هيئة التحرير
“نظام بوتفليقة لم يتغير”، ملخص يعرض فيه المحلل السياسي، “حميد زناز”، نظرته لتطورات الأوضاع في الجزائر، بعد مرور ما يزيد عن العام منذ تقديم الرئيس الجزائري السابق، “عبد العزيز بوتفليقة” استقالته، على خلفية الاحتجاجات الشعبية الرافضة لترشيحه لولاية خامسة.
نظرة “زنار” يربطها بمدى علاقة الرئيس الجديد، “عبد المجيد تبون”، بالنظام السابق، لافتاً إلى أن البلاد لا تزال تشهد سطوة للحكومة على وسائل الإعلام الرسمية والتضييق على وسائل الإعلام الخاصة، من خلال ورقة الدعم والإعلانات، في إشارة إلى تطبيق الحكومة الجديدة، في عهد “تبون” سياسة شبيهة تماماً بسياسية حكومة سلفه “بوتفليقة”، التي كان جزءاً منها.
وكان الشارع الجزائري قد شهد سلسلة احتجاجات ضد انتخاب “تبون” رئيساً للجمهورية، وسط اتهامات له بمحاولة إعادة انتاج النظام السابق، خاصةً وأنه تقلد سلسلة مناصب رسمية قيادية طيلة 20 عاماً من عهدة “بوتفليقة”.
عهدة خامسة
وصول “تبون” إلى كرسي الرئاسة، يعني أن العهدة الخامسة، التي رفضها الشعب وفجرت الاحتجاجات، قد تمت بالفعل، لكن بغياب “بوتفليقة”، يقول “زناد”، مضيفاً: “يتفق الملاحظون وكل المناضلين والناشطين السياسيين والمثقفين الأحرار على أن أسلوب الحكم لم يتغير مثقال ذرة، فلا تغيير ملموس على أرض الواقع، ما دفع الكثيرين للتعبير عن ندمهم في المشاركة في انتخابات 12 ديسمبر 2019 التي قاطعها معظم الجزائريين وهم يشعرون بأن النظام قد غرر بهم”.
ولا يزال الشارع الجزائري يشهد حتى الآن، استمراراً للمظاهرات المطالبة بإطلاق معتقلي الحراك، بالإضافة إلى رفض سياسيات الحكومة الحالية اقتصادياً وسياسياً، ورفض الاعتراف “بتبون” رئيساً للبلاد.
تقييم “زناد” للأمور في الجزائر، تتفق مع رؤية مصدر جزائري خاص، فضل عدم الكشف عن هويته، لافتاً إلى أن المشكلة الرئيسية في الجزائر حالياً، هي عدم وجود أي خطة أو تحرك حكومي جديد وجدي لتغيير الأوضاع على الأرض، من ناحية تحسين المعيشة وخلق فارق ملموس في حياة المواطن.
وكانت الحكومة الجزائرية قد توقعت عجزاً في الميزانية يصل إلى 12 مليار دولار أمريكي، ما دفعها إلى تقليص نفقات تسيير الدولة من 30 إلى 50 في المئة، خاصة مع تداعيات انهيار أسعار النفط، الذي يعتبر مصدر الدخل الرئيس للبلاد.
إلى جانب ذلك، يذهب المصدر في حديثه، إلى أن جميع تصريحات مسؤولي الحكم الجديد حول مسألة الأموال المنهوبة واستعادتها لم تتعدى مسألة الاستهلاك الإعلامي، دون وجود أي تحرك فعلي، مضيفاً: “النظام الحالي قدم بعض القرابين لتثبيت نفسه، كالسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، وبعض الوزراء، ولكنه لم يستعيد حتى الآن أي دينار من الأموال، التي نهبت من الخزينة طيلة 20 عاماً”.
وكانت الإحصائيات الحكومية، قد قدرت حجم الأموال المنهوبة في الجزائر بـ 200 مليار دولار، وكان مسؤولي النظام السابق، قد استولوا عليها، في حين رأى الخبير الاقتصادي، “عبد الحميد علوان” أن عملية استرجاع الأموال قد تمتد إلى 10 سنوات قادمة.
الدولة العميقة وغياب الكرسي المتحرك
ما حدث في الجزائر خلال أكثر من 13 شهراً، بحسب ما يقوله المصدر، هو أن الرئيس تخلى عن كرسيه المتحرك، وبات يقف أمام الكاميرات وعلى منصات الخطب الرئاسية، مضيفاً: “كأحد المطلعين على بعض تفاصيل آلية الحكم في الجزائر، فإن منصب الرئيس لا يزال منصباً إعلامياً فقط أو بروتوكولياً إن صح التعبير، أما الإدارة الفعلية للبلاد تبقى بيد الدولة العميقة التي يمثلها في المركز الاول الجنرالات والمؤسسة العسكرية، وهذا أكبر تشابه بين نظامي بوتفليقة وتبون، مع فارق بسيط هو غياب السعيد بوتفليقة عن المشهد، والذي كان يعتبره الجزائريون أحد أركان تلك الدولة”.
وكان المتظاهرون الجزائريون قد نددوا بتولي شقيق “بوتفليقة” للعديد من الصلاحيات الرئاسية، وتحوله إلى مركز قرار قوي في البلاد، على الرغم من عدم امتلاكه لأي صفة رسمية، سوى انه شقيق الرئيس، على حد قولهم.
كما يتجاوز المصدر مسالة التشابه بين آلية حكم “بوتفليقة” وتبون” إلى التأكيد بأن مظاهر الثورة على الأول ستستمر حتى تطيح بالثاني، وأن البلاد ستشهد تصاعداً في الحركات الاحتجاجية خلال الأشعر القليلة القادمة.