراقية ورئيسها، فإن مؤشرات الحاجة لإعادة تنظيم داعش إلى الواجهة من جديد، ارتبطت أيضاً بالحالة الداخلية للميليشيات العراقية وتراجع القبضة الإيرانية ، حيث يؤكد القيادي في إئتلاف دولة القانون المقرب من إيران، “حيد اللامي” أن غياب “سليماني” أثر كثيراً على الوضع السياسي في العراق، كما أنه تسبب في حالة التخبط بين القوى السياسية، لافتاً إلى أن الأوضاع اليوم في العراق ليست كما كانت قبل حادثة الاغتيال.
ويعرف عن إئتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق “نوري المالكي”، مدى قربه الشديد وولاءه للنظام الإيراني، خاصة وأنه تمخض عن حزب الدعوة، الذي شكل في إيران قبل عقود، كما يعتبر “المالكي” أفضل شخصية عراقية ممكن أن تتسلم رئاسة الحكومة العراقية بالنسبة لإيران.
إلى جانب ذلك، يضيف “اللامي” في تصريحات صحافية: “هذه الكلمة أنا أتحمل مسؤوليتها، بعد مقتل قاسم سليماني، وضع الجمهورية الإسلامية الإيرانية الآن في العراق، ليس كما كان سبقاً”، مشيراً إلى أن “إسماعيل قاني” خليفة “سليماني” لا يملك الكفاءة في شغل الفراغ الحاصل حالياً.
دلالات واعترافات
الحديث عن العلاقات بين داعش وإيران، لا يتوقف عند حد المصالح المتبادلة، وفقاً للخبير الأمني “أعياد طوفان”، الذي يشير إلى استخدام التنظيم في عملياته أسلحة إيرانية الصنع، مشدداً على أن تلك الأسلحة على تنوعها، تعتبر دليلاً واضحاً على الدور الدور الإيراني في إعادة إحياء داعش في العراق.
إلى جانب التسليح، يمتد الدعم الإيراني، وفقاً “لطوفان” إلى عمليات إدخال المسلحين، خاصةً مع تسهيل إيران دخول أكثر من 500 مسلح داعشي إلى العراق بعد هروبهم من المعتقلات الكردية في شمال شرق سوريا، مشدداً على أن مسألة الدعم الإيراني لداعش يأتي ضمن مخطط مخطط طهران ومليشياتها لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية.
ملامح الاستعدادات لإعادة إحياء تنظيم داعش، يراها الخبير الأمني والباحث في شؤون الجماعات المسلحة، “فاضل أبو رغيف”، من خلال وجود 6000 مقاتل داعشي جاهزون في مناطق غازي عنتاب والرحباني على الحدود السورية التركية، وتنظيمهم على شكل خلايا نائمة معدة للتحرك في أي لحظة.